الأستاذ الدكتور شوقي أبو خليل في سطور
فارس من فرسان الفكر، وجوّابٌ في آفاق المعرفة ، ورحّالة في دروب التاريخ ..
إلى مدرسة الأرقم ينتمي، فهولايدين بالأستاذية لغير معلم الأرقم..
و لا يغريه من التاريخ مثلُ سيرتِه ..
ولا يعجبه من الجغرافية مثل مدينتِه ..
ولايبهره من الأخلاق غير شمائلِه..
لقد استطاع قلم د.شوقي أن يصل بتوفيق الله إلى المعادل الموضوعي لطرح أقوى الأفكار، وأعمق المعاني ، بمنطق مقنع، و أسلوب ممتع..
فإنتاجه يجمع حرارة الإيمان ، وروعة الفكر ، وجمال الأدب ، في كأسٍ واحدة لذّة للشاربين ..
وأسلوبه عذب رقراق ، ينحدر كالغدير المتسلسل متسلّلاً إلى مسارب الروح ، وأعماق الفكر ، ليزرع فيهما القناعة والرضا ..
وفي كلمة واحدة ، لقد جمع د.شوقي أبوخليل الإنتاج الجليل والإخراج الجميل ..
كان رائده في الحياة محبة الله والرسول ، هذه المحبة التي تزداد مع الزمن نقاوة ونضارة وعمقا ..
وكانت قبلته التي يتجه إليها في البحث العلمي هي الحقيقة ، والموضوعية والعدل ..
ومن هنا حالفه التوفيق في إقناع الطلاب والقراء على السواء..
انظر إليه وهو على منصة الأستاذية يلقي محاضراته في" السيرة النبوية"، يحفّ به طلابه وحواريوه، وقد تلاقت عنده نظراتهم، وحامت حواليه أرواحهم الصغيرة ، لتجد في روحه الكبيرة أجوبة لتساؤلات كثيرة .
لم يكن الطلاب يستمعون إلى محاضرة ، وإنما كانوا يحلقون بوجدانهم وعقولهم في فضاءات السيرة المطهرة.
مكتبة د.شوقي أبو خليل:
أرأيت قوس السماء يزين بألوانه الوفيرة الفضاء!
ذلك مثله ، ومثل مكتبته العامرة التي رفد بها المكتبة العربية الإسلامية ..فمن التاريخ ورجاله وأحداثه وأطالسه ؛ إلى الأديان وخصائصها وحواراتها ، إلى الحضارة الإسلامية وعالميتها ، إلى الفكر الإسلامي وآفاقه وتجلياته ، إلى المرأة المسلمة ودورها ،إلى الأطفال وعالمهم الرحيب .
وفي كتابه الجامع " الحضارة العربية الإسلامية " تجلت ثقافة الدكتور شوقي الواسعة ، وإضاءاته الكاشفة للمعمار الكبير الجميل لحضارتنا العربية الإسلامية العريقة .
إنه كتاب فريد في بابه،أضعه باطمئنان إلى جانب كتاب " شمس الله تسطع على الغرب " للباحثة الألمانية زيغريد هونكه.
" الحوار دائما وحوار مع مستشرق":
في هذا الكتاب يتربع أسلوب د.شوقي على عرشه ، وفيه يتجلى دماثة الخلق ، وبراعة الفكر ، وعمق الوعي، فيه ترى المؤلف الواثق بما يمتلك من أفكار ، فهو لا يخاف من الحق إذا كان مع الآخر ، لأن الحق مطلبه .
لقد كان هذا الكتاب مِفصلا لكلماته التي صمم أن يقولها للأجيال، وقد تألق في تفعيل النقد الذاتي الداخلي، ليكشف عوار الأفكار المهترئة ، والبدع والخرافات والضلالات التي طالما رفعنا عليها لافتة القداسة .
كما تألق في حواره مع الآخر الغربي، تاركاً في جعبة وجدانه أسئلة كبيرة تنتظر الجواب ، ومهما تأخر الجواب فالدكتور شوقي ليس على عجلة من أمره ويمكنه الانتظار!
" الإسلام نهر يبحث عن مجرى":
عنوان معبر جميل ،لكتاب صغير كبير.. يستهله د.شوقي أبوخليل بقلم المؤرخ والمفكر والأديب ، فيرسم هذا المنظور العلوي لتاريخ الحضارة الإسلامية :
" رأيت الإسلام نهرا منبعه ( حراء) ، ومعينه (اقرأ)، ومنهله رحمة للإنسانية ، وقطراته ومياهه لأولي الألباب الذين يتفكرون ويعقلون، ومجراه شعب اختاره الله لحمل الإسلام للناس كافة ..
نبع منطلقه(حراء) ، انسابت فروعه وسواقيه إلى الصين وإفريقية وأوربةأيام الفتوح في العصر الأموي ، فأينعت غراس ضفتيه الخصيبت ين الخيرتين ثمار نهضة علمية، وحضارة إنسانية..
علمني التاريخ ان المعين غزير متدفق، فالإسلام نهر خالد لن يجف مجراه..
ونظرت إلى واقع الم دنية الغرب اليوم ، فرأيتها مجرى جف ماؤه، يبحث عن مياه نهر صاف يرفده ، ورأيت في الوقت ذاته الإسلام نهر يبحث عن مجرى..".
الإثراءات التي أضافها إلى الفكر الإسلامي:
1- ابتكار فكرة الأطلس القرآني ، وأطلس السيرة النبوية والحديث الشريف ، وإثراء أطلس التاريخ العربي الإسلامي.
2- الدفاع عن الحضارة العربية الإسلامية مع الكشف عن خصائصها ومنطلقاتها ، وآثارها في الحياة والتاريخ الإنساني.
3- التجديد الفكري ، ومحاربة التعصب الأعمى للأشخاص ..
4- تصحيح المفاهيم المغلوطة، ومحاربة الخرافات والأفكار المنحرفة الخطيرة، كالاتحاد والحلول ووحدة الوجود.
5- الوزن بميزان الاعتدال للشخصيات المثيرة في التاريخ ،سواء الهدّامة كجرجي زيدان، أو إنصاف الشخصيات التي حيف عليها في تاريخنا العريق مثل القائد العباسي هارون الرشيد."سلسلة في الميزان".
6- الانتقال في معترك الأفكار من مرحلة الدفاع والتبرير إلى الهجوم الواثق المطمئن،وإلى كشف عوار الآخر.
وهاهو يتساءل :" أما آن لنا – نحن المسلمين- أن نترك موقف الدفاع الذي نقفه لرد شبهات الاستشراق وافتراءاته، ونقف موقف الطارح في ساح البحث عيوبهم ومخازيهم؟!".
7- ويبقى الميدان الأثير لرحالة التاريخ هو التاريخ الإسلامي ، حيث هاجر في آفاقه وفي دروبه ،وعاش في ظلاله فقدم لناقراءة جديدة للتاريخ الإسلامي عامة، وللسيرة النبوية خاصة باعتبارها الفترة المعصومة من تاريخنا، وأعظم هجرة له كانت مع الهجرة
المصدر ( مكتبة صيد الفوائد )
ساحة النقاش