لاشك في أن مصدات الرياح تعتبر واحدة من أقوى حوائط الصد و خطوط الدفاع الطبيعية التي هدى الله الإنسان لإنشائها و الاستعانة بها في مواجهة بعض العوامل المناخية المعاكسة كالرياح الحارة و الجافة و الباردة،
و زيادة معدلات البخر و التعرية و التآكل و الانجراف، ليحمي و يصون بيئته التي يعيش فيها من جهة، و ينهض بإنتاجه الزراعي و الصناعي من جهة أخرى. و لقد شاع استخدام مصدات الرياح في جميع أنحاء العالم خلال الأعوام الماضية، و أجريت التجارب المختلفة عليها لإظهار فوائدها و مدى تأثيرها في عوامل المناخ و البيئة حتى أصبحت من الضروريات اللازمة لاستثمار الأراضي و تطوير مصادر الثروة الطبيعية في مختلف المناطق المناخية.
و تقسم مصدات الرياح من حيث طبيعة المواد المستخدمة في إنشائها إلى: مصدات رياح طبيعية أو شجيرية (Natural Windbreaks) و مصدات رياح صناعية (Artificial Windbreaks). أما مصدات الرياح الطبيعية فهي عبارة عن أسيجة أو أحزمة شجرية تتكون من خط واحد أو أكثر من الأشجار و الشجيرات و بعض النباتات الأخرى تعمل على كسر حدة الرياح و تقليل عمليات البخر و انجراف أو تعرية التربة و تثبيت الكثبان الرملية. كما تساعد في حماية بساتين الفاكهة و المحاصيل الأخرى، و حماية المنازل و الحظائر و المناطق الصناعية ضد بعض الظروف الجوية المعاكسة. و يطلق على مصدات الرياح باللغة الانجليزية ألفاظ عدة منها: Windbreaks أو Windrepellents أو Windbreakers (أي كاسرات الرياح) أو Winddispellers (أي مشتتات الرياح). و هي تختلف الى حد ما عن الأحزمة الواقية (Shelterbelts) و التي يزيد فيها عدد الخطوط المنزرعة بالأشجار و الشجيرات عن خمسة خطوط، و قد يصل إلى سبعة خطوط أو تكراراتها.
و يعتبر انشاء مصدات الرياح الطبيعية أحد الفنون المستحدثة، التي تحتاج الى علم و مهارة و خبرة، مصحوبة بدقة في اختيار و ترتيب الأشجار و الشجيرات داخل المصد حتى يؤدي دوره بكفاءة عالية، مع الأخذ في الاعتبار معرفة ملائمة النباتات المختارة للظروف البيئية في المكان الذي سيقام فيه المصد، و معرفة طبيعة نموها و سرعته و الشكل العام و الحجم الذي سيؤول اليه النبات عند اكتمال النمو، و تساقط أي أجزاء من النباتات المستخدمة (سواء كانت أوراق أو قلف أو أزهار أو ثمار)، و كذلك معرفة درجة العناية اللازمة للنباتات المستعملة من ري و تسميد و خلافه. و رغم ذلك كله، فان مصدات الرياح الطبيعية تعتبر أقل الوسائل تكلفة، خاصة إذا روعي في الأنواع النباتية المستخدمة أن تكون سريعة النمو، ذات أطوال عاليه و مقاومة للحشرات و الأمراض السائدة في المنطقة التي سيقام فيها المصد.
أما مصدات الرياح الصناعية فهي تلك المصدات التي يستخدم في إنشائها أية مواد مصنعة كالشباك البلاستيك (Plastic nets) أو الحصائر المصنوعة من أعواد الحطب أو البوص المجفف أو آية مواد أخرى (و التي تعرف بـ Local Kiab). و بناء المصد الصناعي ليس سهلاً، و قد يكون مكلفاً، كما أن عمره الافتراضي أقل بكثير من عمر المصدات الطبيعية، لكنه أحيانا قد يكون السبيل الوحيد لتحقيق الهدف الذي ينشده المنتج أو المربي.