"عرفتهم": "صبحي غندور" .. فارس الحوار الذي ترجل …بقلم د. غسان شحرور *
في العشرين من شهر تشرين أول /أكتوبر 2023، فقدت الجالية العربية في العاصمة الأمريكية "واشنطن" "صبحي غندور"، وهو باحث وكاتب ومحلل سياسي من أصل لبناني، قد قام بتأسيس "مجلة الحوار" عام 1989، وكذلك "مركز الحوار العربي" في واشنطن عام 1994، وهو منتدى فكري وثقافي عربي في العاصمة الأمريكية.
رغم الأوقات العصيبة التي تمر بها منطقتنا العربية بفعل تداعيات الحرب على "غزة"، وما تسببه من ضغوط نفسية وإنسانية كبيرة ، فهي لا تعفينا بأي حال من الأحوال من أن نفي الراحل "صبحي غندور" بعضًا من حقه ولو في هذه العجالة، وحسنًا فعل ذلك بعض الزملاء الكتاب في بعض دول العالم.
لقد تعرفت إليه أول مرة في ندوة من ندوات المركز منذ نحو عشرين سنة، وتواصلنا لاحقًا في عدة مناسبات، وقد تابعت بشغف العديد من الندوات التي استضاف فيها الكتاب والمفكرين والرواد من أطياف مختلفة، واستطاع بفضل التواصل عبر الإنترنت أو نعم، لقد أتاح المركز فرصة التعرف إلى العديد من المؤثرين وتسليط الضوء على إسهاماتهم والتحديات التي يواجهونها وكذلك إلى العديد من المواضيع المتنوعة، والعديد من المواضيع التي تهم المجتمعات العربية ، في جو إيجابي من احترام الرأي والرأي الآخر.
من الجدير بالذكر أن الحوار البناء من أكثر أساليب التّواصل رقيّاً وتأثيرا في حياة الأفراد والمجتمعات، وهو من الأخلاق الحميدة التي ينبغي أن يتحلى بها كل فرد، وهو كذلك مصدر فعال لتبادل الأفكار والآراء والحلول، كما أنللحوار النّاجح والمثمر آداب ينبغي التقيّد والعمل بها أثناء الحوار ،
وهكذا يمكنني القول:"أن الأولوية في الحوار البناء إيجاد الخطأ والصواب لا من المخطئ والمصيب".
نظرًا لأهمية الحوار البناء في حياة المجتمع الثقافية والاقتصادية والتربوية والسياسية والإنسانية بشكل عام، تم إدخاله مفهومًا وتطبيقا في مناهج التربية والتعليم لاسيما المراحل الدراسية المبكرة. وللأسف كثيرًا ما يغيب ذلك عن مجتمعاتنا العربية.
حقا ما أحوج مجتمعنا اليوم إلى تعزيز ثقافة الحوار البناء، وأخلاق الاعتراف بفضل الآخرين من أبنائه، خلال حياتهم وبعد رحيلهم، إنها وبكل بساطة حق من حقوقهم،
قد نتفق مع "صبحي غندور" أو نختلف في اكثر من موضوع، لكن ما نسلم به ان الراحل قد قاد التجربة المميزة لمركز الحوار العربي في تعزيز الحوار البناء على امتداد المجتمعات العربية، داخل وخارج الولايات المتحدة العربية، وكذلك قدم تجربة غنية ومهمة لما يمكن أن يقوم به المجتمع المدني، وفي التشبيك الفعال المستقل، نعم المستقل، مع الجهات ذات الصلة في العالم. وقد ناقشنا معا وفي أكثر من مرة أهمية بذل المزيد من الجهود من أجل تعزيز مأسسة العمل في مركز الحوار العربي من أجل استدامة الدور المهم لهذا المركز والبناء على إرثه القيم، وهي مهمة تقع الآن على كل المؤمنين بالحوار لاستكمال الطريق الشاق الذي بدأه الراحل "صبحي غندور".
للاطلاع:لائحة الندوات والأنشطة منذ العام 1994: http:/www.alhewar.com/oldevents.html
*"عرفتهم": زاوية ثقافية دورية يكتبها د. غسان شحرور.
```
ساحة النقاش