المشي والهرولة بانتظام أفضل من الماراثون الموسمي
يقضي كثير من الناس في أيامنا هذه جزءاً كبيراً من وقتهم جالسين على كراسي، أو ممددين على أرائك قُبالة شاشات التلفاز أو الحاسوب. فهل يكفي لهؤلاء أن يقطعوا فترات إدمانهم على الجلوس بحصص أنشطة بدنية مكثفة قصيرة من حين لآخر من أجل حماية أنفسهم من الإصابة بالأمراض الناجمة عن طول الجلوس ونمط العيش الساكن، أم أن عليهم الإقلاع عن الجلوس كلما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً؟
يقول باحثون في دراسة جديدة نشروها في النسخة الرقمية من العدد الأخير لمجلة “بلوس وان” إن الوسيلة الوحيدة لحماية الأشخاص الساكنين من الأمراض هي تعويد أنفسهم على الانتظام في ممارسة تمارين بدنية خفيفة، وليس الاكتفاء بقضاء حصة مكثفة من التداريب كلما ثقلت عليهم أجسامهم. وقد توصل الباحثون إلى هذه النتيجة بعد إشراك 18 راشداً تبلغ أعمارهم 21 سنة فما فوق، وممن يتبعون نمط حياة ساكناً ويتمتعون بأوزان طبيعية، وتوجد بأجسامهم مستويات طبيعية من سكر الدم (الجليكوز) وكولستيرول الدم والدهون (ليبيد).
وطلب الباحثون من المشاركين في الدراسة أن يتبعوا ثلاثة أنظمة على مدار أربعة أيام، مع الحرص على أن تكون المدة الفاصلة بين كل نظام وآخر 10 أيام. وكان الذين اتبعوا نظام “الجلوس” يجلسون نحو 14 ساعة يومياً، ويمشون ساعة واحدة، ويقفون ساعة واحدة، ويستلقون (نوماً أو تمدداً) 8 ساعات. أما الأشخاص الذين اتبعوا نظام “التمارين”، فعوضوا ساعة الجلوس بساعة من التمرن المكثف على دراجة، وبقيت فقرات ما عدا ذلك مماثلة لمجموعة نظام “الجلوس”. وفيما يخص المجموعة الثالثة التي اتبعت نظام “النشاط البدني الخفيف”، فقد عوض أفرادها ست ساعات من أصل 14 ساعة جلوس بأربع ساعات مشي بهدوء وأريحية، وساعتين وقوف. ولم يُسمح لهم بالقيام بأي تمرين بدني آخر، كما حافظوا على أنظمتهم الغذائية الطبيعية نفسها ولم يطلها أي تغيير.
وكان الباحثون ألصقوا بجلد كل واحد من المشاركين أجهزة مراقبة الحركة والنشاط، حتى يتسنى لهم الاطلاع على ما تخزنه أجسادهم وتصرفه من طاقة طوال كل يوم. كما عملوا على تحديد الأنشطة الخاصة بكل نظام على حدة، وصُممت بشكل يتيح مقارنتها مع بيانات اليوم التالي.
وأفاد الباحثون أن مؤشرات قياس أداء تدفق الدم والسكري ومتلازمة الأيض تحسنت إلى حد ما حينما مارس المشاركون تمارين بدنية مكثفة لمدة ساعة كل يوم، مقارنة بهم عندما كانوا جالسين. إلا أن هذه المؤشرات ذاتها تحسنت أكثر حينما مارس أفراد المجموعة الثالثة تمارين خفيفة ومعتدلة عبر المشي فترات أطول، إلى جانب الوقوف.
وقال الباحثون إن الراشدين الساكنين، بمن فيهم أولئك الذين يقضون ساعات عديدة يومياً في مكاتبهم أو أمام شاشات حاسوب أو تلفاز، هم أكثر المطالبين بالمواظبة على ممارسة تمارين خفيفة ومعتدلة. كما يؤكدون على أن هذه الدراسة تدحض ذلك الاعتقاد الذي يسود لدى بعض الناس، والذي يفيد أن الإنسان يجني فوائد صحية أكثر كلما زاد من حدة وكثافة النشاط البدني الذي يبذله.
ساحة النقاش