السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فإن المرأة المسلمة مطالبة بالتفقه في أحكام دينها حتى تعبد الله على بصيرة، وتؤدي العبادات عن علم وفقه، وقد أمر الله - سبحانه وتعالى - نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: ((وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ)) (الأحزاب: 34).
وقالت عائشة - رضي الله عنها -: ((نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ)).
وفي هذا المجلس المبارك سوف يكون حديثنا عن أحكام تخص المرأة وتحتاج إليها، فعسى أن تجد آذاناً صاغية، وقلوباً واعية، وهذه الأحكام تشمل: الحيض والاستحاضة والنفاس والعدة والإحداد.
أولاً: الحيض:
قال - تعالى -: ((وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)) (البقرة: 222).
والحيض هو دم طبيعة وجبلة، يخرج من قعر الرحم في أوقات معلومة، خلقه الله لحكمة غذاء الولد في بطن أمه، فإذا خلت المرأة من الحمل بقي لا مصرف له، فيستقر في مكانٍ من رحمها، ثم يخرج في الغالب في كل شهر ستة أيام أو سبعة أيام، وقد يزيد عن ذلك أو يقل حسبما ركبه الله من الطباع.
ومتى رأت المرأةُ الدم فهي حائض، ومتى طهرت منه فهي طاهر، ولو زاد عن عادتها أو نقص، أو تقدم، أو تأخر فقد علق الشارع أحكام الحيض على وجوده إلا أن يكون مستمراً على المرأة لا ينقطع، أو ينقطع مدة يسيرة فيكون استحاضة، وما تراه المرأة من نقاء يسير أثناء مدة الحيض فهو حيض، والكدرة والصفرة في أثناء الحيض حيض تثبت له أحكام الحيض، ولا تستعجل المرأة في الاغتسال من الحيض حتى تتأكد من تمام الطهر.
أخرج البخاري تعليقاً قال: ((بَاب إِقْبَالِ الْمَحِيضِ وَإِدْبَارِهِ وَكُنَّ نِسَاءٌ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ بِالدُّرَجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ فَتَقُولُ لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنْ الْحَيْضَةِ)).
والدرجة هي: القطنة التي تحتشي بها المرأة.
وللحائض خلال حيضها وعند نهايته أحكام مفصلة في الكتاب والسنة منها:
* أن الحائض لا تصلي ولا تصوم حال حيضها، فلو صامت الحائض أو صلت حال حيضها؛ لم يصح لها صوم ولا صلاة، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهاها عن ذلك.
* فإذا طهرت من حيضها؛ فإنها تقضي الصوم دون الصلاة بإجماع أهل العلم، قال عائشة - رضي الله عنها -: ((كُنَّا نَحِيضُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ نَطْهُرُ فَيَأْمُرُنَا بِقَضَاءِ الصِّيَامِ وَلَا يَأْمُرُنَا بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ)) [1].
* لا يجوز للحائض أن تطوف بالبيت، فرضه ونفله لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعائشة لما حاضت: ((افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي ))، ولها أن تفعل أعمال الحج الأخرى مثل: السعي بين الصفا والمروة والمبيت بالمزدلفة ومنى ورمي الجمار وغيرها من مناسك الحج والعمرة.
* يحرم على الحائض المكث في المسجد.
* يجوز للحائض الذكر والتكبير والتحميد والتسمية على الأكل وغيره، وقراءة الحديث والفقه والدعاء والتأمين عليه واستماع القرآن فلا يحرم عليها شيء من ذلك، فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتكئ في حجر عائشة - رضي الله عنها - وهي حائض فيقرأ القرآن. ويجوز لها أن تقرأ القرآن لاسيما عند الحاجة مثل أن تكون معلمة تحتاج إلى تلقين المتعلمات، أو في حال الاختبار، أو تخشى من نسيانه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (أظهر قولي العلماء أنها - أي المرأة الحائض - لا تمنع من قراءة القرآن إذا احتاجت إليه، كما هو مذهب مالك، وأحد القولين في مذهب الشافعي ويذكر رواية عن أحمد، فإنها محتاجة إليه، ولا يمكنها الطهارة كما يمكن الجنب).
ويحرم على الزوج وطؤها في الفرج حتى ينقطع حيضها وتغتسل، قال - تعالى -: ((وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ)) (البقرة: 222).
ومعنى الاعتزال: ترك الوطء، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا النِّكَاحَ))[2]وفي لفظ: (إلا الجماع)، ويجوز لزوج الحائض أن يستمتع منها بغير الجماع في الفرج؛ كالقبلة والضم واللمس ونحو ذلك.
* يحرم على الزوج طلاق الحائض حال حيضها لقوله - تعالى -: ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ)) (الطلاق: 1).
* أي: طاهرات من غير جماع، وثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فأخبر عمر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتغيظ فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: ((مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ )).
* والطهر: هو انقطاع الدم، فإذا انقطع دمها؛ فقد طهرت، وانتهت فترة حيضها؛ فيجب عليها الاغتسال، وإن رأت بعد الطهر كدرة أو صفرة؛ لم تلتفت إليها؛ لقول أم عطية - رضي الله عنها -: ((كُنَّا لَا نَعُدُّ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا))[3].
* ويجب على الحائض إذا طهرت أن تغتسل بتطهير جميع البدن لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بنت أبي حبيس: ((فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي)) وأقل واجب في الغسل أن تعم جميع بدنها حتى ما تحت الشعر والأفضل أن يكون على صفة ما جاء في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين سألته أسماء بنت شكل عن غسل المحيض فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((تَأْخُذُ إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَتَهَا فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ دَلْكًا شَدِيدًا حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطَهَّرُ بِهَا فَقَالَتْ أَسْمَاءُ وَكَيْفَ تَطَهَّرُ بِهَا فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ تَطَهَّرِينَ بِهَا فَقَالَتْ عَائِشَةُ كَأَنَّهَا تُخْفِي ذَلِكَ تَتَبَّعِينَ أَثَرَ الدَّمِ)).
ثانياً: الاستحاضة:
وهي: استمرار الدم على المرأة بحيث لا ينقطع عنها أبداً، أو ينقطع عنها مدة يسيرة كاليوم واليومين في الشهر.
وللمستحاضة ثلاث حالات هي:
الحالة الأولى: أن يكون لها حيض معلوم قبل الاستحاضة فهذه ترجع إلى مدة حيضها المعلوم السابق فتجلس فيها ويثبت لها أحكام الحيض وما عداها استحاضة يثبت لها أحكام المستحاضة.
مثال ذلك: امرأة كان يأتيها الحيض ستة أيام من أول كل شهر ثم طرأت عليها الاستحاضة فصار الدم يأتيها باستمرار فيكون حيضها ستة أيام من أول كل شهر، فإذا انتهت؛ اغتسلت وصلت، واعتبرت الدم الباقي استحاضة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - لأم حبيبة: ((امْكُثِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي))[4].
الحالة الثانية: إذا لم يكن لها عادة معروفة، لكن دمها متميز، بعضه يحمل صفة الحيض؛ بأن يكون أسود أو ثخيناً أو له رائحة، وبقيته لا تحمل صفة الحيض؛ بأن يكون أحمر ليس له رائحة ولا ثخيناً؛ ففي هذه الحالة تعتبر الدم الذي يحمل صفة الحيض حيضاً، فتدع الصلاة والصيام، وتعتبر ما عداه استحاضة، وتغتسل عند نهاية الذي يحمل صفة الحيض، وتصلي وتصوم وتعتبر طاهراً؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بنت أبي حبيش: ((إِذَا كَانَ دَمُ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ دَمٌ أَسْوَدُ يُعْرَفُ فَأَمْسِكِي عَنْ الصَّلَاةِ فَإِذَا كَانَ الْآخَرُ فَتَوَضَّئِي))[5].
ففيه أن المستحاضة تعتبر صفة الدم، فتميز بها بين الحيض وغيره.
الحالة الثالثة: أن لا يكون لها حيض معلوم ولا تمييز صالح بأن تكون الاستحاضة مستمرة من أول ما رأت الدم ودمها على صفة واحدة أو على صفات مضطربة لا يمكن أن تكون حيضاً فهذه تعمل بعادة غالب النساء فيكون حيضها ستة أيام أو سبعة أيام لأن هذه هي عادة غالب النساء - من كل شهر يبتدئ من أول المدة التي رأت فيها الدم وما عداه استحاضة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - لحمنة بنت جحش: ((إِنَّمَا هِيَ رَكْضَةٌ مِنْ الشَّيْطَانِ فَتَحَيَّضِي سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ فِي عِلْمِ اللَّهِ ثُمَّ اغْتَسِلِي فَإِذَا رَأَيْتِ أَنَّكِ قَدْ طَهُرْتِ وَاسْتَنْقَأْتِ فَصَلِّي أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَوْ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَأَيَّامَهَا وَصُومِي وَصَلِّي فَإِنَّ ذَلِكِ يُجْزِئُكِ وَكَذَلِكِ فَافْعَلِي كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ))[6].
والحاصل مما سبق أن المعتادة ترد إلى عادتها، والمميزة ترد إلى العمل بالتمييز، والفاقدة لهما تحيض ستاً أو سبعاً.
أحكام المستحاضة:
أحكام المستحضة كأحكام الطهر فلا فرق بين المستحاضة وبين الطاهرات إلا فيما يأتي:
* يجب عليها أن تغتسل عند نهاية حيضتها المعتبرة حسبما سبق بيانه.
* تغسل فرجها لإزالة ما عليه من الخارج عند كل صلاة، وتجعل في المخرج قطناً ونحوه يمنع الخارج، وتشد عليه ما يمسكه عن السقوط، ثم تتوضأ عند دخول وقت كل صلاة. لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في المستحاضة: ((تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُ فِيهَا ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَتَصُومُ وَتُصَلِّي)) [7]
* وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أَنْعَتُ لَكِ الْكُرْسُفَ))، والكرسف القطن، ويمكن استعمال الحفائظ الطبية الموجودة الآن.
ثالثاً: النفاس وأحكامه.
النفاس: هو دم ترخيه الرحم للولادة وبعدها، وهو بقية الدم الذي احتبس في مدة الحمل، وأكثر مدته عند الجمهور أربعون يوماً.
فإذا انقطع دم النفساء قبل الأربعين؛ فقد انتهى نفاسها، فتغتسل وتصلي وتزاول ما منعت منه بسبب النفاس.
ولا يثبت النفاس إلا إذا وضعت الحامل ما تبين فيه خلق إنسان فعندها يصبح لها أحكام النفساء، أما لو وضعت سقطاً صغيراً لم يتبين فيه خلق إنسان، فليس دمها دم نفاس، والمدة التي يتبين فيها خلق الإنسان في الحمل ثلاثة أشهر غالباً، وأقلها واحد ثمانون يوماً.
وأحكام النفاس كأحكام الحيض فيما يحل ويحرم على التفصيل السابق.
رابعاً: العدة
العدة هي: التربص المحدود شرعاً مأخوذ من العدد؛ لأن أزمنة العدة محصورة مقدورة.
ودليلها من الكتاب، قوله - تعالى -: ((وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)) (البقرة: 228)، وقوله - تعالى -: ((وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ)) (الطلاق: 4).
هذا بالنسبة للمفارقة في الحياة، وأما بالنسبة للوفاة، فقال - تعالى -: ((وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً)) (البقرة: 234).
والحكمة من العدة: هي استبراء رحم المرأة من الحمل؛ لئلا يحصل اختلاط الأنساب، وإتاحة الفرصة للزوج المطلق ليرجع إذا ندم وكان الطلاق رجعياً، وتعظيم عقد النكاح، وبيان أن له حرمة، وتعظيم حق الزوج المطلق، وفيها أيضاً صيانة حق الحمل فيما لو كانت المفارقة حاملاً.
والعدة تلزم كل امرأة فارقت زوجها بطلاق أو خلع أو فسخ أو مات عنها؛ بشرط أن يكون الزوج المفارق لها قد خلا بها وهي مطاوعة مع علمه بها وقدرته على وطئها سواء كانت الزوجة حرة أو أمة وسواء كانت بالغة أو صغيرة يوطأ مثلها.
وأما من فارقها زوجها حياً بطلاق أو غيره قبل الدخول بها؛ فلا عدة عليها؛ لقوله - تعالى -: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا(((الأحزاب: 49).
وأنواع المعتدات على سبيل الإجمال ست: الحامل، والمتوفى عنها زوجها من غير حمل منه، والحائل التي تحيض وقد فورقت في الحياة، والحائل التي لا تحيض لصغر أو إياس وهي مفارقة في الحياة، ومن ارتفع حيضها ولم تدر ما رفعه، وامرأة المفقود.
فالحامل: تعتد بوضع الحمل؛ سواء كانت مفارقة في الحياة أو بالموت؛ لقوله - تعالى -: ((وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ)).
والمتوفى عنها إذا كانت غير حامل: تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام، سواء كانت وفاته قبل الدخول بها أو بعده، وذلك لقوله - تعالى -: ((وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً)).
والمطلقة إذا كانت تحيض، ولم يكن فيها حمل؛ تعتد بثلاث حيض؛ لقوله - تعالى -: ((وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ)).
وأما المطلقة الآيسة من الحيض لكبرها، والصغيرة التي لم تحض بعد، فإنها تعتد بثلاثة أشهر؛ لقوله - تعالى -: ((وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ)).
خامساً: الإحداد
الإحداد يترتب عليه أحكام بالنسبة للمرأة وهي:
* اجتناب الطيب فيحرم على المرأة استعماله في ثيابها وبدنها كما جاء في الحديث: ((ولا تمس طيباً)) وهذا محل اتفاق.
* اجتناب الزينة من الخضاب والامتشاط والاكتحال، ولبس الحلي وثياب الزينة ونحو ذلك من دواعي الزينة.
فعن أُمِّ عَطِيَّةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((لَا تُحِدُّ امْرَأَةٌ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ وَلَا تَكْتَحِلُ وَلَا تَمَسُّ طِيبًا إِلَّا إِذَا طَهُرَتْ نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ)).
وعن أم سلمة: " لا تلبس المتوفى عنها زوجها المعصفر من الثياب ولا الممشق ولا الحلي... "
* يجب على المرأة المعتدة أن تلزم بيتها الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه، ولا تخرج منه إلا لحاجة أو ضرورة كمراجعة المستشفى عند المرض أو شراء حاجتها من السوق إذا لم يكن لديها من يقوم بذلك. فعن فُرَيْعَةَ بِنْتِ مَالِكٍ; أَنَّ زَوْجَهَا خَرَجَ فِي طَلَبِ أَعْبُدٍ لَهُ فَقَتَلُوهُ. قَالَتْ: فَسَأَلْتُ اَلنَّبِيَّ r أَنْ أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي; فَإِنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْ لِي مَسْكَنًا يَمْلِكُهُ وَلَا نَفَقَةً، فَقَالَ: "نَعَمْ". فَلَمَّا كُنْتُ فِي اَلْحُجْرَةِ نَادَانِي، فَقَالَ: " اُمْكُثِي فِي بَيْتِكَ حَتَّى يَبْلُغَ اَلْكِتَابُ أَجَلَهُ". قَالَتْ: فَاعْتَدَدْتُ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، قَالَتْ: فَقَضَى بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ عُثْمَانُ هذا..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد ومن اتبع هداه إلى يوم الدين.
__________
[1] متفق عليه.
[2] رواه الجماعة إلا البخاري.
[3] رواه أبو داود وغيره.
[4] رواه مسلم.
[5] رواه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم.
[6]رواه الخمسة، وصححه الترمذي.
[7] رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وقال: (حديث حسن).
المصدر: منتديات حبة البركة
نشرت فى 28 فبراير 2013
بواسطة alsanmeen
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
1,305,502
ساحة النقاش