لما مدح جرير بن الخطفي الحجاج بن يوسف بشعره الذي يقول فيه‏:‏

 

أمْ مَنْ يَغارُ على النّساءِ حَفيظَـة

 

إذْ لا يثقنَ بغيـــــــــرة ِ الأزواجِ

إنَّ ابنَ يوسفَ فاعلموا وتيقـنوا

ماصي البصيرة ِ واضحُ المنهـاج

ماض على الغَمَراتِ يُمْضِي هَمـَّهُ

وَاللّيْلُ مُخْتَلِفُ الطّرائِقِ داجــي

وقوله‏:

‏دعا الحجاجُ مثل دعاءَ نوح فأسمعَ ذا المعرجِ فاستجابا

صبرتَ النفس يا ابنَ أبي عقيلٍ محافظة فكيفَ ترى الثوابا

وَلَوْ لم يَرْض رَبُّكَ لم يُنَزِّلْ معَ النصرِ الملائكة َ الغضابا

إذا أفْرَى عَنِ الرّئَةِ الحِجَابَا رَأى الحَجّاجَ أْثْقَبَها شِهاَبَا

قال له الحجاج‏:‏ إن الطاقة تعجز عن المكافأة ولكني موفدك على أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان فسر إليه بكتابي هذا‏.‏

فسار إليه، ثم استأذنه في الإنشاد فأذن له فقال‏:‏ أتصحو بل فؤادك غير صاح، قال له عبد الملك‏:‏ بل فؤادك‏.‏

فلما انتهى إلى قوله‏:

تعزتْ أمُّ حزرة َ ثمَّ قالـــــتْ رَأيـتُ الوَارِدِينَ ذَوي امْتِناحِ

تُعَلّلُ، وَهْيَ ساغِبَة ٌ، بَنِيها بــأنْفاسٍ مِنَ الشَّبِمِ القَرَاحِ

سَأمْــتاحُ البُحــــُورَ، فجَنّبِيني أذاةَ اللّوْمِ وانْتظِرِي امْتِياحي

ثقي بالله ليس لــــه شريك ومــن عند الخليفة بالنجاح

سأشكر إن رددت إلي ريشي وأثبــت القوادم في جناحي

ألستم خير من ركب المطايا وأنـدى العالمين بطون راح

ارتاح عبد الملك، وكان متكئاً، فاستوى جالساً ثم قال‏:‏ من مدحنا منكم فليمدحنا بمثل هذا أو ليسكت، ثم قال له‏:‏ يا جرير أترى أم حزرة ترويها مائة ناقة من نعم كلب قال‏:‏ إذا لم تروها يا أمير المؤمنين فلا أرواها الله‏.‏ فأمر له بمائة ناقة من نعم كلب كلها سود الحدقة، فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين إنها أباق، ونحن مشايخ وليس بأحدنا فضل عن راحلته فلو أمرت بالرعاء فأمر له بثمانية من الرعاء‏.‏ وكانت بين يدي عبد الملك صحاف من فضة يقرعها بقضيب في يده، فقال له جرير‏:‏ والمحلب يا أمير المؤمنين، وأشار إلى صحفة منها فنبذها إليه بالقضيب وقال‏:‏ خذها لا نفعتك‏.‏

جرير:

سَئِمْتُ مِنَ المُوَاصَلَة العِتَابـــــــَا وَأمسَى الشَّيبُ قَد وَرِثَ الشّبابَا

غدتْ هوجُ الريــــاح مبشراتٍ إلى بِينٍ نَزَلْــــتِ بهِ السّحابَا

لقدْ أقررتِ غيبتنا لـــــواش وكنــــــا لا نقرُّ لكِ اغتيابا

أنَاة ٌ لا النَّمـــــــُومُ لَهَا خَدينٌ ولا تهـــدى لجارتها السبابا

تطيبُ الأرضُ إنْ نزلتْ بـأرضٍ وتسقـــى حينَ تنزلها الربابا

كأن المسكَ خالطَ طعمَ فيها بِمـــــاءِ المُزْنِ يَطّرِدُ الحَبَابَا

ألا تَجزينَني، وهُمُـــــــومُ نَفْسِي بذكرِكِ قَدْ أُطيلُ لَها اكْتِئَابَا

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 56 مشاهدة
نشرت فى 24 فبراير 2013 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,232,921