هل يمكن أن توقظ رائحة دخان الشخص النائم، بينما هو غاط في سُبات عميق؟ الجواب على هذا السؤال حسب دراسة نُشرت حديثاً هو «رُبما». ووفقاً لدراستين اثنتين تم إجراؤهما خلال الـ 15 سنةً الماضية، فإن انبعاث رائحة دخان أو غيرها قد توقظ الشخص المستغرق في نوم عميق، كما قد لا توقظه. ويقول الدكتور توماس فريدوم، مدير برنامج نوم النظام الصحي في جامعة نورثشور بشيكاجو، «قليلة هي الدراسات التي تتناول مسألة إيقاظ رائحة دخان للشخص من النوم». ويضيف د.فريدوم الذي لم يشارك في أي من هذه الدراسات «بعض النتائج التي تم التوصل إليها متناقضة».
المثيرات الشعورية
يقول أطباء متخصصون في علاج اضطرابات النوم إن قوة المثيرات الشعورية كالصوت ودرجة الحرارة واللمس وحتى الألم تُصبح أقل فاعليةً في إيقاظ الناس من النوم كلما غطوا في النوم أكثر وغاصوا في لُجج مرحلة النوم العميق. فمثلا، يقول فريدوم، من الأسهل إيقاظ نائم في مرحلة النوم الأولى (N1) على إيقاظ نائم في مرحلة النوم الثالثة (N3) أو مرحلة نوم حركة العين السريعة، فهاتان مرحلتان كلتاهما يشبهان حالة قيلولة ثقيلة وعميقة.
ويمكن للأشياء التي قد تحدث في الليل مثل التعرض لدفعة عنيفة من قبل من يقاسمك الفراش، أو إصداره صوت شخير مزعج، أن تُفعل المستشعرات المحيطية الموجودة في بشرة كل إنسان. ويقول فريدوم إن الأصوات الأكثر صخباً أو الاهتزازات الأقوى هي بطبيعة الحال أقدر على إيقاظ النائم. ويضيف «لكن حاسة الشم قد تختلف نوعاً ما، إذ يبدو أنها لا تؤدي إلى إيقاظ النائم في فترات نومه العميق».
وفي سنة 1997، كانت دراسة أجرتها إدارة إيروندال لخدمات الإنقاذ والإطفاء في ولاية ألاباما وجدت أنه من بين كل عشرة راشدين كانوا يشخرون في مختبرات نوم طبية، فإن شخصين اثنين فقط استيقظا عندما أُطلقت رائحة دخان داخل غرفة المختبر.
وفي سنة 2004، أخضع باحثون في جامعة بوسطن ستة أشخاص تتراوح أعمارهم بين 20 و25 سنةً، 3 منهم رجال، و3 منهم نساء إلى تجربة إيقاظ بمثيرات شعورية مختلفة، فوجدوا أن جميعهم استيقظوا عند إطلاق صوت قوي في غرفة المختبر التي ناموا فيها، بينما لم يستيقظ أي منهم عندما أطلق الباحثون روائح في غرفة المختبر. ووضع الباحثون في المختبر النعناع الفلفلي ومركب البيريدين العضوي الذي تشبه رائحته رائحة سمك قوية، لكن أياً من الرائحتين لم تنجح في إيقاظ النائمين. وتقول عالمة الطب النفسي ماري كارسكادون تعليقاً على هذه الدراسة «كما يقول المثل، نحن نستيقظ ثم نشم رائحة القهوة، وليس العكس».
قوة الحاسة
لكن شارون شايرا من لا فيجاس تعتقد أن الناس الذين يتميزون عن غيرهم بقوة حاسة الشم يسهل إيقاظهم بإطلاق رائحة نفاذة ما في الغرفة التي ينامون بها أو بالقرب منها حتى لو كانوا يغطون في سبات عميق. وتعتبر شايرا نفسها من هذه الفئة من الناس، إذ تقول إن روائح ما يحدث في مطبخ بيتها ليلاً تصلها إلى غرفة النوم، بما فيها روائح الطبخ ورائحة غاز موقد المطبخ، ورائحة نار المدفأة في حال لم يتم إخمادها كاملةً قبل النوم في فصل الشتاء. وتقول شايرا «ذات مرة، اندلعت النار في مدفأة حطبية في الطابق السفلي للبيت، وكانت الساعة تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل، وكنا جميعاً نائمين. إلا أن رائحة دخان هذه النار أيقظتني للتو ووجدت أنها في بداية اندلاعها وقابلةً تماماً للإخماد والسيطرة». وتضيف «ليس بالضرورة أن تكون هناك رائحة دخان حتى أستيقظ، بل يكفي أن تنبعث رائحة ما أيا كانت ومن أي مكان في البيت حتى أستيقظ لتوي، وكأن في أنفي رادار استشعار روائح يعمل أربعاً وعشرين ساعةً».
وتعترف شايرا بأن قوة حاسة شمها تسبب لها بعض المتاعب مع زوجها وأبنائها، فهم غالباً ما يضحكون عليها نظراً لأنها دائمة التحسس للروائح الموجودة في هواء أي محيط توجد به. وتقول شايرا «إنني أجد حاسة شمي كحاسة شم الكلب، إذ ما أن أشتم رائحةً ما حتى أتجه تلقائياً ولا شعورياً إلى مصدرها ومكانها ليلاً ونهاراً، وهذا يجعل أبنائي وزوجي يتهكمون علي أحياناً، لكنهم أدركوا جميعاً مع مرور الوقت أن لدي ميزة وموهبة فريدة أنقذت حياتهم أكثر من مرة».
ساحة النقاش