فن إدارة الوقت
أعمارنا.. كم نستغل منها؟ وكم نضيع؟
هذا الموضوع يهم طائفة من الناس، وهم الذين يشعرون أن الوقت المتاح لا يكفي لقضاء كل الأعمال والطموحات التي يريدونها، وبالتـالـي: فهم بحاجة ماسة إلى قواعد في فن إدارة الوقت، إذن... فهذا الموضوع يهم أصحاب الطموحات والمشاريع والهمم العالية، أصحاب الإبداع والابتكار.
وفي الحقيقة فإن أصحاب الهمم العالية يشكون مـن ضـيــق الـوقــت، وهذه الشكوى، وإن كانت صحيحة من جانب لقصر أعمار بني البشر، إلا أنها ليست صـحـيـحــة من جانب آخر.
ووجه ذلك: أن المشكلة ليست في الوقت فحسب، ولكن المشكلة تكمن أيضـاً في طـريـقــــة إدارة الوقت بفعالية ونجاح، ولذا: تجـد مـن النـاس مـن يستطيع ـ بحسـن إدارته لوقته ـ أن يعمل الشيء الكثير.
ولسنا بصدد الحديث عن أهمية الوقت؛ لأن هذا موضوع آخر وفيه من النصوص الشرعية وكلام السلف والعلماء والحكماء ما يضيق عنه المقام(1).
لكن سنعرض إحصائية دقيقة تبين أهمية العمر والحرص عليه بما يثير الغيرة لدى الإنسان المسلم.
لنفرض أن الإنسان يعيش عمراً افـتــراضـيــاً مدته سبعون سنة، فإذا ضيع الإنسان خمس دقائق يومياً فإن هذا يعني أنه أضاع من مجـمـوع العمر كله ثلاثة أشهر تقريباً (88 يوماً)، وهذا الجدول يوضح المسألة أكثر فأكثر.
-------------------------------------------------------
الوقت من اليوم مجموع الوقت من العمر الافتراضي النسبة المئوية
-------------------------------------------------------
- خمس دقائق ثلاثة أشهر 0.35%
- عشر دقائق ستة أشهر 0.71%
- عشرون دقائق سنة كاملة 1.42%
- ساعة كاملة ثلاث سنوات 4.28%
- عشر ساعات ثلاثون سنة 42.85%
-------------------------------------------------------
ثم إذا نظرت إلى مجموع الأنشطة التي تستهلك الوقت تجد أنها كثيرة جداً، وهي ـ وإن كان بعضها ضرورياً ـ لكن بعضها الآخر غير مفيد وغير فعال.
وهذا يتضح في الجدول التالي:
------------------------------------------------------------
نوع النشاط ما يستغرقه بالسنوات النسبة المئوية من العمر كله
-------------------------------------------------------------
النوم، بمعدل ثمان ساعات يومياً 23 32%
العمل، (من 7-2.5) يومياً 21.5 30.7%
الأكل والشرب، بمعدل ساعة ونصف يومياً 4.5 6.4%
------------------------------------------------
نوع النشاط ما يستغرقه بالسنوات النسبة المئوية من العمر كله
-------------------------------------------------------------
- الأعمال المعتادة والمراجعات الحكومية
(بمعدل نصف ساعة) 1.5 2.14%
- الأعمال المنزلية والرحلات والتنزه
(بمعدل ساعة واحدة يومياً). 3 4.28%
- اللقاءات الاجتماعية والودية بين الأصدقاء
(بمعدل نصف ساعة يومياً). 1.5 2.14%
- التنقل من مكان لآخر
(بمعدل نصف ساعة يومياً). 1.5 2.14%
- الاتصالات الهاتفية
(بمعدل نصف ساعة يومياً). 1.5 2.14%
-----------------------------------------------------------------
المجموع 61 سنة 87%
الباقي 9 سنوات 12.85%
فإذا حـذفـت مـن ذلك فترة الـمـراهقة وزمن الطفولة فكم يا ترى يبقى من الوقت للمشاريع الطموحة والأعمال الكبيرة، والأهداف النبيلة.
ولا ننسَ أن هذه التقديرات هي مـتـوســـط الوقت الذي يقضيه عامة الناس مع إمكانية أن يكون هناك إنسان يزيد على هذا الـمـتوسط من الوقت المبذول لكل نشاط، كما أن هناك مَن ينقص من هذا ويكون شحيحاً بوقته إلـى درجـة الاقتصار على أقل قدر ممكن مما يستحقه كل نشاط.
أقسـام الوقـت:
1- الوقت المادي الميكانيكي: وهو مقياس لحركـــة جسم مادي بالنسبة لجسم مادي آخر، كالفترة التي تستغرقها الأرض في الدوران حول الـشـمــس، ووحـدات هذا القسم: الثانية، والدقيقة، والساعة، واليوم.
2- الوقت البيولوجي: وهو الوقت الذي يقاس فيه تطور الظواهــر الـبـيـولــوجـية ونموها ونـضجها وكمالها، ووحدته هي الجسم نفسه، فقد يكون لطفلين عمر زمني واحد كـتـسـع سـنوات مثلاً، لكن أحدهما أكثر نضجاً من الآخر من حيث الطول وكمال الجسم وتناسقه.
3- الـوقـت النفسي: وهـــو نوع آخر من أنواع الشعور الداخلي بقيمة الوقت، حيث يؤثر الحدث النفسي في ذلك إذا كـــان سـعـيـداً أو سـيـئــاً أو خطراً أو مهماً، فتبدو الدقائق في الحدث السيء كأنها ساعات، وتبدو الساعات في الحدث السعيد كأنها دقائق.
4- الوقت الاجتماعي: وهو الوقت الذي يربط فيه تقدير الوقت بأحداث اجتماعية مهمة إما عالمية أو محلية، ولذا: نسمع كبارالسن يؤرخون بحياة فلان وفلان (2).
قـواعـد إدراة الوقـت:
* القـاعـدة الأولـى:
تحديد الأهداف والأولويات: هناك مثل قديم ساخر يقول: عندما لا تعرف أين تتجه فإن كل الطرق توصلك، وتحديد الهدف أمر على قدر كبير من الأهمية.
وللأسف فإن من التخلف الحضاري الذي تعيشه الأمة ما يمكن أن نسميه بأزمة الهدف أو غياب الأهداف وخاصة الأهداف الوسطى التي تخدم الهدف الأعظم(3).
ساحة النقاش