يشبه جسم السمكة في نواح عدة أجسام الفقاريات الأخرى فمثلاً، يوجد في الأسماك ـ مثلها مثل الفقاريات الأخرى ـ هيكل داخلي، وجلد خارجي وأعضاء داخلية مثل: القلب والأمعاء والدماغ، ولكن تختلف الأسماك في العديد من النواحي الأخرى عن بقية الفقاريات. فمثلاً للأسماك زعانف بدلاً من الأرجل وخياشيم بدلاً من الرئات. ويختلف الجلكي والجريث عن الفقاريات الأخرى كلها، وعن كل الأسماك الأخرى أيضًا في كثير من النواحي. وقد نوقشت الصفات الجسمية للجلكي والجريث في أجزاء سابقة. ويتضمن هذا الجزء الصفات الطبيعية المشتركة بين أغلب الأسماك الأخرى.

التشريح الخارجي

الشكل. لمعظم الأسماك جسم انسيابي ورأس مستدير بعض الشيء في مقدمتها ولا يوجد لها رقبة وبذلك يُدغم الرأس بنعومة بالجذع، ومن ثم يضيق الجذع ناحية الذنب. وفضلاً عن ذلك التماثل الأساسي، فللأسماك أشكال متنوعة حيث يتمّيز سمك التونة وغيره من الأسماك سريعة السباحة بأشكاله الشبيهة بالطوربيد. أما الرنجة وسمكة الشمس التي تعيش في المياه العذبة وبعض الأنواع الأخرى من الأسماك فهي مفلطحة من الجانبين. وأجسام الكثير من الأسماك التي تعيش في القاع مثل أغلب أنواع سمك الشفنين مفلطحة من أعلى لأسفل وهكذا. وتتشكل أجسام العديد من الأنواع لتشبه الأشياء المحيطة بها، فمثلاً تشبه السمكة ذات الشص والسمكة الحجرية الصخور، وتشبه السمكة الأنبوبية الأعشاب الطويلة. ويطلق على هذا التمويه التشابه الواقي وهو يساعد السمكة على التخفي من أعدائها أو فرائسها.

الجلد واللون

 للغالبية العظمى من الأسماك جلد متين نوعًا ما يحتوي على أوعية دموية وأعصاب ونسيج ضام، كما يحتوي على خلايا خاصّة يفرز بعضها مخاطًا لزجًا. مما يجعل الأسماك ملساء. ولبعضها الآخر خلايا لونية تسمّى الخلايا الصبغية. وتحتوي الخلية الصبغية على أصباغ حمراء وصفراء وبنية مائلة للسواد. وقد تتحد تلك الألوان لينتج عنها ألوان أخرى مثل البرتقالي والأخضر. ولبعض الأنواع صبغات ذات ألوان مختلفة عن الأنواع الأخرى. أو قد تكون الخلايا الصبغية مرتبة على نحو خاص. تؤدّي هذه الاختلافات إلى كثير من التباين في الألوان بين الأنواع. ويوجد لدى كثير من الأسماك بالإضافة إلى الخلايا الصبغية أصباغ فضية في جلودها وقشورها ينتج عنها في ضوء الشمس تركيبة مختلفة من ألوان قوس قزح المتألقة.

يضاهي لون أغلب الأسماك لون الأجسام المحيطة بها، فمثلاً لمعظم الأسماك التي تعيش قريبًا من السطح في عرض البحر ظهر أزرق اللون يضاهي لون سطح الماء. ويطلق على هذا النوع من التمويه التلوين الوقائي ولكن بعض الأسماك ذات الألوان الزاهية بما فيها تلك الأسماك المزودة بأشواك سامة لا تندمج مع البيئة المحيطة بها. وقد تحمي الألوان الزاهية السمكة بإرباك أعدائها أو تحذيرهم بأن لها أشواكًا سامة.

تغيّر معظم الأسماك من ألوانها لتضاهي تغيّر الألوان في البيئة المحيطة بها. ويمكن للأسماك المفلطحة وغيرها من الأسماك الأخرى التي تتميز بلونين أو أكثر تغيير أنماطها اللونية أيضًا. وتستقبل السمكة منبهات خاصة عن طريق العين لإحداث التغير اللوني المطلوب، من خلال الإشارات العصبية، حيث تقوم الإشارات العصبية الناجمة عن وجود المنبهات بحثّ الخلايا الصبغية على إعادة ترتيب الأصباغ الموجودة بها ليصبح لونها أكثر قتامة أو أكثر شحوبًا، مما ينتج عنه تكون أنماط لونية مختلفة.

الحراشف

 لمعظم الأسماك الفكية غطاء واقٍ من الحراشف، فللتليوستات حراشف مستديرة عند الحافة. ويوجد نوعان رئيسيان من تلك الحراشف مشطية الحاشية ودائرية. وللحراشف مشطية الحاشية أسنان دقيقة على سطوحها. وللأسماك ذات الملمس الخشن مثل القاروس والفرخ حراشف مشطية الحاشية. أما الحراشف الدائرية المستديرة فسطحها أملس. وتوجد فى أسماك معينة مثل الشبوط وسمك السالمون.

ولبعض أنواع الأسماك البدائية بما فيها أسماك البتشير وأبو منقار حراشف سميكة وثقيلة جانويدية لامعة. ويغطي أجسام القرش والشفنين حراشف سنية تشبه الأسنان الدقيقة المتراصة. وتخلو بعض أنواع الأسماك من الحراشف بما فيها أنواع معينة من الإنقليس والسلور الذي يعيش في المياه العذبة.

الزعانف

تراكيب متحركة تساعد السمكة على السباحة وحفظ التوازن. وتحرك السمكة زعانفها بعضلاتها ولكل الأسماك العظمية الحديثة زعانف مشعة ماعدا أنواعًا قليلة تخلو من الزعانف. ولبعض الأسماك البدائية زعانف مشعة أيضًا. وتتركب هذه الزعانف من نسيج من الجلد المدعم بهيكل من القضبان يسمى الأشعة، ولبعض الأسماك المشعة الزعانف أشعة لينة ولبعضها الآخر أشعة لينة وأشعة شوكية، وكلها صلبة وحادة في ملمسها. ولبعض الأسماك البدائية زعانف مفصصة تتكون من قاعدة لحمية ذات حافة مزودة بالأشعة. ولكن الزعانف المفصصة أقل مرونة من الزعانف المشعة. ويوجد لأسماك القرش والشفنين والكمير زعانف لحمية مغطاة بالجلد ومدعمة بعديد من الأشعة الزعنفية التي تتكون من مادة صلبة تسمى القِرَتين (كراتين).

وتنقسم زعانف الأسماك طبقًا لموقعها في الجسم وأيضًا طبقا لتركيبها. وبناء على ذلك، تكون الزعنفة إما وسطية وإما مزدوجة. والزعانف الوسطية زعانف رأسية توجد على ظهر السمكة أو تحت الجسم أو الذيل وتشمل الزعانف الظهرية والشرجية والذيلية. وتنمو الزعنفة الظهرية على امتداد الظهر وتساعد السمكة على البقاء منتصبة. وغالبًا ما تكون لكل الأسماك زعنفة ظهرية واحدة، وللكثير منها زعنفتان أو ثلاث. وتنمو الزعنفة الشرجية على السطح البطني قريبًا من الذيل، وهي تساعد السمكة على البقاء منتصبة مستقيمة مثلها في ذلك مثل الزعنفة الظهرية.

وتوجد الزعنفة الذيلية في نهاية الذيل. وتهز السمكة زعنفتها الذيلية من جانب لآخر لتدفع نفسها خلال الماء للتجديف.

تتكون الزعانف المزدوجة من زعنفتين متطابقتين واحدة على كل جانب من جانبي الجسم. لمعظم الأسماك زعانف مزدوجة صدرية وحوضية. وتنمو الزعانف الصدرية أو الكتفية لمعظم الأسماك على جوانب الجسم خلف الرأس مباشرة وتوجد الزعانف الحوضية أو الرجلية في أغلب الأسماك أسفل الزعانف الصدرية وخلفها تمامًا. ولكن ربما توجد الزعنفة الحوضية في بعض الأسماك ناحية الأمام حتى الحنجرة أو تقريبًا ناحية الخلف حتى الزعنفة الذيلية. وتسمى الزعانف الحوضية أيضًا زعانف بطنية وتستخدم أغلب الأسماك زعانفها المزدوجة أساسًا للدوران أو الوقوف أو للقيام بغيرها من المناورات.

الهيكل والعضلات

يتكون جسم السمكة من الرأس والجذع والذيل والزعانف. ويعد العمود الفقري الإطار المركزي للجذع والذيل، وهو يتكوّن من عدد كبير من قطع منفصلة من العظم أو الغضروف تسمّى الفقرات. يوجد لكل فقرة شوكة في أعلاها في الأسماك العظمية، كما يوجد لكل فقرة ذيلية شوكة في أسفلها. وتتصل الضلوع بالفقرات. وتتكوّن الجمجمة أساسًا من قحفة المخ ودعائم الفم والخياشيم. وتتصل الزعانف الصدرية للغالبية العظمى من الأسماك بمؤخرة الجمجمة بتركيب يطلق عليه الحزام الصدري. ويُدعم الزعانف الحوضية تركيب يسمى الحزام الحوضي يتصل بالحزام الصّدري أو يُدَعَّم بوساطة النسيج العضلي للبطن. وتُدعَّم الزعانف الظهرية بوساطة تراكيب عظمية أو غضروفية تمتد جذورها إلى النسيج الواقع فوق العمود الفقري، ويدعم الذيل الزعنفة الذيلية، بينما تدعم الزعنفة الشرجية تراكيب عظمية أو غضروفية تقع أسفل العمود الفقري.

وللأسماك كما هي الحال في جميع الفقاريات  ثلاثة أنواع من العضلات:

 1- عضلات هيكلية

 2- عضلات ملساء

3- عضلات قلبية.

 وتستخدم الأسماك العضلات الهيكلية لتحريك عظامها وزعانفها. ويتكون لحم السمكة كله تقريبًا من العضلات الهيكلية التي تترتب الواحدة تلو الأخرى في شرائط رأسية عريضة تسمّى قطعًا عضلية ويمكن مشاهدة القطع العضلية بسهولة في سمكة أُزيل جلدها. ويتحكّم في كلّ قطعة عضلية عصب منفصل. ونتيجة لذلك، يمكن للسمكة ثني الجزء الأمامي من جسمها في اتجاه واحد، بينما تثني ذيلها في الاتجاه المضاد. وتقوم الغالبية العظمى من الأسماك بمثل هذه الحركات بأجسامها للسباحة.

وتعمل عضلات السمكة الملساء والقلبية بطريقة تلقائية لا إرادية.والعضلات الملساء مسؤولة عن تشغيل الأعضاء الداخلية كالمعدة والأمعاء، ويتكون القلب من العضلات القلبية التي تقوم بتشغيله.

أجهزة الجسم

تُصنّف أعضاء السمكة الداخلية ـ كما في الفقاريات الأخرى ـ إلى أجهزة متباينة طبقًا للوظيفة التي تقوم بها. وتشمل الأجهزة الرئيسية: الأجهزة التنفسية والهضمية والدورية والعصبية والتناسلية. وتشبه بعض هذه الأجهزة نظيراتها في الفقاريات الأخرى، ولكن بعضها الآخر يختلف عنها من نواح عدّة.

الجهاز التنفسي

 تحصل الأسماك بخلاف الحيوانات الأرضية على الأكسجين اللازم لها من الماء، ويحتوي الماء على كميّة معينة من الأكسجين الذائب. ولكي تحصل الأسماك على الأكسجين، فإنها تبلع الماء عن طريق الفم وتدفعه فوق الخياشيم. ولمعظم الأسماك أربعة أزواج من الخياشيم توجد بداخل حجرة خيشومية تقع على كل جانب من جانبي الرأس. يتركّب كلّ خيشوم من صفّين من خيوط لحمية تتّصل بقوس خيشومي، ويمر الماء داخل الحجرات الخيشومية خلال الفتحات الخيشومية. وتحمي قطعة عظمية ـ يطلق عليها الغطاء الخيشومي ـ خياشيم الأسماك العظمية، ولا توجد أغطية خيشومية لأسماك القرش أو الشفنين. وتكون فتحاتها الخيشومية فتحات واضحة خارج الجسم.

تبدأ العملية التنفسية في الأسماك العظمية بإغلاق الأغطية الخيشومية وفتحة الفم؛ وفي الوقت نفسه، يتمدد جدار الفم إلى الخارج، وبذلك يدخل الماء إلى الفم. وبعد ذلك يتحرّك جدار الفم إلى الداخل ويُغلق الفم وتُفتح الأغطية الخيشومية. وبهذه العملية يندفع الماء من الفم إلى الحجرات الخيشومية حيث يمر الماء على الخيوط الخيشومية، وفي أثناء ذلك، تمتص الخياشيم الأكسجين الذائب في الماء ويخرج ثاني أكسيد الكربون الذي يتكون من خلال عمليات الأيض، ويتم إخراجه في أثناء التنفس، ثم يمّر الماء بعد ذلك عبر الفتحات الخيشومية، وتتكرّر هذه العملية.

الجهاز الهضمي

(القناة الهضمية). يقوم هذا الجهاز بتحويل الطعام إلى مواد تغذي خلايا الجسم كما يتم بوساطته التخلص من المواد غير المهضومة. ويبدأ هذا الجهاز في الأسماك بالفم وينتهي بفتحة الشرج، وهي فتحة تقع أمام الزعنفة الشرجية. ولأغلب الأسماك فم مزود بفكوك ولسان وأسنان. ولا يمكن للسمكة تحريك لسانها. وأسنان معظم الأسماك مثبتة في الفكوك، وتستخدم الأسماك أسنانها للإمساك بالفريسة أو لقضم وتمزيق قطع من لحم ضحاياها. ويوجد لبعض الأسماك أيضًا أسنان على سقف الفم أو على اللسان. كما يوجد في أغلب الأسماك أسنان في البلعوم وهو أنبوب قصير خلف الفم، وتستخدم الأسماك هذه الأسنان لسحق غذائها أو طحنه.

يمر الطعام في جميع الأسماك خلال البلعوم في طريقه إلى المريء، وهو عضو آخر أنبوبي الشكل، ويمكن لمريء السمكة التمدد بسهولة، وبذلك يسمح للسمكة ببلع غذائها كاملاً. يمر الغذاء من المريء إلى المعدة حيث يتم الهضم جزئيًا. وقد يتضخم مريء أو معدة بعض الأسماك لتكون قانصة. وتقوم القانصة بتفتيت الغذاء إلى قطع صغيرة قبل مروره إلى الأمعاء، وتتم عملية الهضم في الأمعاء ويُمتص الغذاء المهضوم من خلال الأمعاء ومنها إلى تيار الدم. وتمر النفايات والغذاء غير المهضوم من الشرج.

الجهاز الدوري

 يوزع الجهاز الدوري الدم على جميع أجزاء الجسم. ويتكون من القلب والأوعية الدموية. ويتركب قلب السمكة من حجرتين رئيسيتين: الأذَيْن والبُطَيْن، ويمر الدم خلال الأوردة ومنها إلى الأذين، ثم يمر بعد ذلك إلى البطين. وتعمل عضلات البطين على دفع الدم إلى الخياشيم خلال الشرايين الخيشومية، حيث يحصل الدم على الأكسجين ويتخلص من ثاني أكسيد الكربون. وبعد ذلك تحمل الشرايين الدم إلى جميع أجزاء الجسم بينما يحمل الدم الغذاء المهضوم من الأمعاء، والأكسجين من الخياشيم إلى جميع خلايا الجسم،كما ينقل النفايات أيضًا من الخلايا وتقوم كلية السمكة باستخلاص النفايات من الدم الذي يعود إلى القلب عن طريق الأوردة.

الجهاز العصبي

 للسمكة جهاز عصبي مثل الأجهزة العصبية للفقاريات الأخرى يتركب من الدماغ والحبل الشوكي والأعصاب، ومع ذلك، فالجهاز العصبي للأسماك ليس معقدًا كما في الثدييات وغيرها من الفقاريات الأعلى يمتد الحبل الشوكي ـ الذي يتكون من نسيج عصبي لين ـ من الدماغ ويمر داخل العمود الفقري. والدماغ انتفاخ للجزء الأمامي من الحبل الشوكي محاط بالجمجمة. وتمتد الأعصاب من الدماغ والحبل الشوكي لكل جزء من أجزاء الجسم. وتحمل بعض الأعصاب التي يطلق عليها الأعصاب الحسية الرسائل من الأعضاء الحسية إلى الحبل الشوكي والدماغ. وتحمل أعصاب أخرى تسمّى الأعصاب الحركية الرسائل من الدماغ والحبل الشوكي إلى العضلات. ويمكن للسمكة أن تتحكّم إراديًا في عضلاتها الهيكلية ولكن ليس لها تحكّم إرادي في العضلات الملساء والعضلات القلبية وتعمل هذه العضلات لا إراديًا.

الجهاز التناسلي

 يتكوّن الجهاز التناسلي في السمكة ـ كما هو الحال في جميع الفقاريات ـ من الخصي في الذكور والمبايض في الإناث. وتُنتج الخصي الخلايا الجنسية الذكرية أو النطف (الأمشاج الذكرية، الحيوانات المنوية). ويوجد المني في سائل يطلق عليه السائل المنوي. وتنتج المبايض الخلايا الجنسية الأنثوية أو البيض ويطلق على بيض الأسماك بطارخ أو بيض السمك وتطلق معظم الأسماك بيضها من خلال فتحة قريبة من فتحة الشرج. ولذكور بعض أنواع الأسماك تراكيب خاصّة لنقل المني مباشرة إلى الأنثى. ويوجد لذكور أسماك القرش مثلاً مثل هذا التركيب المسمى المساكة التي توجد على كل زعنفة حوضية. وتُستخدم المساكتان لإدخال المني إلى جسم الأنثى.

الأعضاء الخاصة

لمعظم الأسماك العظمية كيس يسمى مثانة العوم يقع تحت العمود الفقري. ويطلق أيضًا على هذا العضو الشبيه بالكيس المثانة الهوائية. وتساعد مثانة العوم الموجودة في معظم الأسماك الطفوية السمكة في البقاء عند عمق معيّن في الماء. وتعمل مثانة العوم في الأسماك الرئوية وقليل من الأسماك الأخرى كرئة للتنفس الهوائي، ومع ذلك تستخدم أسماك أخرى بما فيها السلّور مثانة العوم الخاصة بها لإخراج أصوات إلى جانب أنها تساعدها في الطفو. وتتصل بعض أنواع الأسماك ببعضها باستخدام مثل هذه الأصوات.

وقد تغوص السمكة نحو القاع إذا لم تكُن لديها وسيلة تحفظها طافية، وتكتسب غالبية الأسماك قابليتها للطفو بنفخ مثانة العوم بالغازات التي يزودها الدم بها. ولكن يزيد ضغط الماء مع العمق، وكلّما سبحت السمكة نحو مياه أعمق فإن الضغط يؤدّي إلى جعل مثانة العوم أصغر حجمًا وبذلك يقلّل من قابلية السمكة للطفو. لذلك يجب أن تزيد كمية الغاز في المثانة لكي تبقى منتفخة بدرجة تحافظ على قابليتها للطفو. ويقوم الجهاز العصبي للسمكة بالتنظيم الآلي لكمية الغاز بالمثانة حتى يمكن حفظها منتفخة بطريقة مناسبة. وليس لأسماك القرش والشفنين مثانة للعوم. ولكي تبقى هذه الأسماك طافية، يتحتّم عليها السباحة باستمرار. وعندما تستريح تتوقف عن السباحة وتغوص نحو القاع. يفتقر الكثير من الأسماك العظمية التي تعيش على القاع إلى مثانة العوم.

للكثير من الأسماك أعضاء تُولد الضوء أو الكهرباء. ولكن هذه الأعضاء مجرد تكيفات لتراكيب موجودة في جميع أو في معظم الأسماك. فمثلاً، للكثير من أسماك أعماق البحار أعضاء تولد الضوء، نشأت من أجزاء من الجلد أو القناة الهضمية. وتستخدم بعض الأنواع تلك الأعضاء لجذب الفريسة إليها، أو من المحتمل أن تكون وسيلة للاتصال بالآخرين من النوع نفسه. ولبعض الأسماك الأخرى أعضاء مولّدة للكهرباء نشأت من عضلات في عينيها، أو عن الخياشيم أو الجذع. وتستخدم بعض الأنواع هذه الأعضاء لتصعق أو تقتل أعداءها أو فرائسها.

أعضاء الحس في الأسماك

للأسماك ـ مثل كل الفقاريات الأخرى ـ أعضاء حسية تشعرها بما يدور حولها. وتُمكن هذه الأعضاء السمكة من الرؤية والسمع والشم والتذوق واللمس. بالإضافة إلى ذلك، فلأغلب الأسماك عضو حس خاص يسمى جهاز الخط الجانبي يمكنّها من تحسس الأشياء البعيدة. وللأسماك أيضًا أعضاء حس أخرى تساعدها على مواجهة الأحوال المعيشية تحت الماء.

الرؤية

 تختلف عيون الأسماك عن عيون الفقاريات التي تعيش على اليابسة في نواح عدّة. فمثلاً يمكن للأسماك رؤية الأشياء التي تقع عن يمينها أو يسارها في الوقت نفسه، وتعوض هذه القدرة جزئيًا عن عدم وجود الرقبة عند الأسماك، الأمر الذي يجعلها غير قادرة على الالتفات. ولا توجد جفون في الأسماك، علمًا بأن جفون العيون تساعد الحيوانات الفقارية التي تعيش على اليابسة على ترطيب العيون وحمايتها من ضوء الشمس. أما عيون الأسماك فتحافظ على رطوبتها بجريان الماء فوقها؛ كما أنها ليست بحاجة للحماية من ضوء الشمس؛ لأن من النادر أن يكون ضوء الشمس ساطعًا جدًا تحت سطح الماء. ولبعض الأسماك تكيفات فريدة في عيونها. فمثلاً، توجد عيون الأسماك المفلطحة المكتملة النمو على الجانب نفسه من الرأس إذ تقضي السمكة المفلطحة معظم حياتها مستلقية على جانبها في قاع المحيط، وبذلك تحتاج إلى أن تكون عيناها على الجانب المتجه إلى أعلى. وفي أنواع معينة من أسماك الأعماق توجد العيون في نهاية تراكيب قصيرة تبرز من الرأس، ويمكن رفع تلك التراكيب إلى أعلى، مما يسمح للسمكة برؤية ما فوق الرأس وأيضًا من الأمام وعلى الجانبين.

يُولد القليل من أنواع الأسماك أعمى. ومثال ذلك بعض أنواع سمك السلور الذي يعيش في ظلام تام في مياه الكهوف، وكذلك سمك الحوت الذي يعيش في أعماق المحيط. ولبعض هذه الأسماك عيون لكنها لا تبصر بها، بينما يفتقر بعضها الآخر للعيون تمامًا.

السمع

 تستطيع الأسماك جميعها سماع الأصوات التي تحدث في الماء،كما يمكن للأسماك كذلك سماع الأصوات المنبعثة من الشاطئ أو فوق سطح الماء إذا كانت عالية بدرجة كافية. ولأسماك السلور وبعض الأسماك الأخرى حاسة سمع حادة.

يوجد للسمكة أذُن داخلية محاطة بغرفة على كل جانب من جانبي الرأس. وتتكوّن كل أذن من مجموعة من الجيوب والقنوات أنبوبية الشكل. وتفتقر الأسماك لوجود أذن خارجية أو طبلة أذن لاستقبال ذبذبات الصوت وإنمّا يحمل النسيج العظمي الذبذبات الصوتية للأذن الداخلية.

الشم والتذوق

 توجد حاسّة شّم لدى جميع الأسماك، وهي ذات تكوين عالٍ في كثير من الأنواع، بما في ذلك أسماك السلور والسالمون وأسماك القرش. وتتكوّن أعضاء الشم في معظم الأسماك من جيبين، واحد على كل جانب من خطم السمكة. وببطنهما نسيج عصبّي شديد الحساسية للروائح المنبعثة من المواد المطروحة في الماء. وتسمح فتحة الأنف الموجودة في مقدّمة كل جيب بدخول الماء إلى الجيب ليمّر فوق النسيج الحسّي، ويغادر الماء الجيب من خلال فتحة الأنف الخلفية.

ويوجد لمعظم الأسماك حُليمات ذوق منتشرة على أجزاء مختلفة من الفم، كما توجد حليمات ذوق في بعض أنواع الأسماك على أجزاء أخرى من الجسم. ولأسماك السلور والأسترجون (الحفش) وكثير من الأسماك الأخرى زوائد استشعار شبيهة بالشارب تسمّى الشوارب وتوجد بالقرب من الفم وتُستخدم هذه الشوارب للتذوق واللمس.

حاسة اللمس

 وجهاز الخط الجانبي. هناك علاقة وثيقة بين حاسة اللمس و جهاز الخط الجانبي. فلمعظم الأسماك حاسّة لمس جيدة حيث تستجيب نهايات الأعصاب المنتشرة على الجلد لأقل ضغط أو تغيرات طفيفة في درجة الحرارة. ويتكوّن جهاز الخط الجانبي أساسًا من مجموعات من القنوات الدقيقة الموجودة تحت الجلد، بينما تمتد القناة الرئيسية على طول كل جانب من الجذع. كما تمتد تفرعات القناتين إلى الأمام على الرأس. ويحس جهاز اللمس بالتغيرات في حركة الماء، وتحس السمكة بجريان الماء حولها وما يحدث من الاهتزازات. هذه الاهتزازات تدخل من خلال ثقوب لتنشط مناطق حساسة معينة على الخط الجانبي، فإذا تغير جريان الماء من حول السمكة، تغير أيضًا نمط الاهتزازات التي يحسّ بها الخط الجانبي، فتحمل الأعصاب تلك المعلومات إلى الدماغ. وقد تُحذر التغيرات في نمط الاهتزازات السمكة من خطر يقترب منها، أو تمكّنها من تحديد مواقع الأشياء التي ليست في مجال رؤيتها.

 أعضاء حسية أخرى

 وتشمل الأعضاء التي تساعد السمكة على المحافظة على توازنها وتجنّب المياه غير المناسبة. وتساعد الأذن الداخلية للسمكة على حفظ التوازن، حيث تحتوي الأذن على سائل وعدد من أحجار الأذن الصلبة (غبار التوازن) حرة الحركة. وكلّما بدأت السمكة في السباحة في مستوى آخر غير المستوى المستقيم، يتحرّك السائل وحجارة الأذن فوق نهايات الأعصاب الحسية بالأذن، فترسل الأعصاب إشارات للدماغ عن التغيرات في وضع الجسم. عندئذ يرسل الدماغ أوامر إلى عضلات الزعانف التي تتحرّك بدورها لتعيد توازن الجسم. وتحّس الأسماك بأي تغير في الضغط أو المحتوى الملحي أو درجة حرارة الماء، مما يساعدها على تجنّب السباحة في المياه غير المناسبة.

إعداد : أمانى إسماعيل

allfish

أمانى إسماعيل

ساحة النقاش

allfish
موقع خاص لأمانى إسماعيل »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

947,050