قبل أسابيع قليلة كنت مع صديق عزيز علي .. فتطرق بنا الحديث إلى موضوع البحث عن النصف الآخر .. فسألت صديقي هذا عن ماذا تبحث في شريك حياتك ؟ و قلت ضاحكاً أكيد الحب؟ فسكت صديقي قليلا و قال “لا” أبحث عن الأمان معه فسكت لبرهة و أنا أفكر كيف أجادله في هذا المنطق و لكن فجأة وجدت نفسي عاجزا عن الرد و أخذت أتمتم .. ” نعم نعم كلنا نبحث عن الأمان و لكن حسن الاختيار بجب أن يشمل الأمان و الحب و أشياء أخرى كالأخلاق و الدين و لكن كيف نعيش بدون حب و هل نفضل الأمان عليه؟ “..نظر ألي صديقي و أبتسم و بدأ بالشرح كيف أن الارتباط بعلاقة دائمة يتطلب العديد من التضحيات من الطرفين و التخلي عن أشياء عزيزة عليهما مثل الأهل و حرية القرارات و أحيانا الحياة العملية خصوصا في مجتمع مثل مجتمعنا حيث تتخلى حواء أحيانا عنها فقط لعدم تفويت فرصة الارتباط..
و أضاف صديقي أنه لا يستطيع أن يسمح لقلبه أن يحب و “يتعلق” قبل أن يحس بالأمان العاطفي, أي بصيغة أخرى, بأن يضمن أن لا يتخلى عنه الطرف الآخر مستقبلا و يتركه وحيدا حيث تتضاءل حينها فرص الحصول على علاقة نموذجية, أضافة لمرارة التجربة حد ذاتها..
استمعت بإنصات لصديقي حتى انتهى و لم أستطع أن أمنع نفسي من التساؤل عن درجة أهمية الأمان العاطفي في العلاقة يبن أدم و حواء بعد تفكير .. تكلمت و أخبرت صديقي أن القرارات المصيرية في الحياة هي سلسلة من المخاطر يتحكم بنجاحها قدرتنا على تقييم المخاطر بعد توفيق الله بناء على خبرتنا و حدسنا و مشورة الآخرين, و لكن في النهاية يجب أن نتخذ قراراً, و لن نكون أبدا متأكدين بشكل مطلق من صحته أو خطئه..
فإذا تجاوزنا الحواجز الاجتماعية في طريقنا للبحث عن الأمان و تعرفنا على الشخص الأخر بقرب.. فربما نقع في الحب و ننسى بحثنا عن الأمان.. وهو الخطأ الذي يقع فيه الكثير.. بل و ربما يقودنا لفتح هذا الباب على مصارعيه لنغرق فيه بعد أن استسهلناه, و لا نفوق من الا بعد فوات الأوان لنظل نغني بعدها “أشوف فيك يوم على عملته فيَ” ..
و اذا تركنا أنفسنا للآخرين فسيختارون لنا على الأغلب الأمان المادي و الحسب و النسب, و لكن الأمان العاطفي سيظل رهيناً للحظ و البخت.. و ما ارتفاع نسب الطلاق الآن إلا دليل على ذلك
تركت صديقي و نحن على محبه, و ربما خلاف على الموضوع..
لا للحب بدون أمان مسبق؟ أم أن الحياة سلسلة من القرارات “بتوفيق من الله” يتحكم في نتائجها ققدرتنا على تقييم الأخطار؟ .. و أحسان الاختيار و لا ننسى الأستخارة..
لن نكون متأكدين أبدا من حصولنا على الأمان قبل فترة طويلة من العشرة الطيبة التي تسودها حسن المعاملة و الحب و الصراحة المحببة و كثير من التضحيات ..
بمعنى أخر .. ربما نستطيع أن نصنع الأمان العاطفي بأيدينا و بحسن اختيارنا, و إذا ساءت الأمور بعد ذلك فلا عزاء لمن تركنا خلفنا و لا ملامة على أنفسنا حينئذ..
و يجب أن لا ننسى أن كل شيء بتوفيق الله, و أن الحذر لا يغني عن قدر,
و لكن ما يعزز فرص نجاح أو فشل العلاقة هو توفر أو نقص بعض العوامل الأيجابية أو السلبية التي تدخل في التقييم المسبق..
و بحثا عن العوامل التي تساعدنا على تقييم المخاطر المرتبطة بقراراتنا, تبين في دراسة عن الأسباب التي تعزز فرص استمرارالعلاقة الزوجية و الحب أو تداعيها مايلي:
عوامل تعزز فرص فشل العلاقة الزوجية و حدوث الطلاق:
1.الزواج خلال فترة المراهقة قبل العشرين حيث تشير الإحصائيات إلى ارتفاع نسب الطلاق بين هذه الفئة.
2.المعرفة الطويلة قبل الزواج بدون خطبة. و على الرغم من الانتشار الواسع للمفهوم العكسي, تشير الإحصائيات إلى ارتفاع نسب الطلاق بين هذه الفئة.
3. حينما يكون أحد الطرفين ترعرع مع والدين مطلقين فإن فرص حدوث الطلاق مرجحة بشكل أكبر. و تتضاعف هذه الفرص إذا كان كلا الشريكين ذوي والدين مطلقين.
4. عدم وجود الأطفال يرجح فرص حدوث الطلاق بشكل أكبر.
5. كلما طالت العشرة قلت فرص الطلاق و تظل السنتان الأولى هي الأكثر حرجا في العلاقة, و السنة السابعة أيضا.
6. انخفاض الحالة المادية بشكل مؤثر على جودة الحياة تعزز فرص حدوث الطلاق.
عوامل تعزز فرص استمرار و نجاح العلاقة الزوجية:
1. التقدم في العمر و النضوج الفكري و العاطفي, حيث بميل الكثير مع تقدم العمر إلى أن يكونوا أكثر نضجا ووضوحا خاصة في البحث عن شريك حياتهم.
2. التوافق في المعتقدات الدينية و الاجتماعية, هذه تميل هذه الخاصية إلى إعطاء فرص أكبر لاستمرار الزواج و التوافق على المستوى الروحي.
3.التعليم العالي, وهذا يقلل من فرص الطلاق مقارنةً بالفئة التي يغلب عليها التسرب المدرسي.
4. درجة صحة و توافق علاقة والدي الطرفين, حيث أن كثير من المعلومات بخصوص التعامل خلال الزواج نستقيها من مشاهدة الوالدين خلال فترة الطفولة و المراهقة.
5. الاكتفاء المادي يخفف الضغوط و تلقائيا يعزز فرص استمرار العلاقة بشكل صحي.
6. وجود الأطفال يضيف إلى الحياة رونقها و يجمع الطرفين على هدف مشترك فيكونون أقل عرضة لهواجس الأنفصال.
أخيرا .. نرجو أن تكون عزيزي أدم و أختي حواء أصبحتما أكثر وعياً بفرص نجاحكما في علاقتكما بعد هذا المقال.. حتى تصلان إلى بر الأمان .. و الأمان قبل الحب أحيانا
ساحة النقاش