تقول إحدى الأُمّهات: جاءت الإجازة الصيفية وصارت مساحة الصباح فارغة بالنسبة للأطفال، وفي أوّل أسبوع ونتيجة لعدم التوازن الذي يحدث في برنامج الأسرة بعد إنتهاء الدراسة، تمخض الأمر عن بقائهم أمام التلفاز معظم الوقت، وبقليل من المتابعة سنجد أنّ هذه البرامج لا تقدّم أي فائدة تذكر، فكان أن بدأت في توظيف كل ما عندي من مهارات في شغل الأطفال عن هذا الجهاز المدمر للوقت والإبداع والعقل، والذي كانت تكفيني المذاكرة والإختبارات الشهرية هَمَّ فتحه أساساً طول فترة الدراسة حتى علاه التراب وبدأت مسيرتي الصيفية مع اختراعي شواغل للأطفال... اليوم نطبخ فطيرة من عجين للعب ونضعها في الفرن، ثمّ تصبح بعدها مادة مناسبة لإستخدام مطبخ الأطفال البلاستيكي الذي لم يعد يجذب اهتمامهم وعلاه التراب، واليوم التالي تمّ تفريغ مساحة في المطبخ للرسم بالألوان المائية على أوراق ضخمة تم لصقها على حوائط السيراميك، ثمّ تمّ تعليق الأعمال الفنية الرائعة أمام باب المنزل لمدة يوم، واليوم الثالث انهمكنا في تنظيف الحمامات، لعب بالماء والصابون في المكان المناسب، وإحساس بالإنجاز والفاعلية بعد إنتهاء التنظيف، وهكذا...
غنى عن البيان أنّ هذه الخطة كانت مدمرة لبرنامجي الشخصي في العمل والإنجاز في مهنتي ومشاغلي، ولكنني استعضت عن ساعات النهار بساعات الليل (التي استطعت أن أقتنصها وأوقام النوم) لكن العائد كان أكبر، فقد اكتشف بعض مواهب أبنائي كما لمست بعض مناطق ضعفهم وقوتهم، أنا فعلاً مرهقة ومتعبة وأحتاج إلى نوم أكثر، لكن لا بأس، فأنا سعيدة بإنتصاري على الصندوق الأسود وعلى أفلام الكرتون".
"ويقول الدكتور عمرو أبو خليل الخبير في الإستشارات التربوية بموقع إسلام أون لاين: في دراسة أمريكية صدرت في سلسلة كتاب عالم المعرفة تحت عنوان "إدمان التليفزيون" تحدثت المؤلفتان عما أحدثه التليفزيون من تغييرات في حياة البشر وعرضوا لكمية هائلة من الأبحاث التي تؤكد آثاره السلبية والتي لخصوها في مصطلح "الإدمان" وفي النهاية عرضوا لكيفية التخلّص من هذا الإدمان والذي لخصوه أيضاً في العودة إلى الأنشطة التي كنّا نمارسها قبل أن يقتحم التليفزيون حياتنا... وقد كان لي تجربة ناجحة مع أولادي كانت الترجمة العملية لما قدّمه أصحاب الكتاب من حل، حيث قمت بالإشتراك لهم في مجالات متعدّدة للنشاط بدءاً من النشاط الرياضي فاشتركت لكل طفل منهم في نشاطين رياضيين كانت السباحة هي القاسم المشترك بينهم، ثمّ كان لكل منهم ما يفضله من رياضة مثل كرة القدم أو الكاراتيه، وانخرطت الصغيرة في تدريب مكثف للجمباز لمدة أربعة أيّام في الأسبوع وبجوار ذلك هناك النشاط الفني متمثّلاً في الإشتراك بفريق المسرح، ثمّ كان الإنضمام لأحد مجموعات حفظ القرآن المناسبة لسنهم بحيث كان يومهم يبدأ من الثامنة صباحاً لينتهي الثامنة مساء في معظم أيّام الأسبوع..
وهكذا كانوا يعودون للبيت وقد أصبح التليفزيون أو الكمبيوتر جزءاً من اهتمامهم أو ربّما قل اهتمامهم به تماماً، لأنّهم ربّما يجدون مجلات للأطفال وقصصاً تنتظرهم ليقرؤوها لينتهي الصيف وقد اكتسبوا مهارات جديدة وهوايات جديدة بعيداً عن الكمبيوتر والتليفزيون الذي أصبح جزءاً صغيراً من اهتمامهم وسط ساعات المذاكرة، لأنّهم رأوا وتعلّموا مجالات أخرى للنشاط والتفاعل والترفيه، هذا هو الحل العملي لمشكلة نحن السبب في إيجادها وليس الأطفال.. الحل ببساطة أن نفتح لأولادنا مجالات جديدة للنشاط تفتح أعينهم أمام عوالم جديدة فيدركون أنّ في العالم أشياء أخرى مهمة غير التليفزيون".

المصدر: عبدالله محمّد عبدالمعطى كتاب كيف تصنع طفلاً مبدعاً (الجزء الأوّل)

ساحة النقاش

هدى علي الانشاصي

alenshasy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

10,399,631