العدد 8 لسنة 2016

لست منكم
 

الشاعر حسن منصور

 

لسْتُ منكُمْ فَــغادِروا نَبْضَ قَـلبي || واتْـرُكــــوهُ لكــيْ يـظــلَّ نَـقِــيّا
غَــرَستْ فيكُــمُ الضَّغــائِنُ غَـرْسًا || غــائِرَ الْجَــذرِ في الضُّلوعِ قَــوِيّا
وسَقــاهُ الشَّيْطانُ مــا قد سَقــاهُ || فـنَـمــا زَرْعُــكُـــمْ وصــارَ بَهِــيّا
ثُــــمّ آتـى ثِـمـــــارَهُ يــانِـعــــــاتٍ || فـكُلـوا جَــنْـيَكُـمْ هَـنِـيّاً مَـــرِيّـا
وكُلــوا وحْــدَكُــمْ، وَحَـسْـبُكَ مــنْ زادٍ بـهِ شَـيطــانٌ يكــونُ حَـفِـــيّـا
واتْرُكـــونِي فـلَــنْ أَجـــوعَ لأَِنّـــي || كُـنتُ دَوْمــاً بِما مَلــكْـتُ غَـنِـيّا
لَسْتُ مِنكُمْ،أَلا اخْرُجوا مِنْ خَيالِي||وسَـيَـبْـقى مُـقَــدَّسـاً عُــلْـوِيّـا
وسَيـبْقــى في عــالَـمٍ لَـمْ تَــرَوْهُ ||سامِـياً، عَـنْ دُخـانِكُمْ مَحْـمِــيّا
عــالَـــمٌ مُشْرِقٌ أَضـــاءَ فُــــؤادي || هــوَ في ظُـلـْمَـةِ الْحَــياةِ ثُـرَيّا
اخْرُجوا مِن ساعاتِ نَوْمي وَصَحْوي|| قـدْ طَـوَيْنا صَحيفةَ العَهدِ طَيّا
كُلُّ عَـهــدٍ وكُلُّ شــيءٍ تَـلاشـى || إنْ زعــمـــتـم بأنّ ثمَّـة شَــيّا
لَـستُ مـنْكــمْ ولَـمْ أكُـنْ أيَّ يـوْمٍ || أَصْطَـفــيكُمْ، أوْ تَنْـتَـمــونَ إِلَيّا
أيُّـهــا الضّـاربِــونَ فـي أرْضِ تـيــهٍ || جَـعَلـتْكُمْ خَلْقـاً مَسيخـاً دَنِـيّا
ارْحَلوا عنْ سَمـاءِ عَيْـني ودَمْعي || لا أُحــبُّ الأقْــذاءَ في عــيْـنَـيّا
ليسَ فِي العَــيْنِ غيْرُ طــيْفِ أُبـاةٍ || يَـستـثـيرونَ فِـيَّ دَمْـعـاً أَبـــِيّا
رُبَّ دَمــعٍ يَـسـيـلُ فـي كِـبْـرِيـــاءٍ || يَغْـسِلُ الْهَـمَّ والـبَلاءَ العَـصِـيّـا
فـي فُــؤادي مَــقَــرُّهُـمْ فَهَـنـيـئًا || لِـفُـــؤادٍ بِـهــمْ يَكــونُ حَـظِــيّـا
اخْـرُجــوا مِـن حُــدودِ ذاكِـرَتِي لا ||تَسْتَثيروا ما يَجْعَلُ الأمْسَ حـيّا
سوْفَ أَمْحو أَسْماءَكُمْ منْ لِسانِي|| لـيَكـونَ الكـلامُ رطْـــباً نَـدِيّـــا
مِنْ لَظــى ثَــوْرتِي ومِنْ زَفَـراتِـي ||مِنْ هَـديرِ الـبُرْكانِ في شَفَـتَيّا
مِنْ ظُنونِي ومِن هَواجِسِ نَفْسي||من صَدى صَوتِي وارْتِعاشِ يَدَيّا
منْ تَسابيحي واخْتِلاجِ ضُلــوعي || إذْ أُناجي الرّحْمـنَ أبْكي خَـلِيّا
يا نُجومًـا قدْ أشْرقَـتْ في فُؤادي ||عِـشتُ عُــمْري لِنـورِهـا أَتَهَــيّا
عَـوِّضـيـني عَنِ الدَّياجـيرِ حـوْلِي || بِـضِـيـاءٍ يَـشُـقُّ فَــجْــراً سَـنِـيّا
وابْعَثـيـهِ في قـلْـبِ مَنْ يَتَـمَـنّى || أنْ يَرى الْحَـقَّ في الضّياءِ جَلِيّا
فَوَميضُ النُّجومِ في القلبِ أَسْنى|| مـنْ شُمـوسٍ تَألَّقَـتْ للْمُـحَـيّا
وهــوَ يُقْصي مُــنافِـقـاً أوْ خَبـيـثًا || عاشَ خَـفّاشًا بِالضّـياءِ شَـقِــيّا
لَستُ منكُمْ فلا تَرومــوا طَريقي || والْـزَمـوا اللَّيلَ والظَّلامَ القَـصِـيّا
عـلَّـمــتْـني الْـحــيـاةُ أَلاّ أَراكُــمْ || غـيَر ذكْرى ما كنْتُ فيها رَضِـيّا
كلُّ جُــرْحٍ تَــظــلُّ مـــنــهُ نُـدوبٌ || تَجْعـلُ القـلبَ دائِماً في حُمَـيّا
اغْـرُبوا عنْ عَيْني وبالِي فَمنْ ذا || يَعشقُ الـدّاءَ والأَذى الْمَنْسِيّا؟!
كمْ جَـمـيلاً إذا تَعــافَـى مَــريضٌ || ووَقـــاهُ الــرّحْـمــــنُ داءً دَوِيّــا.
**********************
الشاعر حسن منصور
[من المجموعة العاشرة، ديوان (تقاسيم على مسيرة الزمن) ط1ـ دار أمواج ـ 2014م ـ ص17

المصدر: البيت الثقافي العراقي التونسي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 133 مشاهدة
نشرت فى 16 سبتمبر 2016 بواسطة albashiq
albashiq
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,194