العدد 4 لسنة 2016

غياب العقاب في المدارس مؤامرة على الجيل

بقلم : علاء الأديب

 

أول يوم دخلت فيه المدرسة
كانت مدرسة ابتدائية متواضعة ببنايتها عظيمة بكادرها التدريسي .
لم اكن اعرف من القراءة والكتابة الا ماعلمني ابي رحمه الله وماعلمتني امي اطال الله عمرها من التهجّي البسيط للحروف.
أول ما قرأت في رواق المدرسة عبارة كتبت بخط كبير (العصا لمن عصى)
تهجيتها وقرأتها ولكنّي لم افهم معناها فسألت قريبا لي كان يكبرني بعامين ففسر لي المعنى.
وسرعان مارجعت الى البيت وسألت والدي عن تلك العبارة أسهب بشرحها لي بطريقة جعلتني افكر الف مرة بعمل اي شيء في المدرسة قبل ان اتصرف خوفا من تلك العصا .
ومن الجدير بالذكر بأن جميع معلمي مدرستي كانوا يحملون العصي وهم يتجلولون بالمدرسة وداخل الفصل . غير أنهم لم يكونوا يستعملوها إلا عند الضرورة القصوى ولم يكن الضرب الا على يد المسيء.
لم اكن اشعر يوما بأن العقوبة التي يوجهها المعلم للتلميذ نوع من أنواع العنف .ولم يكن التلميذ المعاقب يحمل على المعلم الحقد او الكراهة أو يردّ على العقوبة ببنت شفة .
والأكثر من هذا فإن هذا المعاقب لايجرؤ على اخبار اهله بأنّه قد عوقب من قبل معلمه لأنّه سينال منهم عقابا مشابها أو ربّما كان أكبر.
ولا أدري مالذي جعل العقاب للتلاميذ في المدارس نوعا من أنواع العنف والإرهاب وإنّه يدمر نفسيّة التلميذ ويجعله انسانا عدائيا .
الحقيقة ليست كذلك وانّ الذاهبين الى منع العقاب للمسيئين في المدارس واهمون جدا بما ذهبوا اليه ومشاركون بتدمير العلاقة الحقيقية بين التلميذ والمعلم التي لاتختلف عن عن علاقة الطفل بأبيه .
لقد زرعوا فكرة العنف والإرهاب بعقلية الطفل حتى جعلوه يعتقد بأن المعلم الذي يعاقبه لإسائته يناصبه العداء . حتى أوصلوا الأطفال الى الردّ على معلميهم بما هو اقسى احيانا.
ولو أردنا التأكد من ايجابيات العقاب المستحق للمسيء من التلاميذ فعلينا ان نتذكر كجيل سابق ما وقع علينا من عقاب ونتائجه على سلوكياتنا . ولنقم بمقارنة ذلك مع سلوكيات الأجيال اللاحقة وما ترتب على فقدان مبدأ العقاب على تلك السلوكيات.
لقد اصبح المعلم يتحاشى التلميذ ولا يمكنه توبيخة بالكلام خشية أن يردّ عليه بلكمة على وجهه . وصار وليّ أمر التلميذ مصدر قلق للمعلم لو أنّ المعلم قد ازعج ولده فرّبما يكون الوالد عضوا في مليشيا أو متنفذا في حزب أو حكومة.
أما من كانت والدته سليطة اللسان وال....... فهذا لن يزعجه أحد مهما اساء.
منذ أن وعينا على هذه الدنيا تعلمنا من اهلنا مقولة تقول(من سلم من العقاب ..أساء الأدب)
ولأنّ المشرعين في بلداننا لايريدون أجيالا خلوقة مؤدبة فقد جعلوا العقاب عنفا وارهابا.
وجعلوا من كلّ معلم حريص على الجيل متخلفا رجعيا غير صالح للتعليم في ظلّ الحريّات والإنفتاح متناسين الأصول والجذور التي تربينا عليها وتربى عليها اباءنا .
لاسامح الله الذين البسوا الحقّ لباس الباطل وأوهموا به قوما جاهلين.
علاء الأديب
8-5-2016

المصدر: مقالات علاء الأديب
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 88 مشاهدة
نشرت فى 8 مايو 2016 بواسطة albashiq
albashiq
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

25,655