عالم السياسة الإخباري .. هشام نجار
أحب أولاً أن أطمئنكم بأنني لست بصدد إعطاء محاضرة علمية .. فاطمئنوا فلا أريد أن أخسر قارئاً واحداً منكم , وأنا أحاول أن أجمعكم ( بالشبر والندر ) كما يقول المثل العامي .. فالتشابه بين نظامين عنصريين لا يحتاج إلى قانون هندسي , ولكن عندما يتدخل العلم أيضاً في تدعيم هذه المُسَلّمة عندها توصد كل ابواب النقاش , وتُلجم كل ألسنة الكتبة والتي وظفّها نظام آل أسد للدفاع عنه.
كثيراً ما تصادفنا في حياتنا العملية مشاكل هندسية معقدة نعجز عن إيجاد قوانين ضابطة لها , فنلجأ إلى حالات مشابهة تم التوصل إلى حلول لها . أبسط هذه الأمثلة هي حالة التشابه بين سلك كهربائي وماسورة ماء . فالسلك يمثل الماسوره , والتيار الكهربائي يمثل التيار المائي. ربط السلك بلمبة كهربائية يؤدي إلى سريان تيار كهربائي , وفتح حنفية في نهاية الماسورة يؤدي إلى سريان تيار مائي .. فالحالتين متشابهتين.
أعزائي القراء
الصهيونية : حركة عنصرية سياسية استغلت الأقلية اليهودية في فلسطين لتتحكم بالأكثرية الفلسطينية.
النظام الأسدي : حركة عنصرية تمثل أقلية سلطوية استغلت هذه الأقلية لتتحكم بمكونات الشعب السوري.
الصهيونية : استطاعت بدعم الدول صاحبة النفوذ والإتحاد السوفيتي على رأسهم من تمكينها من فلسطين.
النظام الأسدي : استطاع بدعم نفس هذه الدول من تمكين آل أسد من أرض سوريا وشعبها على مدى خمسين عاماً تقريباً.
الصهيونية : تبنت نظرية التطرف الديني كخطر قائم عليها , وأن محاربتها له هي خدمة للعالم كله.
النظام الأسدي : تبنى نفس النظرية تماماً بل اخترع تطرفاً على حسابه ليقنع العالم بضرورة الإعتماد عليه والتمسك به.
الصهيونية : إرتكبت مجازر ضد الأكثرية الفلسطينية بغية تهجيرها لتصبح في نهاية المطاف الأكثرية, ومن هذه المجازر : قبية و نحّالين و دير ياسين وصفد وجنين وغزه ..
النظام الأسدي : إرتكب مجازر ضد أكثرية شعبه بغية تهجيرها أيضاً مؤملاً عبر سلسلة من هذه المجازر وإعطاء جنسيات مزدوجة لطائفته من دول مجاورة وذلك لتحقيق أكثرية شعبية تماماً كما فعل اليهود من إستيراد أبناء ديانتهم من دول العالم كافة.
الصهيونية : تحتاج دوماً إلى إستراتيجية قومية ودينية للملمة الشعب اليهودي حولها.
النظام الأسدي : وظّف إستراتيجية قومية لجمع العرب حوله والتعاطف معه بدأها بسياسة التوازن الإستراتيجي مع إسرائيل التي جمع أموالها من دول الخليج فتحولت هذه الأموال الى أجهزة المخابرات لبناء سياسة التوازن الإستراتيجي مع الشعب.. وتم ردف هذه السياسة بتسميات جديدة منعاً للملل مثل دولة الطوق ونظام الصمود والتصدي.
ولكن بالرغم من هذا التشابه العجيب بين هذين النظامين العنصريين, إلا أن هناك خللاً في التشابه خيب أملي:
فالنظام الصهيوني لم يتجرأ ولن يتجرأ مرة واحده على قتل أبناء جلدته.. وأن النظام الصهيوني لم يعرِّ نساءه .. وان النظام الصهيويني لا يستطيع تزوير إرادة أبناء شعبه ولاحتى تزوير إرادة الشعب الفلسطيني في فلسطين ١٩٤٨ في أية إنتخابات نيابية أو بلدية.. وأن النظام الصهيوني لا يستطيع إجبار أبناء جلدته ولا حتى أبناء جلدتنا إلى النزول للشوارع مكرهين للتصفيق والرقص والغناء له .. وان النظام الصهيوني لا يستطيع أن يبقى في السلطة إلى أبد الآبدين …وان النظام الصهيوني لايستطيع إغتصاب السلطة ثم توريثها إلى أبنائه.. وأن النظام الصهيوني لايستطيع ان يسمح لرموزه أن يتطاولوا على القانون.. وأن النظام الصهيوني لايستطيع أن يعتقل من يشاء من أبناء جلدته, ومن يُعتقل من أبناء جلدتنا فإن الصليب الأحمر قادرٌ وبعد ساعه من إعتقاله على زيارته.
ولكن النظام الأسدي يستطيع .. ويستطيع .. ويستطيع ليس ضد ما يدّعي أنه عدوه بل بشعبه أطفالاً ونساءً وكهولاً وشباباً ..
آه يا قانون التشابه…آه يا قانون التشابه لقد خذلتني , فقد كنت أعتمد عليك لجعل التشابه كاملاً بين هذين النظامين العنصريين .. لكن النظام الصهيوني افشل دراستي .