علاء الأديب...الموقع الرسمي

الموقع الرسمي للشاعر والناقد والباحث العراقي علاء الأديب

 

القال والقيل بين تفسير وتأويل
لما يجري في العراق اليوم..

 


 

كما تعودت دائما أن أترك للزمن فسحة يأخذ فرصة فيها من الحدث قبل أن اتحدث عنه ..وهذا ماتعلمته من والدي رحمه الله ومن اساتذتي الذين تأثرت بنهجهم الحياتي في تعاملهم مع الأحداث.
اليوم ونحن نعيش أخطر مرحلة من مراحل الصراع السياسي تحت ظرف استثنائي قاهر متمثل بمواجهة عسكريّة شرسة مع عدو تقوده ايدلوجيا هجينة مشوهة "وأدواته شرذمة من المخلوقات الغريبة التي اشبه ماتكون بمصاصي الدماء أو آكلي لحوم البشر.
وأمام فشل ذريع لحكومة نافقة على إدارة الدولة وإقامة مايتطلب من اصلاحات على مؤسساتها تقضي به على الفساد الذي أتى كالجراد على الأخضر واليابس فيها.
يوضع العراقيون بين خيارين لاثالث لهما..
الأول في أن يستمروا بانتفاضتهم ضدّ تلك الحكومة البائسة أملا في التغيير.
والثاني في الإنتظار حتى انجاز العمليات العسكرية في الأنبار والموصل .
وحقيقة الأمر أنّ اختيار أحد الأمرين أمرّ واصعب على الشعب.
فلو اختار الشعب أن يستمر بالأنتفاضة على الفاسدين والفساد من خلال الضغط على الحكومة ورئيسها بكل الإتجاهات فهذا ماسيؤدي حتما الى لجوء الحكومة العاجزة اصلا الى اتخاذ قرارات قد تؤدي بالنتيحة الى تناحر كبير بين الكتل السياسية المسيطرة على مفاصل الدولة من خلال مؤسساتها. وهذا ماقد يجرّ الأمور الى افلات زمام السيطرة على قيادة العمليات العسكرية على الجبهات من جانب وانفلات أمني داخلي من جانب آخر وفي الحالتين لن يكون الشعب الا الخاسر الوحيد .لأن المسؤول في العراق ليس له ولد ولا تلد فالعائلة الكريمة خارج العراق والمسلوب والمنهوب ببنوك العالم. واغلبهم قد هيأ لنفسه طريقا آمنا للفرار لو اشتدّ وطيس الغضب.
أما الخيار الثاني في أن ينتظر الشعب حتى انتهاء العمليات العسكرية .
فهذا أمر من الصعب على الشعب تحمله بعد اخفاق الحكومة في تلبية مطالبه المشروعة في احقاق الحق ومحاربة الفساد ولمرات عديدة . وبعد أن وصل الحيف الكبير الى لقمة العيش التي قد قطعت عن اغلب ابناء الشعب بحجة التقشف الذي فرضته الحكومة عليهم لتسديد ماسرقه الفاسدون منها من اموال الوطن .أضف الى ذلك بأن حكومة الفاسدين قد تأتي بما هو أكبر وأعظم من أمر داعش والإرهاب بعد طي صفحتهم في العراق لتفادى تفكير الشعب بالأنقلاب عليها او الثورة ضدها .
ولا أستبعد أن يكون الخائنون الذين باعوا الموصل لداعش جزءا من مؤامرة على الشعب هذا فحواها .
ولم تكن المسألة مجرد هروب عسكري أو انسحاب تكتيكي في إطار سياقات عسكرية متعارف عليها.
والمشكلة هنا تكمن في العودة الى الرجاحة التي يمكن أن تدلّ الشعب على الخيار المناسب من خلال دراسة مستفيضة لواقع الحال على الأرض ولنتائج كلّ خيار من هذه الخيارات .
والأهم من ذلك إقناع الشعب بتبنّي أحد الخيارين الذي تقرّه الرجاحة تحت تأثير الضغوطات التي لاتطاق عليه نتيجة سياسات الفساد التي بدأت من بعد الإحتلال الى يومنا هذا بشراسة لم يعهد تاريخ العراق الحديث شبيها لها.
كلّ هذا يضعنا الآن أمام تساؤلات مهمة :
من سيلعب دور الراحج ليختار أحد هذين الخارين؟
وكيف للشعب أن يقنع بالخيار الذي يمهل الفاسد قدرا اخر من فرص الفساد؟
وإن اخترنا الإستمرار في الإنتقاضة فإلى أين ستفضي بنا السبيل فللفساد في وطننا مخالب وانياب وقطعان من الضواري والذئاب.

حاولت أن أجيب عن تلك الأسئلة بنفسي بموضوعيّة وبعيدا عن أيّة انفعالات فلم أحصل الا على مشاهد لم استطع الإستمرار في التمعن فيها لبشاعتها في كلا الخيارين .ربّما لأنّي قصير النظر بالسياسة ودهاليزها أو ربّما لأنّي أرى غير مالايراه غيري.
وبكلّ الأحوال فقد اعتاد العرب في مثل هذه الأمور أن يلجأوا الى أضعف الإيمان تاركين للزمن مهمة حسم الأمور كما كتب لها الله.
حما الله العراق وأهله الطيبين المبتلين ببلاء القادة الفاسدين ..وأعداء الأنسانية الإرهابيين المجرمين.
ولاحول ولاقوة الا بالله ربّ العالمين
علاء الأديب
17-3-2016

المصدر: مقالات علاء الأديب
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 136 مشاهدة
نشرت فى 13 إبريل 2016 بواسطة alaaaladeeb

علاء الأديب

alaaaladeeb
هنا ننثر الحروف زهورا . »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

44,298