تعد صناعة السجاد rugs and carpets من أقدم الصناعات التي عرفها الإنسان، فمن المرجح أن نسج السجاد بدأ منذ قرون قبل الميلاد، وأن الموطن الأول لهذه الصناعة اليدوية هي السهوب الأوراسية، وأواسط آسيا. ويقال أيضاً إن سجادة الربيع (بهارلو) أو سجادة كيخسرو التي غنمها العرب بعد انتصارهم على الفرس الساسانيين في معركة القادسية عام 636 م من أقدم السجاد المعروف في العالم. ويعتقد أن أقدم سجادة هي سجادة «بازاريك» التي يعود صنعها إلى نحو خمسمائة عام قبل الميلاد.
عرفت بلاد الشام صناعة السجاد منذ القديم، وازدهرت هذه الصناعة في العصرين الأيوبي والمملوكي، ولاتزال بعض المجموعات الخاصة والمتاحف تحتفظ بقطع من السجاد المملوكي، وخاصة في إيطاليا. وقد يطلق على السجاد المملوكي اسم السجاد الدمشقي لإسهام نساجي دمشق في صناعته (الشكل ـ 1).
بعد سقوط دولة المماليك واحتلال العثمانيين بلاد الشام، انتقلت صناعة السجاد إلى بلاد آل عثمان، بعد نقل مهَرَة الصناع إليها، ورعاية السلاطين هذه الصناعة وتشجيعها، وبدأ النساجون من كرمان ودمشق والقاهرة يفِدون إلى تلك البلاد.
ومن أشهر أنواع السجاد تاريخياً السجاد الصفوي والإيراني بأنواعه والبخاري والمملوكي والعثماني والمغولي في شمالي الهند.
وكانت المواد الأولية المستعملة في صناعة السجاد تتألف من: الصوف والقطن والحرير. فيستعمل الصوف والحرير لحياكـة العقد (أي إظهار الوبرة على السجادة) أما السدى فيستخدم القطن فيها غالباً.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن صناعة السجاد والزرابي السورية تعود إلى عهود قديمة قبل الميلاد، فقد اشتهرت مدينة تدمر بنسيج البسط ذات الألوان النباتية المتعددة والرسوم الهندسية، ولايزال سكان بادية الشام ينسجون أنواعاً مختلفة من المنسوجات ذات الاستعمال اليومي، ويقتصر بعضها على اللونين الأسود والأبيض، وتكون مخططة عرضانياً وكذلك البسط والزرابي الملونة ذات الأشكال الهندسية، أما ما يخص السجاد فقد اشتهرت محافظات حمص وحماه وحلب واللاذقية بصناعة البسط والسجاد الذي يغلب عليه الشكل المتطاول واللون الأزرق والأحمر والبنفسجي. كما صنع مهاجرو الأرمن بعد الحرب العالمية الأولى، سجاداً في منطقة حلب، بالنقش السائد في مقاطعة تبريز.
ولتعرف خصائص السجاد وأنواعه تراعى النواحي الآتية:
طول الوبرة ونوع النقش وإطار السجادة والشكل النهائي للسجادة وكيفية توضُّع خيوط السدى مع اللحمة والعقد. وبهذه الخصائص تتشكل أنواع السجاد وتأخذ تسمياتها ومميزاتها وفق المناطق التي صنعت فيها، ومنها:
ـ السجاد القفقاسي (القوقازي): يصنع في المناطق التي تقع بين البحر الأسود غرباً وبحر قزوين شرقاً، ويتميز سجادها بالنقوش الهندسية بشكل معينات ومسدسات، لتعطي للسجاد صفة مميزة، من حيث البيئة والمفهوم الاجتماعي، مع استخدام الألوان الصارخة والوبر الطويل.
ـ السجاد التركماني: ينسج في السهوب الأوراسية، ومن خصائص هذا النوع من السجاد استنباط رسوم ثابتة وألوان متجانسة، باستخدام أجود أنواع الصوف، من حيث نعومته ولمعانه ومتوسط طول وبرته.
<!--<!--
الشكل (2) سجادة إيرانية من القرن السادس عشر
ـ السجاد الفارسي أو الإيراني: ويقسم السجاد الإيراني قسمين أساسيين، الأول سجاد إيراني قبلي، ويمتاز ببساطة الرسوم وحرارة اللون ومخملية الصوف وطول الوبرة. ولذلك فإن هذا النوع من السجاد ثقيل الوزن، أما النقوش المستعملة فيه فتعتمد على أشكال نباتية كالأزهار والأشكال الهندسية البسيطة (الشكل ـ 2). أما الصنف الثاني من السجاد الإيراني فهو سجاد المدن، ويسمى بحسب المدينة التي يصنع فيها. ومن أهمها مدينة تبريز التي اشتهرت بصناعة السجاد الحريري ذي النقوش القريبة من الشكل الهندسي والألوان القاتمة كالأحمر القاني والأزرق الداكن.
والسجاد البيجاري نسبة إلى مدينة بيجار الإيرانية التي يتصف سجادها بحياكته المتماسكة جيداً ووبرته القصيرة وألوانه القاتمة ونقوشه ذات المناظر والأشكال الطبيعية. وهكذا يتمايز السجاد من منطقة إلى أخرى بألوانه وأسلوب نقوشه وباستخدام كل منطقة لأنواع من الصوف تختلف من منطقة إلى أخرى حسب البيئة والطبيعة التي يعيش فيها الإنسان. وهناك مدن كثيرة إيرانية أخرى اشتهرت بصناعة سجادها المتميز منها أصفهان وقم وشيراز وغيرها.
النقش الهندسي المستعمل في السجاد
ولا بد من ذكر الأسلوب الخاص بتصنيع الصوف وصباغته التي تميزت بها تلك المناطق. فكانت عملية الصبغ تتم وفق معايير مدروسة وبأصبغة نباتية طبيعية. فبعد غسل الصوف وتنظيفه ينقع في أحواض من الشب لتبييضه ثم يُنقل إلى أحواض الصباغ، ويترك فيها مدة تطول أو تقصر، بحسب كثافة اللون المراد الحصول عليه. وكانت عملية الصباغة تعتمد على الملونات النباتية، وهي عملية دقيقة تتطلب المهارة والفن. وقد برع صناع السجاد في استخلاص الصباغ من النباتات لاستخدامه في صناعة السجاد.
ومما يميز ألوان الصباغ النباتية ثباتها وجمالها مع مرور الزمن، ومن أهم المواد المستخدمة:
ـ النيلة: وتستخلص من أوراق النيلة وأزهارها لتعطي اللون الأزرق بكل درجاته، وهو من النباتات الأكثر استعمالاً في صناعة السجاد.
ـ الزعفران: ويعطي أفضل ألوان الأصفر حين تضاف إليه قشور الرمان، ويقطف الزعفران يدوياً. كما يحصل على اللون الأصفر من أوراق الكرمة واللوز.
ـ لون الفُوَّة الأحمر: ويستحصل على هذا اللون من جذور نبات الفُوَّة rulia tinctorum، ويختلف اللون المستحصل عليه من الجذور بين الأحمر الفاتح والأحمر القاني أو الأرجواني، حسب عمر الجذور.
وتطورت صباغة الخيوط إلى استعمال الأصبغة التركيبية المصنعة من المواد الكيماوية والتي تمتاز بجودتها وتنوعها.
يصنع السجاد بطريقتين إما بوساطة أنوال يدوية وإما بأنوال آلية.
1ـ الأنوال اليدوية: تتألف السدى من خيوط طولانية متوازية من القطن، على الأغلب، تشد بين نهايتي النول بطول السجادة أما اللحمة فهي الخيوط العرضانية مفردة أو مزدوجة. وتدخل اللحمة بوساطة المكوك يدوياً فوق خيوط السدى وتحتها بالتناوب، أما العقد فهي الخيوط الملونة من الصوف أو الحرير تلف حول خيط السدى، وتقص من الجهة العلوية للسجاد فتعطي الوبرة. ويتم اختيار رسم السجاد من الخيال أو من رسم معين أو من نقوش سجاد قديمة.
ويقسم النقش في السجاد إلى قسمين رئيسيين:
ـ النقش الهندسي: وذلك حسب الخط المستعمل، سواء كان مستقيماً أو منحنياً، ففي النوع الهندسي ينسج النقش في خطوط مستقيمة متقاطعة أفقياً وعمودياً وقطرياً وتصير فيه الأشكال النباتية والحيوانية أشكالاً تجريدية في إطار هندسي
(الشكل ـ 3).
<!--<!--
<!--<!--
الشكل (5) سجادة صلاة تركية من القرن التاسع عشر
ـ أما النوع الثاني وهو النقش الزهري أو النباتي: فقد نشأ وتطور في المدن، ويعتمد في هذا النقش على الخط المائل الذي يظهر الأشكال والنباتات بواقعية أكثر، ويتطلب هذا النقش مهارة وتدريباً أكثر من النوع السابق (الشكل ـ 4).
ومن الملاحظ أن أغلب نقوش السجاد مؤلفة من ثلاثة أطر، الإطار الواحد متوسط الموقع وهو الأساسي، ويحيط به إطاران ثانويان مكملان لشكل السجادة (الشكل ـ 5).
تم تصغير هذه الصورة. إضغط هنا لرؤية الصورة كاملة. الحجم الأصلي للصورة هو 1310 * 1071.
<!--<!--
الشكل (6) بعض طرائق حياكة السجاد
2ـ الأنوال الآلية: شهدت صناعة السجاد تطوراً كبيراً بالأنوال الآلية ذات السرعات العالية، وباستخدام أجهزة الجاكار في إتمام النقوش لإظهار الأشكال والرسومات المراد تنفيذها على السجاد، عن طريق رفع الشبك بوساطة جهاز الجاكار، واستخدام الأمكاك والخطافات في عملية الحدف بدلاً من طريقة العقد اليدوية، وبهذا أمكن إنتاج كميات كبيرة من السجاد بمواصفات جيدة وبسرعة عالية، فتحقق وفر كبير بأسعار السجاد بين اليدوي والآلي (الشكل ـ 6).
تتألف المواد الأولية المستعملة في صناعة السجاد الآلي من الخيوط الصوفية أو الممزوجة والخيوط التركيبية والصنعية لوبرة السجاد، أما السدى فتستعمل فيها الخيوط القطنية والمزدوجة والتركيبية، كما تستعمل خيوط الجوت عادة للحمة السجادة.
تمتاز سورية ببراعة اليد المهنية، وقد عمدت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، منذ عهد قريب إلى تأسيس وحدات إرشادية لنسج السجاد في أرياف الجمهورية، وبدأت بإنتاج سجاد صوفي يدوي جيد، يمتاز بجودة الصوف الذي لا تخالطه خيوط تركيبية، وثبات الصباغ وجماله.
وقد كانت هذه الصناعة الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط، لما قدمته من إنتاج رائع اعتاد الصانع السوري على تقديمه بطابع خاص مميز غني بنقوش شرقية قديمة وحديثة تضاهي إنتاج مختلف مصانع السجاد في البلدان الأخرى.
السجاد اليدوي ... فن يسجل تاريخ الشعوب
السجاد اليدوي فن خاص جدا، خيوطه تثبت أن بداخل الانسان قدرة هائلة على الابداع. أدواته الخيال،والخيوط، والرغبة في التعبير عن النفس، والأنامل التي تعزف سيمفونية من الألوان والحكايات التي تعبر عن البيئة، والحياة، والأماني، والأحلام.
في أحد الأيام البعيدة في الصحراء، خرج الراعي بحملانه، فجزّ لهم الصوف، وعاد به الى خيمته ليغزله،وتتلقفه أيدي زوجته لتتفتح كل ملكاتها التي خلقها الله بها، سبحانه وتعالى، فتتحرك أناملها لتخرج لوحة رائعة الجمال تزين بها خيمتها، هكذا بدأ فن السجاد.
تتطور الحياة ويتطور معها فن السجاد، ويعرفه سكان المدن، فأضافوا اليه من مدنيتهم وحياتهم، وبدأ المصممون والفنانون الابتكار، لتتحول إحدى حرف الزمن القديم الى فن له قواعد وأصول، ويصبح رمزا للثراء والمكانة التي تستغرق صناعة الواحدة منها شهورا، وسنوات أحيانا.
يسجل السجاد بكل أمانة تاريخ الشعوب، وأسماء مدنه التي وضعت طابعها بين خيوطه، فيحتفظ السجاد الايراني بشهرة حملت أسماء مدنه لتنشره في العالم كله، فعرفنا السجاد الأصفهاني نسبة الى مدينة أصفهان، والتبريزي نسبة الى تبريز، وقم نسبة الى مدينة قم، وحملت كل سجادة طابع مدينتها، وما اشتهرت به من رسومات وألوان حصلت عليها من النباتات التي تنمو في المدينة، واستخدمتها في صباغة خيوط السجاد.
وكما اشتهرت إيران بصناعة السجاد اليدوي، اشتهرت مصر، أيضا، بذلك الفن الذي عرفه أهلها منذ فجر التاريخ، وما زالت مدن وقرى بعينها في مصر مثل: أخميم،وفوه،وأسيوط، تخرج أجمل لوحات السجاد، الى جانب قرية الحرانية التي يغزل أهلها أروع لوحات السجاد بتلقائية شديدة، رغم عدم دراستهم فن السجاد في المدارس والجامعات.
يتصدر السجاد الايراني العالم بشهرته، فقد كان وراء ذلك اهتمام حكام إيران أنفسهم، فمنذ أكثر من خمس مئة عام كانت الأسرة الحاكمة في إيران هي الأسرة الصوفية. وقد عشق الشاه عباس الصوفي فن السجاد، فحظي صانعوا السجاد في عصره بمكانة رفيعة، حتى ان أشهر صانع للسجاد في عصره كان يجلس على يمينه قبل مجلس رئيس الوزراء، وأحيانا كان تكريم الحكام للفنون يصل الى تعيينه وزيرا للفنون. أصبحدينة تنتج السجاد بأنواع مختلفة من الصوف والحرير. تختلف نوعيتها حسب ظروف المناخ. ففي الشمال وعلى حدود روسيا نجد نوعية الصوف ناعمة جدا،وغاية في الرقي، وتتميز بلمعة براقة، أما في الجنوب حيث الجو الحار، فيكون الصوف خشنا نوعا ما، ولا توجد به لمعة.
أسرار السجاد
السجادة المملوكي
بدأت صناعة السجاد في تركيا، والهند، وإيران، وباكستان، والصين، ثم دخلت سوريا بعد ذلك بنحو ثلاث مئة عام، وتحديدا أيام المماليك، وصانعوا السجاد يؤرخون لذلك بالسجاد المملوكي، وكان ذلك أمرا طبيعيا، نظرا لأن الأماكن التي أتى منها المماليك كانت تشتهر بصناعة السجاد.
الصوف،والحرير، والقطن هي الخامات التي يصنع منها السجاد، ويعد الصوف المأخوذ من بطن الخروف الصغير أجود أنواع الصوف وأغلاها. وترتبط الجودة، أيضا، بالمكان الذي يعيش فيه الخروف، ونوعية المرعى، والمناخ ما بين الحار والبارد والجاف.
تختلف قيمة السجاد تبعا لنوعية الصوف ومكانه في الخروف، وتتميز تركيا بالسجادة المصنوعة من الحرير، ويأتي بعد ذلك السجاد الهندي بألوانه الزاهية ونقوشه الطبيعية، ويعد سجاد "أجرا الهندي" من أشهر أنواع السجاد، لأنه كان يصنع في سجون أجرا، وكان المساجين يعبرون فيه عن واقعهم، فيصورون الطيور على السجادة تعبيرا عن رغبتهم في الحرية، حتى أطلقوا على ذلك النوع من السجاد "طيور السجن".
وهناك نوع آخر من السجاد يختلط فيه الصوف بالحرير، ومن المعروف أن السجاد الحرير بدأت صناعته في المدن فقط، ليتناسب مع الحياة المرفهة لأهلها بعكس أهل البدو الذين يصنعون السجاد من الصوف والقطن.
وإذا كانت إيران تمتاز بالسجاد المصنوع من أرقى أنواع الصوف، وتركيا بالحرير، فإن الصين تمتاز بأرقى أنواع الصوف، حيث يأخذونه من حيوان اللاما المشهور، وأكبر دليل على ارتفاع ثمنه، أن الصين منعت تصدير صوف اللاما لندرته وجودته.
يحدد عدد العقد الموجودة في السجاد قيمتها، والعقدة في السجادة تعني عدد العقدة في السنتيمتر الواحد في أثناء غزلها، فهناك سجادة بها 12 عقدة أو 24 عقدة أو 64 عقدة في السنتيمتر. وكلما زاد عدد العقدة ارتفعت قيمة السجادة،لأنها تستغرق فترة أطول في الصنع، فإذا كانت السجادة العادية تستغرق من أربعة أشهر الى ستة أشهر، فهناك سجادة قد يستغرق صنعها سنوات عدة، ويصل ثمنها الى أرقام خرافية، وهناك فنانون في إيران غزلوا 200 عقدة في السنتيمتر الواحد، علما أن كل عقدة تمثل جزءا من الرسم.
السجاد لا يتشابه
لاتوجد قطعة سجاد يدوي تشبه الأخرى، حتى لو كانت من نوع واحد، لأن كل قطعة تمثل لوحة فنية خاصة، لها ظروفها في تصنيعها، وحتى في الحالة المزاجية التي يمر بها العامل نفسه. والسجادة تحفة فنية راقية كلما امتد بها العمر ازدادت قيمتها المادية والفنية، ولكن هذا يتطلب صيانة معينة للحفاظ عليها وعلى قيمتها. وإذا احتاجت السجادة الى تنظيف فلا بد من اللجوء الى المختصين، وإذا اضطرت ربة البيت الى تنظيفها بنفسها، فعليها أن تقوم بتنظيفها بالمكنسة اليدوية، ثم بالمكنسة الكهربائية العادية.وتتم عملية التنظيف برفق شديد حتى لا يتسرب وبر السجاد داخل المكنسة،لأنه يعني استهلاك عمر السجادة.وعند استخدام الماء والصابون يتم التنظيف في اتجاه واحد حتى لا تتآكل وبرة الصوف، مع ضرورة الشطف الجيد من الصابون.ولابد من تعرض السجادة للتهوية الجيدة، مع وضع المبيدات الخاصة بالعناية بالأصواف مثل البريدكس والنفتالين، والحذر، أيضا، من استخدام تلك المواد بكثرة حتى لا تسبب تآكل أجزاء من السجادة. وإذا تعرضت سجادة ثمينة للتلف في بعض أجزائها، يمكن ترميمها، ولكن لابد أن يقوم بذلك أحد المختصين بإعادة غزل الجزء المتآكل بخيوط القطعة التالفة وألوانها نفسها.
يعرف السجاد الحرير والصوف باسم "العجمي" ، وهو لفظ يعني من لا يتحدث العربية، وارتبط هذا الاسم بالسجاد الذي كان يصنع في إيران، وتركيا، وأفغانستان.
وارتبط، أيضا، بتصوير الطيور، والحيوانات، والأشخاص، في تناغم وانسجام أخرج لوحات فنية رائعة، خصوصا بعدما اهتم ملوك إيران بتصوير أنفسهم على قطع السجاد، وهو الفن المقابل لفن البورتريه الأوروبي، وأشهر من رسمت صورته على السجاد، الشاعر الإيراني عمر الخيام الذي عرفت باسمه.
والى جانب هذا الفن ظهر نوع آخر من فن السجاد غزله الفلاحون البسطاء، عبروا فيه عن أنفسهم بقوة وجمال، فغزلوا مظاهر الحياة حولهم، وصوروا حياتهم اليومية البسيطة بتلقائية أثارت دهشة الجميع، فهم لا يقرؤون ولا يكتبون، ويحركون أناملهم على الأنوال فتخرج مشاهد غاية في الروعة والجمال.
والأعجب من هذا كله أن ما يغزلونه من لوحات فنية رائعة يعتمدون فيها على الذاكرة فقط، ولا يتبعون فيها قواعد أو قوانين فنية، بل يستخرجون من داخلهم الاحساس الفطري بالفن، والجمال، والموهبة.
السجاد السوري .. من النول إلى أرقى المتاحف
<!--<!--
على نهج مصممي الأزياء الراقية والجاهزة بابتداع الألبسة الملفتة والمميزة للرجال والنساء والاطفال على السواء، وحيث لكل موسم ابتكاراته وأقمشته وألوانه وأكسستواراته، هكذا حال صنّاع السجاد في سوريا، الذين يعملون بالتوارث، ومنذ دخلت هذه الصناعة، بما تحتويه من إبداعات تشكيلية، دمشق وغيرها من المدن السورية في القرن العاشر، على إلباس أرضيات البيوت الصغيرة والقصور الفخمة، أنواعاً مختلفة من السجادات، في الحجم والتلاوين والخيوط، تجمعها قواسم مشتركة تختصر بالجودة والجمال ومقاومة التغييرات المناخية.
وصناعة السجاد وفنونه عريقة في سوريا، وتتجلى ميزاتها التقنية والفنية في نقوش ورسومات عربية نابضة بالحياة وعلى نحو يعكس حذاقة ومهارة ودقة صانعيها. اليوم ومع دخول الآلات المتطورة ونشوء المصانع الحديثة، نهضت هذه الصناعة في فترة زمنية قصيرة، وباتت من الصناعات الأساسية، ليس على صعيد الاستهلاك الداخلي فحسب، بل على مستوى التصدير الى أنحاء العالم. وهكذا بين تراث النول اليدوي القديم وحداثة الآلات الصناعية الضخمة، يروي السجاد السوري حكايته مع الإبداع.
والحكاية تعود الى عشرة عقود مضت حين أخذ السجاد السوري طريقه الى الشهرة العالمية، يؤكد ذلك ما تحتويه متاحف عالمية من قطع أثرية نادرة تعرف باسم "سجاد دمشق" كعلامة مميزة عن أمثاله الإيراني والتركي. وفي مقدمة هذه المتاحف "المتروبوليتان" في نيويورك حيث يوجد نماذج كثيرة من هذا السجاد، وثمة سجادة كبيرة بطول تسعة أمتار وعرض ستة أمتار تتصدر متحف "فيكتوريا وألبرت" في لندن، كانت أغلب الظن مخصصة لتفترش أرضية أحد المساجد أو أحد القصور، تتميز بلونها الأحمر الخمري وخطوطها الهندسية الزرقاء على شاكلة لعبة الشطرنج توسطها واحة خضراء وإشارات مميزة من الوسم العربي يعود تاريخه الى العهد الأموي، وقد تكون السجادة الدمشقية الأكثر عتقاً والاغلى سعراً في العالم.
وحفاظاً على هذا التراث الغني والعريق، عملت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية السورية على إنشاء وحدات إرشادية لصناعة السجاد اليدوي بإشراف المكتب الفني في الوزارة الذي يعمل على إصدار هذه الوحدات بالنقوش والرسومات. والمعروف أن فن تصنيع السجاد اليدوي يستند على عاملين أساسيين: لون السجاد وما يرمز إليه من معانٍ كانت ولا زالت مألوفة في تحديد مفهوم الألون دلالتها عند العرب، الأبيض للنقاوة والنور والسلام، والأصفر الذهبي للإرادة والمجد والثروة، والأحمر للفرح والسعادة، والأسود للمقاومة والعنف، والأخضر للنهضة الجديدة. أما العامل الثاني فيرتبط بالعناصر الزخرفية, وتبعاً لبعض الدراسات، كانت الأشكال السائدة في السجاد إما حيوانية وهي نادرة بأشكال هندسية محوّرة تتماشى مع طريقة صناعة السجاد وتسهل مهنة الصانع، أو نباتية وأيضاً بخطوط هندسية مخصصة لتأطير الموضوعات أو لزخرفة الحواشي والأطراف.
وبين أهم المواضيع النباية "شجرة الحياة" وهي على أشكال منوعة، عنقودية، أو بتفريعات زهرية. و"شجرة الحياة" كما عرف عنها رمز الأبدية والخلود والآلهة في حضارة بلاد الرافدين، وانتشرت مع الأديان السماوية.
الى كل ذلك، يكتسب رسم وتصميم السجاد الشامي أهمية خاصة في صناعته، لأن التصميم يكون التماس الأول بين السجاد والمستهلك الذي قد يعجب بسجادة ما من خلال تصميمها ورسوماتها التي تتطلّب ثلاثة مراحل من العملن بدءاً من التصاميم المبتكرة التي يتولى إعدادها فنانون يملكون التجربة والخبرة الطويلة في الزخارف والأشكال التي يمكن تنفيذها على ساحة السجادة، وصولاً الى نسخ التصاميم على ورق خاص مقسّم الى مربعات يصار الى تلوينها وفق الصورة المطلوبة. وأخيراً، البدء بالتنفيذ وفق القواعد اليدوية المتوارثة والمتّبعة باستخدام الصوف الصافي في العقد وحوالى خمسين لوناً صافياً ومركّباً يتم تثبيتها بمواد خاصة مانعة للعتّ وقادرة لحفظ السجادة حتى مئات السنين.
وإذا كانت السجادة السورية اليدوية الصنع، تشكّل إبداعاً تراثياً يشهد لعراقة هذا الفن الصناعي المتوراث، فإن هذه الصناعة لم تلبث أن خضعت لمتطلبات العصر الآلية، بدءاً من العام 1958، حيث تأسست أول مصانع لصناعة السجاد في سوريا، ضم في مرحلة أولى أربع آلات ثم سبع فإثنين وعشرين آلة، وصولاً الى امتلاك أحدث نول في العالم. ونتيجة لهذه التطورات التقنية الحديثة طرأت تبدلات على حجم الإنتاج وتوزيعه في الأسواق الداخلية والخارجية، وكذلك على النقوش مع الاحتفاظ بالطراز الشرقي من خلال تصاميم مجموعة من الفنانين يعملون في مركز النقوش ويتابعون عن قرب عمليات التنفيذ وفق شروط محددة ترتبط بأنواع الخيطان الصوفية والحريرية المستعملة وتلاوينها الأصلية والمركبة لتتلاءم الى حد كبير مع أصولها الشمرقية والشامية تحديداً. ولما كان الصوف السوري الخام يفتقد اللون الزاهي عملا لصنّاع على مزجه مع الصوف النيوزيلندي ليعطي الصباغ اللوني مزيداً من اللمعية والإشراق، وليجعل من السجاد السوري المصنّع يدوياً بالدرجة الأولة، قطعة فنية نادرة يزداد الطلب عليها من أصحاب القصور والثروات وجامعي التحف الشرقية، وقد يتعدى سعر السجادة الواحدة المئة ألف دولار، وفي الدرجة الثانية السجاد المصنع آلياً يشهد بدوره طلبات متزايدة من الأسواق العالمية، وبما يشكّل دعماً قوياً للاقتصاد الوطني.
السجاد اليدوي السوري .. ديمومة ومتانة .. وتاريخ
<!--<!--
تاريخياً .. تعود صناعة بساط الصوف لأكثر من مئتي عام وهي صناعة يدوية حتى اليوم، باستخدام أنوال خشبية يدوية حيث يقوم شخص أو أكثر بصناعة(حياكة البساط)من خيوط الصوف المغزولة يدوياً وذلك بمشغل صغير الحجم، وتتم حياكة البساط بقياسات متنوعة وحسب الطلب، برسوم هندسية الشكل أو على شكل خيوط هندسية متساوية ومتوازية وبألوان مختلفة ولكن الدارج أكثر هو الألوان الغامقة(أخضر- أسود - أحمر - بني) تفصل بينها خيوط رفيعة كاشفة(أبيض - أصفر)ويتوسط البساط شكل هندسي عبارة عن مجموعة مثلثات متقابلة، بألوان متميزة وبارزة، أو بأشكال هندسية أخرى دون أن تفقدها هذه الأشكال طابعها الشرقي المحلي، ويستخدم البساط للفرش المنزلي العربي داخل بيوت الشعر والمضافات والمساكن القديمة والحديثة للزينة، وبمكان ثابت وسط المضافات والغرف عادة.
ميزاته ..
المواد الطبيعية في صناعة السجاد اليدوي هي صوف الغنم المعالج والمصبوغ على الحرارة للعقدة، وخيوط القطن والساتان للسداء واللحمة الرفيعة واللحمة الغليظة.
يمتاز سجادنا بالديمومة والمتانة وثبات الألوان.
أماكن صناعته..
يعتبر السجاد والعباءات من أشهر صناعات منطقة صدد إذ يقدر وجود ما يزيد عن 400 نول فيها منذ أربعينيات القرن تتبعها صناعة أمشاط الصوف وتكاد صدد تكون المكان الوحيد لتصنيعها اليوم، واليوم تراجعت مهنة(النوال)لدرجة يمكننا فيها القول إنها تكاد تنقرض هي والمهن الملحقة بها بعد أن كانت صناعة رائجة ورئيسية في كل بيت. إضافة إلى كل ذلك فإن تل أبيض تشتهر بصناعة البسط من نبات البردي، ومركز تل أبيض الحدودي الذي يبعد عن حلب 230 كم و360 كم عن مركز البوكمال أحد أهم سبعة معابر برية تربط سورية بتركيا عهدت الحكومة منذ عام 2005 إلى تحسينها ونقل بعضها إلى أماكن تسمح بتوسيعها ورفع قدرتها الاستيعابية انسجاماً مع تطور العلاقات الثنائية بين البلدين ولما تشكل سورية من موقع عبور يتوسط بين أوروبا وآسيا.
أيضاً مازالت هذه المهنة موجودة في مناطق مثل أريحا وإدلب ومنطقة صافيتا والدريكيش والشيخ بدر وبانياس.
قابلت "بلدنا" بعض البائعين والمروجين لمثل هذه المهنة اليدوية بعد أفادونا بأن هذه الصناعة تراجعهاكثيراً، وخاصة في مدينة دمشق وريفها ومعظم الأنواع المعروضة في محلاتهم يدوية، ولكنها من جنسيات إيرانية وأفغانية وبخارية وعجمية وهناك النوع البدوي الذي يمكن اعتباره حقيقة يدوياً، قياساً ببعض أنواع السجاد المحلي اليدوي الذي تتدخل فيه الآلة الحديثة مع المحافظة على النقشات الشرقية ذات الطابع المحلي
.O.o السجاد اليدوي ... لوحات فنية o.O.
الصناعات الآلية مائة بالمائة أفسدت علينا خصوصية الصناعة اليدوية.. تساهلنا نحن وتساهلوا هم وأصبح الإنتاج «بالكم» بارداً ومكرراً وغير مرغوب فيه إذا قورن بالإنتاج «بالكيف».. فى بيتك تستطيع بقدر بسيط من الجهد تطعيمه بقطع من السجاد اليدوى (أو الكليم) فتضفى عليه ميزة تتسق مع شخصيتنا وفى الوقت نفسه تشع جمالاً وفناً.
فالسجاد اليدوى بكل أنواعه مثل الكازاك والحرير والصوف والأوبيسون والكليم يتميز بخيوطه الطبيعية وأشكاله المتنوعة وملمسه المميز وجودته العالية.
لكن ما هى أنواع السجاد اليدوى؟
هناك سجاد يدوى مصنوع من الحرير ويتميز هذا النوع بالألوان الأنيقة وتنوع عقد الحرير فهناك سجاد ذو 64 أو 81 أو 100 أو 144 عقدة فى السنتيمتر، وهذا يصنع على نول عادى ومن أدوات صناعته: الدفن والمقص، ويتماشى الحرير مع اتجاهات متعددة للأثاث مثل المودرن والاستيل وآخر من النيوزيلندى وبالرغم من أن «النيوزيلندى» طويل التيلة لكن الصوف السوري يتميز بالجودة العالية ويتمتع بسمعة عالمية ويعتبر سجاد «القشقاى» و«الشيرازى» من أبرز السجادة اليدوى المصنوع من الصوف. كلمة «قشقاى» تطابق اسم بلدة فى إيران ويتميز هذا السجاد بدقة التفاصيل، وكلمة «شيرازى» تطابق اسم بلد فى إيران ويتميز هذا النوع برسوماته المميزة. وقد يتداخل الصوف مع الحرير ليكون «النيين» وهى عقد الصوف المطعمة بالحرير، ويتداخل الصوف أيضاً مع القطن لصناعة السجاد العادى الذى نستخدمه مع الأثاث الاستيل. الأوبيسون هو نوع آخر من المواد المستخدمة فى صناعة السجاد اليدوى، يستخدم فى صناعة سجاد الأرضيات والبورتريهات التى تعلق على الجدران.
ويعتبر الأوبيسون فصيلة مشتقة من التريكو ويتميز بلمسته الناعمة ولا يوجد به وبرة وهناك أوبيسون مصرى وفرنسى وآخر صينى، ودائماً ما يكون متعدد الألوان ويتماشى مع الأثاث المودرن فهو يشبه السجاد الصينى المعروف باسم «الشنواه».
الكليم ويعرف أيضاً باسم «الجبلان المصرى» وهو يختلف فى صناعته عن النول العادى فهو يشبه نول النسيج الذى يتكون من «سدا» (الخطوط الطولية التى يعمل عليها الصانع) «ولجمه» (وهى خيط داخل مكوك يرسم بها الصانع تصميم السجاد، ومن أدوات صناعة الكليم، «المشط» لضم عملية اللجمة، و«الكف» لضم النسيج و«الدرق» لعملية فتح «النفس» الذى يفصل الخيوط الفردية عن الزوجية. والكليم يناسب أكثر غرف النوم والمعيشة والمطابخ وشاليهات المصايف ويصنع منه بورتريهات الأشخاص والمبانى. وأخيراً ينصح وليد عبدالعال باتباع طرق معينة للحفاظ على السجاد اليدوى قائلاً: يجب أن نتجنب الرطوبة والماء ونحافظ على التهوية المستمرة وعند التنظيف يجب الاستعانة بمتخصصين، منا يجب المواظبة على تعقيم السجاد من حين إلى آخر، وعند التخزين يجب اتباع الطرق السليمة وإضافة المواد الخاصة للحماية من العتة أو الطفيليات أو البكتيريا التى تنشأ من العوامل الجوية ولكن بعد النصائح يجب أن نعلم أنه إذا حدث أى شئ للسجاد اليدوى فهى قابلة للتصليح، فالسجاد اليدوى يتكون من عقد، فيمكن اتباع طريقة الرفة لتعود السجادة لحالتها الأصلية بعكس السجاد الآخر مرتفع الثمن .
ساحة النقاش