موقع ياسرالجدي

موقع شخصي يحمل مقالات متعددة في شتى العلوم

قضيت ليلة الكريسماس المبارَكَة من شهر النور ينايرعام خمسة آلاف وأحد عشر للميلاد على مقهى مجاور لمقام سيدي الفرغل بأبي تيج المحروسة حرسها الله ، وقد التقيت هناك عدداً من رفاق الكفاح منهم الرفيق المناضل فَشْكَلةُ بنُ الأفْجَح بن عبدِ الحزبِ المعروف بالدائخ , الذي حدثني أنه لما شطّتْ به النَّوَى حتى وصل إلى نَينَوَى ، أدرك قوماً هاربين من قبيلة جٌرْهُم ، طالت لحاهم حتى بلغت أسافل أثدائهم , وطالت آذانهم وراحت تموج في الهواء كأنها موادُّ دستوريةٌ معدَّلة ، وغارت عبونهم حتى لا يكاد الناظر إليها يراها إلا بجهد جهيد ، وإن بقي فيها بصيصٌ خافت كأنه روح أكتوبر ، والتوتْ أنوفهم حتى كادت تلتقي بآذانهم ، وقد تدلَّتْ ألسنتُهم كأنما أصابتْها ضربةٌ جوية ، وكانت تصدر من أعاليهم وأسافلهم أصواتٌ مُنكَرة إذا سمعوا كلماتٍ معينةً مثل ( الحريات) و( حقوق الإنسان) و( العدالة) وغيرذلك مما فصَّله العلامة عاطف بن محمد بن عبيد بن محمد بن علي بن برهومة المناخوليائي في موسوعته الشهيرة ( ركوب الأهوال في تهريب الأموال) .

قلتُ لفَشْكَلةَ بنِ الأفْجَح وقد هالني منظر القوم وسوء حالهم : مالهؤلاء القوم يا فشكلة لا يكادون يفقهون حديثا؟ ولا يكادون يُبينون إذا تحدثوا ؟ قال فَشْكَلةُ بنُ الأفْجَح : أدركتُ شيخا من شيوخهم هلك قبل ثلاثين عاما كان أحسن منهم حالا فسألته عن سبب ما هم فيه فقال : إنهم قوم من بقايا ثمود ملكوا مصر قبل نحو ثلاثة قرون وكان يتخذون من الأهلة والجِمال أصناما يعبدونها ، وكان للجِمال في حياتهم شأن غريب !! فقد ظل ( الجَمَل) رمزا لمقعد العمال والفلاحين في كل انتخاباتهم من أيام الاتحاد الاشتراكي العربي ( 1961-1976) مرورا بحزب مصر العربي الاشتراكي (1977-1979) وانتهاء بالحزب الوطني الديموقراطي (1979-2011)

 كان شقيقه ( الهلال) رمزا مُحْتَكَرًا أيضا لمقعد الفئات في تلك التنظيمات ، ولم تتخلف سُنَّة التزويرعندهم مرة واحدة طوال هاتيك العقود ، فكان الرمزان محجوزيْن دائما لمرشَّحَيْ الحكومة ويُطبعان بالرقمين الأوَّلَيْن في قائمة المرشحين المعروضة على الناخبين تسهيلا على المزوِّرين ورفعا للمعاناة عن كواهلهم لأن منهم أمِّيين لا يعرفون قراءة ولا كتابة !!

قد خاض أسلاف هؤلاء القوم حروبا بالجِمال لا حصر لها ضد أعدائهم من بني فيس بن بُك سنة إحدى عشرة وألفين للميلاد ، أبلى فيها فرسانهم من السرورية والشريفية والعزمية بلاءً خشناً ، وكادوا عُزَّالهم كيدًا حسناً ، ثم انتهوا إلى قاضٍ عنيد ألبسهم أساور من حديد ، بعد زمن( عزٍّ) عتيد ، وحكم ٍ غير (رشيد) .

 ثم شاءت أقدار المصريين أن يتخذوا من الأهلة وزراء مثل علي الدين بن هلال بن مونديال المسؤول الإعلامي لوكالة التوريث الجهجهونية ، ومثل هانئ بن هلال بن الآسكندر المقدوني الذي كان معروفا بسلاطة لسانه وتهتهته أمام الكاميرات ونهبه لأموال الجامعات المستأنسة.

 م شاءت أقدار المصريين أن يتخذوا من الجِمَالِ وزراء مثل يحي بن حميد بن الجمل الوزير المُزْمِن الذي عمل شهورا في وزارة نور الدين زنكي زنكي !! ثم أعادوه بعد ربع قرن وزيرا في وزارة ابن شرف القيرواني . قال الأخفش : وقد حُدِّثْتُ بأن هذا الرجلَ ما أُسنِد له ملفٌّ إلا تباطأ في إنجازه حتى ينساه الناس ، وتفرَّغ للتحدث للشاشات ليل نهارمع حسناوات المذيعات حتى أصبح ينافس الخبراء الأمنيين الذين زاد عددهم في تلك السنين حتى بلغوا تسعة وسبعين مليونا من ثمانين مليونا هم سكان تلك البلاد آنذاك .

وقد استوزروا قبله الميسَّر بنَ الجمل المعروف بالمطعَّم لكنه تسبب في موت آلاف من العباد ضحكا من تصريحاته الوردية .

 وكان هذا الرجل قد اخترع كادرا للمعلمين يدخله المعلم فيخرج له من الأرض- في لجنة الامتحان - ثعبانٌ أقرع طُوَالٌ يسأله صارخا عن اسمه ودينه وعمره فيم أفناه ؟

 فإن وُفِّق في الجواب سأله : ما الزَّهْلِق وما الهِبْلَع، وما العُثَلطِ، وما الجَلَعْلَع، وما القَهْقَب، وما الطُّرْطُب، وما القَهْبَلِس، وما الخَيْسَفُوج، وما الخُزَعْبِلَة، وما القُذَعْمِلة، وما العَرَوْمَط، وما السَّرَوْمَط، وما الدَّوْدَرَى، وما المَكْوَرَّى، وما العَفْشَليل، وما القفشليل، وما الجَلَعْبَى، وما القِرْشَبُّ، وما الصِّقْعَل، وما الجِرْدّحْل، وما الدَّرْدَبيس؟

فإن أجاب المعلم الممتَحَنُ إجابةً صحيحةً منحه ذلك الثعبان الأقرعُ عشرَ درجات ، وقبَّل وجنتيه ، وبكى واستبكى قليلا ، ثم سأله :

 ما الطَّرْطَبِيس، وما العَلْطَمِيس، وما الجرَعْبِيل، وما الخُنَعْبيل، وما العُبَاريد، وما العَبابِيد، وما العَباديد، وما النِّقاب، وما الجِرْفَاس، وما اللَّورَس، وما النَّعْثَل، وما الطِّرْبَال؟ وما الفرق بين العَذْم والرَّذْم، والحَدْم والحَذْم، والخَصْم والقَضْم، والنَّضح والرَّضْح، والقَصْم والفَصْم، والقَصْع والفَصْع، وما العَبَنْقَس، وما الفَلَنْقَس، وما الوَكْواك والزَّوَنَّك، وما الخَيْتَعور، وما السَّيْتَعور، وما اليَسْتَعور، وما الحِرْذَون، وما الحَلَزون، وما القصدر، وما الجُمَعْلِيل ؟ وما الفرق بين الضربة الجوية وطشة الملوخية؟

فإن أجاب قدَّم له استمارة عضوية الحزب فإن أحسن تعبئتها نجح وإن تلعثم أو برطم أو احرنجم تكفل به رجالٌ غِلاظٌ شِدادٌ كان يقال لهم ( البلطجية ) وكان لهم منتدى سرِّي يقال له لجنة الصياصات مما يلي تبوك من جهة الشمال فلا يعلم أحد ما يفعلون به هناك في تلك اللجمة.

 قال فَشْكَلةُ بنُ الأفْجَح وأخبرني ذلك الشيخ الهرِم أن رجلاً صالحا من أولياء المتصوفة يقال له تامر بن حسني بن باراك الأزلمي مرَّ بهؤلاء القوم- ذات استفتاء- فلم يكرموا وفادته ولم يعرفوا له حقَّه فدعا عليهم في تهجده بشارع الهرم فصاروا كما تراهم الآن . ولا حول ولا قوة إلا بالله . !!!

المصدر: مقال خاص بالدكتور مصطفى رجب
  • Currently 25/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
7 تصويتات / 135 مشاهدة
نشرت فى 3 إبريل 2011 بواسطة aisser

ساحة النقاش

aisser
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

16,961