منظور العقلانية المحدودة في صنع القرار

منظور العقلانية المحدودة

Bounded Rationality Perspective

من كتاب

نظرية التنظيم

والتصميم

Organization Theory

and Design

الطبعة العاشرة

ريتشارد إل. دافت

2010م

ترجمة

أحمد السيد كردي

2016م

عندما تكون القرارات غير مبرمجة nonprogrammed، وغير محددة، وتتراكم فوق بعضها البعض، يجب على المدير بصفة فردية أن يظل في محاولة لاستخدام خطوات المنهج العقلاني، ولكن هو أو هي في كثير من الأحيان سوف تضطر إلى اتخاذ اختصارات من خلال الاعتماد على الحدس والخبرة. وقد تم توضيح الانحراف في المنهج العقلاني من خلال منظور العقلانية المحدودة.

الهدف من المنهج العقلاني هو أن المديرين يجب أن يحاول استخدام إجراءات منهجية Systematic للوصول إلى قرارات جيدة. وعندما يتعامل المديرون مع القضايا المفهومة بشكل جيد، فإنهم عادة ما يستخدمون إجراءات عقلانية لاتخاذ القرارات. وبعد البحث في اتخاذ القرارات الإدارية يتبين أن المديرين غير قادرين على اتباع الإجراء المثالي Ideal procedure في كثير من الأحيان. ويجب القيام بالعديد من القرارات بسرعة كبيرة. وضغط الوقت، وعدد كبير من العوامل الداخلية والخارجية التي تؤثر على القرار، والطبيعة غير محددة من المشاكل الكثيرة تجعل التحليل المنهجي من المستحيل عمليا.

المديرون ليس لديهم الكثير من الوقت والقدرة العقلية Mental capacity، وبالتالي، لا يمكن تقييم كل هدف، ومشكلة، وبديل. مما يحدها من محاولة أن تكون عقلانية (محدودة) من التعقيد الهائل للعديد من المشاكل. كما يمكن أن يكون هناك حدود عقلانية لدى المديرين.

لفهم المنهج العقلاني المحدود، يمكن التفكير حول كيفية اختيار معظم المديرين الجدد في الوظيفة بعد التخرج من الجامعة. حتى هذا القرار يبدو بسيط ولكن يمكن أن يصبح بسرعة معقدا بحيث يتم استخدام المنهج العقلاني المحدود. الطلاب الخريجين عادة ما يبحثون عن وظيفة ويكون لديهم اثنين أو ثلاثة عروض مهمة ومقبولة، وعند هذه النقطة يقل نشاط بحثهم بسرعة. وقد تكون الشركات المتاحة لإجراء المقابلات على بعد المئات، ولكن هناك اثنين أو ثلاثة من عروض العمل هم أقل بكثير من الحد الأقصى لهذا العدد الذي من شأنه أن يكون ممكنا إذا قام الطلاب باتخاذ القرار بناء على العقلانية المثالية.

• القيود والمبادلات Constraints and Tradeoffs. ليس هناك ما هو سوى القرارات التنظيمية الكبيرة يكون معقد للغاية وذلك للفهم التام fully comprehend، ولكن العديد من المعوقات الأخرى تمس صانع القرار،  بالنسبة لكثير من القرارات، والظروف التنظيمية الغامضة، الأمر الذي يتطلب الدعم الاجتماعي، ووجهة نظر مشتركة بشأن ما يحدث، والقبول والاتفاق.

على سبيل المثال، النظر في قرار الولايات المتحدة U.S. القريب الخاص بحل الجيش العراقي Iraqi army وإعادة بناء قوات الأمن من الألف إلى الياء. ويبين منتقدون Critics أنه تم الضغط على القرار من خلال ضابط مدني بارز في العراق دون استشارة القادة العسكريين والمسؤولين الامريكيين الآخرين الذين لديهم وجهات نظر مختلفة حول كيفية بناء الجيش العراقي الجديد.

الخلافات حول هذا القرار ذو الأهمية الكبيرة وتبادل الاتهامات المستمرة ongoing recriminations جعلت من الصعوبة البالغة بالنسبة للقوات الامريكية U.S. military من التعامل مع مجموعة واسعة من المشاكل الأمنية التي أعقبت ذلك. وبدون أي قوة عراقية كبيرة للسيطرة على العنف المتزايد، وأصبحت القوات الأميركية أهدافا للهجوم والانتقادات.

وبالإضافة إلى ذلك، عدم وجود اتفاق بين قادة الولايات المتحدة "من استخدام القوة العسكرية لوقف عمليات السلب والنهب Looting التي حدثت عندما دخلت القوات في البداية إلى العراق بسبب نفور العديد من المواطنين العراقيين، مما سمح للمتمردين Insurgents من اكتساب القوة، وجعل الأمر أكثر صعوبة للتنفيذ في وقت لاحق.

ويتم دعم عملية اتخاذ القرار من قبل مجموعة متزايدة من البحوث في علم النفس psychology والعلوم التنظيمية، وغيرها من التخصصات. وفي الواقع، العديد من الجامعات التي تقدم دورات في الإبداع والاتجاهات بحيث يمكن لطلاب إدارة الاعمال تعلم كيفية استخدام هذه العمليات على نحو فعال.

وفي الوضع البالغ التعقيد أو الغموض Ambiguity، والخبرة السابقة وإصدار الأحكام هناك حاجة لدمج العناصر غير الملموسة في كل مراحل تحديد المشكلة والحل للمشكلة. وأظهرت دراسة استقصائية حول مشكلة المدير أن ثلاثين من ثلاثة وثلاثين من المشاكل كانت غامضة وغير معروفة. وهناك أجزاء وبقايا من المعلومات الغير مرتبطة لها من المصادر الغير رسمية ضمن النمط الذي يأخذه المدير في الاعتبار. والمدير لم يتمكن من إثبات وجود المشكلة ولكن يعرف أن هناك نقطة معينة بديهية تحتاج إلى اهتمام. وكثيرا ما ترتبط وجهة النظر البسيطة جدا للمشكلة المعقدة في فشل القرار، لذلك فإن المديرين يتعلمون كيفية الاهتمام بالأمور البديهية بدلا من قبول أن الأمور تسير على ما يرام.

وتستخدم العمليات البديهية Intuitive processes أيضا في مرحلة حل المشكلة. والمديرين التنفيذيين في كثير من الأحيان يقومون باتخاذ القرارات بدون إشارة صريحة إلى التأثير على الأرباح أو إلى النتائج القابلة للقياس الأخرى. كما رأينا في الشكل التوضيحي رقم 12-3، العديد من العوامل غير الملموسة- مثل قلق الشخص عن دعم المديرين التنفيذيين الآخرين، والخوف من الفشل، والمواقف الاجتماعية– والتأثير المحدد لأفضل بديل. هذه العوامل لا يمكن قياسها بطريقة منهجية، لذلك تكون البداهة هي دليلا على اختيار الحل.

والمديرون قد يتخذون قرارا بناء على شعورهم بأنه الصواب بدلا من التركيز على ما يمكن توثيقه من خلال البيانات المعقدة. حيث أظهرت دراسة استقصائية للمديرين أجرتها شركة الأبحاث التنفيذية كريستين أند تيمبرز Christian & Timbers أن 45 في المئة من المديرين التنفيذيين للشركات يبينون أنها يعتمدون أكثر على الفطرة instinct من التركيز على الحقائق والأرقام لاتخاذ قرارات الأعمال.

ستيفان بيرير Stefan Pierer، الرئيس التنفيذي لشركة فهرراد KTM Fahrrad المحدودة، وهي شركة التصنيع الكبيرة للدراجات النارية Motorcycles التي يقع مقرها في النمسا Austria،  وهو يعتبر أن البديهية أمر حاسم لاتخاذ القرار الجيد. وبعد عامين أصبح بيرير Pierer الرئيس التنفيذي، وبين أنه اتخذ قرارات عديدة من تفكيره كانت فاشلة: انتقل إلى KTM، الشركة الرائدة في صناعة الدراجات النارية على الطرق، في سوق الدراجات النارية في الشوارع. على الرغم من أن الشركة تفتقر إلى المعرفة التقنية لجعل الدراجات في الشوارع، وكان لديها إمكانية محدودة في الحصول على هذه السوق الجديدة، وبداهة بيير Pierer جعلته يتحرك تجاه الصواب. وأثمرت فكرته . وسرعان ما أصبحت KTM ثاني أكبر مصنع للدراجات النارية الرياضية Sport-motorcycle في أوروبا، وبحلول عام 2006م، حصلت على ما يقرب من 30 في المئة من إيرادات قطاع دراجة الشارع.

 ومع ذلك، هناك أيضا العديد من الأمثلة على القرارات البديهية أن تبين الفشل الكامل. ويناقش كتاب مارك Book Mark في هذا الفصل كيف يمكن للمديرين أن يعطوا حدسهم وبداهتهم فرصة أفضل حتى تؤدي إلى اتخاذ قرارات ناجحة.

المديرون قد يسيرون على خط رفيع بين النقيضين Extremes: من جهة، اتخاذ القرارات التعسفية Arbitrary بدون دراسة متأنية، ومن ناحية أخرى، الاعتماد بحذر شديد على الأرقام والتحليل العقلاني. ويمكن أن نتذكر أن منظور العقلانية المحدودة واستخدام البداهة ينطبق في الغالب على القرارات الغير مبرمجة Nonprogrammed. على غير المألوف Novel، وغير واضحة، والجوانب المعقدة للقرارات الغير مبرمجة تعني البيانات الشاقة وعدم توفر الإجراءات المنطقية.

ودراسات صنع القرار التنفيذي تجد أن المديرين ببساطة لا يمكنهم استخدام المنهج العقلاني لاتخاذ القرارات الاستراتيجية الغير مبرمجة، مثل ما إذا كان التسويق المختلف عليه لأدوية الوصفات الطبية الجديدة، سواء للاستثمار في مشروع جديد معقد، أو ما إذا كانت المدينة لديه حاجة إليه بشكل معقول وذلك بالاعتماد على نظام تخطيط موارد المؤسسات. لاتخاذ قرارات مثل هذه، المديرون لديهم الوقت والموارد بشكل محدود، وبعض العوامل ببساطة لا يمكن قياسها وتحليلها. ويمكنهم محاولة تحديد هذه المعلومات التي تسبب الأخطاء لأنه قد يتم التبسيط المفرط لمعايير القرار. ويمكن للحدس والبداهة أيضا من تحقيق التوازن وإكمال التحليل العقلاني لمساعدة المديرين على اتخاذ قرارات أفضل.