التطمين التدريجى هو التعرض المتكرر بصورة تدريجية للأشياء أو الموضوعات التى تسبب للفرد المخاوف .. أى بمواجهة تلك الأشياء أو الموضوعات (وعدم تجنبها) تدريجياً ، الى أن يتم تحييد المشاعر والانفعالات التى تسببها .. وحتى يتم الوصول الى درجة تفقد فيها تلك الموضوعات خاصيتها المهددة .. وتتحول الى موضوعات محايدة لا تثير عند الفرد أى قلق أو مخاوف .

ويستخدم إسلوب التطمين التدريجى بمفرده أو مع أساليب أخرى مثل الاسترخاء أو التدعيم .

  وهو يستخدم فى علاج حالات عديدة .. مثل .. المخاوف المرضية كالخوف من الأماكن الضيقة ، أو الأماكن المزدحمة ، أو المرتفعة ، أو الخوف من الحيوانات أو الظلام

واستخدامه مع الأساليب الأخرى مثل إسلوب التدعيم أو إسلوب تأكيد الذات يفيد كثيرأً فى علاج حالات سوء التوافق الاجتماعى ، والخجل ، واللجلجة والعجز عن التعبير عن النفس فى وجود الغرباء .
كما يمكن الإستفادة من ذلك الإسلوب فى علاج حالات الاكتئاب النفسى والوساوس ,وغيرها ..

والخطوة الأولى فى اتباع ذلك الاسلوب أن يتم حصر وتحديد المواقف التى يشعر فيها الفرد بالقلق أو بالخوف والاستعانة بأسلوب فهم وملاحظة الذات ومن خلال طرق التقييم المتعددة.

وعلى الإنسان أن يدرك أن مواجهة النفس بصراحة ووعى تنير له الطريق .. وتمكنه من وضع يده على نقاط الضعف وأن يعترف بها بدون مكابرة أو عناد .. والخطوة الثانية .. هى ترتيب المواقف المسببة للقلق أو للمخاوف ترتيبا هرمياً ..بحيث يقوم الفرد بتدوين مسببات القلق على شكل قائمة .. يدون خلالها المواقف التى تثير مخاوفه والأحداث التى تزعجه وتجعله يشعر بالتوتر أو اليأس أو الضيق .

وفى نفس الوقت يجب أن يدرب ذلك الفرد نفسه على الاسترخاء , ثم يتخيل المواقف المختلفة التى تسبب له التوتر والاضطراب . أو أن يتذكرها كما مر بها. ثم يقوم بعد ذلك بإعادة ترتيب هذه المثيرات على شكل هرمى بحيث تكون أضعف هذه المثيرات وأقلها إحداثاً للقلق أو المخاوف عند قاعدة ذلك الهرم , وأن تكون أكثرها وأشدها تأثيراً وإزعاجا عند القمة , ثم يبدأ بعدها فى صعود ذلك الهرم بالتدريج وهو فى حالة استرخاء سواء وهو يواجه تلك المثيرات مواجهة حقيقة حية متدرجه أو بالتخيل , وأن يبدأ – كما ذكرنا- من المثير الأضعف الى الأكثر شدة وهكذا على أن يتم ذلك خلال جلسات عديدة - ثلاث جلسات أسبوعية على الأقل- وألا ينتقل من درجة إلى أخرى إلا بعد الإحساس بزوال أو إنخفاض القلق أو المخاوف ..

وأتذكر حالة شاب كان يخاف بشدة من القطط السوداء .. فطلب من أن يدون كل الأشياء التى تسبب له الشعور بالخوف وأن يدون كل مايتذكره منها , و أن يتدرب على الاسترخاء وهو يتخيل ما يمكن أن يثير مخاوفه ويمكن فى مثل هذه الحالة أن يتم عرض صور للقطط من بعيد ثم عن قرب .. وذلك بعد عمل تمرينات الاسترخاء حتى يتم تكوين ارتباط شرطى جديد بين المثير وبين الشعور وعدم التوتر, ثم عرض قطة صغيرة بيضاء أو رمادية اللون من بعيد ثم تقريبها تدريجيا وهو فى حالة من الاسترخاء التام , ثم عرض قطة سوداء صغيرة من بعيد وتقريبها على خطوات وخلال عدة جلسات بالتدريج أيضاً, وهكذا حتى نصل لمواجة المثير الأقوى وهو القطط السوداء .

وقد يستغرق مثل ذلك الاسلوب ستة شهور أو أكثر . وأذكر حالة شاب آخر كان يشكو من المخاوف والقلق الشديد عن التحدث مع مجموعة من الغرباء , وباتباع هذا الاسلوب أمكنه ترتيب مخاوفه ترتيباً تنازلياً كالآتى :

التحدث أمام أكثر من ثلاثة أفراد غرباء بينهم سيدة أو أكثر .

التحدث أمام سيدتين أو فتاتين .

التحدث أمام رئيسى فى العمل فى وجود آخرين .

التحدث أمام أحد الغرباء فى حفل أو مناسبة .

وباستمرار المران المتدرج واستخدام الأساليب الأخرى (الاسترخاء والتدعيم الذاتى وتأكيد الذات) مع هذا الإسلوب تمكن ذلك الشاب من التخلص نهائياً من مخاوفه بعد فترة تقرب من الثمانية أشهر .

التطمين النفسى بذكر الله .

ذكر الله يزيل المخاوف والأفكار والتصورات السلبية والوساوس ويطردها من الذهن فى الحال , ويعيق تأثيرها على مراكز الانفعال .. وهذه الحقيقة هي حجر الزاوية وأساس أسلوب الخلوة العلاجية الذي تأكد من خلال دراساتي وملاحظة عشرات الحالات من المرضى والمتطوعين. ولقد أثبتت الاختبارات النفسية والتقييم الإكلينيكي واستمارات ملاحظة الذات انخفاض معدلات الانفعالات المختلفة نتيجة زوال الأفكار الخاطئة والمخاوف والوساوس باستخدام أسلوب الخلوة العلاجية .

وتتوافق هذه النتائج مع ما ورد في كتب الوعظ والإرشاد والفقه وغيرها عن فضيلة الذكر في بث الطمأنينة في النفس (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) وتخليصها من الخوف والغضب والانفعالات السلبية غير المرغوب

ويؤكد الأمام الغزالي : "أنه بالذكر تنمحي المخاوف، فإذا ذكر الذاكر الله عمرت قلبه الطمأنينة، وغمره الرضا، بعد أن كان متوجساً خائفاً، يائساً قانطاً .." والذكر كما يقول الشيخ سيد سابق في كتابه "فقه السنة" .. "هو ما يجرى على اللسان والقلب، من تسبيح الله تعالى وتنزيهه وحمده والثناء عليه ،ووصفه بصفات الكمال ونعوت الجلال"

وقد ورد في العديد من معاجم الألفاظ والتفسيرات أن ذكر الله هو "إقرار باللسان، وتصديق بالقلب" .. أي أنه ترديد وتكرار مع تركيز
ذهني يوقظ المشاعر .. ويحرك القلب .. وبالتالي يمكن أن يؤثر في محتوى وعمليات التفكير ، ويساعد بالتالي على إيقاف وطرد الأفكار والتصورات والتخيلات المشوهة والانهزامية المسببة للأمراض النفسية المختلفة .

ولقد جربت مع عدد من المرضى ومن الأشخاص العاديين الذين يعانون من مشاكل شخصية واضطرابات في التوافق درجة أعمق من الترديد والتكرار للأذكار المختلفة تشمل تأمل معنى كل كلمة وكل لفظ يصف قدرة الله ـ عز وجل ـ على مساعدة العبد وعونه والتركيز على المعنى واستخدام المخيلة في تصور أشكال المساعدة والعون التي يتمناها الإنسان من خالق ه عز وجل .. ولقد كانت النتائج مبشرة وحققت درجة أسرع وأطول أثراً في خفض معدلات التوتر والإحباط وإزالة الانفعالات السلبية .. ولكن استخدام المخيلة وتأمل المعاني فى هذا المجال مازال يحتاج إلى دراسات أخرى.

وبقول الشيخ سيد سابق في كتابه فقه السنة : "إذا اطمأن القلب للحق اتجه نحو المثل الأعلى، وأخذ سبيله إليه دون أن تلفته عنه نوازع الهوى، ولا دوافع الشهوة. ومن ثم عظم أمر الذكر، وجل خطره في حياة الإنسان، ومن غير المعقول أن تتحقق هذه النتائج بمجرد لفظ يلفظه الإنسان، فإن حركة اللسان قليلة الجدوى مالم تكن مواطئة للقلب، وموافقة له" .

وتشير الآية الكريمة من سورة الأعراف إلى الذكر فتقول : "واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولاتكن من الغافلين" (الأعراف205).

والآية تشير إلى أنه يستحب أن يكون الذكر سراً، لاترتفع به الأصوات. ويضيف الشيخ سيد سابق في نفس المرجع المذكور: ومن الأدب أن يكون الذاكر نظيف الثوب طاهر البدن طيب الرائحة، فإن ذلك مما يزيد النفس نشاطاً، ويستقبل القبلة ما أمكن، ولقد وردت العديد من الآيات الكريمة في الذكر، منها:

(" ألا بذكر الله تطمئن القلوب " ( سورة الرعد 28

(" فاذكروني أذكركم " ( سورة البقرة 152

(" اذكروا الله ذكراً كثيراً " ( سورة الأحزاب 41 .

(" فاذكروا الله قياماً وقعودا وعلى جنوبكم" (سورة النساء 103

ويتضمن ذكر الله ترديد عبارات : "الحمد لله" ، "سبحان الله" ، "الله أكبر" ، "أستغفر الله" ، "لا إله إلا الله" ، "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"، "أعوذ بالله من الخبث والخبائث" .. الخ أو ذكر نعم الله والشوق إليه، كذلك ذكر أسماء الله الحسنى وترديدها ..

والذكر أيضاً يشمل قراءة المعوذتين وآية الكرسي

  • Currently 130/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
43 تصويتات / 5363 مشاهدة
نشرت فى 7 يونيو 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,719,296

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters