قناة السلامة والصحة المهنية Safety First على اليوتيوب

م / أحمد جمال (أخصائى السلامة والصحة المهنية)

كيف تحمي نفسك من إخطار المبيدات الحشرية


كيف تحمي نفسك من إخطار المبيدات الحشرية


يطلق تعبير (المبيدات ) على المادة الكيميائية التي تقتل أو تمنع أو تحدد من تكاثر وانتشار الكائنات الحية التي تنافس الإنسان في غذائه وممتلكاته وصحته.


والمبيدات شأنها شأن المدخلات الزراعية الأخرى مثل التسميد والمكننة الزراعية وغيرها،تفيد في زيادة الإنتاج ومن المعروف أنه في السنوات الأخيرة صار حوالي 56% من سكان العالم يعانون من نقص الغذاء وتزداد هذه النسبة إلى حوالي 79% في دول العالم الثالث، ومع زيادة سكان العالم في عام 2000م إلى 6-7 مليار نسمه تطلب الأمر زيادة الإنتاج الزراعي، وتعتبر المبيدات الكيميائية إحدى الوسائل الحديثة التي تعمل على زيادة الإنتاج فبالإضافة إلى دورها الكبير في الحد أو القضاء على عدد كبير من الآفات الضارة بالنباتات، فهي أيضاً قادرة على القضاء على الحشرات الناقلة للأمراض .

نظرة تاريخية لاستخدامات المبيدات الحشرية

هذا وقد استخدم الإنسان منذ القدم أنواعا من المبيدات الحشرية لزيادة الإنتاج الزراعي فقد استخدم الصينيون مبيدات للحشرات تتألف من الكلس والرماد وخلاصات نباتية، وذلك سنة 1200 ق.م، كما استخدموا الزرنيخ للغرض نفسه كما تم استخدام نبات التبغ لمقاومة بق الكمثرى، وكذلك عرف الفرس البيرثيوم (المستخرج من نبات الكرايزين)، واستخدموه على نطاق واسع كمبيد حشري .

وفى عام 1874م تمكن العالم الألماني زيدلر من تحضير مركب الـ د.د.ت بالإضافة إلى مجموعة مركبات أخرى ذات فعالية كبيرة، وقد عرفت فاعلية المبيد الحشري الـ د.د.ت على الآفات الزراعية، وعلى الحشرات الناقلة للأمراض مثل البعوض وغيره بعد حوالي 65 سنة من اكتشافه، وذلك بواسطة أحد الباحثين السويسريين، وقد حضر هذه المادة، وكشف عن أهميتها العالم بايل مولار عام 1939م في مصانع جى جى بسويسرا ونال عليها جائزة نوبل عام 1948م وبذلك بدأ انتشارها وازدادت إنتاجيتها حتى وصل إنتاج العالم في سنة 1970م إلى 1500 ألف طن.

وفى نهاية 1985م وصل الإنتاج إلى 2500 ألف طن، ويعتبر إنتاج المبيدات الحشرية آنذاك المنقذ الفعال من مختلف الآفات الحشرية التي تضر بالإنسان وحيواناته بل ونباتاته، ولكن للأسف فكثيراً ما كان لها نتائج خطيرة خاصة وأن تحللها بطئ، وبالتالي يزداد تركيزها من عام إلى عام سواء في التربة أو الماء أو أجسام الكائنات الحية لدرجة أن الكثير من الباحثين يعتبرون أن الوسط أصبح ملوثاً بهذه المبيدات الكيميائية، وكان أول من أشار إلى خطر هذه المواد هو Salman عام 1953م و Ripper عام 1969م.
 
إن هذه الملوثات التي تصيب الأرض سيمتد مفعولها لعقود أو قرون وقد تغلغلت في المأكل والمشرب والتربة والمياه والهواء بعدما ألقينا بكل مظاهر الحياة في التهلكة البيئية لنصلى بجحيمها جيلا بعد جيل ،لأن إسرافنا في ظهور هذه الملوثات ليس له حد لايتخطاه أو مدي يقف عنده حتب أصبح يهدد الموروث الحضاري والجيني لكل الكائنات .

وقد أحدثت الملوثات خلال القرن الماضي ما لم يحدث منذ ملايين السنين منذ أن ظهرت الحياة فوق الأرض حتي الفضاء الخارجي إنتهكناه و لوثناه بعدما كان عذريا طهورا . ولن نرجع الطبيعة لسيرتها الأولي من الطهر البيئي والعذرية البيئية سواء في الغابات أو البحار والمحيطات أو حتي في السلالات البشرية أو الحيوانية أو النباتية . ولن نعيد للطبيعة طهارتها ونقاوتها. وقد إخترت الملوثات المجهولة لنلقي الضوء عليها لنكون علي بينة من أمرها وأمرنا ولاسيما وأن البشر يتصايحون للعودة للطبية بعد فوات الأوان ولكن هذه الصيحات تبدد سدي ولا مجيب لها في محيط التلوث العالمي الصاخب . ويمثل البحر الأبيض المتوسط 1%من مساحات المحيطات فوق الأرض .إلا أنه يضخ به 50%من كميةالتلوث البحري العالمي وملوثاته أشد خطرا علي كائناته وعلي الإنسان نفسه .

مادة  تراي بيوتيل تي (TBT)

وجد أن السفن والقوارب التي تجوب بحار العالم تدهن بدهانات فيها مادة (تراي بيوتيل تي ((TBT) ، ووجد أن هذه المادة تقتل الأطوم البحري وبلح البحر وتغير العضو الجنسي في حلزونيات الكلب الكبيرة (كائن بحري). ووجد أن المبيدات الحشرية التي تصبها الأنهار والمصارف في البحار والبحيرات لها تأثيرها السيء علي الكائنات الحية . ففي منابع أعالي نهر النيل وجد أن هذه المبيدات بمياه الصرف في البحيرات العظمي قد قتلت الأسماك بها وقتلت الطيور التي تعيش علي هذه الأسماك . وفي مياه بحر البلطيق قتلت عجول البحر (الفقمة) و في خور مياه خليج (سانت لورانس) قتلت الحيتان وكلاب البحر وطائر صقر شاهين وهذا سببه رسوبيات المبيدات الحشرية في مياهه .

وقد تسببت هذه المياه الملوثة في ظهور عيوب خلقية في الأجنة والموت أحيانا وضمور بالأعضاء التناسلية والعقم . ونجد أن الكلورين ومشتقاته العضوية التي تدخل في صناعة البلاستيك والمبيدات الحشرية وغيرها من الكيماويات التي تدخل في الصناعة.و يسبب معظمها السرطانات و خفض معدل إفرازالحيوانات المنوية وسرطانات الرحم وتشويه الأجنة ونقص المناعة .

مادة المثيل باراثيون السامة جدا

وكانت أسرة أمريكية تعاني من أمراض البرد التي أخذت تظهر عليها بإستمرار ،وظلت تعاني من هذه الحالة المرضية لعدة شهور ، وظنت الأم أن ثمة فيروسا يعاودهم بعدما أصيبت به قطتها وماتت. .إلا أنها لاحظت أن جدران بيتها ملطخة باللون الأصفر ، وكان هذا التلطيخ قد ظهر بعد رش البيت بالمبيدات بواسطة إحدي شركات مكافحة الحشرات المنزلية . ونفس الشيء ظهر بالكنيسة المجاورة والتي قامت نفس الشركة برشها من قبل .

وكل هذه المظاهرالغير عادية أو مألوفة التي تعاقبت سواء موت القطة ومرض العائلة وتلطيخ جدران البيت والكنيسة ، كل هذا أوحي للأم بأن شيئا ما يحدث حولها ، فطلبت المسئولين عن البيئة . وأخذوا عينات وفحصوها معمليا ، وبعد ثلاثة أيام أبلغوها بالنتيجة وطلبوا منهم مغادرة البيت فورا مع ترك كل شيء كما هو ولايمس شيء في البيت حتي الملابس يتركونها  ، فلقد بينت الأبحاث بأن البيت ملوث بمادة المثيل باراثيون السامة جدا والمبيدة القوية للحشرات ومحرم إستخدامها دوليا ما عدا في أمريكا لإبادة دودة القطن (وللعلم هذه المادت تستخدم في مصر لهذا الغرض).
وهذا المبيد لم تصرح به السلطات ليستعمل كمبيد للحشرات المنزلية أو في البيوت تحت أي ظرف .وكانت الشركة قد رشت مئات المنازل بهذا المبيد .فتم إحصاؤها و إخلاؤها فورا ولايعرف حتي الآن تأثيرهذه المادة علي صحتهم علي المدي الطويل . حقيقة هذا الحادث مروع إلا أن إستخدام المبيدات الحشرية المنزلية شائع في كل أنحاء العالم . وتنهال آلاف البلاغات والتقارير حول حوادثها المروعة علي السلطات سنويا ، فلقد سجلت في ولاية فلوريدا الأمريكية وحدها مئات الحالات الملرضية والتسممية والوفيات من هذه المبيدات حسب إحصائية وكالة البيئة الأمريكية .

لكن ماهي الإحتياطات والتحذيرات التي يجب معرفتها نتيجة لطول إستخدام هذه المبيدات ولاسيما وأنها تلوث الأطعمة ومياه الشرب والتربة والبيئة بصفة عامة التي نعيش بها ؟.

بحسب تقرير قسم المبيدات والمواد السامة بوكالة البيئة الأمريكية .. نجد أن 15مليون كيلوجرام من هذه لمبيدات الحشرية والحشائشية تستخدم سنويا في زراعة المحاصيل ورش البيوت والمدارس والحدائق العامة والخاصة والمكاتب وغيرها .
وهناك سموم الفئران التي نضعها في بيوتنا وحدائقنا علاوة علي المواد القاتلة للبكتريا والمبيضة والمطهرة لمياه أحواض السباحة . لهذا فنحن معرضون فعلا لمواد كيماية قاتلة وشديدة الخطورة علي الصحة العامة أكثر مما نتصور. وتعرضنا لها جعلنا أكثر عرضة للسرطانات والربو وتشوه الأجنة والمشاكل الإنجابية وتلف الأجهزة العصبية والمناعية .

ومن خلال نسب الوفيات وأسبابها نجد أن 2%منها بسبب السرطان و56%منها بسبب سوء التغذية وعدم القيام بمجهود والتدخين . وقدتصرفنا هذه الإحصائيات الطبية عن الإلتفات لتأثير المبيدات علي ظهور حالات السرطان والعوامل المميتة الأخري . لكن الأبحاث أظهرت أن المبيدات قد تكون أكثر إتلافا في أجسامنا وأكثر مما نتصوره. فالآن غلماء البيئة عيونهم علي الكيماويات التي يطلق عليها متلفات الغدد الصماء ، فلقد بينت الأبحاث أن هذه الكيماويات تتدخل في آلية إفراز الهورمونات ،لأن مفعولها طويل الأمد ، مما أظهرمشاكل إنجابية وإخصابية أثرت علي الأحياء والحياة البرية . وهذا الخلل الهورموني يولد معدلات أعلي من سرطان الثدي وقلة الحيوانات المنوية . كما يؤثر علي ذكاء الأطفال وتغيير سلوكهم ، لهذا وضعت وكالة البيئة الأمريكية علي قائمة أولوياتها هذه الآثار علي الغدد الصماء التي تفرز الهورمونات .
 

لايوجد مبيدات آمنة

في الولايات المتحدة الأمريكية نجد السدود تعترض مجاري الأنهار وتحتجز المياه العذبة خلفها. مما جعل هذه الأنهار بحيرات مغلقة تتعرض للتلوث العضوي بالمبيدات .وتتركز بها السموم مما جعلها تهدد الحياة وا لأعشاب المائية . وهذا مادفع السلطات تطلق مياه فيضاناتها سنويا للتخلص من هذا التلوث الذي ينتقل لمياه الري والشرب لتضر الإنسان والحيوان والنبات .

ورغم كل هذا ، لايوجد لدينا معلومات كافية عن أضرار هذه المبيدات وتأثيرها علي الإنسان ، لكن الخبراء ينصحون بعد التعرض لها . لأنه لايوجد مبيدات آمنة ، مما جعل وكالة البيئة الأمريكية تشدد علي مراجعة الدراسات التي قدمتها الشركات المنتجة للمبدات ، وتقوم بإجراء تجارب بيئية قبل السماح بتداولها بعد التأكد بأن كل مبيد ليس له آثار أو أضرار بيئية ضارة ، كما وضعت ضوابط مشددة وصارمة علي شركات الرش حتي لاتستخدم مبيدات محرمة .

ومن ناحية أخرى من  المعروف أن كل أنواع المبيدات لاتبقي في المكان الذي ترش به ، فقد تتسرب من خلال تعلقها بالأحذية إلي السجاد وداخل البيوت من الحدائق العامة والحشائش  وتظل رواسبها لمدة عام بالبيت أو المكان .
وفي حالة رش الحقول والمزروعات نجد أن 50 –70% من كمياتها تذروها الرياح متخطية المحاصيل المستهدفة لتحط فوق محاصيل أخري أو فوق التربة ومياه الشرب والبيوت وهذا مايطلق عليه نظرية زحزحة المبيدات.

في الحقيقة إن الدول المنتجة تصدر سنويا آلاف الأطنان من المبيدات المحرمة بها إلا أنها تستوردها ثانية في شكل محاصيل واطعمة ملوثة بها رغم مايضاف عليها من مواد مخففة وغير فعالة كما يقال . ومن بينها مواد أكثر خطورة من المبيد ذاته .
وهناك طرق تجعلنا نتعرض لهذه المبيدات ، من بينها إستنشاقها أو ملامستها للجلد أو نتيجة وجودها بالجو أو الماء أو الطعام.

المصدر: كلية الزراعة جامعة القاهرة
ahmedgamal910

Ahmed Gamal

  • Currently 75/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
25 تصويتات / 814 مشاهدة
نشرت فى 12 يناير 2011 بواسطة ahmedgamal910

ساحة النقاش

أحمد جمال

ahmedgamal910
مقالات عن السلامة والصحة المهنية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

61,668