بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسرى عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدى مليحى ومحمد أمين المهدى وفاروق عبد الرحيم غنيم والسيد السيد عمر المستشارين.

* إجراءات الطعن

فى يوم الاثنين الموافق 27 من مايو 1985 أودعت إدارة قضايا الحكومة (هيئة قضايا الدولة بمقتضى القانون  قم 10 لسنة 1986) نيابة عن وزير التربية والتعليم بصفته رئيس لجنة تصحيح أوراق إجابات شهادة الثانوية العامة بمحافظة الإسكندرية بصفته قلم كتاب هذه المحكمة تقريرا بالطعن قيد بجدولها برقم 2365 لسنة 31 القضائية ضد السيد / مصطفى محمد طاهر البيه فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية فى الدعوى رقم 1854 لسنة 37 القضائية الذى قضى بقبول الدعوى شكلا وبإلغاء قرار اعتماد نتيجة امتحان شهادة الثانوية العامة لعام 1983 فيما تضمنه من عدم استحقاق المدعى الدرجة النهائية فى مادة الميكانيكا وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات. وطلب الطاعنان للأسباب المبينة فى تقرير الطعن الأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء هذا الحكم وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصاريف والأتعاب عن درجتى التقاضى. وأعلن تقرير الطعن قانونا وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصروفات، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 2/6/1986 وتداول بجلساتها حتى قررت بجلسة 15/12/1986 وإحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) لنظره بجلسة 17/1/1987 فنظرته المحكمة فى هذه الجلسة على الوجه المبين بمحضرها وبعد أن سمعت ما رأت لزومه من إيضاحات قررت فى الجلسة المذكورة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

* المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن وقائع المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - فى أنه بتاريخ 27/9/1983 أقام مصطفى محمد طاهر البيه الدعوى رقم 1854 لسنة 37 القضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية ضد وزير التربية والتعليم ورئيس لجنة تصحيح أوراق إجابات شهادة الثانوية العامة بمحافظة الإسكندرية طالبا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار اعتماد نتيجة الثانوية العامة لعام 1983 بالنسبة للدرجة الحاصل عليها فى مادة الميكانيكا واعتباره كأن لم يكن وجعلها 25درجة أى الدرجة النهائية مع إلزام جهة الإدارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماه وسنده فى ذلك أنه تقدم لامتحان شهادة الصف الثالث الثانوى العام (الثانوية العامة) لعام 1983 تحت رقم جلوس 260831 منازل النيل منطقة غرب الإسكندرية القسم العلمى (شعبة العلوم) وبتاريخ 30/7/1983 ظهرت نتيجة الامتحان وتضمنت نجاحه بمجموع كلى قدره 337 من 400 درجة وأن درجة نجاحه فى مادة الميكانيكا 20 درجة بينما يستحق الدرجة النهائية لهذه المادة وهى 25 درجة لأن الدرجة التى نسبت إليه لا تخصه ولا تتناسب مع إجابته فى مادة رياضة بحته ذات نتيجة محددة لا مجال فيها للاجتهاد ولا توجد سلطة تقديرية للمصحح فى منح الدرجة، ويقتضى التحقق من ذلك ضم ورقة إجابته فى هذه المادة لاعادة تصحيحها بمعرفة لجنة فنية مختصة أو خبير تعينه المحكمة, وقدمت الجهة الإدارية بيانا بدرجات المدعى تضمن أنه حصل فى مادة الميكانيكا على 20 درجة وبجلسة 28 من مارس 1985 أصدرت المحكمة حكمها موضوع هذا الطعن باعتبار أن الدعوى قد أصبحت مهيئة للفصل فيها موضوعا وأقامت قضائها على أنه ولئن كان الأصل أن عبء الإثبات يقع على عاتق المدعى إلا أن الأخذ بهذا الأصل على إطلاقه فى مجال المنازعات الإدارية لا يستقيم مع واقع الحال بالنظر إلى احتفاظ الإدارة فى قالب الأمر بالوثائق والملفات ذات الأثر الحاسم فى المنازعة، لذا فإن من المبادئ المستقرة فى المجال الإدارى أن الإدارة تلتزم بتقديم سائر الأوراق والمستندات المتعلقة بموضوع النزاع والمتجه فى إثباته إيجابا ونفيا متى طلب منها ذلك فإذا نكلت عن تقديم الأوراق فإن ذلك يقيم قرينة لصالح المدعى تلقى عبء الإثبات على عاتق الحكومة ولما كان المدعى يطعن فى قرار اعتماد نتيجة امتحانات فى شهادة الثانوية العامة سنة 1983 مرارا بتقديم ورقة إجابته فى المادة المذكورة إلا أنها عزفت عن تقديمها رغم أنها فى حوزتها وكانت تستطيع أن تقديمها أن تدحض الدعوى لو كانت غير صحيحة فتقوم من ثم قرينة فى صالح المدعى تؤيد صحة دعواه بأنه حاصل على الدرجة النهائية فى هذه المادة وبذلك يغدو القرار المطعون فيه غير قائم على أساس من الواقع والقانون.
ومن حيث أن طعن الحكومة يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله، ويستند إلى أن التصحيح تقدير درجات الإجابة عملية فنية بحتة لا يجوز قانونا أن تخضع لرقابة القضاء الإدارى حتى لا يؤدى ذلك إلى التدخل فى أمور فنية تقديرية هى من اختصاص الجهة المنوط بها أمر التصحيح فلا تحل المحكمة محلها فى ذلك ما لم يكن قد شاب التصحيح وتقدير الدرجات خطأ مادى أو إساءة لاستعمال السلطة، ويتضح من المستندات المرفقة بالطعن أن الإدارة العامة للامتحانات قد أفادت بأنه بالرجوع إلى سجلات الرصد الأصلية بالإدارة العامة للامتحانات وجد أن المدعى حاصل على 20 درجة فى مادة الميكانيكا وانه بمراجعة كراسة إجابته تبين أنه تم مراجعة جميع جزئيات الدرجة لكل سؤال وثبت أنها صحيحة ومطالبة لما هو مدون للطالب بسجلات الرصد وأن جميع إجاباته مقدرة ولم يترك منها أى جزء دون تقدير، وبذلك يكون المدعى قد حصل على الدرجة التى يستحقها وفقا لاجابته التى تم التحقق منا بمعرفة الفنيين المتخصصين فى هذا الشأن ولا يسوغ للقضاء الإدارى أن يتدخل فيما تستقل به جهة الإدارة على هذا النحو ما دام أن قرار إعلان النتيجة كان مستندا على أصول موجودة ومستخلصا استخلاصا سائغا ماديا وقانونيا. أما ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الحكومة قد نكلت عن تقديم الأوراق فتقوم قرينة لصالح المدعى تلقى بعبء الإثبات على عاتق الإدارة فهو مخالف قاعدة قانون الإثبات التى تقضى بأن على الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه كما يخالف الأصل المقرر فى الإثبات بأن البينة على من ادعى.
من حيث أن الثابت من الصورة الضوئية التى قدمتها الإدارة أثناء نظر الطعن لكراسة الاجابة فى مادة الميكانيكا فى إمتحان شهادة إتمام الثانوية العامة لعام 1983 انها تخص المطعون ضده فعليها اسمه ورقم جلوسه كما ورد بعريضة الدعوى وبمراجعتها تبين أنها تضمنت إجابته عن أربعة أسئلة وقدرت الدرجة عن كل سؤال على النحو الآتى : 7 عن السؤال الأول و 4.5 عن السؤال الثانى و 3.5 عن السؤال الثالث و 5 عن السؤال الرابع ومجموع الدرجات 20 من 25 درجة. وقد أفادت الإدارة العامة للامتحانات بوزارة التربية والتعليم بأن الكراسة تم فحصها ومراجعة جزئيات الدرجة لكل سؤال من الداخل ووجد أنه صحيحة ومطابقة لما هو مدون لكل سؤال على غلاف الكراسة وأن المجموع الكلى صحيح ومطابق لما هو يدون للطالب بسجلات الرصد ثم أعيد عرضها على الفنيين فتأكدت سلامة التقدير ودقته وصحة الجمع والرصد بما لا يدع مجالا لأى شك فى نقص أو زيادة فى درجة الطالب وإذ ثبت ما تقدم يكون ادعاء المطعون ضده بأن هذه الكراسة لا تخصه ولا تتناسب الدرجة التى منحها مع إجابات فى مادة الميكانيكا وأنه يستحق الدرجة النهائية فى هذه المادة - إدعاء غير صحيح لا أساس له من الواقع لمخالفته الثابت من الأوراق وهو ما يقتضى رفض الدعوى، ولا ينهض سندا سليما للحكم المطعون فيه الأخذ بغير هذا النظر ما قرره بشأن موقف الجهة الإدارية من عدم تقديمها كراسة إجابة المطعون ضده فى المادة المذكورة رغم طلب تقديمها مرارا من جانب المحكمة واستظهاره من ذلك قرينة لصالح المطعون ضده تنقل عبء الإثبات على عاتق الإدارة.
فعبء الإثبات فى المنازعة الإدارية لا يخرج فى أصله وكقاعدة عامة عنه فى غيرها إذ الأصل طبقا للمادة ( 1 ) من قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية أن على الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه وهو تطبيق لأصل جوهرى معناه أن مدعى الحق عليه إثبات وجوده لصالحه قبل من يبدى التزامه بمقتضاه. فإذا ما أثبت ذلك كان على المدعى عليه أن يثبت تخلصه منه أما بإثبات عدم تقرير الحق أصلا أو عدم ثبوته للمدعى أو انقضائه وذلك كله عن وجه مطابق للقانون. ومقتضى ذلك أن المدعى عليه هو الذى يتحمل بعبء إثبات ما يدعيه بدعواه، فإذا ما أقام الدليل الكافى على ذلك كان على المدعى عليه أن يقيم الدليل الداحض لأدلة المدعى النافى لدعواه. وقد تحسب القانون لحالة وجود محرر يفيد فى إثبات دعوى أحد الخصوم تحت يد خصمه فأجازت المادة ( 20 ) من قانون الإثبات للخصم أن يطلب إلزام خصمه بتقديم أى محرر منتج فى الدعوى يكون تحت يده فى حالات ثلاث: إذا كان القانون يجيز مطالبته بتقديمه أو تسليمه أو إذا كان مشتركا بينه وبين خصمه ويعتبر المحرر مشتركا على الأخص إذا كان محررا لمصلحة الخصمين أو كان مثبتا لالتزاماتهما وحقوقهما المتبادلة أو إذا استند إليه خصمه فى أية مرحلة من مراحل الدعوى. ثم أوضحت المادة (21)  الشروط الواجب توافرها فى طلب الالتزام بتقديم المحرر وإلا كان الطلب غير مقبول إذا لم تراع فيه أحكام المادتين السابقتين ثم أوجبت المادة (23) على المحكمة أن تأمر بتقديم المحرر فى الحال أو فى أقرب موعد تحدده إذا أثبت الطالب طلبه وأقر الخصم بأن المحرر فى حيازته. فإذا لم يقم الخصم بتقديم المحرر فى الموعد الذى حددته المحكمة فقد اعتبرت المادة 24 صورة المحرر التى قدمها خصمه صحيحة مطابقة لأصلها، فإن لم يكن خصمه قد قدم صورة من المحرر جاز الأخذ بقوله فيما يتعلق بشكله وموضوعه.
ومع هذا التنظيم الدقيق الكامل لأمر إلزام الخصم بتقديم دليل تحت يده الذى يصل إلى الأخذ بالصورة التى يقدمها الطالب من المحرر واعتبارها نسخة مطابقة لأصلها فان لم يكن قدم صورة ( لتعذر حصوله على هذه الصورة مثلا) جاز الأخذ بقوله فيما يتعلق بشكل المحرر وموضوعه ولا شك أن هذه الأحكام فى مجملها لا تتعارض مع طبيعة المنازعة الإدارية فإن تجاهل هذه النصوص القائمة على جوهر الحق وأصول إثباته والتى عمدت إلى إيجاد التوازن الدقيق بين طرفى الخصومة بما يضمن تقديم أى دليل منتج فى الدعوى وإلزام الخصم الذى تحت يده بتقديمه لصالح خصمه بل وضد صالحه الخاص بما يترتب من جزاء عن الامتناع وبما يكفل إيداع المستندات تطبيقا لأحكام المادة 26 من قانون مجلس الدولة، تكون ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من اعتبار مدرد امتناع الإدارة عن تقديم ورقة الامتحان أو التراخى فى تقديمها مع ما اقترن به من عدم استعمال المحكمة لكل سلطاتها التى خولها لها القانون فى الالتزام بتقديم الدليل بما يكفل إتمامه فاعتبار ذلك تسليما بدعى المدعى إلى الحد الذى وصل إلى اعتبار دعواه استحقاقه الدرجة النهائية صحيحا مع أنه لم يدع حصوله فى الورقة فعلا على هذه الدرجة وإنما ادعى استحقاق إجابته فيها لهذه الدرجات هذا الذى ذهب إليه الحكم إنما هو فى ضوء مجموع ظروف الدعوى ووقائعها وطلبات الخصم فيها على أحكام القانون لم يكن فى إجراءات الدعوى ما يبرره: وإذ خالف الحكم المطعون فيه أحكام القانون فأهدرها بما انتهى به إلى قضائه المخالف للقانون من إلغاء قرار اعتماد نتيجة امتحان المطعون ضده فيما تضمنه من عدم استحقاقه الدرجة النهائية فى المادة المذكورة فيكون واجب الإلغاء وإذ تريه أن ورقة الإجابة قد استوفت أوضاع تصحيحها على وجه مطابق للقانون فيتعين رفض الدعوى وإلزام المطعون ضده مصروفات الدرجتين.

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات.

 

 

  • Currently 35/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
11 تصويتات / 973 مشاهدة
نشرت فى 13 يناير 2011 بواسطة ahmedel3arashiy

ساحة النقاش

أحمد محمد أحمد محمد عبد الله

ahmedel3arashiy
مهنة المحاماة مرتبطة إرتباطا لصيقا بنصرة الحق والدفاع عن المظلوم وإرساء دولة القانون والمؤسسات، كما تعد هذه المهنة معقلا للدفاع عن الحرية وعن إستقلال القضاء ، وحق الدفاع حق مقدس من الحقوق الأساسية للإنسان يقاس به مستوى الديموقراطية في المجتمع ، ومن هذا المنطلق لم تكن مهنة المحاماة في »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

738,144