بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/عبد المنعم عبد العظيم جيرة نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/عبد اللطيف محمد عبد اللطيف وعلى شحاته محمد سليمان واحمد عبد العزيز تاج الدين والطنطاوى محمد الطنطاوى_ نواب رئيس مجلس الدولة.

 إجراءات الطعن

فى يوم الأربعاء الموافق 18 من مارس سنة 1987 أودعت الأستاذة/                             المستشار المساعد بهيئة قضايا الدولة نيابة عن رئيس الوحدة المحلية لمجلس مدينة أشمون سكرتارية المحكمة الإدارية العليا  تقريرا بالطعن ضد.......... فى حكم محكمة القضاء الادارى (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) الصادر بجلسة 18/1/1987 فى الدعوى رقم 2685 لسنة 39 ق والذى قضى:

أولا: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة لكل من المدعى عليهما الأول والثانى .

ثانيا: بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه الثالث بصفته بأن يؤدى إلى المدعى مبلغ 4460 جنيها والمصروفات.
وطلبت فى ختام تقرير الطعن- لما ساقته من أسباب- الحكم بقبول الطعن شكلا وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغاء الحكم ورفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماه عن درجتى التقاضى.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه- للأسباب التى أوردتها بالتقرير- الحكم بقبول الطعن شكلا وبرفضه بشقيه العاجل والموضوعى وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد نظرت دائرة فحص الطعون الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 5/12/1990 قررت احالته إلى المحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الثالثة) لنظره أمامها بجلسة 1/1/1991 ولدى تداول الطعن أمام المحكمة قدم طرفا الخصومة أوجه الدفوع والدفاع التى عنت لهما فقد دفع الحاضر عن المطعون ضده بجلسة 26/11/1991 باعتبار الطعن كان لم يكن لعدم الاعلان خلال 90 يوما من ايداعه وبعد ان استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من ايضاحات ذوى الشان قررت اصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم وفيها نطق الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات واتمام المداولة قانونا
من حيث ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل- حسبما تفصح به الوراق- فى أن المطعون ضده أقام دعواه ابتداء امام محكمة شبين الكوم الابتدائية بتاريخ 5/11/1983 اختصم فيها الطاعن وآخرين وطلب فى ختام صحيفة الدعوى الحكم بإلزام الجهة الإدارية المتعاقدة بأن تؤدى اليه مبلغ 3660 جنيها مضافا اليها تعويضا مقداره 2000 جنيها مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماه، وقال المدعى فى بيان دعواه أنه قد رسا عليه عطاء انشاء مدرسة ثانوية بقرية اليرانية مركز أشمون على أن يتم التنفيذ فى حدود الاعتماد المقرر ومقداره سبعون الف جنيه وحددت مدة التنفيذ بخمسة اشهر تبدأ من تاريخ استلام الموقع، وقد تسلم الموقع بتاريخ 16/2/1983 وقدرت الإدارة الهندسية بأشمون كمية الأسمنت اللازمة لأعمال الخرسانة العادية للعملية بمقدار 225 طنا منها 145 طنا مخلوطا دفعة أولى بالاذن رقم 35 حصة شهر يناير سنة 1983 الا أن مديرية الاسكان والتعمير طلبت من مجلس مدينة أشمون تعديل كل تصاريح الأسمنت الصادرة فى شهرى ديسمبر سنة 1982 ويناير سنة 1983 إلى أسمنت عادى فتم تعديل التصريح الصادر للمدعى إلى اسمنت عادى بدلا من المخلوط، ولعدم ورود الأسمنت العادى استخدم المدعى 120 طنا اسمنت مخلوط فى صب الخرسانة العادية مع كميات الأسمنت العادى التى صرفت له حتى لا يترك جوانب الحفر لمدة طويلة بدون صب الخرسانة وحرصا على اتمام العملية فى موعدها، واستطرد المدعى قائلا أنه على الرغم من ذلك وعلى أن شكوى قدمت ضده وتم تحقيقها قام المدعى عليه الثالث (الطاعن) بخصم مبلغ 3960 جنيها من مستحقاته بمقولة أن هذا المبلغ هو فرق الأسمنت العادى للكميات التى استخدمت فى صب الخرسانة العادية، ولما اعترض المدعى على هذا الاجراء شكلت لجنة لبحث اعتراضه انتهت إلى وجود بعض كميات الأسمنت العادى التى صرفت إلى المدعى بموقع العمل وبعدم وجود مخالفات فى التنفيذ اذ أن الأسمنت المخلوط مسموح باستخدامه فى صب الخرسانة العادية حسب المواصفات الفنية لوزارة الاسكان والتعمير فضلا عن وجود أسمنت عادى بمخازن مجلس مدينة أشمون ووجود أذون للمدعى لم يتم صرفها رغم سداد ثمنها. وبعرض الأمر على ادارة الفتوى لرئاسة الجمهورية والمحافظات رقم 84/83/84 بتاريخ 22/12/1983 عدم جواز تحميل المدعى بالمبلغ موضوع المطالبة تأسيسا على نفى حدوث اثراء بغير سبب على حساب الإدارة، الا أن الإدارة أصرت على موقفها مما حدا بالمدعى إلى اقامة دعواه.
وبجلسة 12/11/1984 حكمت المحكمة الجزئية بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وباحالتها بحالتها إلى مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى وتمت الإحالة حيث قيدت الدعوى امام محكمة القضاء الادارى برقم 2685 لسنة 39ق.
وبجلسة 18/1/1987 قضت محكمة القضاء الادارى (دائرة العقود الإدارية والتعويضات)

أولا: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة لكل من المدعى عليهما الأول والثانى.

ثانيا: بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه الثالث بصفته بأن يؤدى إلى المدعى مبلغ 4460 جنيها والمصروفات، وأقامت قضائها على أن موقف الجهة الإدارية المدعى عليها تجاه المدعى قد بنى على التسليم بواقعه قيامه ببيع كمية الأسمنت العادى التى حصل على ترخيص بشرائها من السوق بالاسعار الحرة ولم يقم باستخدام الأسمنت فى العملية المسندة اليه بينما شكك تقرير اللجنة التى قامت بفحص الموضوع بناء على تظلمه فى صحة تلك الواقعة بما ثبت لها من وجود كمية من الأسمنت العادى بالموقع فضلا عن الكمية الأخرى التى دفع قيمتها ولم يتسلمها بعد بالاضافة إلى ما جاء بتقريرها من أن قيام المقاول باستخدام الأسمنت المخلوط بدلا من الأسمنت العادى لا يشكل ثمة مخالفة للمواصفات كما أن الكمية التى صرح له بها من الأسمنت العادى تعتبر جزءا من الكميات الكلية المقررة لاتمام العمل وانتهت اللجنة إلى عدم أحقية الجهة الإدارية فى اجراء الخصم من مستحقات المدعى قبلها، وأضافت المحكمة أن الأوراق خلت مما يفيد اخلال المدعى بالتزاماته التعاقدية أو مخالفة للمواصفات الفنية أو افتقار ذمة الإدارة فى مقابل اثرائه على حسابها بغير سبب كما أن المدعى لم ينتظر صرف كميات الأسمنت المصرح له بها والتى تأخر صرفها، وقام بتوفير الكميات اللازمة بوسائله الخاصة فلا تثريب عليه أن فعل ذلك. ومن ثم فان قيام الجهة الإدارية بخصم المبلغ المطالب به من مستحقاته لديها لا يحدث الا من الواقع أو القانون ويكون قرارها فى هذا الشان معدوما لانعدام سببه وهو ما يتعين معه اجابة المدعى إلى طلبه بإلزام الجهة الإدارية بأداء هذا المبلغ اليه.
ومن حيث ان الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله ذلك ان مناط خصم المبلغ المحكوم به من مستحقات المطعون ضده هو اثراؤه على حساب الإدارة بغير سبب على أساس أن الثابت من الأوراق أن المقاول قام بصرف كمية من الأسمنت العادى مقدارها 120 طنا على خلاف العادة تنفيذا للعملية ثم تصرف فيها من السوق الحرة واستخدم بدلا منها الأسمنت المخلوط حيث يبلغ ثمن طن الأسمنت العادى الحر غير المدعم 69 جنيها وبذلك يكون قد استفاد من فرق السعر بمبلغ 3960 جنيها هو المخصوم منه كما يقوم الطعن على أن الحكم المطعون فيه قد شابه فساد فى الاستدلال حين أشار إلى افتقار ذمة المطعون ضده بما أنفقه مقابل الأسمنت الذى استخدمه اذ أن هذا الافتقار لم يرد فى صحيفة الدعوى ولم يشر المطعون ضده إلى قيمته مما يتعين معه إلغاء الحكم المطعون فيه.
ومن حيث أن المطعون ضده دفع باعتبار الطعن كأن لم يكن تأسيسا على أن الجهة الطاعنة لم تعلنه بصحيفة الطعن الا بعد مضى أكثر من تسعين يوما من تاريخ ايداع هذه الصحيفة وكان هذا راجعا إلى فعل الطاعن وخطئه اذ لم تتضمن عريضة الطعن عنوان المطعون ضده وهو ما يجيز للمحكمة بناء على طلب المدعى عليه (المطعون ضده) الحكم باعتبار الطعن كأن لم يكن أعمالا لحكم المادة 70 من قانون المرافعات المدنية والتجارية التى نصت على أنه:"يجوز بناء على طلب المدعى عليه اعتبار الدعوى كأن لم تكن اذا لم يتم تكليف المدعى عليه بالحضور فى خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديمه الصحيفة إلى قلم الكتاب وكان ذلك راجعا إلى فعل المدعى.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن ثمة استقلال بين ايداع صحيفة الطعن سكرتارية المحكمة والذى تنعقد الخصومة الإدارية به وبين اعلان ذوى الشأن بهذه الصحيفة، ومن ثم فلا وجه للتمسك بحكم المادة 70 من قانون المرافعات فى هذا الصدد واذا كانت المادة 44 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 قد أوجبت أن يتضمن تقرير الطعن الذى يودع قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا  ضمن بياناته- بيانا بموطن الخصوم الا أن اغفال هذا البيان وذكره مخالفا للحقيقة ليس من شأنه أن يبطل الطعن طالما تم تدارك الأمر.
وأعلن المطعون ضده ومكن من ابداء أوجه دفاعه كاملة فى الطعن مما يجعل الدفع ببطلان الطعن للخطأ فى بيان موطن المطعون ضده فى غير محله حريا بالالتفات عنه.
ومن حيث انه بالنسبة إلى موضوع الطعن فان الثابت من أوراق الطعن أن الجهة الإدارية الطاعنة استندت فى قيامها بخصم مبلغ 3960 جنيها من مستحقات المطعون ضده عن أعمال عقد انشاء المدرسة الثانوية بناحية البرانية مركز أشمون إلى قاعدة الاثراء بلا سبب بمقولة أن المطعون ضده قد تسلم كمية قدرها 120 طنا من الأسمنت العادى بسعر مدعم مقداره 36 جنيها للطن على ذمة اتمام العملية موضوع العقد الادارى الا اذا لم يستعملها فيها وقام ببيعها فى السوق الحرة بسعر بلغ 69 جنيها للطن واستعمل بلا منها كمية من الأسمنت المخلوط الذى قام بشرائه على حسابه الخاص ولم تعين الجهة الإدارية سببا آخر لهذا الخصم يتعلق بعدم تنفيذ العقد المبرم بينها وبين المطعون ضده.
ومن حيث أن المادة 179 من القانون المدنى تنص على أن "كل شخص ولو غير مميز يثرى دون سبب مشروع على حساب شخص آخر يلزم فى حدود ما أثرى به بتعويض هذا الشخص عما لحقه من خسارة".
ومؤدى هذا النص لكى يكون ثمة اثراء بلا سبب ينشأ عنه إلزام المثرى بتعويض الدائن عما لحقه من خسارة لابد من توافر أربعة اركان:

الأول: إثراء المدين

الثانى: افتقار الدائن.

الثالث: علاقة السببية بين الاثراء والافتقار.

الرابع: انعدام السبب القانونى للاثراء.

فاذا فقدت هذه الأركان كلها أو احدها لم يكن ثمة اثراء بالمعنى الذى قصد المشرع فى المادة 179 من القانون المدنى.
ومن حيث أن الثابت من الوقائع والأوراق أن صرف كميات الأسمنت العادى من قبل المطعون ضده من الجهة الإدارية المتعاقدة كان بسبب عقد المقاولة المبرم بين الطرفين لاتمام عملية انشاء المدرسة الثانوية المشار اليها، واذ كان المطعون ضده قد قام باستعمال كميات من الأسمنت المخلوط وهو ما يتفق والمواصفات الفنية فان ذلك كان بسبب تأخير تسليم كميات الأسمنت العادى له فى الوقت المناسب كى يوفى بالتزامه من اتمام العملية فى الموعد المحدد له بالعقد وقد تكبد المقاول (المطعون ضده) ثمن كمية الأسمنت المخلوط التى اشتراها على حسابه، وبذلك يتبين أن ما حصل عليه المطعون ضده من كميات الأسمنت العادى التى قام ببيعها بعد ذلك لعدم حاجته اليها كان بسبب مشروع هو أحكام العقد المبرم بين الطرفين وبذلك فلم يكن ثمة اثراء بين منه بغير سبب مشروع كما انه لم يكن هذا الاثراء كاملا بسبب تحمل المطعون ضده فروق الحصول على كمية الأسمنت المخلوط على حسابه الخاص فضلا عن عدم وجود افتقار واضح من قبل الجهة الإدارية بسبب تصرف المقاول فيما تبقى لديه من كمية الأسمنت العادى الذى حصل عليه من الإدارة، واذ تداعيت على هذا النحو أكثر أو كان الاثراء بلا سبب فقد تداعى بدوره سبب خصم المبالغ التى قامت الإدارة بخصمها من مستحقات المطعون ضده وليس ثمة شك فى أن خصم هذه المبالغ وحجبها عن المقاول دون استحقاقها حتى تاريخ صدور الحكم المطعون فيه قد سبب له ضررا مما حدا بالحكم المطعون بجبر هذا الضرر بالحكم له بتعويض مقداره 500 جنيها، وتخلص المحكمة من ذلك إلى أن الحكم المطعون فيه وقد قضى بإلزام الإدارة (الطاعنة) برد المبالغ التى قامت بخصمها من مستحقات المطعون ضده بغير حق وتعويضه عن ذلك فقد اصاب الحق ويكون الطعن على هذا الحكم قد جاء على غير سند من الواقع أو القانون جديرا بالرفض.

 فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا والزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.

 

 

المصدر: مجلس الدوله ـ المحكمة الادارية العليا

ساحة النقاش

أحمد محمد أحمد محمد عبد الله

ahmedel3arashiy
مهنة المحاماة مرتبطة إرتباطا لصيقا بنصرة الحق والدفاع عن المظلوم وإرساء دولة القانون والمؤسسات، كما تعد هذه المهنة معقلا للدفاع عن الحرية وعن إستقلال القضاء ، وحق الدفاع حق مقدس من الحقوق الأساسية للإنسان يقاس به مستوى الديموقراطية في المجتمع ، ومن هذا المنطلق لم تكن مهنة المحاماة في »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

738,098