دكتور/ أحمد أبوزيد

الصحة النفسية والتربية الخاصة

مـقـدمـة الكتاب الحالي

 

تم في هذا الكتاب "المرجع الإكلينيكي في العلاجات النفسية التقليدية والمعاصرة (النظرية والممارسة) الجزء الثاني"، مناقشة وعرض سبعة مداخل علاجية من خلال سبعة فصول، هي: الفصل الأول: العلاج السلوكي، الفصل الثاني: العلاج متعدد النماذج (لازاروس)، الفصل الثالث: العلاج المعرفي "بيك"، الفصل الرابع: العلاج المعرفي السلوكي، الفصل الخامس: العلاج بالمخططات، الفصل السادس: التعديل السلوكي المعرفي، الفصل السابع: العلاج العقلاني الانفعالي السلوكي.

فقد ظهر العلاج السلوكي من علم النفس التجريبي لجون واتسون، فكان واتسون على اتصال بعمل إيفان بافلوف، وعلى الرغم من أنه كان يرى في البداية أن نتائج بافلوف كانت فسيولوجية أكثر منها نفسية، فقد استخدم ظروفًا تجريبية مماثلة في عمله في الولايات المتحدة الأمريكية. ويمثل العلاج السلوكي الموجة الأولى في العلاج النفسي، ويعتمد على ما انتجته نظريات الإشراط الكلاسيكي والإجرائي، ويمثل هذا المدخل بناء أساسي تم الاعتماد عليه فيما بعد في تطوير ما تبعه من تدخلات علاجية، وحقق ومازال هذا المدخل فاعلية وجدوى كبيرة سواء في البيئات الإكلينيكية أو التربوية أو المجتمعية.

وقدم Lazarus العلاج متعدد النماذج من سلسلة من دراسات المتابعة، ويؤكد النهج المتعدد النماذج على سبع طرائق تفاعلية، وبالإضافة إلى تقييم الوجدان والسلوك والمعرفة يؤكد على الحاجة إلى فحص الاستجابات الحسية والصور الذهنية والعوامل الشخصية والاعتبارات البيولوجية، وبالتالي الحصول على منظور من سبع نقاط يمكن العمل من خلالها باستخدام المعرف BASIC ID (مأخوذ من الحروف الأولية للطرائق التفاعلية السابقة: السلوك، والوجدان، والإحساس، والتخيل، والمعرفة، والعلاقات الشخصية، والأدوية والعوامل البيولوجية)، ويفحص العلاج متعدد النماذج التأثير المنفصل والتفاعلي لهذه الأبعاد السبعة، ويستخدم أساليب وتقنيات مدعومة تجريبيًا، كما أنه ليس شكلاً من أشكال العلاج بالتحدث الذي يتم بالكامل داخل حدود المكتب.

ويعتبر العلاج المعرفي (بيك وزملائه) نظام للعلاج النفسي ذو بنية تحتية نظرية قوية، وقد تلقى دعمًا تجريبيًا واسع النطاق، ومجموعة كبيرة من الأبحاث تشهد على فعاليته في مجموعة واسعة من المشكلات النفسية والطبية، ويُطلق عليه غالبًا مصطلح العلاج السلوكي المعرفي، وهو فعال في تقليل الأعراض ومعدلات الانتكاس، مع أو بدون دواء، في مجموعة واسعة من الاضطرابات النفسية.

ويمثل النموذج المعرفي العام مجموعة من المبادئ المشتركة التي يمكن تطبيقها عبر مجموعة من الاضطرابات النفسية. ويوفر النموذج النظري المحدث إطارًا لمعالجة الأسئلة المهمة المتعلقة بظواهر الاضطرابات التي لم يتم شرحها في التكرارات السابقة للنموذج الأصلي، وتشمل الإضافات الجديدة للنظرية استمرارية الوظيفة التكيفية واللاتكيفية، ومعالجة المعلومات المزدوجة، وتنشيط المخططات، والتركيز على الانتباه. ويتضمن النموذج نظرية الأوضاع، وتنظيم المخططات ذات الصلة بالتوقعات، والتقييمات الذاتية، والقواعد، والذكريات.

ويجمع العلاج السلوكي المعرفي بين المبادئ والأساليب المعرفية والسلوكية في نهج علاجي قصير المدى، وقد ظهر كمدخل تجريبي أكثر من أي نموذج علاج نفسي آخر، وقد تم النظر إلى هذا المدخل في البداية ليشمل العلاج المعرفي (بيك وزملائه) والعلاج التخطيطي (يونج)، والعلاج العقلاني الانفعالي السلوكي (إليس)، ومؤخر تم اعتباره مظلة كبيرة تشمل العديد من المداخل العلاجية التي تشترك وتتوافق معه في الأسس العامة والافتراضات الرئيسة، مثل علاجات الموجة الثالثة من العلاج النفسي، والتي قد يطلق عليها البعض الموجة الثالثة من العلاج المعرفي السلوكي.

وأصبح العلاج بالمخطط والذي اقترحه "يونج" نموذجًا نفسيًا شائعًا بشكل متزايد للعمل مع الأفراد الذين يعانون من مجموعة متنوعة من صعوبات الصحة العقلية والشخصية، وتم تطوير نظرية المخطط للمرضى الذين يعانون من مشكلات نفسية مزمنة، والذين يفشلون في تحقيق مكاسب كبيرة في العلاج المعرفي، وعلى الرغم من أن النظرية تم تطبيقها في أغلب الأحيان على اضطرابات الشخصية، إلا أنه تم التوسع في البحث فيه وثبت أنه فعال في معالجة عدد كبير من المشكلات والاضطرابات النفسية، وتم الاعتماد عليه في معالجة مشكلات مجتمعية كبيرة.

ويعتبر مدخل التعديل السلوكي المعرفي بديل رئيس للعلاج السلوكي الانفعالي العقلاني، والذي قدمه دونالد ميشينباوم، ويعتبر التعديل السلوكي المعرفي هو نهج للعلاج السلوكي المعرفي الذي يركز على تغيير الحديث الذاتي السلبي إلى الحديث الذاتي الإيجابي، ومن خلال تحويل الحديث الذاتي السلبي للشخص إلى حديث ذاتي إيجابي تتغير سلوكياته نحو الأفضل ويحقق الهدف المقصود.

وترى نظرية العلاج العقلاني الانفعالي السلوكي أن الاضطرابات البشرية معقدة بسبب العوامل البيولوجية والبيئية التي تؤدي إلى تفاقم المعتقدات اللاعقلانية، ويعتمد العلاج العقلاني الانفعالي السلوكي على وجهة النظر القائلة بأن التفكير والشعور والسلوك هي عمليات متكاملة وشاملة، وتعالج التقنيات المعرفية والانفعالية والسلوكية للعلاج السلوكي الانفعالي العقلاني هذه العمليات وتوفر أيضًا للمعالجين طرقًا للتغلب على مقاومة العميل.

وتم في هذا الكتاب تقديم إطار مختصر متكامل لكل مدخل علاجي من هذه المدخل تم الاعتماد بشكل رئيس على التعريف بالتدخل العلاجي، وتاريخه، ومفاهيمه النظرية، وتطبيقاته العملية والتي شملت العلاقة العلاجية وعملية العلاج وبعض من تقنياته/ فنياته في إطار نظري وعملي، وكفاءته وفاعليته، وبعض أمثلة الحالة، والذي يُمكّن الباحث والمارس من الفهم والتطبيق العملي في البيئات البحثية والإكلينيكية.

ونتمنى أن يكون في الكتاب الحالي بعض النفع، وقد اجتهدنا فيه ما استطعنا، فإن وفقنا فمن الله، وإن قصرنا فمن أنفسنا ومن الشيطان.

والحمد لله رب العالمين

                                                                                                  المؤلف

القاهرة في: 1 / 6 / 2024

المصدر: أبوزيد، أحمد محمد (2024). المرجع الإكلينيكي في العلاجات النفسية التقليدية والمعاصرة (النظرية والممارسة) الجزء الثاني. القاهرة. يطلب من المؤلف على الرقم 01150140900 أو مكتبة الأنجلو بالقاهرة

ساحة النقاش

ahmed abouzaid

ahmedabouzaid
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

72,580