الأزمات الطارئة فى السوق المحلية
أ.د. أمين اسماعيل عبده
أستاذ الاقتصاد الزراعى - المركز القومى للبحوث
تعريف الأزمة الطارئة وتمييزها عن الأزمة المستديمة:
الأزمة الطارئة هى تلك التى تلم بأمر ما نتيجة عوامل وآثار مؤقتة ، ومن ثم يتم علاج تلك الأزمة بالتعامل مع مسبباتها فتزول ، ولو الى حين. أما الأزمة المستديمة فهى نتاج عوامل ثابتة ومستقرة على حالها لم يتم التعامل معها بشكل جذرى ، فتبقى الأزمة قائمة ومستمرة. فعلى سبيل المثال، ان اختفاء سلعة ما من السوق أو هبوط حاد فى مستوى عرضها يمثل غالبا أزمة طارئة طالما أمكن اعادة مستوى عرضها فى السوق الى الزيادة ، ومن ثم حل المشكلة. أما اذا لم يتم التعامل مع المشكلة بفعالية فقد تتحول الأزمة الى صورة مستديمة. ومن أمثلة الأزمات المستديمة فى السوق، ارتفاع نسب الفاقد فى تداول السلع، والارتفاع المستمر فى أسعار الجملة والتجزئة، وانخفاض الكفاءة التسويقية بشكل عام لكثير من السلع، وتدنى مستوى الجودة لكثير من السلع الزراعية والصناعية، وسيطرة الاحتكار فى تسويق بعض السلع الاستراتيجية.
أمثلة للأزمات الطارئة فى السوق المصرى:
•نقص الأسمدة الفوسفاتية بسبب التوسع فى التصدير
•انخفاض انتاج الخبز المدعم سعره نتيجة ارتفاع مفاجىء فى الأسعار العالمية و سعر الصرف المحدد للعملات الأجنبية.
•رتفاع حاد ومفاجىء فى سعر السكر استجابة لارتفاع الأسعار العالمية
•ارتفاع مفاجىء فى أسعار الوقود ومايستتبعه من ارتفاع تكاليف كل من الخدمات وانتاج السلع.
•الأزمة المالية العالمية التى بدأت عام 2008 وتداعياتها
وجديرا بالذكر، أن بعض الأزمات الطارئة تنشأ- بصورة مباشرة- نتيجة قرلرات رسمية اشتملت على تغييرات حادة دون تدريج، مواجهة لمشكلات معينة. وذاك مثل مضاعفة سعر الصرف للعملات الأجنبية فى 2003، وزيادة سعر الوقود فى 2007 بنسب ما بين 50-75% ، أو بشكل عام، ما تتخذه الحكومة من فترة الى أخرى من رفع أسعار السلع المحددة السعر.
أساليب الوقاية من الأزمات الطارئة:
•اجراء الدراسات المتعلقة بالتوقعات المستقبلية للأسعار
•عمل صناديق موازنة للأسعار.
•الحفاظ على حد أدنى مناسب للمخزون من السلع الأساسية.
•المراقبة المستمرة لحركة الأسعار وحجم التداول من السلع فى الأسواق.
•اتخاذ الاجراءات المشجعة للقطاع الخاص المنتج للسلع الأساسية كى يعطى الأولوية للسوق المحلى على التصدير حتى يتم استيفاء الإحتياجات المحلية.
•مراقبة السلوك الاحتكارى وضبطه وتجريم الاخفاء المتعمد للسلع بغية رفع الأسعار.
أساليب علاج الأزمات الطارئة الواقعة:
•سرعة توفير السلعة التى تتعرض لهبوط مفاجىء فى عرضها فى السوق.
•ايقاف مؤقت لمنح تراخيص التصدير للسلع الضرورية التى يشح عرضها فى السوق المحلى، والى حبن تعود الأسعار المحلية الى مستواها السابق.
•المواجهة الفورية لأى سلوك احتكارى يعمل على سحب السلعة من السوق وتخزينها بغية المضاربة على أسعارها.
•توفير الوسائل التسويقية البديلة متى تقاعست الوسائل القائمة، خاصة فى ظل الاضرابات العمالية وما شابه ذلك.
واختلافا عن أسايب الوقاية المسبقة، فان بعض أساليب العلاج للأزمة الطارئة القائمة يجب أن تتسم بالصفة المؤقتة، بخيث لا يستمر الأخذ بها متى تم علاج الأزمة ، والا كان لها آثارا سلبية. ومثال ذلك رفع رسوم التصدير أو الضرائب المقررة على الصادرات بهدف توفير الاحتياجات المحلية. ذلك أن استمرارها قد يعمل على الاضرار بالقدرة التنافسية للسلعة فى الأسواق الخارجية ، فتخسر بذلك امكانات التصدير. والحق أن بعض الحكومات لاتلتزم غالبا بهذا الأمر، حيث متى زيدت الرسوم لاترتد أبدا الى الانخفاض بعد تمام انتهاء الأزمة. وذلك استهدافا من الحكومة لتنمية مواردها ومواجهة الأعباء المالية .
الدور الحكومى فى اتقاء الأزمات الطارئة وعلاجها:
ان الدور الأساسى فى اتقاء الأزمات أو علاجها يقع على عاتق الحكومات. فالقطاع الخاص المنتج لسلعة معينة قد يعمل على الحفاظ على مخزون من المواد الخام التى يستخدمها فى انتاجه تحسبا لارتفاع أسعارها مستقبلا، خاصة اذا ماكانت تلك الخامات مستوردة. ومع ذلك ، فكلما زادت ضرورة السلعة كلما اتجه القطاع الخاص الى ابقاء ندرتها فى السوق بغية رفع الأسعار. وهذا من أهم ما ينتقد به النظام الرأسمالى الحر، وماهو بلاشك فى غير مصلحة المستهلك، خاصة المحدود الدخل . وعلى ذلك، فالحكومة وهى المسئولة عن رفاهية المجتمع وتلبية احتياجاته عليها أن تتولى مواجهة الأزمات السوقية ، خاصة فى مجتمعات الدول النامية .ويزيد على ذلك حقيقة أن الخكومات – خاصة فى الدول النامية- هى الأقدر بامكانياتها وصلاحياتها على مواجهة تلك الأزمات.
أما الجهات الأخرى، خاصة الجمعيات الأهلية والجهات البحثية العامة أو الخاصة، فدورها الأساسى والذى يتمشى مع قدراتها وصلاحياتها يتمثل فى مراقبة السوق ودراسة أحواله والتوقعات المستقبلية للأسعار وحجوم التداول من السلع وتقلباتها، كما تقوم بلفت انتباه الجهات الحكومية المسئولة عن بوادر حدوث الأزمة وتطورها ومراقبة وتقييم فعالية الاجراءات المتخذة للوقاية أو العلاج.