أثر تعويم الجنيه ورفع أسعار الطاقة على الغذاء فى مصر
أ.د. خيرى حامد العشماوى أ.د. ليلى مصطفى الشريف
قسم الاقتصاد الزراعى - المركز القومى للبحوث
تعتبر قضية توفير الغذاء من أهم القضايا التى تشغل المهتمين بوضع وتنفيذ السياسات الاقتصادية فى معظم دول العالم خاصة فى ظل المتغيرات العالمية الراهنة واتساع قاعدة السوق .
وتعتبر مشكلة الغذاء هى التحدى الأكبر للمجتمع المصرى نظرا لأنه لم يعد توزيع الغذاء فى التجارة الدولية يتم طبقآ لإعتبارات اقتصادية أو ينساب الى الدول الأكثر حاجة اليه وإنما ينساب بناءآ على الاعتبارات السياسية. ومن ثم يقع العاجزون عن إنتاج الغذاء لأنفسهم بالقدر الكافى فى دائرتى التبعية الاقتصادية والسياسية ، وهذا يتفق مع الشعار القائل " من لا يملك قوته لا يملك حريته " . الأمر الذى يشير الى ضرورة العمل على تحقيق تنمية زراعية تؤمن حد أدنى من الأكتفاء الذاتى من السلع الغذائية الأساسية وتقليل الواردات ، وذلك من خلال الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة.
وقد ظهرت الفجوة الغذائية المصرية وتطورت بفعل مجموعات متداخلة من الاعتبارات الفنية والاقتصادية والسياسية . تتمثل تلك الاعتبارات فيما يلى : مجموعة العوامل الفنية المرتبطة بالاختلافات الهيكلية القائمة بين الموارد الاقتصادية والنمو السكانى ، ومجموعة العوامل المرتبطة بالنظام الاقتصادى العالمى ، ومجموعة العوامل المرتبطة بفشل السياسات الاقتصادية فى تخصيص الموارد وخاصة داخل القطاع الزراعى .
وتهتم الدراسة بإلقاء الضوء على المشكلات والتداعيات الناجمة عن قرارات رئيس مجلس الوزراء الخاصة بتعويم الجنيه المصرى ورفع أسعار الطاقة والصادرة فى 3، 4 نوفمبر 2016. نظرآ لتأثيرها على تكاليف مستلزمات الإنتاج والعمليات الزراعية ومن ثم على جملة ما يتحمله المزارع من تكاليف فى العملية الإنتاجية، الأمر الذى ينعكس على قراراته الإنتاجية من ناحية، كما ينعكس تأثيرها على أسعار الغذاء ومن ثم على ما يتحمله المستهلك من أعباء مالية فى ظل ثبات ومحدودية الدخل الفردى من ناحية أخرى.
وقد تم إجراء أستطلاع رأى مجموعة من الزراع بمحافظة الدقهلية لمعرفة أثر تعويم الجنيه المصرى ورفع أسعار الطاقة على تكاليف الإنتاج الزراعى ، ومجموعة أخرى من المستهلكين بمحافظة القاهرة للتعرف على تأثير تعويم الجنيه المصرى ورفع أسعار الطاقة على أسعار السلع الغذائية، وذلك خلال الأسبوع الماضى. وبتحليل البيانات الخاصة بأستطلاع الرأى قد تم التوصل إلى بعض المؤشرات الأولية أهمها:
أ- أثر تعويم الجنيه ورفع أسعار الطاقة على بعض العمليات ومستلزمات الإنتاج الزراعى
1- بالنسبة للعمل الآلى فقد تراوحت الزيادة فى أسعار العمليات الخاصة بالحرث والتزحيف والتسوية والتخطيط ما بين حد أعلى يقدر بنحو67% وحد أدنى يقدر بنحو33%.
2- وبالنسبة للعمل البشرى فقد تراوحت الزيادة فى الأجور ما بين 87.5 كحد أعلى للمرأة ونحو 60% كحد أدنى للولد.
3- وبالنسبة لتكاليف عملية الرى تراوحت نسب الزيادة بين حد أعلى يقدر بنحو 133% فى حالة الرى بأستخدام الكهرباء كمصدر للطاقة وحد أدنى يقدر بنحو 37.5% فى حالة الرى الجرار الزراعى.
ومن ثم يتبين أن تكاليف إنتاج كافة المحاصيل الزراعية سوف تزيد بنسبة كبيرة خلال الموسم الحالى، الأمر الذى يؤدى إلى زيادة فى أسعار تلك المحاصيل.
ب- أثر تعويم الجنيه ورفع أسعار الطاقة على أسعار بعض السلع الغذائية
1- قدرت نسبة الزيادة فى السعر المزرعى للأرز( الأبيض) بنحو 45% بينما قدرت فى محصول البصل بنحو 43%. بينما قدرت تلك الزيادة بنحو 42%، 23%، 40% لكل من محاصيل الطماطم والبسلة والكوسة.
2- قدرت نسبة الزيادة فى أسعار المستهلك لمحاصيل الأرز والبصل بنحو 108%، 80%على الترتيب. بينما قدرت نسبة الزيادة بنحو 55%، 44%، 78% لكل من الطماطم والبسلة والكوسة.
3- يلاحظ من النتائج السابقة إرتفاع نسب الزيادة فى سعر المستهلك عن نظيره للسعر المزرعى لكافة المحاصيل الدراسية ، وقد أنعكس ذلك فى إنخفاض نصيب المنتج من سعر المستهلك خلال الفترة (نوفمبر-يناير) عن نظيرتها (أغسطس-أكتوبر).
4- قدرت نسب الزيادة فى سعر المستهلك لكل من سلع السكر وزيت الطعام والعدس بنحو 178%،109%،129% على الترتيب. بينما قدرت تلك الزيادة للحوم الحمراء والبيضاء والبيض بنحو 60%، 65%، 89% على الترتيب
5- تراوحت نسب الزيادة فى سعر المستهلك لمجموعة الألبان ما بين حد أعلى يقدر بنحو 89% للبن الطازج، وحد أدنى يقدر بنحو 51% للجبنة البيضاء.
وتشير النتائج الأولية التى تم التوصل إليها إلى أن قرارات تعويم الجنيه المصرى ورفع أسعار الطاقة قد أدى إلى زيادة تكاليف إنتاج المحاصيل الزراعية ، الأمر الذى يقلل من ربحية المنتجين الزراعيين وكذلك زيادة أسعار السلع الغذائية وبما يضاعف من الأعباء المالية التى يتحملها المستهلك فى ظل معاناته اليومية فى توفير أحتياجاته المعيشية. ولذا فإنه يجب التوسع فى إنشاء منافذ بيع يتم من خلالها بيع السلع الغذائية على أن يتم التوريد من المنتجين مباشرة، وكذلك لآبد من تطبيق التكنولوجيات الحديثة لزيادة الإنتاجية الفدانية للمحاصيل الزراعية، مع التوسع فى عمليات التصنيع الزراعى وخاصة الغذائى .