عادل عبد القادر

نشرالاهتمام باللغة العربية وتبسيط النحو وتبني المواهب

أحداث الفصل

س1: ما أحب أطوار الصبي إليه

وكان هذا الطور أحب أطوار حياته تلك إليه وآثرها عنده كان أحب إليه من طوره ذاك في غرفته التي كان يشعر فيها بالغربة شعورا قاسيا، لأنه لا يعرفها ولا يعرف مما اشتملته من الأثاث والمتاع إلا أقله وأدناه إليه،

س2: قارن بين غرفته في القاهرة وغرفته في بيته الريفي

فهو لا يعيش فيها كما كان يعيش في بيته الريفي وفي غرفاته وحجراته تلك التي لم يكن يجهل منها ومما احتوت عليه شيئا، وضيقا حتى بذلك الهواء الثقيل الذي كان يتنفسه فلا يجد فيه راحة ولا حياة، وإنما كان يجد فيه ألما وثقلا 0

س3: لماذا كان الطور الثاني مؤلما

وكان أحب إليه من طوره الثاني في طريقه تلك بين البيت والأزهر، فقد كان في ذلك الطور مشردا مفرق النفس مضطرب الخطى ممتلئ القلب بهذه الحيرة المضلة الباهظة التي تفسد على المرء أمره وتجعله يتقدم أمامه لا على غير هدى في طريقه المادية وحدها- فقد كان ذلك محتوما عليه- بل على غير هدى في طريقه المعنوية أيضا، فقد كان مصروفا عن نفسه بما يرتفع حوله من الأصوات وما يضطرب حوله من الحركات0

س4: علل كان الصبي مستخذيا في نفسه

 وقد كان مستخذيا في نفسه من اضطراب خطاه وعجزه من أن يلائم بين مشيته الضالة الحائرة الهادئة ومشية صاحبه المهتدية العازمة العنيفة0

س: لماذا كان الطور الثالث أحب إليه

فأما في طوره الثالث هذا فقد كان يجد راحة وأمنا وطمأنينة واستقرارا0 كان هذا النسيم الذي يترقرق في صحن الأزهر حين تصلي الفجر يتلقى وجهه بالتحية فيملأ قلبه أمنا وأملا0 وما كان يشبه وقع هذا النسيم على جبهته التي تندى بالعرق من سرعة ما سعى إلا بتلك القبلات التي كانت أمه تضعها على جبهته بين حين وحين في أثناء إقامته في الريف

س5: لم كانت الأم تقبله

1- حين يقرئها آيات من القرآن أو يمتعها بقصة مما قرأ في الكتب أثناء عبثه في الكتاب،

2- أو حين كان يخرج ضعيفا شاحبا من خلوته تلك التي كان يتوسل فيها إلى الله بعدية يس ليقضي هذه الحاجة أو تلك من حاجات الأسرة0

س6: ما اثر تلك القبلات وذلك النسيم عليه

كانت تلك القبلات تنعش قلبه وتشيع في نفسه أمنا وأملا وحنانا، وكان ذلك النسيم الذي كان يتلقاه في صحن الأزهر يشيع في نفسه هذا كله ويرده إلى الراحة بعد التعب ،وإلى الهدوء بعد الاضطراب ، وإلى الابتسام بعد العبوس ومع ذلك فلم يكن يعلم من أمر الأزهر شيئا، ولم يكن يعرف مما يحتويه الأزهر شيئا

س7: ما الذي كان يكفيه في الأزهر وما أثره

وإنما كان يكفيه أن تمس قدميه الحافتين أرض هذا الصحن ،

وإن يمس وجهه نسيم هذا الصحن ،

وأن يحس الأزهر من حوله نائما يريد أن يستيقظ ، وهادئا يريد أن ينشط ليعود إلى نفسه أو لتعود إليه نفسه0

 وإذا هو يشعر أنه في وطنه وبين أهله لا يحس غربة ولا يجد ألما، وإنما هي نفسه تتفتح من جميع أنحائها، وقلبه يتشوق من جميع أقطاره ليتلقة000 ليتلقى ماذا؟ ليتلقى شيئا لم يكن يعرفه،

ولكنه كان يحبه ويدفع إليه، طالما سمع اسمه وأراد أن يعرف ما وراء هذا الاسم، وهو العلم0

وكان يشعر شعورا غامضا ولكنه قوي بأن هذا لا حد له، وبأن الناس قد ينفقون حياتهم كلها ولا يبلغون منه إلا أيسره 0 وكان يريد أن ينفق حياته كلها وأن يبلغ من هذا العلم أكثر ما يستطيع أن يبلغ مهما يكن في نفسه يسيرا وكان قد سمع من أبيه الشيخ ومن أصحابه الذين كانوا يجالسونه من أهل العلم أن العلم بحر لا ساحل له فلم يأخذ هذا الكلام على أنه تشبيه أو تجوز وإنما أخذه على أنه الحق كل الحق 0

س8: استدل على مدى حب الصبي للعلم

وأقبل إلى القاهرة وإلى الأزهر يريد أن يلقي نفسه في البحر فيشرب منه ما شاء الله له أن يشرب ثم يموت فيه غرقا وأي موت أحب إلى الرجل النبيل من هذا الموت الذي يأتيه من العلم ويأتيه وهو غرق في العلم!

س9: كانت خواطره عن الأزهر تنسيه كل الآلام بين ذلك

كانت هذه الخواطر كلها تثور في نفسه الناشئة فجأة، فتملؤها وتملكها وتنسيها تلك الغرفة الموحشة وتلك الطريق المضطربة الملتوية بل تنسيها الريف ولذات الريف، وتشعرها بأنها لم تكن مخطئة ولا غالية حين كانت تتحرق شوقا إلى الأزهر وضيقا بالريف وكان الصبي يسعى أمامه مع صاحبه حتى يقطع الصحن ويصعد هذه الدرجة اليسيرة التي يبتدئ بها الأزهر نفسه، فيمتلئ قلبه خشوعا، وخضوعا، وتمتلئ نفسه إكبارا وإحلالا 0 ويخفف الخطو على هذه الحصر المبسوطة البالية التي كانت تنفرج أحيانا عما تحتها من الأرض، كأنها تريد أن تتيح لأقدام الساعين عليها شيئا من البركة بلمس هذه الأرض

س10: ما اللحظة التي حببت الأزهر إلى الصبي بشدة

وكان الصبي يحب الأزهر في هذه اللحظة حين ينفتل المصلون من صلاة الفجر وينصرفون وفي عيونهم النعاس، ليتحلقوا حول هذا العمود أو ذاك، وينتظروا هذا الأستاذ أو ذاك فيسمعوا منه درس الحديث أو درس التفسير أو درس الأصول أو درس التوحيد0

س11: صف ما يحدث في الأزهر

كان الأزهر في هذه اللحظة هادئا لا ينعقد فيه ذلك الدوى الغريب الذي كان يملؤه منذ أحاديث يتهامس بها أصحابها،

<!--وربما سمعت فتى يتلوا القرآن في صوت هادئ معتدل،

<!--وربما مررت إلى جانب مصل لم يدرك الجماعة أو أدركها ولكنه مضى في التنفل بعد أن أدى الفريضة 0

<!-- وربما سمعت أستاذا هنا أو هناك يبدأ درسه بهذا الصوت الفاتر ، صوت الذي استيقظ من نومه فأدى صلاته ولم يطعم بعد شيئا يبعث في جسمه النشاط والقوة فهو يقول في صوت هادئ حلو منكسر بعض الشيء :" بسم الله الرحمن الرحيم 0 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 0 قال المؤلف رحمه الله تعالى ونفعا بعلمه آمين "0والطلاب يسمعون لهذا الصوت في هدوء وفتور يشبهان هدوء الشيخ وفتوره 0وما أكثر ما كان الصبي يوازن في نفسه بين أصوات الشيوخ حين ينطقون بهذه الصيغة في درس الظهر!

س12: قارن بين أصوات الفجر وأصوات الظهر في الأزهر

1- فأما أصوات الفجر فكانت فاترة حلوة فيها بقية من نوم كان في أصوات الفجر دعاء للمؤلفين يشبه الاستعطاف 0

2- وأما أصوات الظهر فكانت قوية عنيفة ممتلئة فيها شئ من كسل أيضا، وكان في أصوات الظهر هجوم على دعاء المؤلفين يوشك أن يكون عدوانا وكانت هذه الموازنة تعجب الصبي وتثير في نفسه لذة ومتاعا

س13: علل يعتري الناس في الظهيرة شيء من الكسل

 بسسب امتلاء البطون بما كانت تمتلئ به طعام الأزهريين في ذلك الوقت الذي كان الأزهريون يعيشون فيه على الفول والمخلل وما يشبه الفول والمخلل من ألوان الطعام

س14: بين كيف يجلس في الأزهر لسماع الدرس

وكان يسعى مع صاحبه حتى يرقى هاتين الدرجتين اللتين يبتدئ بهما الليوان وهناك إلى جانب عمود من هذه الأعمدة المباركة قد شد إليه كرسي بسلسلة غليظة يجلسه صاحبه ويقول له : انتظر هنا فستسمع درسا في الحديث ، فإذا فرغت من درسي فسأعود إليك 0

س15: ما الدرس الذي كان صاحبه يدرسه

وكان درس صاحبه في أصول الفقه، وكان أستاذ صاحبه الشيخ راضي رحمه الله ،وكان الكتاب الذي يدرسه الشيخ راضي كتاب التحرير للكمال بن الهمام

س16:بين وقع الألفاظ وأسماء الكتب على الصبي

1- وكان الصبي يسمع هذه الألفاظ كلها فيمتلئ لها قلبه رهبا ورغبا ومهابة وإجلالا 0 أصول الفقه، ما عسى أن يكون هذا العلم ؟ الشيخ راضي !من عسى أن سكون هذا الشيخ؟ التحرير! ما معنى هذه الكلمة؟ الكمال بن الهمام!

2- ما أعظم هذين الاسمين!حقا إن العلم بحر لا ساحل له، والخير كل الخير للرجل الذكي أن يغرق فيه 0 وكان إجلال الصبي لهذا الدرس خاصة يزداد ويعظم من يوم إلى يوم حين كان يسمع أخاه ورفاقه يطالعون الدرس قبل حضوره فيقرءون كلاما غريبا ولكنه حلو الموقع في النفس0

3- كان الصبي يسمعه فيتحرق شوقا إلى أن تتقدم به السن ستة أعوام أو سبعة ليستطيع أن يفهمه وأن يحل ألغازه ويفك رموزه، ويتصرف فيه كما كان يتصرف فيه أولئك الشبان البارعون ، ويجادل فيه أساتذته كما كان يجادل فيه أولئك الشبان البارعون ،

4- ولكنه الآن مضطر إلى أن يسمع ولا يفهم0 وما كان أكثر ما يقلب في نفسه هذه الجملة أو تلك لعله يجد وراءها شيئا فلا يظفر بطائل ، ولا يزيده ذلك إلا إكبارا للعلم ، وإجلالا للعلماء ، وإصغارا لنفسه، واستعدادا للعمل والجد!

س17: ما الجملة التي أرقت الصبي

وقد سمع جملة بعينها شهد الله أنها أرقته غير ليلة من لياليه، ونغضت عليه حياته غير يوم من أيامه، ولعلها أن تكون قد صرفته عن غير درس من دروسه اليسيرة، فقد كان يفهم دروسه الأولى في غير مشقة، وكان ذلك يغريه بالانصراف عن حديث الشيخ إلى التفكير في بعض ما سمع من أولئك الشبان النجباء0وكانت هذه الجملة التي ملأت نفسه وقلبه غريبة في حقيقة الأمر ، وقعت على أذنه وهو في أول النوم وآخر اليقظة ، فردته إلى اليقظة ليله كله، وهي" والحق هدم الهدم"0 ما معنى هذا الكلام؟

س18: ما الهدم وكيف يكون

كيف يهدم الهدم؟ وما عسى أن يكون هذا الهدم؟ وكيف يكون الهدم حقا؟ وجعلت هذه الجملة تدور في رأسه كما يدور هذيان الحمى في رأس المريض، حتى صرف عنها ذات يوم بإشكال من إشكالات الكفراوي، اقبل عليه ففهمه وجادل فيه وأحس أنه بدأ يشرب من ذلك البحر الذي لا ساحل له وهو بحر العلم0

س19:ماذا يفعل الصبي بجانب العمود وما مدى فهمه لما يلقى عليه

وكان الصبي يجلس إلى جانب ذلك العمود، يعبث بتلك السلسلة ويسمع للشيخ وهو يلقى دروسه في الحديث ،1- فيفهم عنه في وضوح وجلاء ،

2- ولا ينكر منه إلا تلك الأسماء التي كانت تساقط على الطلبة يتبع بعضها ، تسبقها كلمة" حدثنا" وتفصل بينها كلمة" عن"0

3- وكان الصبي لا يفهم معنى لهذه الأسماء ولا لتتابعها ولا لهذه " العنعنة" المملة،

س20: ما الذي كان يتمناه الصبي

وكان يتمنى أن تنقطع هذه العنعنة وأن يصل الشيخ إلى الحديث، فإذا وصل إليه سمعه الصبي ملقيا إليه نفسه كلها فحفظه وفهمه وأعرض عن تفسير الشيخ، لأنه كان يذكره ما كان يسمع في الريف من إمام المسجد ومن ذلك الشيخ الذي كان يعلمه أوليات الفقه0

س21: صف أحوال الأساتذة والطلاب في الأزهر

وبينما كان الشيخ يمضي في دروسه كان الأزهر يستيقظ شيئا فشيئا، كأنما كانت تنهه أصوات أولئك الشيوخ الذين كانوا يلقون دروسهم، وما كان يثور بينهم طلابهم من حوار يبلغ العنف أحيانا0 فهؤلاء الطلاب يقبلون، وهذه الأصوات ترتفع، وهذا الدوى ينعقد، وهؤلاء الشيوخ ترتفع أصواتهم لتبلغ آذان التلاميذ، بل هؤلاء الشيوخ يضطرون أن ينطقوا بهذه الصيغة التي تؤذن بانتهاء الدرس، وهي:" والله أعلم "،

س22: علل كثرة الأصوات والزحام في الأزهر صباحا

 لأن الطلاب قد أقبلوا ينتظرون درس الفقه من شيخ غير هذا الشيخ، أو من الشيخ نفسه، فلا بد من أن ينتهي درس الفجر ليبدأ درس الصبح

س23: بين ما يحدث للصبي في هذا الوقت

هنالك كان يقبل على الصبي صاحبه فيأخذه بيده في غير كلام ويجذبه في غير رفق، ويمضي إلى مجلس آخر فيضعه فيه كما بضع المتاع وينصرف عنه0

وقد فهم الصبي أنه قد نقل إلى درس الفقه، وأنه سيسمع هذا الدرس وسيفرغ منه، وسينصرف الشيخ ويتفرج الطلاب، ويبقى هو في مكانه لا يتحول عنه حتى يعود إليه صاحبه من سيدنا الحسين حيث

س24: لماذا كان صاحب الصبي يذهب إلى سيدنا الحسين

كان يسمع درس الفقه الذي كان يلقيه الشيخ بخيت رحمه الله وكان الشيخ بخيت يحب الإطلالة في الدرس وكان طلابه يلحون عليه في الجدال فلم يكن يقطع درسه حتى يرتفع الضحى

س25:بين متى يعود الصبي من الطور الثالث إلى الثاني ثم الأول

وهنالك يعود إلى الصبي صاحبه فيأخذه بيده في غير كلام ويجذبه في غير رفق، ويمضي به يخرجه من الأزهر وحتى يرده إلى طوره الثاني، فيقطع به الطريق بين الأزهر والبيت ثم إلى طوره الأول، فيلقيه في مكانه من الغرفة على ذلك البساط القديم الذي ألقى على حصير بال عتيق0

المصدر: كتاب الأيام
adelabdelkader

مع صدق النية لنفعكم [ عادل عبد القادر ]

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 4620 مشاهدة
نشرت فى 9 أكتوبر 2011 بواسطة adelabdelkader

ساحة النقاش

عادل عبد القادر

adelabdelkader
معلم خبير (لغة عربية ) مدرسة (إمبابة الثانوية الرسمية لغات) »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

332,176