عادل عبد القادر

نشرالاهتمام باللغة العربية وتبسيط النحو وتبني المواهب

<!--<!--((11))

 

بين أب وابنته

                    ‍‍

س1:لم تبدو الابنة ساذجة

 

إنك يا ابنتي لساذجة سليمة القلب طيبة النفس أنت في التاسعة من عمرك، في هذه السن التي يعجب فيها الأطفال بآبائهم في القول والعمل 0 ويحاولون أن يكونوا مثلهم في كل شيء ويفاخرون بهم إذا تحدثوا إلى أقرانهم أثناء اللعب، ويخيل إليهم أنهم كانوا أثناء طفولتهم كما هم الآن مثلا عليا يصلحون أن يكونوا قدوة حسنة وأسوة صالحة0

 

س2: الأب يتعب حتى يجنب أولاده ما عاناه وهو طفلا00 بين ذلك

 

أليس الأمر كما أقول ؟ أليست ترين أن أباك خير الرجال وأكرمهم ؟ ألست مقتعنه أنه كان يعيش كما تعيشين أو خيرا مما تعيشين ؟ ألست تحبين أن تعيشي الآن كما كان يعيش أبوك حين كان في الثامنة من عمره؟ ومع ذلك فإن أباك يبذل من الجهد ما يملك وما يملك، ويتكلف من المشقة ما يطيق وما لا يطيق، ليجنبك حياته حين كان صبيا0

س3: لم لم يحكي الأب لابنته عن الطور الأول من حياة والدها

 

لقد عرفته يا ابنتي في هذا الطور من أطوار حياته 0

ولو أنى حدثتك بما كان عليه حينئذ لكذبت كثيرا من ظنك ولخيبت كثيرا من أملك، ولفتحت إلى قلبك الساذج ونفسك الحلوة بابا من أبواب الحزن، حرام أن يفتح إليهما وأنت في هذا الطور اللذيذ من الحياة ولكني لن أحدثك بشيء مما كان عليه أبوك في ذلك الطور الآن

لن أحدثك بشيء من هذا حتى تتقدم بك السن قليلا، فتستطيعين أن تقرئي وتفهمي وتحكمي ويومئذ تستطيعين أن تعرفي أن أباك أحبك حقا، وجد في إسعادك حقا، ووفق بعض التوفيق لأن يجنبك طفولته وصباه0

وإني لأعرف أن في قلبك رقه ولينا وإني لأخشى لو حدثتك بما عرفت من أمر أبيك حينئذ أن يملكك الإشفاق وتأخذك الرأفة فتجهشي بالبكاء0

 

س4: ما الذي كان يحكيه الأب لابنته

 

 لقد رأيتك ذات يوم جالسة على حجرا أبيك وهو يقص عليك قصة" اوديب ملكا" وقد خرج من قصره بعد أن فقأ عينيه لا يدرى كيف يسير، وأقبلت تسمعين هذه القصة مبتهجة من أولها ثم أخذ لونك يتغير قليلا قليلا وأخذت جبهتك السمحة تربد شيئا فشيئا

 

س5: ما السبب وراء البكاء الشديد لطفلة

 

وما هي إلا أن أجهشت بالبكاء وانكببت على أبيك لثما وتقبيلا وأقبلت أمك فانتزعتك من بين ذراعيه وما زالت بك حتى هذا روعك وفهمت أمك وفهم أبوك وفهمت أنا أيضا أنك إنما بكيت لأنك رأيت اوديب الملك كأبيك مكفوفا لا يبصر ولا يستطيع أن يهتدي وحده فبكيت لأبيك كما بكيت " لأوديب "0

س6: بين السبب الرابع

 

نعم وإني لأعرف أن فيك عبث الأطفال ومليهم إلى اللهو والضحك وشيئا من قسوتهم، وإني لأخشى يا ابنتي إن حدثتك بما كان عليه أبوك في بعض أطوار صباه أن تضحكي منه قاسية لاهية وما أحب أن يضحك طفل من أبيه وما أحب أن يلهو به أو يقسو عليه ومع ذلك فقد عرفت أباك في طور من أطوار حياته أستطيع أن أحدثك به دون أن أثير في نفسك حزنا ودون أن أغريك بالضحك أو اللهو0

س7: ما صفات الأب حين كان في الثالثة عشرة من عمره

 

عرفته في الثالثة عشرة من عمره حين أرسل إلى القاهرة ليختلف إلى دروس العلم في الأزهر، 1- إن كان في ذلك الوقت لصبي جد وعمل 0

2-كان نحيفا شاحب اللون مهمل الزي أقرب إلى الفقر منه إلى الغنى تقتحمه العين اقتحاما في عباءته القذرة وطاقيته التي استحال بياضها إلى سواد قاتم وفي هذا القميص الذي يبين من تحت عباءته وقد اتخذ ألوانا مختلفة من كثرة ما سقط عليه من الطعام وفي نعليه الباليتين المرقعتين تقتحمه العين في هذا كله ولكنها تبتسم له حين تراه على ما هو عليه من حال رثة وبصر مكفوف واضح الجبين مبتسم الثغر مسرعا مع قائده إلى الزهر

3-لا تختلف خطاه ولا يتردد في مشيته ولا تظهر على وجهه هذه الظلمة التي تغشى عادة وجوه المكفوفين 0

4-تقتحمه العين ولكنها تبتسم له وتلحظه في شيء من الرفق حين تراه في حلقة الدرس مصغيا كله إلى الشيخ يلتهم كلامه التهاما مبتسما مع ذلك لا متألما ولا متبرما ولا مظهر ميلا إلى لهو على حين يلهو الصبيان من حوله أو يشرئبون إلى اللهو0

س8:لم يحب الأب أن تعرف الابنه أبيها في هذا الطور من حياته

 

 عرفته يا ابنتي في هذا الطور 0 وكم أحب لو تعرفينه كما عرفته إذا تقدرين ما بينك وبينه من فرق 0 ولكن إني لك هذا وأنت في التاسعة من عمرك ترين الحياة كلها نعيما وصفوا0

س10: يين الفرق بين طعام الابنة وأبيها

1- عرفته ينفق اليوم والأسبوع والشهر والسنة لا يأكل إلا لونا واحدا يأخذ منه حظه في الصباح ويأخذ منه حظه في المساء لا شاكيا ولا متبرما ولا متجلدا ولا مفكرا في أن حاله خليقة بالشكوى ولو أخذت يا ابنتي من هذا اللون حظا قليلا في يوم واحد لأشفقت أمك ولقدمت إليك قدحا من الماء المعدني ولا ننظرت أن تدعو الطبيب0

2- لقد كان أبوك ينفق الأسبوع والشهر لا يعيش إلا على خبز الأزهر وويل للأزهريين من خبز الأزهر إن كانوا ليجدون فيه ضروبا من القش وألوانا من الحصى وفنونا من الحشرات

3- وكان ينفق الأسبوع والشهر والأشهر لا يغمس هذا الخبز إلا في العسل الأسود، وأنت لا تعرفين العسل الأسود وخير لك ألا تعرفيه0

4- كذلك كان يعيش أبوك جادا مبتسما للحياة والدروس محروما لا يكاد يشعر بالحرمان

 

س11: كيف ينظم الفتى الأكاذيب على أبويه ولماذا

 

 حتى إذا انقضت السنة وعاد إلى أبويه وأقبلا يسألانه كيف يأكل ؟ وكيف يعيش أخذ ينظم لهما الأكاذيب كما تعود أن ينظم لك القصص فيحدثهما بحياة كلها رغد ونعيم وما كان يدفعه إلى هذا الكذب حب الكذب إنما كان يرفق بهذين الشيخين ويكره أن ينبئهما بما هو فيه من حرمان وكان يرفق بأخيه الأزهري ويكره أن يعلم أبواه أنه يستأثر دونه بقليل من اللبن

 

س12:كيف أصبحت حياة الأب بعد ذلك ؟ وما الذي تثيره في بعض النفوس

 

 كذلك كانت حياة أبيك في الثالثة عشرة من عمره فإن سألتني كيف انتهي إلى حيث ولا تزدريه، وكيف أصبح شكله مقبولا لا تقتحمه العين ولا تزدريه، وكيف استطاع أن يهيئ لك ولأخيك ما أنتما فيه من حياة راضية، وكيف استطاع أن يثير في نفوس كثير من الناس ما يثير من حسد وحقد وضغينة وأن يثير في نفوس ناس آخرين ما يثير من رضا عنه وإكرام له وتشجيع- إن سألت كيف انتقل من تلك الحال إلى هذه الحال، فلست أستطيع أن أجيبك 0

 

س13:من الذي يستطيع أن يجيب الفتاة عن حال أبيها الجديدة

 

وإنما هناك شخص آخر هو الذي يستطيع هذا الجواب فسليه ينبئك أتعرفينه؟ انظر إليه هو هذا الملك القائم الذي على سريرك إذا أمسيت لتستقبلي الليل في هدوء ونوم لذيذ ويحنو على سريرك إذا أصبحت لتستقبلي النهار في سرور وابتهاج 0 ألست مدينة لهذا الملك بما أنت فيه من هدوء الليل وبهجة النهار؟ لقد حنا يا ابنتي هذا الملك على أبيك، فبدله من البؤس نعيما، ومن اليأس أملا، ومن الفقر غنى، ومن الشفاء سعادة وصفوا0 ليس دين أبيك لهذا الملك بأقل من دينك 0 فلتتعاونا يا ابنتي على أداء هذا الدين، وما أنتما ببالغين من ذلك بعض ما تريدان0   

المصدر: كتاب الوزارة معدل (س*ج)
adelabdelkader

مع صدق النية لنفعكم [ عادل عبد القادر ]

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 944 مشاهدة
نشرت فى 9 سبتمبر 2011 بواسطة adelabdelkader

ساحة النقاش

عادل عبد القادر

adelabdelkader
معلم خبير (لغة عربية ) مدرسة (إمبابة الثانوية الرسمية لغات) »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

332,205