حكم رائع صادر عن المحكمة الإدارية العليا يتناول تطور الفكر القانوني فيما يتعلق بقواعد المسئولية بداية من المسئولية القائمة على الخطأ واجب الإثبات، مروراً بالمسئولية القائمة على الخطأ المفترض، ووصولاً إلى المسئولية دون خطأ (المسئولية الموضوعية) في فرنسا ومصر. بالإضافة إلى عرض لتطبيقاتهم في نطاق القانون الخاص والقانون العام.
<!--
وكان النزاع بمناسبة فعل مادي صادر عن مرفق طبي عام إذ فقد الطاعن بصره تماماً بعدما أجرى عدة عمليات جراحية لزرع القرنية وإزالة المياه البيضاء في كل من مستشفى مدينة مصر للتأمين الصحي ومستشفى القصر العيني دون وجود خطأ جراحي أو علاجي أو إهمال طبي تجاه المريض.
وانتهت المحكمة إلى عدم وجود أي خطأ شخصي أو مرفقي أدى إلى الضرر إلا أنها قررت استحقاق الطاعن للتعويض استناداً إلى نظرية المخاطر الطبية (وهي فرع عن نظرية المسئولية دون خطأ). وتفصيل ذلك أن العمليات الخاصة بترقيع القرنية تتضمن زرع قرنية قد يرفضها الجسم، وهي مخاطر يجب أن تتحملها الهيئة (الهيئة العامة للتأمين الصحي) حتى لو لم يكن هناك خطأ من جانبها أو من جانب أي من أطبائها تأسيساً على المسئولية الموضوعية. فالمسؤولية الموضوعية هي تلك التي يكفي لقيامها وجود علاقة سببية مباشرة بين الضرر والعمل أو النشاط مصدر الضرر حتى لو كان في ذاته سليماً وصحيحاً.
وقد قضت المحكمة أن القضاء الإداري أصبح مهيئاً لتبني نظرية المسئولية دون خطأ (المسئولية الموضوعية) استناداً إلى العدالة والمساواة أمام الأعباء العامة وانطلاقاً من التزام الدولة بتحقيق العدالة الإجتماعية وتوفير سبل التكافل الإجتماعي بما يضمن الحياة الكريمة لجميع المواطنين ويتضمن ذلك حق كل مواطن في الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة، وذلك وفقاً للضوابط المستقرة في قضاء مجلس الدولة الفرنسي المتمثلة في: (١) أن تكون مسئولية استثنائية يتم اللجوء إليها في حالة تخلف وجود أي خطأ ولو بسيط في سير المرفق الإداري (٢) أن يكون الضرر المترتب على الفعل المادي جسيماً ومباشراً لم يتدخل المضرور في إحداثه.
وانطلاقاً من تلك النظرية يستطيع القضاء تعويض الأضرار المترتبة على أعمال السيادة والجرائم الإرهابية والأضرار الناتجة عن التظاهرات ولو كان مسموحاً بها وغيرها من القرارات والإجراءات التي في الاصل مشروعة لكنها سببت أضراراً لبعض الأفراد حتى لو كانوا جمعاً كبيراً.
وأخيراً نادت المحكمة بضرورة التدخل تشريعياً لوضع قوانين تنظم التعويض عن أعمال السلطات الثلات التشريعية والتنفيذية والقضائية دون خطأ.
يسرني أنا المحامي والمستشار القانوني / محمد جلال أبو ضوه أن أدشن هذه المدونة القانونية للعمل على الثقافة القانونية ، ويسعدني استقبال أسئلتكم ورسائلكم على الايميل : [email protected]
المحامي والمستشار القانوني محمد جلال أبو ضوه
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
ساحة النقاش