على مدار عقود كثيرة أجريت العديد من الدراسات و الأبحاث للإجابة عن سؤال هام : ما العناصر التي تحدد نجاح الطلاب في المدارس ؟ تبعا لما ذكرت دكتورة ساندرا كريستينسون؛ فإن العائلات والمجتمع الصغير الذي يعيش فيه الطالب يدعم نجاحه الأكاديمي / الدراسي أكثر كثيرا من عناصر أخرى كمستوى الدخل ؛ الإنتماء العرقي ؛ و المنزلة الإجتماعية و الإقتصادية .
و هناك عدد من العناصر تسهم في هذا النجاح الدرا سي منها :
1- توقعات الأسرة :
اتجاهات الأسرة والوالدين حول التعلم أحد أهم العوامل الحاسمة التي تؤثر على النجاح الدراسي ؛ فعندما يعرف الأطفال أن الآباء يتوقعون منهم النجاح و الأداء الجيد و بذل الجهد كما يهتمون و يتابعون أداء واجباتهم المدرسية – ف‘نهم غالبا ما يحاولون أن يحققوا هذه التوقعات فعليا .أما إذا شعر الأطفال بعدم تقدير الوالدين للتعليم و أهميته فغالبا ما يميلون لتجاهل الواجبات المدرسية ؛ و يركنون للأداء الضعيف في مهامهم .
يمكن للأسرة أن تخلق ثقافة مفعمة بالتوقعات الأكاديمية القوية و الإيجابية ؛ و ذلك عن طريق الـاكد من توافر مساحة و ووقت لعمل الواجبات و متابعة الأداء الدراسي ؛ و أيضا عن طريق مناقشة مستمرة للموضوعات التي يتعلمها الطفل في المدرسة .
2- انخراط الآباء في المدرسة :
تبعا لما ورد في كتيب " التطبيق الأفضل لانخراط الآباء في المدارس " الصادر عن جامعة ميتشجن بأمريكا ؛ فإن الطلاب الذين ينخرط آباؤهم في المدرسة يحققون درجات أعلى ؛ و يؤدون واجباتهم المنزلية بمعدلات أكثر انتظاما ؛ و يقل تورطهم في تناول المسكرات أو المخدرات أو السلوكيات العنيفة .
و هناك الكثير من الأفكار التي تحقق الانخراط الإيجابي للأباء في المدارس مثل : التطوع في المدرسة في الفصول الدراسية ؛ المشاركة في الرحلات الميدانية ؛ و حضور التنظيمات و الإجتماعات المنظمة بين الآباء و المعلمين ؛ و أيضا بالتفاعل و دعم الأنشطة اللاصفية كالموسيقى ؛ المسرح ؛ الرياضة ؛ المشاركة بتقديم المقتراحات و التعليق على الإيجابيات في المدرسة ؛ حضور الجمعيات العمومية الآباء .
3- التواصل بين الآباء و المعلمين :
تكرار التواصل المنفتح المحترم بين الآباء و المعلمين هام جدا للنجاح الدراسي . فعندما يعرف الآباء ما تعلمه الأطفال في مدارسهم ؛ يمكنهم مناقشة هذه الموضوعات معهم و توفير فرص لاستكشاف المزيد عنها أو حتى مجرد إبداء الاهتمام حول ما تم دراسته .
التواصل المتكرر يسمح أيضا للآباء بدعم غضافي فوري إذا ما كان الطفل يعاني في موضوع ما ؛ أو يجد صعوبة في موضوع ما . و بالطبع هذا أفضل من انتظار التقرير الشهري الذي يصل من المدرسة و الذي قد يؤخر الإصلاح أو التدخل ؛ و إضاعة وقت كان من الممكن أن يكون مستغلا في حل لمشكلة بدلا من تفاقمها . خاصة إذا ما كانت المواد جميعا تدرس تقريبا يوميا فإذا ما فات الطفل جزء من الدرس فالأغلب أن يترتب على ذلك عدم فهم لأجزاء الدرس الباقية و ربما الدروس التالية .
4- تمديد فرص للتعلم
التعلم عملية ممتدة على مدار كل دقيقة من حياة الطفل خارج و داخل إطار المدرسية و المهارات و العادات العقلية التي نحتاج إليها للنجاح بصفة عامة و النجاح الدراسي بصفة خاصة .
كثير من الآباء لا يفكرون في الأنشطة من هذا المنطلق ؛ إنما يعتقدون بأنه قضاء لوقت الفراغ أو على أقصى تقدير تطوير بعض المهارات غير ذات الصلة بالمدرسة .. و هذا البطبع ليس صحيحا مطلقا ..فالطفل الذي يمارس مثلا الفنون يكتسب الكثير من مهارات المثابرة ؛ الثقة ؛ إضافة للمهارت اليدوية التي تساعد في تحسن الكتابة ؛ و المهارات البصرية المسئولة عن إتقان القراءة .. المهارات تتداخل و ينتقل أثرها من مساحة لمساحة و نلجأ لتطوير الأطفال في المجالات التي يحبونها و يتقنونها و التي تمثل بالنسبة لهم بيئة خالية من التوتر و الضغط لنستفيد بما تم تنميته في مساحات دراسية أو حتى مهنية مستقبلا .
5- تلبية الاحتياجات الأساسية :
من الهام جدا التأكد من حصول الأطفال المراهقين على احتياجاتهم الوجدانية و البيولوجية الأساسية .
و من هذه الاحتياجات البيولوجية :
- التغذية الجيدة فالأطفال الذين يحصلون على تغذية جيدة منتظمة يحققون نتائج أفضل .
- قسط كافي من النوم المريح .
- حالة صحية عامة جيدة .
و لعل الأهم و الذي ركزت عليه الكثير جدا من الأبحاث في الفترة الأخيرة هو أهمية النواحي الوجدانية و الإجتماعية و أثرها العميق جدا على التعلم .. فالإنسان كل متكامل لديه نواحي عقلية ؛ روحية ؛ إجتماعية ؛ وجدانية و بات محسوما أن هناك الكثير من أصحاب معدلات الذكاء المرتفع لا يحققون نجاحا في الحياة .. الإجابة ليست سرا و إنما تكمن في مراعاة الإنسان المتكامل و خاصة مراعة الجوانب الوجدانية و الإجتماعية للطلاب . و لأهمية هذه الموضوع سنفرد له مقالا خاصا ضمن هذه السلسلة . فإلى لقاء ..
ساحة النقاش