106
Share on print
محمود سلطان
23
ديسمبر
2012
04:27 PM





أُعلن مساء أمس الأول عن أسماء المعينين في مجلس الشورى، وبمراجعتها يتبين أن الاختيار كان موفقًا إلى حد كبير، ولولا وجود قيادات كبيرة من جماعة الإخوان المسلمين وغيرهم من التيار الإسلامي المنظم، لكان الاختيار نموذجيًا.

صحيح أن د.عصام العريان، د. محمد جمال حشمت، وغيرهما ـ ممن وردت أسماؤهم في قرار التعيين ـ من الرموز الوطنية البارزة والكبيرة، التي تضفي على أية جماعة سياسية، قدرًا من الجلال والهيبة.. غير أن البعض كان يتوقع أن تشمل القائمة رموزًا من التيار المدني فقط، على أساس أن الثلثين المنتخبين، يسيطر عليهما الإسلاميون.. ولرفع الحرج عن الرئيس، وتخفيف الضغوط التي تمارس عليه من قبل قوى تريد إرباكه وإسقاطه، وإلحاق هزيمة بمشروعه السياسي.

على أية حال.. كانت القائمة موفقة، وتضم نخبة أتوقع أن تنهض بشكل كبير بمسؤوليات مرحلة التشريع المؤقتة.. وشكرًا للرئيس مرسي، لقد تصرف بمروءة لم نعرفها من رؤساء مصر السابقين، فالرجل لو كان يريد أن يصنع من نفسه "ديكتاتورًا" أو "فرعونًا" أو "نصف إله".. لترك للمحكمة الدستورية حرية حل الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى.. فحلهما ليس لصالح "الديمقراطية" وإنما لصالح "الرئيس الديكتاتور".. لأن البلد كله ـ والحال كذلك ـ سيبتلعه الرئيس بالكامل.. إذ لا يوجد مجلس شعب ولا شورى ولا دستور.. وإنما "فرعون" حقيقي.. يقتدي بسنة فرعون الأصلي، حين قال لقومه { مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ}.. و{ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}؟!"

الرئيس مرسي.. لم يستخدم سلطة التشريع، التي يمتلكها وحده، إلا مرة واحدة، عندما أصدر مرسومًا بقانون يقضي بعدم الحبس الاحتياطي في قضايا النشر، ليطلق سراح صحفي، شتم الرئيس، واتهمه في أمانته ووطنيته!!

د.مرسي كان "مسكونًا" بالقلق من أن تظل هذه "السلطة" في يده، مدة أطول، ولعل ذلك ما حمله على البحث عن آلية تعفيه من هذه المسؤولية الجسيمة.. وكان مضطرًا إلى فرض حصانة على "الشورى" باعتباره مجلسًا منتخبًا، ليس مستغربًا، أن يضطلع بالتشريع المؤقت في غيبة مجلس الشعب الذي استباحه حكم قضائي "مُسيّس" لم يعبأ بتداعيات استحقاقاته على مستوى الاستقرار الداخلي.

الرئيس المرسي.. تخفف اليوم من عبء كبير، ونقل سلطته إلى مجلس منتخب، إذ يظل ما يصدره المجلس من تشريعات، ذا شرعية شعبية، تتسم بـ"الجماعية" وهي شرعية أعلى من أية سلطة "فردية" حتى لو جاءت بالانتخاب مثل رئيس الجمهورية، خاصة فيما يتعلق بالقوانين والتشريعات.

تهنئة خاصة لأعضاء مجلس الشورى الجدد.. مع خالص دعائنا لهم بالتوفيق والسداد.. وخالص الشكر للرئيس مرسي، الذي واجه كل هذه التحديات الكبيرة، بصبر وبحلم وبنفس طويل وبأبوة لم نشعر بمثلها فيمن سبقه من رؤساء.

[email protected]