محمود سلطان 05 نوفمبر 2012 05:35 PM اختير يوم أمس الأول، "بابا" جديدًا للكنيسة المصرية.. ولا يكاد الرأى العام يعرف تفاصيل كاملة عن "السيرة الكنسية" للبابا الذى اختارته "القرعة الهيكلية".. خاصة أنه لم يكن يحظى ـ من قبل ـ بذات "النجومية" التى حظى بها منافسوه من الآباء والقساوسة المعروفين إعلاميًا.. وكانوا ضيوفًا على برامج الـ"توك شو".. أو ممن يمثلون "الصقور" داخل التيار "الشنودى".. فالبابا "تواضروس" كان مفاجأة حقيقية.. وجاء على غير المتوقع. مشاعر من الارتياح سادت فور الإعلان عن فوزه بهذا المنصب الدينى الرفيع، ولعل ذلك يرجع إلى غياب المعلومات الكاملة عن حياته ومواقفه ورؤيته بشأن العلاقة بين الكنيسة والدولة.. فالرجل لم يصدر منه، أثناء الاحتقانات الطائفية التى تنامت بشكل مخيف قبل الثورة، ما يساعد المراقبين على استشراف سياساته إزاء العشرات من الملفات التى تتعلق بالأقباط من جهة أو بالدولة فى مجملها من جهة أخرى، فضلاً عن أنه لم يتورط فى تصريحات طائفية عنيفة ولا توجد له أى "خصومات طائفية" خارج الكنيسة، فيما احتفظ ـ كما يبدو ـ بعلاقات "سلام" مع كل المفاصل المكونة للمؤسسة المسيحية الأرثوذكسية فى مصر.. فى الوقت الذى لم يسجل عنه أى مشهد "تزلفى" للبابا القوى الراحل "شنودة". ففى حين كان الآباء الأكثر شهرة مثل بيشوى وموسى ويوأنس، يمثلون واجهة البابا الراحل على المشهد الطائفى، فإن البابا "تواضروس" ظل ـ لأسباب لا نعرفها ـ محتفظًا بمساحة "مستقلة" إعلاميًا على أقل تقدير، وأكثر وقارًا وتحفظًا فى تصريحاته.. وأضفى عليها مزيدًا من الهيبة وربما الاحترام والتوقير.. على عكس كثير من "آباء الفتنة" الذين غالوا وتطرفوا إلى حد بعيد فى الحث على الكراهية بين المسلمين والمسيحيين. على أى حال.. يبدو لى أن الكنيسة المصرية، بعد الثورة، وبعد سقوط مبارك، ورحيل البابا شنودة، شرعت فى استعادة هويتها الوطنية، وعافيتها كمؤسسة تستظل بالثقافة العربية الإسلامية، لأن التاريخ والجغرافيا أقوى من القرارات السياسية أو السلطات الأبوية غير المحدودة لرجال الدين المتطرفين. لأول مرة ـ منذ عشرات السنين ـ نسمع تصريحات ودودة من الكنيسة.. وكذلك عودة السكينة والهدوء إلى العلاقة بين المسيحيين والمسلمين.. واتجاه الأقباط من جهة والتيارات السياسية الإسلامية من جهة أخرى، صوب الانخراط فى الأطر الوطنية والتخلى عن التعلق التقليدى بأى طموحات طائفية، تهدر السلام الاجتماعى ووحدة الدولة وأمنها القومى. مصر كلها تتطلع باهتمام إلى البابا الجديد، وتأمل أن يقود مراجعات جسورة وقوية لكثير من الرؤى "الخطرة" التى استقرت فى الضمير القبطى، كثمرة أربعين عامًا من العمل على تحويل "المسيحية" إلى "هوية" موازية للهوية الوطنية المصرية، بكل ما خلفته من مآس وضحايا واحتقانات ومرارات.. وأن يعزز من قوى الإصلاح والاعتدال التى ظلت مقموعة داخل أسوار الكنائس، خوفًا من البابا السابق الذى كان يحصى عليهم أنفاسهم. تهنئة خاصة للإخوة الأقباط.. وأخرى للبابا "تواضروس".. الذى يحتاج إلى تكاتف الجميع، ومساعدته.. فالبابا الراحل خلف تركة كبيرة مترعة بالمشاكل.. ما يجعل المنصب "مهمة وطنية" قبل أن تكون "رسالة روحية". [email protected]
abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 82 مشاهدة
نشرت فى 6 نوفمبر 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

298,647