في صغري 

كان كل ما اريده هو أن أفهم ما حولي .. 

كنت أظن أن ما اراه فقط هو الدنيا بأكملها، وأن الجميع يفكر مثلي .. ويشبهني .. كنت أظن أن كل ما حولي يحبني كما أحبّه... 

كنت أظن أنه يمكنني أن أختار أيّ شيئ قد يعجبني في هذه الدنيا ليصبح لي ، فكنت أشير الى ذاك البيت بأنه بيتي .. و الى تلك الازهار بأنها ستصبح ازهاري ..

كنت عندما أتالم اصرخ و ابكي ..كنت أعبّرُ عما بداخلي بملء حرّيتي. 

كنت أنتظر بسمة أُمي، إذا قمت بعمل جيّد، وأنتظر عودة أبي .. 

كان هناك مكان أخاف دخوله وحدي لأنّه مظلم .. و الظلمة كانت علامة الشرّ بالنسبة لي.

 

اليوم .. 

بات الشرّ هو ما يتوسط النور والظلام .. فلا يمكنك حينئذ أن تميزّ صديقك من عدوك !! 

اليوم فهمت كُل شيئ لم أكن أفهمه، لكنني أشعر بأني لا أعرف شيئاً، لأني على يقين أن ما اعرفه نقطة في بحر المعرفة .. كُلما دخلت الى اعماقه اكثر ، كلما غرقت اكثر .. 

اليوم أشاهد التناقض في شرايين الحياة ينبض .. 

اشاهد البسمة الممزوجة بالحسد والكره.. 

ادرك مفهوم الظلم .. والظلام أكثر...

ضميري، يُعذبني 

 كأنني المسؤولة عن الظلم الذي يغمر البلاد .

ما ذنبي يا ضميري؟ 

إن إحتل الصهاينة أرض فلسطين مثلاً!

ماذا يمكنني أن افعل اليوم بهؤلاء الخنازير ؟ 

هل يكفي فقط موقفي، كلمت! أو حتى صوت ضميري...

فالدماء ما زالت تسيل... 

والنار تحرق الاخضر و اليابس، ولا تترك حتى القليل !! 

 أعداء الله يفتنون بين المسلمين...

والارهاب يمتص رحيق الطاهرين لترجع ارواحهم الى رب العالمين ..

ما ذنبي؟ 

إن كنت لا استطيع ان اُجامل ذوي الارواح الخبيثة المختبئين في أثواب من حرير ؟ 

حرير اكتسبوه من حق هذا وذاك !! 

 كيف اتجاهل ذاك الشعور الجميل الذي منحني اياه الله ، وهو القدرة على تمييز الطيب من الخبيث ؟ 

اليوم لا يمكنك حتى أن تقف لتشكو تعبك ! عليك المسير الدائم في رحلة الحياة، لا يمكنك حتى أن تقف في دائرة عدم الانحياز .. أنت إما هنا وإما هناك .. إما منتصر... وإماةمغلوب .

كل ما حولنا اليوم يدفعنا الى التفكير الف مرّة ومرّة قبل أن نثق بأحد ، قبل ان نبتسم ابتسامة  بريئة بوجه أيّ احد كتعبير له عن السلام !! 

حتى و ان لم تبتسم وقتها .. ستصنف بأنك ذاك المغرور! ذاك البائس، الحزين ، أو المتكبر .... 

مع أنك لم تفعل أي شيئ ! 

اليوم عليك دائماً ان تظل منتبهاً، محصناً عقلك و جوارحك من عواصف الفساد و الانحطاط التي قد تصل اليك بأي طريقة أينما كنت ..

عبر التلفاز او الهاتف او اي شيئ اخر .

اليوم باتت الافعال السيئة هي التي لا يمارسها المجموع. والجيّدة هي التى يمارسها الجميع !! 

لكن متى كان معيار الصواب والخطأ بالكثرة او القلّة .. 

طريق الحق يُعرف بقلّة سالكيه .. 

ليتني أعود صغيرة بقلب ينبض بأمان وعقل بسيط لا يفقه ما يدور حوله. ولا يُجبر على ان يبني مدن صغيرة بين تجاويفه ليهرب من واقع عليل. 

رهام غندور.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 248 مشاهدة
نشرت فى 6 يونيو 2023 بواسطة Zainkamel

عدد زيارات الموقع

42,292