أزف الرحيل
.................
إني وقد أزِف الرحيلا
سأعانق السفر الطويلا
وستطلبي مني رجوعي
لكن هذا مستحيلا
فالقلب قد سئم التمنّي
وأختار أن يحيا عليلا
والوجه حُزناً قد كساه
وكأنه ثوباً هزيلا
والعين قد حُرمت منامي
والدمع يأبى أن يسيلا
والرأس تثقله المآسي
تاجٌ من الحزن ثقيلا
والروح أحرقها حنيني
والجسم قد أضحى نحيلا
فإذا تجمعت المنايا
وأصبحت ظلي الظليلا
أدركت أن البعد نارٌ
والقرب ماءٌ سلسبيلا
وصَبرت بل أجبرت قلبي
على تحمله قليلا
فعساه يجدي الصبر نفعاً
وعساه يُنجي أو يُقيلا
ورحلت دون وداع قومي
ورحلت دون وداع ليلى
ليلى التي سكنت عيوني
وتملكت قلبي الجليلا
ليلى التي أحببت فيها
الحُسن والقلب النبيلا
ليلى التي مالي سواها
حبي وليس له بديلا
ليلىء وآسفاه إني
مالي للقياكِ سبيلا
ولقد رحلت بلا وداعٍ
وأعاقني عنكِ الرحيلا
وتركت خلفي ذكرياتٍ
عن ذلك الماضي الجميلا
ماضي المحبة والتلاقي
بين الخليلة والخليلا
ماضٍ قضيناه سوياً
بين الحشائش والنخيلا
وعلى شواط البحر كنا
نقضي الظهيرة والمقيلا
والبحر في صمتٍ يرانا
متبسماً خجلاً وجيلا
وحمائمٌ كانت تغني
من حولنا تشدو زجيلا
والماء يرقص في خريرٍ
وعلى السواقي يستميلا
والشمس في دفئٍ حنونٍ
طافت بنا عند الأصيلا
والأرض قد حفّت لقانا
وكأننا ضيفاً نزيلا
والليل سترٌ أو حجابٌ
غطى على قولٍ وقيلا
والعاشقين له نجومٌ
لكننا فيهم سُهيلا
وعلى التلال نمت زهورٌ
في لونها سحراً جميلا
وعلى كمائمها تدلى
قطر الندى سلسً ضئيلا
وعلى ضفاف الوادِ شجرٌ
يربو وأغصاناً تميلا
ولكِ بذكراكِ مقامٌ
في القلب ليس له مثيلا
فتذكريها و أذكريني
يا ربة الطرف الكحيلا
وتذكري حبي وعشقي
ثم أكتبي شكراً جزيلا
..................
محمد مثنى