رحلة أمة
وَفَرِحتُ إذ جَرَتِ السَّفينةُ بالمُـنَـى
والـرُّوحُ رَفْرَفَ في جَناحَيْها الهَـنَـا
وتَـرى الـرّياحَ هُـبوبُها قُبَلٌ، مَـحَـت
نُـدَبَ الـدُّهورِ بِنـا وَمَـا حَـفرَ العَـنـا
والمَـوجُ يَقـفِزُ حَولنا في غِـبـطـــةً
كَــالخِـلِّ قــدْ جَـمَــعَ التّآلـفُ بَيـنَنـا
وَرَذاذُهُ نَـــسَــمٌ يَـــليـنُ مُــنَــمـنَــمٌ
والشَّـمسُ تُرسِلُ خَيـطَها سَـكَـنًا لَنا
حَـتّـى إذا لَـبِـسَ الأمــانُ نُـفـوسَـنا
وَبــدَا كَــأنَّ مَــسارَنــــا مَــاضٍ بِنَـا
زَأَرَتْ رِيــاحُ البُـغْـضِ تُعـلنُ حَربَهـا
الغَـدْرُ شـيـمَـتُـها ومَنـطِـقُهـا الخَــنا
والـمَـوجُ يَـعلُـو كَالـجِبــالِ مُـهـدّدًا
سُـبُـلَ النّـجاةِ وَمـا تَـرَقُّـبُـنـا بَـنــى
وَأرَى الـفـؤادَ يَـشُـدُّنِي مُـتـوَجِّـسًـا
والعَـزمَ مِنّي كـادَ يَحْـطِمُـهُ الضَّنـى
وَحَسِبـتُ حَتـفِـيَ قَد أتَى مُتَجَهِّمًـا
لــمَّــا رَأيـتُ خَبـيـثَ غَيـمٍ قَـدْ دَنــا
أضْحَيتُ مَنـكوبًا بِـما كَسَـبتْ يَـدِي
كُسِرَ الشِّـراعُ وَذٰلكَ المَتْـنُ انْـحَنَـى
فَـدَعـوتُ رَبِّيَ مُـخـلِصًـا دِينـي لَــهُ
عَبـدًا ضَـعيـفًا قَد سَرى فيهِ الوَنَـى
فَاغـفِـرْ فإنَّ رِضـاكَ يُذهبُ كَــربَتي
وَانْـصُـرْ فَـمَـن إلّاكَ يَـجلِـبُ نَصرَنَـا
وَنَـقَـشْتُ مَلْحَمَتي عَلى صَدرٍي بِها
مَـجـدٌ أنـارَ سَفـينَــتـي وَالـمَوطـنَـا
مـا الــفـوزُ إلا حـزمَـةٌ مِــن قُـــدرَةٍ
وَدِرايَــةٍ وتُــقًـى وَشُـحٍّ مِـن "أنــا"