السلام عليكم ورحمة الله وبركاته/

.. أنزل الله القرآن نورًا لاتُطفأ مصابيحه وشمساً لا يخبو ضوءها ومِنهَاجًا لا يضلُّ من نهجه وصراطاً لا يزيغ من سلكه .. فهو معدن الإيمان وينبوع الحكمة جعله الله ريًّا لعطش العلماء وربيعًا لقلوب الفقهاء ودواءً لا يترك بعده داء .. هو حبل الله المتين وذكره الحكيم وصراطه المستقيم ونوره المبين .. فيه نبأ مَنْ قبلنا وخبر مَنْ بعدنا وفصل ما بيننا .. هو الفصل ليس بالهَزَل بالحق أنزله الله وبالحق نزل مَنْ عمل به أُجر ومَنْ حَكَم به عدل ومن قال به صدق ومن علمه سبق ومَنْ دعا إليه هُدِيَ إلى صراط مستقيم .. مَنْ طلب به الهدى أعزَّه الله ومَنْ ابتغى الهدى من غيره أذلَّه الله يَرفع الله به أقوامًا ويَضعُ آخرين ويأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه .. قال عنه - صلَّى الله عليه وسَلَّم : (( مَنْ قرأ حرفًا من كتاب الله تعالى؛ فله حسنة، والحسنة بعَشْر أمثالها، لا أقول ( ألم ) حرف، ولكن ألفٌ حرف، ولامٌ حرف، وميمٌ حرف ))؛رواه الترمذي .. القرآن الكريم كتابٌ عزيز له مجدٌ وعزة وكرامة يعامل ويواجه بالعظمة والسيادة .. وليس بإمكان من كان أن ينقد حتى جزئيات مضامينه وآياته وقصصه أو أن يعثر في طياته على موضوعٍ يخالف التاريخ والاكتشافات ونتائج الحفريات الأثرية أو يناقض العقل أو القواعد الرياضية والنجوم وغيرها.. ولا يأتيه الباطل من خلفه أي من زمن نزوله إلى يوم القيامة .. فأي بشرٍ أراد أن يرد ميدان المواجهة معه في أي علمٍ أو أي تجربةٍ فلا مناص له من التسليم بمقام عز القرآن لأن أساسه متين ومحكم لا يتغير على أساسٍ من الثبات والاستقرار وعلومه لا تستند الى الحس والخيال لتزول بزوال الحس والخيال .. فعزة القرآن لأنه كلام الخالق فهو لا يتراجع ولا يهتز أمام المنطق والفرضيات التي تواجهه بل هو ثابتٌ راسخ قائمٌ بنفسه دائمٌ على مر الدهور مضيءٌ كالمصباح المنير في غياهب الجهل.. ( وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ) قال ابن مسعود : ( كلُّ آية في كتاب الله خيرٌ مما في السماء والأرض ) .. مِن عزة هذا القرآن أنه يُعرض عمن أعرض عنه  ولا يُقبل إلا على من أقبل عليه .. فأعطه أعز أوقاتك ليعطك أعز ما فيه .. لذا فقد يصعب علينا فهم القرآن  لأننا نعطيه ( فضلَ ) أوقاتنا  لا ( أفضلَ ) أوقاتنا .. فهو كتابٌ عزيز .. لا يعطيك إلا حين تعطيه أعز أوقاتك .. ولا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك .. ومن رام أمراً عظيماً ضحى بعظيم .. وهو كتابٌ عزيز  كريمٌ على الله جامعٌ لأوصاف الكمال غالبٌ بالحجة لمن كذب به  وغالبٌ بالفضل لما سواه من الكتب وبقدر حظك  من القرآن يكون حظك من العزة وهو الكتاب المعجز الذى لو اجتمعت الأنس والجن على أن يأتوا بمثله لا يأتونا بمثله ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيراً ولغته تختلف عن لغتنا التي نكتب بها أو نتكلم بها في أنها محكمةٌ لا خطأ  فيها ولا نقصٌ ولا زيادة… وقد كثر الكلام عن الآيات الكونية التي تتحدث عن النجوم ومسارتها والأرض وخلقها والحياة وبدايتها.. وكيف جاءت العلوم الحديثة بالجديد المبهر من الحقائق خلال مئات السنين التي أعقبت التنزيل القرآني فلم تخرق حرفاً قرآنياً واحداً ولم تنقض آية بل توافقت جميعاً مع كلام القرآن وزادته توكيداً كما جاء القرآن في نظم الحكم وفى الأخلاق وفى الاقتصاد وفى حقوق الأنسان والمعاملة مع الناس ومجاهدة النفس وفى الأسرة والزواج والمرأة والشرائع بالكلمة النهائية الجامعة ..  وهكذا نرى أنَّ القرآن الكريم دواءٌ يشفي العلل والأمراض ويُعالج الأسقام وقد انتهت النصوص المتقدِّمة إلى أنَّه إكسير فاعل لكلِّ ما يُصيب الإنسان من الأوبئة والعلل، وهو درعٌ حصينة وحامية للإنسان فيما لو تسلَّح به، وقد يعجب بعض النَّاس كيف يكون لكتابٍ دينيٍّ عقدي أن يحتوي الطَّب ويكون وصفةً علاجيَّة من الأمراض، وفي الجواب على ذلك نؤكِّد أنَّ القرآن قد احتوى الطبَّ علمًا وعلاجًا، فهو تارةً ينظِّر لعلم الطَّب وأُخرى يكون ميدانًا تطبيقيًّا يُعالج شتَّى الأمراض بما يحمل من أسرارٍ قدسيَّة وبركاتٍ إلهيَّة وشبيه بهذا الشيء سُئل أمير المؤمنين : ( عليه السلام ) في عصره بسؤالٍ مؤدَّاه أنَّ القرآن يحتوى على كلِّ العلوم إلَّا الطب فأجابهم : (( أما أن في القرآن لآيةً تجمع الطب كله ( كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ..  ومن هنا فالقرآن الكريم كان وسيبقى مصدرًا تنهلُ منه البشريَّة إلى علم الساعة ولن تنفد مكامنه ولا كنوزه وفي هذا المعنى يقول أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : (( وَإِنَّ القُرآنَ ظَاهِرُهُ أَنِيقٌ وَبَاطِنُهُ عَمِيقٌ لاَ تَفْنَى عَجَائِبُهُ وَلاَتَنْقَضِي غَرَائِبُهُ وَلاَ تُكْشَفُ الظُّلُمَاتُ إلاَّ بِهِ)) .. ومن هنا فحريٌّ بنا سادتي الأكارم أن نتمسَّك بالقرآن قراءةً وتلاوةً ودراسةً ومدارسةً علَّ الله تعالى يكشف عنَّا البلاء.

.. جعلنا الله وإيَّاكم من المتمسكين بالقرآن والعترة الطاهرة ( عليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام ) 

.. مع تحياتي وفائق احترامي الأستاذ : إسماعيل مفتاح عمر الشريف.

البلد : ليبيا.

الصفة : رئيس مؤسسة الخيمة الثقافية للسلام.

المصدر: القرآن نورا الاستاذ إسماعيل مفتاح عمر الشريف /ليبيا
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 76 مشاهدة
نشرت فى 7 يناير 2023 بواسطة Yasmenmostafa

عدد زيارات الموقع

88,217