لأنها تعج بالكثير من الآثار, يأتي لزيارتها المولعين بها من أرجاء العالم , إلا أنها أيضاً تختبئ بشواطئها العديد من الآثار المطمورة..."آثار الأسكندرية الغارقة" والتي بلغت آلاف من القطع الأثرية والمدن المطمورة تحت سطح البحر, ولأهمية هذه الآثار كانت المجهودات للحفاظ عليها والإهتمام بها, كإستخراجها من الماء وعرضها فى المتاحف , ولكن كان الإتجاه الأفضل هو السعي نحو عمل متاحف لهذه الآثار تحت الماء, للحفاظ عليها من المخاطر التى تتعرض لها تحت سطح الماء, وليستطيع السائحين التمتع بهذه الآثار من خلال الغطس أو السير في ممرات زجاجية تحت الماء, وبالفعل بدأت الخطوات التنفيذية لهذا المشروع...
دراسات جدوي تنتهي سبتمبر
فقد صرح الدكتور زاهي حواس الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار أن دراسات الجدوي التي بدأتها بعثة المعهد الآوربي للآثار الغارقة لتنفيذ أول متحف تحت الماء للآثار الغارقة بالأسكندرية والتي من المقرر أن تنتهي في سبتمبر المقبل سيتم عرضها على وزير الثقافة فاروق حسني.
وكانت قد بدأت هذه الدراسات بعد إختيار التصميم الذي تقدم به المهندس الفرنسي العالمي جاك روجيريه خلال المسابقة المعمارية التى طرحت تحت إشراف منظمة اليونسكو وإشترك فيها 4 من أشهر المصممين المعماريين الدوليين.
وإعتبر حواس المتحف منارة جديدة للأسكندرية ستتيح للسائحين وهواة الغوص والمولعين بالآثار الغارقة من مختلف أنحاء العالم أم يجوبوا في رحلة عبر ممرات زجاجية تحت الماء لمشاهدة المدينة القديمة الغارقة.
ومن أشهر المعالم الغارقة منارة الإسكندرية وأرصفة الميناء الموجود غرب جزيرة فاروس بالميناء الشرقى واكتشافات منطقة أبو قير التي تضم ثلاث مدن غارفة. وموقع مدينة هيراكليوم وبعض أساطيل ومدافع "نابليون بونابرت"، إضافة لبعض التماثيل التي تعود للعصر اليوناني والعملات المعدنية التي تعود للعصر الإسلامي.
بالتعاون مع اليونسكو
وجاء ذلك بعد أن حصل وزير الثقافة المصري فاروق حسني علي موافقة اليونسكو لتقديم المعونة الفنية لإقامة متحف تحت الماء في الإسكندرية , ليعرض المتحف آثارا مهمة من بينها قصر كليوباترا, ومنارة الإسكندرية الأسطورية, وسيتكون المتحف من طابقين الأول فوق سطح الماء, التي ستعرض للسياح الآثار المستخرجة من المواقع الأثرية المجاورة مثل جون أبو قير، حيث سيتم العثور على أطلال مدينتي كانوبوس وهيراقليون اللتين غرقتا فيه, بينما سيكون الجزء الأكبر من المتحف مغمورا تحت سطح الماء, ليمكّن الزائرين من مشاهدة الأطلال العظيمة في قاع البحر.
لأنها تتعرض لتآكل وطمس
وجاءت هذه الخطوات نظراً لما تتعرض له هذه الآثار المطمورة تحت سطح البحر من تآكل وطمس بفعل تلوث مياة البحر وأعمال الردم، فكان قد كشف تقرير لوزارة البيئة عن تلوث غالبية المياة الساحلية بالإسكندرية، وأن أكثر المناطق تلوثا على طول الساحل هى تلك المرتبطة بمصادر صرف صحى غير معالج أو معلاج جزئيا مثل منطقتى الدخيلة والمكس والميناء الشرقى وأبو قير, كما أن أغلب المواقع تتميز بمستويات مرتفعة من الأملاح المغذية التى ينتج عنها ارتفاع مماثل فى إنتاجية الهائمات النباتية والنمو الشاذ للطحالب البحرية أو حدوث ظاهرة المد الأحمر بما له من آثار ضارة على البيئة والصحة العامة.
وكان قد طالب مدير الآثار الغارقة بالإسكندرية علاء محروس بتفعيل قانون الآثار بإعلان الشواطئ المصرية الغارقة محميات لا يمكن المساس بها، مشيراً إلى أن البيئة المحيطة والتكاليف الباهظة لإنتشالها فضلا عن عدم توفر الأماكن المناسبة لعرضها تعد من أهم المشاكل التى يواجهها هذا التراث.
متحف مفتوح للآثار الغارقة
وكان قد إفتتح فاروق حسني وزير الثقافة أول متحف مفتوح للآثار الغارقة بالاسكندرية أقامته الوزارة بمنطقة المسرح الروماني بكوم الدكة بالإسكندرية , وكما صرح د. زاهي حواس فالمتحف مقام علي ربوة مرتفعة بمنطقة المسرح الروماني ويشغل مساحة 1200 متر مربع ويعرض به حوالي 39 قطعة أثرية تم انتشالها من الميناء الشرقي بالجهة الواقعة أمام ساحل قلعة قايتباي الأثرية وتضم هذه القطع جزءاً من فنار الإسكندرية القديم وتمثالا لسيدة بطول 5.6 متر بالإضافة إلي مسلة من الأسرة "19" منقوش عليها اسم الملك سيتي الأول وهي أول مسلة من الآثار الغارقة يتم عرضها في مصر والعالم وتزن 18 طنا وقاعدتها من الحجر الرملي وكذلك مجموعة من تماثيل أبوالهول ترجع لعصور مختلفة.
وتكلف المشروع كما أكد د. محمد عبدالمقصود رئيس الإدارة المركزية للآثار المصرية حوالي 20 مليون جنيه, تضمن أيضا تطوير منطقة المسرح الروماني الأثرية وموقع حمامات كوم الدكة الرومانية وفيلا الطيور وخزانات المياه الرئيسية.
مجلة وفيلم وثائقي حول التراث المغمور
وسعياً للحفاظ علي هذا التراث كلف الدكتور زاهي حواس الدكتور إبراهيم درويش مدير عام متاحف الأسكندرية بالإعداد لإصدار أول مجلة متخصصة في الآثار الغارقة تحمل إسم "فاروس " ينتظر صدورها فى مطلع يناير حيث يتم طبعها بمطابع المجلس الأعلي للآثار بالقاهرة .
أيضاً كان هناك فيلم وثائقي جديد قصير موضوعه صون التراث الثقافي المغمور بالمياه, أنتجه قطاع اليونسكو للثقافة, يركّز الإهتمام على إتفاقية اليونسكو بشأن حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه، ويسلّط الضوء على أهمية حفظ الممتلكات الثقافية المغمورة بالمياه، بعدما أصبحت معرّضة للنهب بصورة متزايدة، بسبب صنع تجهيزات غوص أكثر تطورا وأسهل اقتناء, ويشتمل الفيلم في طوله المشهدي على صورة من عرض بحر الإسكندرية، ويؤكد على محاسن البحث بخصوص المواقع الأثرية المغمورة بالمياه وفوائد صونها في مواقعها، وهذا هو أيضا أحد أهداف المشروع المصري لإقامة المتحف المذكور.