بعض إعلامنا ليس على مستوى التحديات، بل هو نفسه صار تحدياً من تحديات الثورة، يعوّل العقلاء على دور الإعلام في التوعية، ولكن ربما يحتاج كل مسئول محطة تليفزيونية عدة أسئلة بشأن نسبة البرامج التالية في محطاتهم.
برامج التوعية: البرامج الحوارية ينبغي أن تستعين بالمتخصصين فى المجالين السياسى والاقتصادي لتوضيح الحقائق بشأن القضايا المثارة على الساحة السياسية والاقتصادية، برامج التوعية هذه تتطلب تفاعلا أكثر بين المواطنين والمتخصصين.
برامج التفكير المركب: برامج موجهة أساسا لإكساب المواطن المصري مهارات التفكير العلمى القائم على التحقق من المعلومة وعدم الاستجابة للشائعات وعدم القفز على النتائج. ونحن بهذا سنكون كمن يحاول أن يسد العجز النسبى الناتج عن تراجع دور المدرسة والجامعة.
برامج المشاركة المجتمعية: برامج موجهة أساسا للاستفادة من طاقات الشباب وتفعيل دورهم فى بناء الوطن، وذلك باستعراض تجاربهم الناجحة وكيفية استفادتنا منهم. مثلا برنامج بعنوان «مصر نظيفة» يكون بالتعاون مع المحليات ومراكز الشباب فى رفع القمامة من الأماكن.
برامج المهارات الحياتية: وهى برامج تكون موجهة أساسا للمشكلات اليومية للإنسان المصرى؛ مثلا برامج عن كيفية تأمين البيت والمصنع والشركة ضد السرقة، برامج قصيرة بشأن كيفية التعامل مع البلطجية وقاطعى الطرق، برامج عن كيفية التعامل مع التاجر الذى يخفى السلع أو يبيع بأسعار غير قانونية. برامج عن كيفية منع التحرش فى الشارع ووسائل المواصلات.
برامج التسامح الدينى: وهى تهدف إلى إيجاد ثقافة قبول التنوع الدينى وهو ما يقتضى الشجاعة فى طرح المشكلات من خلال قيادات رأى عام حكيمة وقادرة على تعظيم الأخوة فى الوطن رغما عن التباين فى الدين أو التباين فى تفسيراته داخل الدين الواحد.
البرامج الإبداعية: برامج تهدف إلى نقل التجارب الناجحة فى مصر والعالم إلى المشاهد المصرى. مثل برامج تستفيد من أى فكرة جيدة وتجربة ملهمة من مدرس فى مدرسة كى يشجع طلابه على التعلم، أو أم أبدعت فى تربية أولادها رغما عن الظروف الصعبة، أو شاب اخترع آلة أو ماكينة قابلة للاستفادة منها.
مصريو ما بعد الثورة فى حالة شغف بالبناء على ما أنجزوه والآلة الضخمة للإعلام إن لم تجد مهمة كبرى ورسالة عليا تعمل عليها ومن أجلها، فسيقوم الإعلاميون بما يجيده كل البشر وهو إلقاء اللوم على الآخرين، ويبدو أنهم يفعلون ذلك بالفعل، وعلينا أن نجتهد معهم فى تحديد التوجه العام وهو بناء إنسان مصرى معتدل ناضج يعرف معنى التيار الرئيسى للقيم الحاكمة لمجتمعه.
يتذكر كل منا لحظة شرب أو أكل شيئا ثم لفظه لأن لسانه لم يستسغه. هكذا التيار الرئيسى فى مجتمعنا تعرض له الأفكار الوافدة سواء عبر التاريخ أو عبر الجغرافيا ثم يلفظ الفظ والشاذ منها ويتفاعل مع الإيجابى والمفيد منها.
إن ثورتنا بحاجة لمواد إعلامية قادرة على بناء ودعم التيار الرئيسى للمجتمع المصرى.
مقومات النهضة فى هذا البلد قائمة ولكن على كل منا أن يقوم بدوره فى حدود دائرة تأثيره، ودائرة الإعلام كبيرة وتحتاج نضجا لا نملكه حتى الآن.
المصدر: المعتز بالله عبد الفتاح/ جريدة الشروق
نشرت فى 18 مايو 2011
بواسطة WafaaFarag
ساحة النقاش