فجرت ثورة ٢٥ يناير آمال وطموحات الشعب فى تحقيق الحرية والكرامة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأصبحت الثورة في مهدها تتجاذبها الأفكار من كل جانب، سواء الجوانب الدستورية أو السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو التنموية، وأهمها التنمية البشرية، مما يثار فى وسائل الإعلام بصفة يومية. وقد ظهر على سطح هذه الأحداث كثير من المقترحات والمشروعات، ومن أهمها مشروع الدكتور فاروق الباز، المسمى مشروع «ممر التنمية»، بعد ثلاثين عاما من الإهمال، ونرى أن مشروع ممر التنمية من أهم المشروعات وأعظمها.
ومشروع تنمية سيناء لا يقل أهمية أو أولوية عن مشروع ممر التنمية، فسيناء هي بوابة مصر الشرقية وخط الدفاع الأول ومسار الأنبياء وأرض التواصل بين قارتي آسيا وأفريقيا، ولم تنجح أي محاولة على مر التاريخ القديم والحديث لغزو مصر أو احتلالها من الغرب، لكن تمت جميع الغزوات والفتوحات عبر سيناء، أى من الشرق– كل ذلك يضيف إلى أهمية سيناء من الناحية الاستراتيجية والجيوسياسية، ويجب أن نضع مشروع تنمية سيناء فى المقام الأول، حيث تمثل العبور الثاني للشعب المصرى، والدعامة الأساسية لتحقيق التنمية الشاملة لشبه جزيرة سيناء، والانطلاقة الكبرى نحو إعادة توزيع السكان على صحراء مصر الشاسعة والغنية بخيراتها .
ومشروع التنمية الشاملة لسيناء يشمل جميع النواحى والمشروعات الاقتصادية المتمثلة في الزراعة والصناعة والتعدين والسياحة وإقامة المجتمعات العمرانية الجديدة وما يتبعها من مشاريع خدمية والانطلاق من ضيق الدلتا والوادي وتكدس السكان إلى رحابة سيناء، التى تمتد على مساحة ٦٠٠٨٨ كيلو متراً مربعاً تمثل ٦ % من مساحة مصر، وتخدم محافظات شرق الدلتا (دمياط- الشرقية– القليوبية– القاهرة الكبرى) بل محافظات الصعيد المطلة على البحر الأحمر، إضافة إلى محافظات القناة (بورسعيد– الإسماعيلية– السويس)، حيث تمثل لها شبه جزيرة سيناء منطقة جذب للسكان والاستثمار.
وبالرغم من البدء في تنفيذ مشروع تنمية شاملة لمحافظة شمال سيناء، منذ بداية تسعينيات القرن الماضى، وبتكلفة إجمالية تبلغ نحو ٥.٨ مليار جنيه بأسعار ١٩٩٥، فإن ذلك لم يأت بثماره فى تحقيق التنمية الشاملة حتى الآن إلا على استحياء فى مجال الزراعة والرى، حيث تمت إقامة ترعة السلام بطول ٨٧ كم غرب قناة السويس عند الكيلو ٢١٩ على فرع دمياط، والتى تتجه شرقا فجنوبا ثم شرقا حتى قناة السويس عند الكيلو ٢٧.٨ جنوب بورسعيد، ثم تعبر أسفل قناة السويس وتمتد شرقا حتى وادى العريش (شرق القناة)، لتسمى ترعة الشيخ جابر بطول ١٧٥ كم، وإقامة ٣ محطات من عدد ٩ محطات لخلط ورفع المياه على طول القناة، لتخدم مساحة ٦٢٠ ألف فدان، منها ٢٢٠ ألف فدان غرب القناة فى محافظات دمياط والدقهلية والشرقية وبورسعيد والإسماعيلية، و٤٠٠ ألف فدان شرق القناة، ويتم تنفيذ هذه المرحلة الثانية (شرق القناة) لاستصلاح وزراعة مساحة ٤٠٠ ألف فدان على مياه ترعة السلام وذلك على النحو التالى:
١ - منطقة سهل الطينة بمساحة ٥٠ ألف فدان بزمام محافظة بورسعيد.
٢ - منطقة جنوب القنطرة شرق بمساحة ٧٥ ألف فدان بزمام الإسماعيلية.
٣ - منطقة رابعة بمساحة ٧٠ ألف فدان بزمام محافظة شمال سيناء.
٤ - منطقة بئر العبد بمساحة ٧٠ ألف فدان بزمام محافظة شمال سيناء.
٥ - السر والقوارير بمساحة ١٣٥ ألف فدان بزمام محافظة شمال سيناء وتقع بوسط سيناء (لم ينفذ حتى الآن المناطق الثلاثة الأخيرة).
وقد روعى وضع تخطيط جيد للقرى، حيث قسمت إلى قرى مركزية وقرى فرعية تخدم كل قرية فرعية ٧٥٠٠ فدان بشرط أن يتم الوفاء باحتياجات وخدمات السكان داخل كل قرية على حدة.
ساحة النقاش