سيناء جزء لا ينفصل من حضارة وادي النيل ، لذلك فإن كل العصور التي مرت بها تلك الحضارة ( من فرعونية ، ويونانية / رومانية ، وقبطية، و إسلامية،،، ) لها أثار علي أرض سيناء ، فلكل عصر معالمه مشكلة في مواقع أثرية كثيرة ، وبالإضافة إلي ذلك ، تشتهر سيناء من الوجهه التاريخية – الأثرية بميزتين أخريين هما :
- الطريق الحربي الكبير الذي يمر بها ومازالت آثاره باقية .
- ثم المناجم الأثرية ، مناجم الفيروز والنحاس ، والتي تعد من أقدم المناجم في العالم .
فهذان العنصران هما مدخل تاريخ سيناء ومفتاح لاستيعاب الخريطة الأثرية بها .
ولا مجال هنا للحديث عن التتابع الزمني لهما ولكن سآخذكم إلى :
أهم ما كشف عنه من آثارها
فيتمثل في المناطق التالية :
تل الفــرما
يوجد شمال قرية بالوظة علي طريق القنطرة – العريش عند مكان مسقط الفرع البيلوزي القديم لنهر النيل .. وتعرف أحياناً ( الفرما ) وهو الاسم العربي للبلدة التي عرفت عتيقا باسم بيلوزيوم .. وكانت أشهر حصون الدفاع عن الدلتا من جهة الشرق .. وقد قامت عندها غزوات عديدة من أبرزها المعركة التي وقعت بين جيوش المسلمين بقيادة عمرو بن العاصي وجيش الرومان في عام 640م .. ويدل تاريخ المدينة علي أنها قديمة جداً .. عرفها الفراعنة .. واليونانيون الذين نسبوا إليها اسم فرع النيل البيلوزي .. وعرفها الأقباط باسم فرومي .. ومنهم أخذ العرب اسم الفرما … وقيل إنها وطن بطلميوس الفلكي الشهير .
الخوينات والفلوسيات
تقع هاتان المنطقتان علي ساحل بحيرة البردويل علي طريق القنطرة ــ العريش في موقعين قريبين من بعضهما البعض ، ويقعان حالياً ضمن محمية الزرانيق .
وتضم الخوينات آثار مجموعة مبان متلاصقة وعثر بها علي عدد من شواهد القبور عليها كتابات باللغة اليونانية القديمة وعلي شكل آدمي . . أما الفلوسيات ، فتضم مجموعة من الكنائس ترجع إلي القرن الخامس الميلادي .. وقد ذكرها الجغرافيون الرومان باسم ( استراسيني ) .
وتحتل الفلوسيات ( تل الفلوسية ) موقعا استراتيجياً هاماً .. حيث كانت مكان التقاء الشاطئ الذي يربطها بالفرما والطريق الحربي .. ولم يبق بها من الحصون إلا بقايا حصن الإمبراطور جوستنيان الذي أقيم في القرن السادس الميلادي ناحية الشرق خوفاً من الفرس . . وقد أطلق عليها البدو اسمها الحالي لكثرة ما عثروا فيها علي نقود رومانية .
آثار العريش والشيخ زويد ورفح
وهي آخر ثلاث نقاط علي الطريق الحربي ، أما العريش فهي مدينة مشهورة عند قمة وادي العريش .. وكانت منذ أقدم العصور ميناء مصريا هاماً ومركزاً استراتيجيا علي طريق حورس ، وأحد المراكز الرئيسية للجيش المصري خلال عصر الدولة الفرعونية الحديثة ، ولكن لم يبق من حصونها ومعابدها شيء يذكر ، وأهم ما بها الآن قلعة العريش ، والتي بقي منها الآن سور مربع ارتفاعه نحو 8 أمتار وطول ضلعيه الشمالي والجنوبي 85 متراً والشرقي والغربي 75 متراً .. وفي اعلي السور ستة مزاغل لضرب النار .. وفي كل برج قبو لخزن القنابل . . وفوق باب القلعة نقشت بعض العبارات باللغة العربية مثل ( وما النصر إلا من عند الله ) وعبارة ( أمر بإنشاء هذه القلعة مولانا السلطان سليمان بن السلطان سليم بن السلطان بازيد ابن السلطان عثمان خلد الله ملكه وقوي شوكته وأعز دولته ) .
وقد اعتمد الأتراك علي هذه القلعة كثيراً في صراعاتهم حتى الحرب العالمية الأولي .
أما تل الشيخ زويد فيقع شمال مدينة الشيخ زويد الحالية .. وتنتشر عليه شواهد أثرية واضحة .. حيث عثر فيها علي آثار فرعونية من الدولة الحديثة وبقايا كنيسة .
وأخيراً رفح وهي نقطة هامة علي الحدود بين مصر وفلسطين .. وتردد ذكرها كثيراً في نصوص الدولة الحديثة ولكن لم يبق من آثارها إلا بقايا من أحجار كنيسة مسيحية من القرن السابع الميلادي .
قلعة صلاح الدين
تشكل قلعة صلاح الدين الأيوبي علي جزيرة فرعون في سيناء رمز و قيمة تاريخية وأثرية عظيمة ، حيث قامت هذه القلعة الصامدة بدور الحارس الأمين للشواطئ العربية في مصر والحجاز والأردن وفلسطين علي حد سواء ، وساعدت في دفع الأخطار العسكرية أثناء الصراع الصليبي – الإسلامي ، حيث كانت مصر الإسلامية تمثل الدرع الواقي للعالم العربي والإسلامي أثناء ذلك الصراع .
وقد بنيت هذه القلعة فوق هذه الجزيرة علي بعد نحو 60 كيلو متراً من مدينة نوبيع .. وعلي بعد نحو 8 كيلو مترات جنوب طابا لتكون قاعدة متقدمة لتأمين خليج العقبة من أية غزوة صليبية .
وقد كشفت الحفائر الأثرية أن هذه الجزيرة قد استخدمت لأغراض عسكرية في عصور قديمة عربياً ، ولكن المباني الباقية الآن فيها تعود إلي العصر الأيوبي عندما أمر صلاح الدين الأيوبي ببنائها عام 1170 م لتكون إحدى القلاع الهامة في صراعه مع الصليبيين ، وتضم قلعة صلاح الدين مجموعتين من التحصينات : شمالية وجنوبية ، كل من هما عبارة عن قلعة مستقلة وذلك عبر الاستفادة من تضاريس الجزيرة بشكل مثالي بحيث تم بناء القلعتين علي تلين ، الشمالي فيهما أكبر حجماً وأكثر تفصيلاً ، أما السهل الأوسط المحصور بين هما فقد أقيمت فيه المخازن والمسجد والغرف ، ويحيط بالقلعتين والسهل الأوسط سور خارجي مواز لشاطئ الخليج في ضلعه الشرقي والغربي به ستة أبراج تطل مباشرة علي مياه الخليج ، أما التحصينات الشمالية فإنها ترتفع وتتخللها الأبراج عند النهايات العليا للتل الشمالي ، وتوجد بالأبراج التسعة فتحات لرمي السهام في ثلاثة اتجاهات.
أما الأسوار السميكة فإنها تحتوي علي طرقات كانت تستخدم لوقوف الجنود خلفها لرمي السهام .
وتضم هذه المنطقة أيضاً مطاراً (برجاً) للحمام الزاجل حيث عثر الأثريون علي بعض الرسائل المتبادلة بين القاهرة والقلعة والتي نقلها الحمام الزاجل .
جبل موسى :
توجد في أعلى رأسه جامع وكنيسة ضئيلة ، ويحرص السائحون على تسلق الجبل عقب منتصف الليل ليصلوا قمته قبيل شروق الشمس ، ورغم مشقة الرحلة وصعوبة تسلق الجبل ثم 750 درجاً من الصخر في قمته .. إلا أن منظر الشروق في تلك البقعة متعة تستحق كل صعوبة حيث تبدو قمم الجبال المحيطة وكأنها قد اكتست بلون أحمر مع بزوغ الشمس .
دير سانت كاترين :
ويستقبل الدير يومياً مئات السياح من أنحاء العالم ، لزيارة معالمه ومكوناته الأساسية دير طور سيناء المعروف باسم دير سانت كاترين ، ويقع الدير أسفل جبل سيناء ، في منطقة جبلية وعرة المسالك حبها الله بجمال الطبيعة الأخاذ مع طيب المناخ وجودة المياه العذبة ، وإلى الغرب من الدير يوجد وادي الراحة ، وللدير سور كبير يحيط بعدة أبنية داخلية بعضها فوق بعض تصل أحياناً إلى أربعة طوابق تخترقها ممرات ودهاليز معوجة ، وبناء الدير يشبه حصون القرون الوسطى ، وسوره مشيد بأحجار الجرانيت وبه أبراج في الأركان ويبلغ ارتفاع أسواره بين 12 و 15 متراً ، وتبلـغ أطـوال أضلاعـه 117 و 80 و 77 و 76 متراً تقريباً ويعود بناء الدير إلى القرن الرابع الميلادي عندما أمرت الإمبراطورة هيلانة أم الامبراطور قسطنطين في عام 342 م ببناء دير يحوى كنيسة عرفت باسم كنيسة العذراء عند موقع الشجرة أو العليقة الملتهبة ، وفي القرن السادس الميلادي أمر الإمبراطور جوستنيان ببناء كنيسة في نفس هذه البقعة عرفت باسم كنيسة ( التجلى) .
وأشهر مباني الدير هي : المسجد و الكنيسة الكبرى ، وكنيسة العليقة ، والمكتبة بالإضافة إلى قلايا الرهبان ومعصرة وطاحونتين ومخازن حبوب ومؤن وآبار للمياه ولا يتسع المقام إلى أعطاء التفاصيل عن كلاً منها.
ويوجد في منطقة سانت كاترين نحو عشرة فنادق وقرى سياحية لخدمة الحركة السياحية بها .