تعتبر قصص الاطفال للطفل ، من أهم الوسائل التي تساعده على تفهم وتقبل ثقافة جماعته ، واكسابه الثقة بنفسه من خلال ما يعرف بالتوحد مع البطل الذي توفر له الحكايات الشعبية الكثير من الخصال الطيبة المقبولة اجتماعيا والتي يكتسبها الطفل من خلال توحده مع البطل وتشكل سلوكياته وقيمه ومعتقداته ، فالطفل عند توحده مع البطل خاصه الطفل الأصغر أو الابن الأصغر في كثير من الحكايات الشعبية يتوحد مع شبيه له ، له نفس خصائصه ، وصفاته ، لكنه يمتلك ما يجب أن يحاول الطفل امتلاكه ، يمتلك الذكاء والبراءة والطهارة ، والفعل الطيب ، وهذا ما تحاول الحكاية الشعبية أن تصوره منذ البداية في بطلها ، والذي مع تطور الاحداث لا يتغير ولا يتبدل وبذل يستحق الانتصار في النهاية فالبطل منذ بدء القصة يكون متفوقا بذكائه وارتقاء نفسه ويظل كذلك حتى النهاية .

 

 

بالذكاء والفعل الطيب وحدهما يتميز البطل في الحكاية الشعبية ، لا بالمكر والخديعة كما نرى فى كثير من القصص المؤلفة للأطفال والمستوردة من ثقافات أجنبية معاصرة فميكي ماوس ذلك الفأر الضعيف ينتصر على القط بالحيلة والمكيدة والوقيعة بينه وبين حيوانات أخرى أكثر شراسة ، ويتسم صراعهما بالمطاردات والعنف، وهذه أشياء لا تعرفها الحكايات الشعبية فالذكاء هو الذي يؤدى إلى الحيلة وعقاب الشرير يأتي نتيجة لشره دون أى عنف من البطل فالارنب الصغير يحتال على الأسد ، ويجعله هو الذي يلقى بنفسه إلى البئر ساعيا وراء منافسة والعنزة في قصة العنزات الثلاثة ، تحمى نفسها بذكائها من الثعلب بالمنزل الحجري الذي تبنيه ثم تتخلص من الثعلب في النهاية بعمل حفرة أو وضع ماء مغلى تحت فتحة السقف ليسقط فيها الثعلب الذي يتمادى في شره ، ولكنها لا تمكر مثل مكر ميكي ماوس أو كما يمكر الثعلب للاضرار بالثيران الثلاث ، كما في إحدى حكايات كليلة ودمنة .

 

وهكذا أن المغامرات التي يتعرض لها البطل من الأشرار يجب أن ترتبط بالقيم الخلقية في الصراع ، فالغاية لا تبرر الوسيلة أبداً ، وهذا المبدأ الميكافيللى يجب أن نتلاشاه في قصصنا التي تؤلف للأطفال .

 

فالبطل في كثير من الحلقات الأجنبية مثل مازنجرز مثلا يعتمد على الأسلحة الدمار العدو ، ان الشرير يستخدم أسلحة وذخيرة وصواريخ وهو أسلوب مرفوض ، فكيف يلجأ البطل الشعبي إلى نفس السلاح ، فأين الذكاء وأين الحكمة وغيرهما من الوسائل التي يمكن أن يحارب بها البطل الشعبي، أن الشر يهزم بالخير ، هكذا جاءت الحكايات الشعبية ، وهكذا كان عالم الحكاية الشعبية ، الذي يجب أن نلقنه لأطفالنا ، لننزع من صدورهم المكيافيلية، والرغبة في العنف ، ونزرع بدلا منها الثقة في النفس ، التي لا ترضى بالخنوع ، والكرامة التي تسعى لفعل الخير ، والخلق الطيب الذي يقابل الشر بالخير ، لينتصر عليه في النهاية .

 

ومن هنا جاء الاهتمام بحكايات وقصص الاطفال قبل النوم.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 104 مشاهدة
نشرت فى 8 يناير 2023 بواسطة TeachingValues

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,952