يرى الخبراء ان الاتجاه للزراعات الذكية مناخيا سيحد من الأثار السلبية المحتملة للتغيرات المناخية فى المجال الزراعى "الذى يعتبر من اكثر القطاعات تاثرا بالتغيرات المناخية" فضلا عن دورها فى تحقيق نهضة زراعية واقتصادية وتعزيز الفرص التصديرية للمنتجات الزراعية للأسواق العالمية. وقد اجرينا هذا الحوار مع الاستاذ الدكتور زكريا فؤاد فوزى- أمين شعبة البحوث الزراعية و البيولوجية – المركز القومى للبحوث -و المنسق العام للزراعة الذكية مناخيا بمصر وذلك للتعرف على ماهية الزراعة الذكية مناخيا ودورها فى النهوض بالقطاع الزراعى والحد من الأثار السلبية المحتملة للتغيرات المناخية
-
ما هو مفهوم الزراعة الذكية مناخيا وما الهدف منها؟
الزراعة الذكية مناخيا هى منهج يستخدم فى الزراعة بهدف الوصول لأعلى إنتاجية زراعية من المحاصيل البستانية والحقلية مع الحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة، و أيضا العمل على تقليل الإنبعاثات الغازية الضارة بالبيئة الى أقل حد ممكن مع التكيف مع التغيرات المناخية المستقبلية، وبالتالى فإن الهدف الأساسى من تطبيق نهج الزراعة الذكية مناخيا هو تحسين منظومة الزراعة فى البلدان النامية و المتقدمة على حد سواء.
-
وما اهمية تطبيقها على المستوى العالمى وفى مصربصفة خاصة؟
تطبيق الزراعة الذكية مناخيا على المستوى العالمى يضمن تحقيق عدة أهداف هامة و منها تعظيم الأستفادة من الموارد الطبيعية و تحسين الإنتاجية و الجودة للمحاصيل البستانية والحقلية و الحصول على ثمار جيدة أمنة صحية و نظيفة للإنتاج المحلى والتصدير للأسواق الخارجية ، كما أن تطبيق نظام الزراعة الذكية مناخيا يقلل الى أكبر حد إنبعاثات الغازات مثل ثانى أكسيد الكربون و الميثان و غيرها و يحقق الإستدامة للمنظومة البيئية الزراعية .
و مصر كدولة زراعية رائدة ،حيث تعتبر الزراعة و منتجاتها أحد مصادر الدخل القومى المصرى ولما تمثلة الزيادة السكانية و التغيرات المناخية من تحديات تستلزم إدخال النظم التكنولوجية الحديثة فى منظومة الزراعة المصرية للمحافظة على الموارد الطبيعية و تعظيم الأنتاجية الزراعية و الحصول على محاصيل صحية و امنة للسوق المحلى و للتصدير للأسواق الخارجية.
-
هل تمتلك مصر المقومات لتطبيق هذا النوع من الزراعة ؟
الزراعة الذكية مناخيا عبارة عن نهج يهدف الى تحسين منظومة الزراعة، ولذلك فإن الزراعة الذكية مناخيا هى الزراعة التقليدية العادية بعد استبعاد الطرق التى تؤدى الى استنزاف الموارد الطبيعية، و كذلك تجنب الممارسات الخاطئة مثل الأسراف فى إستخدام المبيدات الكيماوية أو الأسمدة الكيماوية المخلقة.
و الزراعة الذكية مناخيا تعتمد الوسائل والنظم الزراعية الجيدة التى من شأنها زيادة الانتاجية والجودة دون إستنزاف الموارد الطبيعية مثل نظام الممارسات الزراعية الجيدة، و نظم الزراعة الحيوية، والعضوية و التى بدورها تعتمد على التسميد الحيوى والعضوى لزيادة تحسين الأراضى الزراعية و الموارد الطبيعية للأراضى،و كذلك تحسين جودة المنتج الزراعى النهائى و كل ما سبق يتم تطبيقة فى مصر فى العديد من المناطق و لذ فإن مصر تملك المقومات لتطبيق الزراعات الذكية مناخيا.
-
كيف يمكن تغير النظم الزراعية لتتوافق مع التغيرات المناخية ؟
التغيرات المناخية سوف تلعب دورا هاما فى منظومة الزراعة العالمية ،و للأسف فإن معظم سيناريوهات التغير المناخى توصلت فى نهاية الأمر الى دور سلبى على المنظومة الزراعية و قلة الانتاجية لمعظم المحاصيل الزراعية اذا ما زادت درجات الحرارة من 2 الى 4 درجة مئوية، و علية فإن الإنبعاثات ايضا سيحدث لها زيادة كبيرة تضر المنظومة البيئية و بالتالى فإن الإبتكار و الحلول غير التقليدية فى مجال الزراعة أصبح من الأهمية بمكان للمحافظة على المنظومة الزراعية بكل جوانبها و للوصول الى الأمن الغذائى و سلامة الغذاء فى ذات الوقت.
و يجب العمل على تحقيق التكيف والتخفيف من أثار التغيرات المناخية المستقبلية.
و الزراعة الذكية مناخيا تعمل فى هذا السياق ليس فقط فى زيادة الإنتاجية و الجودة للمحاصيل الزراعية بل الى التقليل من إنبعاث غازات الأحتباس الحرارى و إيضا الى التكيف و التخفيف من أثار التغير المناخى.
و من ضمن الأمثلة للحلول غير التقليدية ،زراعة محصولى الكسافا و الكينوا كبديل جزئى لدقيق القمح حيث يمكن إضافة دقيق الكسافا و الكينوا الى دقيق القمح بنسب من 10 الى 20 % لتصنيع رغيف الخبز و العديد من المعجنات الأخرى ذات القيمة الغذائية العالية.
،وتعد الكسافا و الكينوا من المحاصيل الهامة عالميا و تتم زراعتهم فى العديد من مناطق العالم للحصول على غذاء عالى القيمة الغذائية و تدخل تلك المحاصيل فى صناعات إستخراج النشا و الدقيق .
وفى مصر تعتبر من محاصيل الخضر غير التقليدية حتى الأن رغم ان هناك العديد من الأبحاث و المشاريع المنجزة فى هذا المجال .
-
هل سيترتب على تطبيق الزراعة الذكية مناخيًا تغير فى الانماط والعادات الغذائية ؟
سيترتب على تطبيق الزراعة الذكية مناخيا زيادة فى إنتاجية و جودة المحاصيل الزراعية مع المحافظة على الموارد الطبيعية و تقليل غازات الإحتباس الحرارى، أما بالنسبة للتغير فى الأنماط و العادات الغذائية – فقد يحدث هذا و لكن بصورة نهائية إيجابية مثل إدخال بعض المحاصيل الجديدة الهامة فى منظومة الزراعة المصرية مثل الكسافا و الكينوا و غيرها و عند استخدام منتجات تلك المحاصيل أو دمج و إضافة جزء من دقيق الكسافا او الكينوا الى دقيق القمح ، قد يكون الطعم غيرمقبول فى بداية الأمر لكن سرعان ما يمكن تقبلة و أستساغتة .
-
وهل سيكون هناك جدوى اقتصادية لتطبيق الزراعة الذكية مناخيا -أو سيترتب عليها أعباء اقتصادية سواء بالنسبة للدولة أو المزارعين؟
تطبيق الزراعة الذكية مناخيا سوف يحقق الكثير من المنافع للمنظومة الزراعية من تحسين الإنتاحية البستانية الزراعية و الحصول على منتجات زراعية أمنة و عالية القيمة الغذائية و سوف يقلل من المدخلات الزراعية " المبيدات و الأسمدة الكيماوية" التى تعتبر عبئا على البيئة من خلال تلوثها و الحد من الإنبعاثات الضارة.
و علية فإن استخدام الزراعة الذكية مناخيا سوف يحقق نهضة زراعية و إضافة أقتصادية زراعية كبيرة، و وبالتالى لن يترتب علية أى أعباء إقتصادية إضافية بل على العكس سيحقق عائدا إقتصاديا عاليا على المدى القصير و الطويل .
-
كيف يمكن الاستفادة من خبرات الدول الاخرى..وما هى التجارب الناجحة فى هذا المجال ؟
هناك العديد من الدول المتقدمة و النامية التى قامت بالإنضمام للتحالف العالمى للزراعة الذكية مناخيا بمنظمة الأغذية و الزراعة " الفاو، ويعقد الملتقى الدولى السنوى للتحالف فى روما بإيطاليا، و فية تقوم الدول الأعضاء بإستعراض التجارب الناجحة و قصص النجاح فى تطبيق منظومة الزراعة الذكية مناخيا ".
وقد دخلت مصر فى هذا التحالف منذ عام 2016 من خلال شعبة البحوث الزراعية و البيولوجية بالمركز القومى للبحوث برئاسة الاستاذة الدكتورة وفاء حجاج – رئيس نهج الزراعة الذكية مناخيا بمصر، وذلك لتعظيم الأستفادة من خبرات الدول الأخرى المتقدمة و النامية على حد سواء.
-
من وجهة نظركم ما هى الخطوات الاولى لبدء تطبيق الزراعات الذكية مناخيا ؟
-
الخطوة الأولى لنشر الزراعة الذكية مناخيا فى مصر هو توصيل مفهوم الزراعة الذكية مناخيا للمنتجين والمزارعيين من خلال التوعية والارشاد الزراعى و الأعلام و غيرها من وسائل التواصل .
-
الخطوة الثانية تكمن فى الإستفادة من خبرات الدول التى سبقتنا فى الإنضمام الى التحالف العالمى للزراعة الذكية مناخيا و من قصص النجاح فى الدول المختلفة.
-
الخطوة الثالثة هى الأستمرار فى الحضور والمشاركة فى المؤتمرات والمنتديات العالمية فيما يتعلق بالزراعة الذكية مناخيا و خاصة الملتقى السنوى للتحالف العالمى للزراعة الذكية مناخيا.
-
الخطوة الرابعة تكمن فى تقييم الأداء و إدارة تطبيق الزراعة الذكية مناخيا فى مصر.
-
كيف ستؤثر البصمة الكربونية فى القدرة التصديرية للحاصلات الزراعية المصرية؟
يعتمد تطبيق الزراعة الذكية مناخيا على بعض المعاملات التى من شأنها تنهى أو تقلل الى أكبر حد غازات الإنبعاث الحرارى. و البصمة الكربونية تعنى التعرف على كمية الإنبعاثات " لأى منتج" خلال العملية الإنتاجية لهذا المنتج فى مراحلة المختلفة.
و علية فإن البصمة الكربونية للمنتجات الزراعية تعنى كمية الإنبعاثات الكلية الناتجة خلال مراحل الإنتاج ابتداء من عمليات الحرث و العزيق و الرى و الحصاد و ..الخ ،وهذا أمر هام جدا خاصة فى مجال تصدير الحاصلات البستانية و لما كانت الزراعة الذكية مناخيا تقلل لأكبر حد تلك الإنبعاثات فهى تعتبر وسيلة ناجحة فى عملية رصد و تحديد البصمة الكربونية مما يعزز الفرص التصديرية للمنتجات الغذائية الزراعية المصرية للأسواق العالمية.
-
كيف يمكن الحد من الأثار السلبية المحتملة للتغيرات المناخية فى المجال الزراعى و خاصة فيما يتعلق بمجال مكافحة التصحر ؟
للتغيرات المناخية المستقبلية أثارا ضارة بالبيئة و المنظومة الزراعية، و من ضمن أهم الأثار السلبية الضارة النقص الكبير فى إنتاجية و جودة العديد من المحاصيل ، و أيضا زيادة الإنبعاثات الغازية الضارة و خاصة ثانى أكسيد الكربون و الميثان و غيرهما.
و زيادة درجات الحرارة خلال سيناريوهات التغيرات المناخية سوف يزيد من الأحتياجات المائية للمحاصيل الزراعية و بالنظر الى محدودية المياة الصالحة للاعتماد عليها فى الزراعة فهذا سوف يؤدى بطبيعة الحال الى تقلص المساحات الصالحة للزراعة و الى التصحر فى نهاية الأمر مما يؤدى الى قلة المنتجات الزراعية و قلة الأكتفاء الذاتى بالتدريج.
و بالتالى يجب أن نعظم الأستفادة من مواردنا المائية الحالية لتأمين كميات المياة اللازمة للتوسع الأفقى الزراعى و أيضا أستنباط سلالات و أصناف نباتية للمحاصيل الحقلية و البستانية مقاومة أو متحملة للجفاف و درجات الحرارة العالية " تكيفا و تخفيفا من أثار التغيرات المناخية المتوقعة".
و لما كانت الزراعة الذكية مناخيا تهدف الى الأستفادة من الموارد الطبيعية " و منها المياة و الأراضى" و المحافظة عليها و أيضا فى نفس الوقت تقليل الكميات المنبعثة للغازات و التى تؤدى بطبيعة الحال الى تلوث البيئة و الموارد الطبيعية, فلذا يجب علينا أن نبدأ على نشر مفهوم الزراعة الذكية مناخيا فى منظومة الزراعة المصرية لضمان إستدامة التنمية الزراعية المصرية الشاملة لنا و للأجيال القادمة فى مصرنا الحبيبة.
ساحة النقاش