..استكمالا لما عرضناه .....
وهنا ينبغى التنويه إلى أن دور الشيطان فى الوسواس يقتصر على إلقاء الفكرة إلى الموسوس له كما فى قوله تعالى : " وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم" (الأنفال 48) , فلو صادفت الفكرة إنسانا سليم الفكر فسوف يتجاهل عقله الفكرة ويطردها بعد الإستعاذة بالله والإستغفار والإنتهاء , أما إذا صادفت إنسانا مريضا فسوف تتضخم وتتكرر وتتسلط وتستحوذ على العقل ( محمد شريف سالم : الوسواس القهرى , فولكانو للطباعة , الإسكندرية) .
وروى مسلم عن عبد الله قال : سئل رسول الله عن الوسوسة قال : "تلك صريح الإيمان" (أى كراهية الأفكار الوسواسية والشعور بالألم بسببها دليل على الإيمان بالله تعالى , فالملحد لا يتألم لإنكار الله أو سبه بل يستمتع بذلك ويتباهى به ) .
وروى الإمام أحمد بسنده إلى ابن عباس رضى الله عنهما قال : "جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إنى لأحدث نفسى بالشئ لإن أخر من السماء أحب إلى من أن أتكلم به . قال : الله أكبر الله أكبر الحمد لله الذى رد كيده إلى الوسوسة " ( ورواه أيضا أبو داوود والنسائى , والحديث صحيح) . وفى صحيح مسلم بشرح النووى باب : "بيان الوسوسة فى الإيمان وما يقوله من وجدها فيه" , عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : جاء ناس من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم فسألوه : إنا نجد فى أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به . قال : وقد وجدتموه ؟ قالوا : نعم , قال : "ذاك صريح الإيمان " , وفى الرواية الأخرى : سئل النبى صلى الله عليه وسلم عن الوسوسة قال : "تلك محض الإيمان " . فقوله صلى الله عليه وسلم : ذاك صريح الإيمان , ومحض الإيمان معناه استعظامهم الكلام به هو صريح الإيمان , فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالا محققا وانتفت عنه الريبة والشكوك . وقيل معناه أن الشيطان إنما يوسوس لمن يئس من إغوائه , فينكد عليه بالوسوسة .