"
د. مرزوق أولاد عبد الله 
أستاذ التعليم العالى بالجامعة الحرة الهولندية بأمستردام

فى هذا الجو المكفهر والقاتم، علينا أن ننتظر مزيدًا من الترصد والإرهاب والترهيب، الذى قد يستمر سنوات وسنوات باسم الدين، وبدعوى الدفاع عن الإسلام، وإن كان الدين أبعد ما يكون عن ذلك. ولكن فى النهاية، فإن الزبد يذهب جفاء وما ينفع الناس من السلم والسلام والتعايش، يمكث فى الأرض.إن على علماء الأمة الأبرار المخلصين أن يتباروا فى شرح المفاهيم المغلوطة، وأن يبينوها ويبلغوها للناس، مثل ما يتعلق بالغلو فى الدين وترك الوسطية والجنوح إلى تجاوز الحدود، وما يتعلق بالعقائد التكفيرية وبأهل الكتاب والتجاوز فى معاملاتهم والتهاون بأرواحهم وأموالهم، وما يتعلق بالجهاد من مفاهيم غير صحيحة أو غير منضبطة أو مغالبة أو مشوشة، والتى يحتاج الأمر فيها إلى تضافر جهود علماء الأمة الأبرار وإلى ضبط شرعي، حتى لا يتفاقم الأمر مع مرور الزمن ويتسع الخرق على الراقع، ولا يعود فى مقدور أحد أن يعيد الأمور إلى نصابها. وهذه السمة تضر بالصورة العامة للإسلام فى أرضه وفى الغرب أيضً؛ا حيث توجد الأقليات الإسلامية، وحيث تعرقل وتدمر مصالحها ووجودها، إذ المصلحة الإسلامية تكمن فى ترسيخ ونشر الفكر الوسطى السلمى القرآنى المحمدى، وليست فى الفكر المتطرف بتاتًا، لأنه يقوض دعائم الإسلام السمح ويهدم جوهره وأساس وجوده، وهو أنه رحمة للعالمين. إن الغلو فى الاجتهاد، والتطرف فى التأويل، والتشيع للرأى الفرد حتى بداخل الفرقة الواحدة.. كل ذلك أدى إلى شيع أذاق الله بعضها بأس بعض. وتبادل اتهامات التكفير والتبديع والتفسيق والتضليل فى غير رفق ولا إنصاف عذر مهما يكن ذلك. إن تكفير المسلم مأزق خطير، والحكم على المسلم بالكفر ردة، وله آثار وخيمة وعظيمة على الإنسان المسلم، فلا ينبغى لأى كان أن يتسرع أو أن يصدر هذه الأحكام، فإنه قد ثبت أن سيد الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «إذا قال الرجل لأخيه يا كافر، فقد باء به أحدهما».وفى رواية عن عبدالله بن عمر، رضى الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أيما رجل قال لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدهما».قال ابن دقيق العيد: «وهذا وعيد عظيم لمن كفر أحدًا من المسلمين، وليس هو كذلك، وهى ورطة عظيمة وقع فيها خلق من العلماء، اختلفوا فى العقائد، وحكموا بكفر بعضهم بعضًا». نستخلص من هذه الأحاديث وغيرها التحذير من التكفير والزجر عنه، وهو منتهى التطرف، لأنه حكم شرعى، مضبوط بمعايير معينة من الكتاب والسنة، فلا يصار إليه بمجدر الهوى والجهل، كما يحدث الآن فى عصرنا هذا.لا شك أن الطريق الحق هو ما كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يدندن حوله ويذكر أصحابه به فى كل خطبة، وخير الهدى هدى محمد، صلى الله عليه وسلم،، فعلى المسلمين كافة أن يبدأوا من حيث بدأ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويتجلى ذلك فى التصفية والتزكية والتربية وتهذيب النفس وإصلاحها، وهذا ما يتغافل عنه أهل التطرف والغلو والتشدد
"
 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 65 مشاهدة
نشرت فى 8 نوفمبر 2017 بواسطة Sofraaalazhar

مشروع سفراء الأزهر

Sofraaalazhar
تأهيل وتطوير شباب الأزهر (محلياً - دولياً) بأهم المهارات (تكنولوجيا - اتصال- إعلام - إدارة - ثقافة) بأحدث أدوات التدريب المعاصرة لتعزيز دور المسئولية المجتمعية للأزهر في التواصل مع الفئات المختلفة لمواجهة الأفكار المتطرفة وترسيخ ثقافة الحوار بالتشبيك والمشاركة مع المؤسسات الحكومية والمجتمع المدنى والقطاع الخاص محلياً ودولياً. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

6,029

نبذة عن المنظمة العالمية لخريج