ساره محمد البوزيد-الظهران
أثناء تطبيقي لأحد مقاييس الذكاء في إحدى فصول الصم , والذي يعتمد على رسم أشخاص ثم يتم تحليل تلك الرسومات وصولاً لنسبة ذكاء الطالبة الصماء , طلبت من طالبة في الصف الثاني الابتدائي أن تبدأ بالرسم لأعمل على تطبيق المقياس , لفت نظري الابداع في رسم الطالبة حيث كان متقن وبتفاصيل يستصعب إيضاحها من قبل نظيراتها في العمر ذاته , جمال ودقة واتقان يجعلني أقف مذهولة أمام ابداعها.
للحواس أهمية عظيمة في حياتنا , ولله الحكمة في سلب حاسة أو أكثر من بعضهم , ولكن ! ماذا لو كنا ننظر للأمور بشكل مختلف ؟ لو ركزنا النظر على نقاط القوة وحرصنا على تنميتها لكان ذلك أفضل بكثير من نعت شيء ما بعجز أو غيرة . غالباً نجد أن فاقدي السمع يكونوا أكثر تركيزاًً على حاسة البصر , فيزداد التمييز البصري لديهم ليشمل فهم الكلام المنطوق عن طريق قراءة الشفاه اعتماداًً على البصر , اضافة الى قوة التركيز والملاحظة الدقيقة لمتغيرات الامور البصرية .
كذلك نلاحظ قوة التمييز السمعي واللمسي لدى فاقدي البصر فنجد أن فاقد البصر لديه القدرة القوية على تمييز الأصوات وتمييز ملامس الأشياء. يقول أحدهم : كان لدينا معلّم كفيف في المدرسة يقوم بتدريس القرآن الكريم إلا أن بعض الطلاب كانوا يأتون للمدرسة من دون حفظ مسبق الآيات المقرر تسميعها في الحصة مما يدفعهم للتلاعب والغش , فيساعد بعضهم الآخر بأن يقوم أحدهم بتلقين زميلة الآيات بصوت خافت أو على قصاصة ورق دون علم المعلم , ما كان يذهل الطلاب , أن المعلم الكفيف كان على قدرة على تمييز صوت الطالب الحافظ للآيات أثناء سرده لها من الطالب الذي قام بالتسميع نقلاً عن أحد زملائه ؟ هل يعني ذلك ان تكون درجة البصر لدى الصم أعلى منها لدى السامعين ؟ أم أن درجة السمع لدى الكفيفين أعلى من البصرين ؟
أن تعطيل وظيفة أحد الحواس يتسبب في تقوية التركيز على حاسة أخرى للاعتماد عليها ,كما ان ذلك يساعد ذوي الاحتياجات الخاصة على اكتشاف مهاراتهم الخفيّة وتنميتها والتعريف بها , فلا يتوقف الزمن على حاسة فُُقِدَت ولله الحكمة في ذلك .
استغلال الحواس الاخرى و تنميتها كنز عظيم يجهل الكثير أهميته , لو ركزنا على ذلك لساهمنا في تحقيق الابداع في مجالات عدّه , لو كانت لدينا معاهد تهتم بتنمية المهارات التي تعتمد في انجازها على الحواس السليمة لدى كل من ذوي الاحتياجات الخاصة , سنجد لدينا من المبدعين من ذوي التحدي من هم على قدرة تامة للإنجاز وعلى اتم الاستعداد للعمل في أي مجال يتناسب وقدراتهم.
لو فكرنا ملياًً لوجدنا أنه لا يوجد شخص معاق ومن ننعتهم بالمعاقين هم ذوي قدرات خاصة ونادرة ومميزة , لو غيرنا الزاوية التي ننظر منها للأمور حتماًً سنرى الجانب المشرق منها.
ساحة النقاش