صَرْخَةُ اليَتِيمِ
تَسْقُطُ أَوْراقُ الأيَّامِ مَعَ حَنِينٍ إلى أمِّي
يَمُرُّ قِطارُ العُمْرِ بِسُرْعَةٍ في غِيابِ أَبِي
تَمُرُّ الحياةُ كالبَرْقِ بِلا مُبالاةٍ بِأَسْئِلَتِي
دَهْرٌ مُتَشَبِّثٌ بِطُقُوسِه لا تَعْنِيه مُعاناتي
أنا المَوْجُودُ كَمَيِّتٍ أسْتَغِيثُ بِمُخَيِّلَتي
فالدُّموعُ حاضِرَةٌ لِتَسْقي جَفافَ عَيْني
فَمَنْ يَمْسَحُ دُموعي مَن يُقَبِّلُ خَدِّي
مَنْ يُنَشِّفُ سَكْبَ الجِراحِ أصابَتْني
كَمَ أحْتاجُ إلى عَطْف أُمِّي لِيُدْفِئَني
كَم أخافُ المَشْيَ في ظَلام وَحْدي
كَمْ أحْتاجُ الآنَ إلى قُوَّة أبي لِتَحْميني
كَم أحْتاجُ لِمَنْ مِنْ سَوادِ لَيْلي يُنْقِدُني
أنا بَيْنَ دَهالِيزِ الدَّهْرِ فَلِمَنْ تَرَكْتُماني
يا لَيْتَكُما لِلرَّحيل مَعَكُما أَخَذْتُماني
أعيِشُ خَشْيَةً مِنْ كُلِّ جِهَةٍ تُحاصِرُني
كَحَمْلٍ بَيْنَ قَطِيعٍ الوُحُوشُ تَنهَشُنِي
هَلْ أدْرَكَ اليُتْمُ مَنْ خانَ مَنْ يَتَّمَنِي
هَلْ أَدْرَكَ العَدْلُ مَنِ السُّقْمَ جَرَّعَنِي
مَنْ في كَهْف ظُلْمِ الزَّمانِ أسْكَنَنِي
مَنِ الّذي في خِيامِ الظّلاَمِ يُعَذِّبُني
مِنْ دُمْيَة مِن لُعَبِ الأطْفالِ حَرَمَني
على رَصيفِ الحياةِ البُؤْسَ أسْقانِي
وا مُعْتَصِماهُ اِنْتَقِمْ مِنْ مَنْ ظَلَموني
يُنَادي الأطْفالُ الأمَّ أنا مَنْ أُنادِي
يُنادونُ الأبَ لِلسَّعْفِ مَنْ يُساعِدُنِي
رَسَمَ الدَّهْرُ حُزْنَ العَيْش على مَلامِحِي
كَكُلِّ اليَتامَى لَيْسَ أحْسَنَ مِنْهُم حَظِّي
مَنْ يُدْرِكُ أوْجاعَ اليَتِيمِ يُدْرِكُ فَجيعَتِي
مَنْ يَرُدُّ على ذِكْرَياتِ أوْجاعِ مُخَيِّلَتي
مَنْ يَقُومُ بِلَمْلَمَة حَنِينَ قَوَافِ قَصِيدَتي
مَنْ يَشْرَحُ لي في هَذِه الدُّنْيا ما ذَنْبِي
قال شَاعِرٌ رَأَيْتُ اليَتِيمَ فَبَكَتْ عُيوني
في خَيْمَةٍ يَهُزُّها الرِّيحُ فَقُضَّ مَضْجَعي
فَمَنْ لاَ يُحِسُّ باليَتِيمِ فَهُوَ غيْرُ أدَمي
إنْ أَرَدْتُم مَعْرِفَةَ مَنْ أنا ما هِيَ مَرامي
فأنا الصِّنْديدُ عَدُوُّ الظُّلمِ اِسْألوا عَنّي
طنجة 29/10/2021
د. محمد الإدريسي