يمتلك الاستزراع المائي في جمهورية تنزانيا المتحدة إمكانات هائلة، إلا أنها غير مستغلة. ويتسيد استزراع الأسماك في المياه العذبة هذه الصناعة، حيث يقوم المزارعون الصغار بتربية الأسماك في الأنظمة الموسعة وشبه المكثفة. كما يجري التكامل بين الاستزراع السمكي والزراعة الحقلية من خلال استغلال الأحواض السمكية الصغيرة التي يبلغ متوسط أحجامها 150 مترا مربعا (10x15 متر) والأنشطة الزراعية الأخرى مثل البساتين، الإنتاج الحيواني، وإنتاج الطيور على مساحات صغيرة من الأرض. ويقدر عدد أحواض أسماك المياه العذبة في تنزانيا في الوقت الحاضر 100 14 حوضا، تنتشر في ربوع الدولة. كما توجد مزرعة كبيرة (25x25 مترا) لتربية تراوت قوس قزح في منطقة أروشا.
ويتوقف توزيع الأحواض السمكية في تنزانيا على عدد من العوامل، مثل وفرة الماء، مدى ملاءمة الأرض للاستزراع السمكي، ومدى الاهتمام والحافز من قبل المجتمع بالأهمية الاقتصادية للاستزراع السمكي. وعلى الرغم من أن استزراع الجمبري (الروبيان) بشكل مربح ما زال في مراحله التجريبية في تنزانيا، فإن عددا من الشركات الخاصة قد تقدمت بطلبات للحصول على التصاريح اللازمة لاستزراع الجمبري، حيث أنه يمتلك قدرات هائلة تجعل منه نشاطا مربحا في تنزانيا. إلا أن هناك قلقا متزايدا بشأن التأثيرات البيئية والاجتماعية والاقتصادية التي قد يسببها هذا النشاط، استنادا إلى الملاحظات الدولية حول هذه الصناعة.
وقد أصبح استزراع الأعشاب البحرية في السنوات الأخيرة نشاطا شائعا في بعض المناطق الساحلية، كوسيلة من وسائل الدخل. وتنتشر المزارع الصغيرة في المواقع المناسبة بطول السواحل التنزانية، من طانجا وحتى شمال مطوارا جنوبا، وفي جزر مافيا وزنزبار. ويدار بعض هذه المزارع بواسطة النساء. وقد برز استزراع الأعشاب البحرية بسرعة كأحد المحاصيل الهامة المدرة للمال في طانجا وزنزبار، حتى أصبح يغطي احتياجات الأسر في هذه المناطق. وأهم الأنواع المستزرعة هي Kappaphycus cottonii و Eucheuma spinosum. ويعتقد أن نوع و E. striatum فقد تم استيرادها من الفلبين. كما أن هناك إمكانية لاستزراع أنواع أخرى مثل الجراسيلاريا
لمحة تاريخية
تاريخ الاستزراع المائي في تنزانيا غير موثق بشكل جيد. وقد بدأ هذا النشاط بشكل تجريبي في عام 1949 (Balarin, 1985) من خلال استزراع البلطي في كوروجي (في إقليم طانجا)، وفي ماليا (في إقليم موانزا)، حيث جرى إنشاء العديد من الأحواض. إلا أن هذه الأحواض أصبحت غير منتجة مع مرور الوقت بسبب الافتقار إلى الإدارة الصحيحة واستخدام التقنيات الخاطئة، إضافة إلى المشاكل الطبيعية الأخرى مثل الجفاف وسوء البنية التحتية. وطبقا لإحصاءات منظمة الأغذية والزراعة فقد جرى إنشاء 000 8 حوض سمكي في تنزانيا حتى عام 1968. إلا أن بعض هذه الأحواض كان صغيرا جدا (20 مترا مربعا) وذا إنتاجية ضئيلة للغاية، ربما بسبب الإدارة السيئة.
وقد جرى تخزين البلطي في الأحواض المستخدمة في المنازل وفي تربية الحيوانات المنزلية والري والمصانع أو الوقاية من الفيضانات. وقد بدأت هذه الممارسة في عام 1950، ومع حلول عام 1966 كانت إدارة المصايد قد قامت بإمداد 50% من الخزانات المائية في تنزانيا بالأسماك. وفي عام 1967، قامت الحكومة بحملة وطنية للاستزراع السمكي، إلا أنها لم تنجح، بسبب الإدارة غير الملائمة. وفي عام 1972 حظي الاستزراع المائي لأول مرة ببعض الأهمية في إطار سياسة المصايد. وبعد ذلك صار هذا النشاط مشمولا ضمن سياسة المصايد، على الرغم من أنه عادة ما يحتل مرتبة متدنية في سلم الأولويات. وقد تم القيام بالعديد من مشروعات المنح الصغيرة لتنمية قطاع الاستزراع المائي في تنزانيا، إلا أنها لم تؤد إلى النتائج المرجوة. وقد بدأ الاهتمام بالاستزراع البحري مع البدايات المبكرة لاستزراع الأعشاب البحرية والتي شملت نشاط Mshigeni الذي أدخل هذا المضمون من الفلبين. وقد أنشئت أول مزرعة للأعشاب البحرية في زنزبار في عام 1989.
United Nations Economic Commission for Africa UNECA). وقد أوضحت نتائج هذا المسح أن تنزانيا تمتلك مقومات هائلة لاستزراع الجمبري، بدءا من إقليم طانجا في أقصى الشمال حتى منطقة مطوارا في أقصى الجنوب. وقد بلغت المساحة التي تصلح لاستزراع الجمبري من خلال هذا المسح 000 3 هكتار، قدر إنتاجها بحوالي 350 11 طن. وعلى الرغم من ذلك، فإن استزراع الأعشاب البحرية ما زال هو النشاط الوحيد للاستزراع البحري في تنزانيا، والذي يمكن اعتباره نشاطا مستقرا وناجحا.
الموارد البشرية
ما زال الاستزراع المائي في تنزانيا يعتبر نشاطا مؤقتا. ويبلغ عدد العاملين في هذا القطاع حوالي 100 17 فردا، منهم 100 14 يعملون في استزراع المياه العذبة وحوالي 000 3 يعملون في استزراع الأعشاب البحرية. والاستزراع السمكي التكاملي في المياه العذبة هو النشاط السائد، حيث يمتلك كل مزارع حوضا صغيرا في المتوسط لتربية الأسماك. أما الاستزراع البحري فيتسيده استزراع الأعشاب البحرية، حيث يمتلك المزارعون مزارع صغيرة تبلغ في المتوسط 50 حبلا يتراوح طولها من 15-20 مترا. وما زال هذا النشاط نشاطا أسريا تمتلكه وتديره العائلات. ومزارعو المياه العذبة والمالحة على حد سواء لديهم مستويات متدنية من التعليم، حيث أنهم نادرا ما يتخطون مرحلة التعليم الأولي. وتبلغ نسبة الإناث للذكور 70 : 30. ويلعب الشباب دورا هاما في إنشاء وإدارة المزارع السمكية وكذلك توزيع الأسماك. وعموما، لم يبدأ بعد الاستزراع المائي التجاري في تنزانيا، على الرغم من تقديم العديد من مقترحات المشروعات، خاصة في الاستزراع البحري، مع الاهتمام الكبير باستزراع الجمبري.
توزيع وخصائص أنظمة الاستزراع
ويوجد في تنزانيا في الوقت الحاضر 100 14 حوضا سمكيا تنتشر في ربوع الدولة، وتختلف قدراتها من منطقة لأخرى. ومعظم المزارعين يمتلكون أحواضا صغيرة تبلغ مساحة كل منها في المتوسط 150 مترا مربعا. وتغطي هذه الأحواض مساحة قدرها 221.5 هكتار. كما توجد أربع مناطق تمتلك كل منها أكثر من 000 1 حوض سمكي. وهذه المناطق هي: روفوما (942 4)، إيرنجا (137 3)، مبيا (176 1) وكليمانجارو (660 1).
وينحصر استخدام الأرض في الاستزراع السمكي في مناطق محددة. فعندما يتوفر الماء يصبح استخدامه ممكنا طالما أن ذلك يخضع لإدارة حقوق المياه التي تحددها السياسات المائية بالدولة. ويستخدم المزارعون روث الحيوانات كمصدر رئيسي للسماد في الأحواض السمكية. كما أن معظم المزارعين يستخدمون مصادر علفية مثل المخلفات المنزلية، نخالة الذرة، نخالة القمح، الخضراوات والحشائش. ودائما كان إنتاج الأحواض منخفضا بسبب صغر مساحة هذه الأحواض إضافة إلى سوء الإدارة. والأحواض السمكية هي نظام الإنتاج السائد في الدولة، مع وجود مزرعة واحدة لتربية تراوت قوس قزح تستخدم نظام المجاري المائية.
الأنواع المستزرعة
لقد استخدمت العديد من الأنواع المحلية أو المستجلبة، أو ما زالت تستخدم، في الاستزراع السمكي في إقليم مجموعة تنمية الجنوب الأفريقي (Southern African Development Community) وكذلك في تنزانيا. وعلى الرغم من تماثل الاستزراع السمكي في كلا المنطقتين، فإن استزراع البلطي هو السائد في تنزانيا. وقد أصبح البلطي النيلي أهم الأنواع المستزرعة وذلك بسبب معدلات نموه المرتفعة مقارنة بالأنواع الأخرى.
وتشمل قائمة الأنواع الأخرى ذات القابلية للاستزراع بعض أنواع الأسماك الزعنفية والقشريات والرخويات في المياه معتدلة الملوحة أو المياه المالحة، مثل أسماك اللبن (Chanos chanos) والبوري (البياح)
(Mugil cephalus). أما في مناطق المياه العذبة فتضم القائمة القرموط الأفريقي (السيللور) (Clarias gariepinus). وتشمل أنواع القشريات والرخويات الجمبري من عائلة (Penaeidae)، الرخويات، سرطان البحر، المحار وبلح البحر. وقد جرت مؤخرا بعض المحاولات لتربية إحدى سلالات سمك اللبن في المياه المالحة. وأهم أنواع الأعشاب البحرية المستزرعة في تنزانيا هي Eucheuma spinosum و Kappaphycus cottoniiو E. striatumوالذي أدخل من زائير ولكنه استجلب في الأصل من الفلبين.
ممارسات وأنظمة الاستزراع
تتضمن ممارسات الاستزراع السمكي في تنزانيا الأحواض الترابية، الخزانات (التنكات) الصغيرة والمجرى المائي الوحيد المستخدم في تربية التراوت. وتبلغ مساحة الأحواض حوالي 150 مترا مربعا في المتوسط . وتغطي هذه الأحواض مساحة قدرها 211.5 هكتار. ويقدر إنتاج هذه الأحواض بحوالي 522.80 1 طن. وتوجد مزرعة تجارية واحدة (25x25 مترا) في منطقة أروشا تقوم بإنتاج تراوت قوس قزح. وقد بلغ إنتاج هذه المزرعة خمسة أطنان في عام 2002 وستة أطنان في عام 2003، وسبعة أطنان في عام 2004. ومن المتوقع أن يبلغ إنتاج هذه المزرعة 15 طنا في عام 2006 ترتفع إلى 30 طنا في عام 2007.
ويستزرع البلطي والقرموط الأفريقي عادة في الأحواض الترابية والخزانات. أما التراوت فقد أدخلت إلى الأنهار في المناطق الشمالية والجنوبية المرتفعة قبل فترة الاستعمار. وكان الهدف الرئيسي من ذلك هو إمداد هذه الأنهار بهذه الأسماك بهدف الصيد الرياضي. ويتبنى مزارعو الأعشاب البحرية طريقة التثبيت بعيدا عن القاع. كما تم كذلك تجربة طريقة الأطواف (السقالات) على نطاق تجريبي في منطقة طانجا.
ساحة النقاش