هل يلتقي الربيع بالخريف؟
هكذا مرت الايام بسرعه فائقه وغزا الشيب رأسي ووهنت صحتي وضعفت حركتي وازداد الإحساس بدنو الأجل وفي هذه الأجواء الملبده بالغيوم ظهرت هي.. فتاه في عمر ابنتي تفيض بالأنوثه والحيويه.. الحياه برحيقها العذب.. بحلوها وابتساماتها..برحابتها الواسعه واشراقها.. تفتح ذراعيها لي وتناديني أن أقبل عليها وتشعرني بإن الحياه لم تنتهي بعد وتعرب عن رغبتها_رغم صغر سنها_فيمن يفهمها ويقدرها.. ويشعرها بأنها امرأه لها احاسيسها وشعورها.. كيان يتحرك ويحلم ويريد العيش في سعاده ورخاء.
قالت لي:لماذا تعرض عني وترغب في البعد عني؟ لماذا تشعرني بقرب الرحيل؟ لماذا تريد أن تتركني لحياه أجهلها تماما؟ أن كنت تشعر أن الأيام تمر سريعا فأنا أريدها تمر ببطئ شديد لكي أحس بالحياه لحظه بلحظه ولن يتحقق ذلك إلا بك ومعك..
_يا أبنتي.. أنت لازلت صغيره السن.. وأمامك الحياه بطولها وعرضها ولاشك سوف يكون لك من هو في نفس عمرك يشاطرك هذه الحياه بكل مافيها..
_ولكني لا أريد سواك.. أنت كما أنت.. كل شئ فيك يشدني اليك..
_لم يبق فئ شئ يا ابنتي.
_بل بقي كل شئ أريد الحياه معك
_كيف تكون حياتك معئ؟
_صفها كما يحلو لك المهم أن تكون لي وأكون لك..
_يااااه
_لاتتعجب أنها أمنيه حياتي أن يكون لي رجلا مثلك.. يكون لي الأخ والأب والزوج و.. الخ معك تكون الحياه الحقيقيه
_ولكني لا استطيع العطاء!
_بل تستطيع
_أين أنت منذ زمن بعيد لاختلف الأمر بيننا تماما
_أنه قدرنا نلتقي اليوم وليس قبل ذلك
_ياابنتي الأمر يختلف بيني وبينك أنت في عمر الزهور تتفتح لك الحياه وأنا كالزهره التي ذبلت.. أنت الحياه تفيض بالحركه والحيويه وأنا حياتي أوشكت علي الأنتهاء.. أنت في بدايه قصه العمر وانا علي صفحتها الأخيره أنت ...
_العمر الحقيقي يقاس بالاحساس وبالحياه ومدي الرغبه فيها ولايقاس بالورقه والقلم.. ولا بالأيام..
الإنسان لايكبر عندما يمر به الزمن بل عندما تموت الأشياء بداخله عندها يفقد بريقها فيخفض صوتها.
عندما نهض الرجل من نومه ووجد نفسه بمفرده بعد أن رحلت عنه زوجته منذ سنوات طوال ولكنه وجد نفسه ينهض ويملؤه الإحساس بالحياه والرغبه الشديده في الانطلاق بروح الشباب في رحاب الحياه الواسعه... فما رأيكم هل يلتقي الربيع بالخريف؟
مع أطيب تحياتي (عبد الفتاح حموده)