تساؤلات عربيّ

تهت واختلطت عليّ الأمور، وما عدت أعرف كيف يمكنني أن أجد طريقي وسط هذا الغمار. فيما مضى من عمري، عشت بين النّاس متسامحا، متعاونا، ولم أتجاوز حدود ما دأبت عليه المجموعة في بلدي. كنت كلّما ضاقت بي الدّنيا، واستعصت مساربها أجد منفرجا ومخرجا عند الّذين يحيطون بي من العائلة وممّن سمحت ظروفي أن أعرفهم، وقد تأتي المعونة من حيث لا أحتسب. كنت صلبا لا أكسر حتّى مع أعتى الأعاصير الّتي عصفت بي وببلدي لأنّي لم أكن بمفردي ولم تكن البلد لقمة سائغة أوسهلة المنال. اليوم، وفي هذا الغمار، أصبح النّاس فرادى، وغلبت علينا العزّة بالمصلحة الفرديّة وما سوانا أو من سوانا "فإلى الحجيم". لانت أجسادنا، واتخذنا عوض اللّون ألوانا لا يمكن مزجها، ولا تجد فيها صفة تصل اللّون بالآخر، فتهنا وصرنا أشباحا تخاف ولا تخيف. لانت أجسادنا فصرنا كالصّلصال يسهل تطويعنا وعجننا ثمّ وضعنا في قوالب جاهزة، لا تمتّ لنا ولو بصلة. صرنا فرادى معزولين، أو منعزلين، فتربّصت بنا الذّئاب الآدميّة، وقادتنا إلى حضائرها لتسودنا وتتحكّم في رقابنا. قد نتساهل مع بعضنا البعض وحتّى مع أنفسنا فنقبل الواقع كما هو لنعيشه ونتحمّل مسؤوليّتنا في ما آلت إليه شؤوننا. ثمّ نقول إنّه التّطوّر ومسايرة الجديد، لكن التّطوّر حسب علمي يعني التّقدّم نحو الأفضل ولا يعني التّقهقر والتّراجع. أم هل التّطوّر مقصور على فئة دون أخرى وربّما على حسابها؟ وإذا سلّمنا أنّنا تطوّرنا، لماذا نقف على عتبة الأبواب لا نتخطّاها، بينما تتحكّم بلدان أخرى في الأبواب ويمتلكون أقفالها؟ 

رشدي الخميري/ جندوبة/ تونس

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 223 مشاهدة
نشرت فى 11 سبتمبر 2021 بواسطة Randazx

عدد زيارات الموقع

29,360