((ناديته ))
---------
ناديتُهُ والدجى بالصوتِ يندَلِعُ
قمْ منْ رُفاتِكَ ليست تَسْقِطُ القِلَعُ
قمْ من رُفاتِكَ فالأيامُ خائنةٌ
ليستْ كعَهْدِكَ يُعطي وهي تَمْتَنِعُ
ناديتُ وَيحَ غَدي حرَّاهُ من لهبٍ
هل لي بِقُربِكَ ضِيقٌ فيه مُتَّسعُ
يامن هجرْتَ السُرى الصّبْحُ يهجرُني
كم طاردتني يدُ الأغوالِ والهِزَعُ
كم عافني للوغى دهري وشيَّعَني
والصبرَ تُتْلِفُهُ الغصَّاتُ والهلعُ
يا طيفَ من عافَني والعُمرُ يلفِظُني
هل أنتَ بالموتِ بالترحالِ مُقْتَنِعُ
لَوّحْتُ بالآهِ فاخضلَّتْ بها سُحٌبي
حَمَلْتُها صرْخَةً عني ستَنْقَشِعُ
لكنني قد نَزَفتُ الدَهْرَ أجْمعُهُ
كي اقتفيهِ هدىً والعُمرُ يُرْتجعُ
فاختارَ سمْتَ النوى والموتَ أحْجيةً
وقَطّعَ الدربَ حولي كيفما أقعُ
ألفَيتُهُ قَبساً في النورِ يُبْصِرُني
لكنهُ من وهيجِ الضوءِ يرْتَفِعُ
جمَّعْتُهُ في الرؤى علِّي أُشاهِدُهُ
فانزاح بينَ الردى بالموتِ يجْتَمٍعُ
حينَ احتضَنْتُ الاسى من لوعةٍ كمداً
شاهدْتُهُ في احتضانِ الموت يقتنعُ
مذ ان بسطتُ له من مهجتي أمداً
لا يمْنَعنَّكَ عني الموتُ والفزعُ
كيف اسْتَرحْتَ أجبْني ثم لم ترَني
إذ قد لَبِسْتُ سواداً ليس يُقْتَلعُ
واستسلمَ الحزنُ والأيام توقِدُهُ
يا حسرةً في شِعابِ الروحِ تُلْتَفعُ
لا النورُ يبْصِرُ لا الأوهامُ تخْرِجُني
من حرَّةٍ في الحشا تنمو فتتسعُ
إنّي سمِعْتُ النِدا والرَّجعُ أيقظني
والصوتُ يعرفني والليلُ والهَجِعُ
بل انتَ انتَ هنا في كلِّ زاويةٍ
لا شكَّ يوهِمُني عنه فأرْتدِعُ
إذ تسكُنُ الآن في الأضواءِ حين ترى
وانت في العينِ في الأهدابِ تُصطنعُ
إيمان الصباغ ..