{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}
!!!!!!!!!! { مسرحية .. الأم } !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
:::::::::: ( الفصل الثالث * المشهد الأول * ) ::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
[[المشهد في إحدى ردهات القصر الملكي حيث وقفت إيزيس تتحدث إلى أوسركون ]]
{{ إيزيس }} : تلك هي الحقيقة كلها يا أوسركون القيها بين يديك .. الحقيقة التي يجهلها حورس .. ويجهلها الكثيرون !
{{ أوسركون }} : أأنت يا راكوتيس !! أنت الطاهرة التي غابت عن وادينا منذ أكثر من سبعة عشر عامًا .. إيزيس زوج أزوريس العادل المستقيم !
{{ إيزيس }} : أوزوريس الذي ضاق الظلم والإعوجاج بعدله واستقامته .. أزوريس الجالس عن يمين الآلهة ، يرى واديه المقدس بعين الراعي الصالح .. أوزوريس الحزين القلب لما يلاقيه أهل الوادي من الذل والعار .. أوزوريس الذي يستنهض فينا ما عشنا به دهورًا وأرسينا به للخير صرحًا في قلوب من يشربون من النهر الخالد .. ذلك الصرح الذي لا يجب أن تهزه المحن أو تزويه الأنواء والخطوب مهما اشتد أمرها !
{{ أوسركون }} : وما العمل يا أمنا الغائبة عن أبنائها .. ما العمل ! أمن حقك أن تتخفي عن الناس .. أيعقل أن تنكري ابنك ، وحاجته إليك لا تقل عن حاجتك له .. أيعقل أن يكون الصمت هو عملنا الوحيد في الحياة !
{{ إيزيس }} : حورس الآن معقد الآمال يا أوسركون .. فهو ابن أزوريس .. والحاكم الشرعي للبلاد .. وهو الذي سيخلص أهله من المذلة والعار .. وحياته أغلى من أن نغامر بها .. فذلك القلب الصغير النابض بحياة الوادي كله ، قد يُسكته عن النبض من أسكت قلب أبيه من قبل .. إنه محاط بمن أعدوه ليكون سيفًا في أيديهم ، فما ظنك إن رأوا السيف يستدير إليهم ! أيكون هناك ما يلويهم عن كسره .. أيكون هناك ما يمنعهم من قتله ، وقد تلبستهم الرغبة في التملك ، ومستحيل أن تتخلى عن مكانها في قلوبهم لأي شيء آخر عداها .. فبها يحمون أنفسهم من جرائمهم ، ويحافظون على بقائهم .
{{ أوسركون }} : وماذا بوسعنا لنحمي حياة الملك الصغير .. إنني أشعره ابني كما هو ابنك يا أمنا ، وحياتي فداءه من كل شر !!
{{ إيزيس }} : سوف نفكر فيما يمكننا فعله ، ولكني الآن أريد رؤية حتحور ..
{{ أوسركون }} : حتحور !
{{ إيزيس }} : نعم .. الفلاح الذي كتم سري وأقمت عنده الأعوام الماضية .. الفلاح الذي لم يهدأ يومًا وهو يحدث الناس بذكاء عن أزوريس الراحل عن حياتنا بالغدر والكيد !
{{ أوسركون }} : أهناك فوق أرض الوادي من يحدث الناس بالعداوة لملوك الشر ويبقى حيا !
{{ إيزيس }} : إنه لم يحدث الناس بعداوة الملك ست يومًا . حتحور أذكى من هذا يا أوسركون . لكنه كان يحدث الدنيا عن عدل أزوريس ورقته ورحمته . ولا تنسى أن كثيرين ممن عرفوا استقامة أزوريس ولمسوا الحب في قلبه ، أحياء لليوم ، وهم أيضًا يتحدثون بما رأوا باليقين الذي عاشوه في دنيا الحب والعدل وقوة الحق .
{{ أوسركون }} : رغم السنين الطوال يا أمنا ؟!
{{ إيزيس }} : ورغم كل شيء .. الناس لم تنس فيما مضى من سنين يا أوسركون ، ما كان على أيام أزوريس الذي أحبهم .. وحين يعلمون حقيقة ما دبره له ست ، فسوف يطالبون برأس الخائن .. وسوف يرفعون حورس فوق كرسي أبيه .. الكرسي المغتصب غدرًا وغيلة .
{{ أوسركون }} : أتثقين في حتحور هذا إلى حد أن .
{{ إيزيس }} : [ تقاطعه ] إلى أقصى الحدود يا أوسركون . إنه من رعاني أعوامًا طويلة بكل أمانة .. وما مد في عمره لليوم إلا انتظاره لحظة يعود فيها الخير من جديد .. لحظة يتمنى لو رأها قبل أن يرحل عن دنيا البشر .
{{ أوسركون }} : لم أقصد أمانته يا سيدة الوادي الأخضر .. كنت أقصد حسن تصرفه في أمور قد لا يعي دقة التعامل فيها .
{{ إيزيس }} : إطمئن يا أوسركون .. الفلاح يعرف الكثير ، وذكائه الفطري يعوضه عما يناله غيره بالتدريب .
{{ أوسركون }} : غدًا أرسل في دعوته لزيارتنا .
{{ إيزيس }} : وأعطي هذا المكتوب لرسولك ليقرأه حتحور قبل مقدمه .
[[ تدفع برسالة إليه في الوقت الذي يدخل فيه الملك ست وزوجه سحتم وكبيرة الوصيفات تاكلوت ]]
{{ الملك ست }} : أنا أتطوع بحملها إليه يا راكوتيس الطيبة .
{{ أوسركون }} : الملك ست !
{{ ست }} : نعم .. الملك الذي انتشلك من غياهب السجون ، وأتى بك إلى القصور لتتآمر عليه وعلى مُلكه .
{{ أوسركون }} : عفوًا يا سيدي فلم يكن فيما كنت أقوم به من التآمر شيئًا .
{{ ست }} : وماذا كان فيه ؟!
{{ أوسركون }} : الحقائق التي تذهل العقل وتثقل الضمير ولا تدع أمام الإنسان خيارًا وهي تلزمه جانب الحق !
{{ ست }} : الحق .. أي حق ! الحق في جانبي أنا .. أنا الحق .. الحق لدى من مد يده إليك .. الحق مع من رد إليك الحياة ، لو لم انتشلك من السجن لكنت الآن تلهث كالكلاب وراء فتات السجون ، لو تركتك يومها لما كان لك الآن لسان تنطق به ضدي ، وعقل تدبر به الحيل مع الخونة [ وهو ينظر إلى إيزيس ] .
{{ سحتم }} : لقد منحته الحياة يومًا يا سيدي وأنت قادر الآن على منحه الموت .
{{ ست }} : الموت .. الموت فيه راحة له .. لن يموت .. فهذا أقصى أماله الآن ، إنه يتمنى راحة الموت أكثر مما يرجو الحياة ، ولكني لن أريحه [ يلتفت إلى إيزيس ويقترب منها ] أما أنت يا إيزيس !
{{ إيزيس }} : لا تنظر هكذا إليَّ يا ست .. فليس هكذا تنظر إلى ملكة مصر التي رعاك زوجها يومًا لتتآمر عليه .. تتآمر على ولي نعمتك وتقتله لتحتل مكانه غدرًا ، وتشرد زوجه في البلاد ، وتسرق ابنها وتدعيه لك .
{{ سحتم }} : [ تصرخ بوحشية ] إخرسي أيتها المتآمرة .. ثم تنر الى للملك ] لتأمر بقتلها يا ست .. مر بقتلها الآن .. أنا لا أطيق رؤيتها حية أمامي !
{{ ست }} : [ يصفق لحراسه فيسرعون إليه ] خذوهما إلى برج القصر حتى أصدر بشأنهما أوامر أخرى .
{{ رئيس الحرس }} : السمع والطاعة يا مولاي .
[[ يأخذهما الحرس ويجلس ست متهالكًا على الكرسي وهو يضع رأسه بين يديه ، وتقترب منه تاكلوت تحدثه ]]
{{ تاكلوت }} : هل لمولاي الملك أن يأذن لي بالحديث .
{{ ست }} : [ يرفع رأسه ] وماذا ستقولين يا تاكلوت؟
{{ تاكلوت }} : ليس في الوقت فسحة للضعف والتروي ، فالأمور تجري مسرعة وعلينا نحن أن نطير لنسبقها ، والوقت علينا لا لنا يا مولاي !
{{ ست }} : ماذا تقصدين يا تاكلوت ؟
{{ تاكلوت }} : أنا أعطيك العذر في تساؤلاتك يا مولاي .. فالإنسان حين ينفعل لا يرى كل شيء !
{{ ست }} : لا وقت للشروح يا تاكلوت .. أقصدي في الحديث وقولي لي عما ترمي إليه !
{{ تاكلوت }} : غدًا يعود حورس من تدريباته بالتباب والسهول المجاورة ، وعلينا أن نستعد لمجيئه بما أفكر فيه .
{{ سحتم }} : وفيما تفكرين .. وهل تسعفك الحيلة بمثل هذه السرعة ؟
{{ تاكلوت }} : وبأسرع من هذا يا مولاتي ، ففي مثل تلك الأمور تكون تلقائيتنا في التصرف هي المخرج .
{{ سحتم }} : وبماذا أملت عليك تلقائيتك يا تكلوت ؟
{{ تاكلوت }} : سيعثر الجند مساء اليوم على جثة أوسركون ملقاة خارج الأسوار ، وسنعلن عن وجود مخربين منشقين بالمدينة ، وسندين في هذا إيزيس وغيرها لنخلص من أعدائنا دفعة واحدة .
{{ ست }} : كفى هراء يا تكلوت .. فأنا أريد أوسركون حيًا لأعرف منه أعوانه !
{{ تاكلوت }} : ومن قال أننا سنقتله يا مولاي ..
{{ سحتم }} : [ منفعلة ] هل بدأت تخرفين .. لقد قلت ذلك منذ لحظات !
{{ تاكلوت }} : عفوًا يا مولاتي فأنا لم أوضح كل شيء بعد ..
{{ ست }} : ماذا تعنين ؟
{{ تاكلوت }} : سنعثر على جسد مثل جسد أوسركون يرتدي ملابسه ويحمل هويته ، وستكون الجثة مفصولة الرأس ، وستدفن الجثة بدون تحنيط لأنها جسد الخائن أوسركون . أما أوسركون الحقيقي فسيكون في قبو قلعة الجنوب ، حيث يستجوبه رجالنا براحتهم ليعرفوا منه تحت تأثير مواجهة الموت والتعذيب ، وايضا الخمر والنساء إن لزم الأمر ، ونحن نملك الكثير من الوسائل ، سنعرف منه يا مولاى الملك كل ما نحن بحاجة إليه .
{{ ست }} : أهذا عقل امرأة أم شيطان !
{{ تاكلوت }} : عفوًا يا مولاي .. فأنا خادمتكم ولا يدفعني إلى التفكير إلا حبي لكم وخوفي على مصالح البلاد .
{{ سحتم }} : وماذا سنفعل بإيزيس ، وحورس يتعاطف معها ، وأكيد سيتحدث إليها وستبره أنها أمه الحقيقية !
{{ تاكلوت }} : لدينا خطابها إلى حتحور الذي سنرسل للقبض عليه ، ومن نشك في أنهم شركاء لهما ، وسيعدم الجميع باستثناء إيزيس التي سنقدم أخرى غيرها لحظة تنفيذ الحكم . وهناك بجوار أوسركون ستمضي أيامها حتى نعرف كل ما تحويه رأسها الشريرة وسنقلتها حين نكتفي .
{{ سحتم }} : وإن اسمتع إليها حورس وصدقها .. ومن يدري ربما كان لديها أوراق للعب لا نعرف عنها شيئًا .
{{ تاكلوت }} : ستحاول أن تحدث حورس لتكسبه لصفها بالتأكيد ..
{{ ست }} : وماذا أعددت لهذا يا تاكلوت ؟
{{ تاكلوت }} : هذا دور «سمقار» طبيب القصر يا مولاي .. فقط أريد من مولاتي أن تتركني أتصرف بحرية ، وألا تحنو مشاعرها على حورس ، إن استدعى الأمر أن يتعرض لبعض القسوة وأعدكما ألا تمس حياته بسوء .
{{ ست }} : عدت إلى الألغاز مرة أخرى يا تكلوت !
{{ تاكلوت }} : ليست ألغازًا يا مولاي .. كل ما هناك أننا مضطرون لمساومة إيزيس على حورس ، ومشاعر الأمومة بداخلها سوف تجعلنا في مركز الأقوى .
{{ سحتم }} : كيف يا تكلوت .. أفصحي بحق آلهة الشر جميعها !
{{ تاكلوت }} : مولاتي .. نحن في موقف لا يتحمل العواطف التي قد تفسد كل شيء .. وتذهب بحورس وبالعرش وبحياتنا وبكل شيء ..
{{ سحتم }} : [ بنفاذ صبر ] أفصحي يا تكلوت !
{{ تاكلوت }} : ماذا لو هددنا إيزيس بقتل حورس إن هي صارحته بشيء ..
{{ سحتم }} :قتل حورس .. هل جننت يا تكلوت ؟!
{{ تاكلوت }} : لن تمس حياة ولي العهد بشيء يا مولاتي .. نحن فقط نلعب بورقة رابحة ، وقد تأكدنا من أن إيزيس هي أم حورس التي خدعنا تنكرها بادئ الأمر .
{{ ست }} : وإذا لم تستجب ؟
{{ تاكلوت }} : على الأقل ستتظاهر بالموافقة والاستجابة لنا في أول الأمر ، لتجد متسعًا من الوقت تفكر أثناءه فيما هي حياله .. خصوصًا وأن مقتل أوسركون وتهمة التآمر التي تواجههما .. كل هذا سيدير رأسها لبعض الوقت .
{{ سحتم }} : قد تكتشف أننا حريصين على حورس قدر حرصها عليه فتساومنا هي !
{{ تاكلوت }}: حياتها بين أيدينا يا مولاتي ولن يكلفنا أمرها الكثير .
{{ ست }} : قد تضحى بحياتها لتحطم حياتنا معها ، ولتغمد في صدورنا سيف حورس الذي أعددناه لكون في صدور أعدائنا .. أو على الأقل لتكسره وهو في يدنا كي لا نستفيد منه !
{{ تاكلوت }} : الأم لا تقدم على هذا يا مولاي ، خصوصًا لو كانت تلك الأم هي إيزيس .. وعمومًا أنا لم أنس هذا وسوف نستعين بسمقار طبيب القصر ، لنضمن سير الأمور كما نشتهي .
{{ ست }} : وفي أي شيء سوف يعيننا سمقار ؟
{{ تاكلوت }} : ما يمتلكه من عقاقير سوف يحل المشاكل التي لا تجدي معها السيوف ، وسترى يا مولاي .. فقط لنبدء الآن في تنفيذ الخطوة الأولى ، فليس أمامنا إلا القليل والشمس تميل إلى المغيب [ تبتسم في خبث ] ولعل مولاي يلاحظ أن جسد أنوبيس حارس البوابة . [ متداركه ] ذلك الحارس الذي نقلناه إلى حراسة أسوار المدينة لأهماله في عمله .
{{ ست }} : ماذا في جسد أنوبيس يا تكلوت ؟!
{{ تاكلوت }} : يشبه إلى حد كبير جسد أوسركون .
[[ تضحك ضحكة صفراء ووجهها يلمع كوجه الشيطان ]]
................................................................................................................. [ ستار ]
{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}
!!!!!!!!!! { مسرحية .. الأم } !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
:::::::::: ( الفصل الثالث * المشهد الثانى * ) ::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
[[ المشهد في إحدى ردهات القصر بين إيزيس وسحتم في حضور تاكلوت وسمقار الطبيب ]]
{{ إيزيس }} : [ وقد بدا عليها الإعياء ] سحتم .. لقد رجوتك كثيرًا وأنت لا تتراجعين .. [ بحزن ] فإلى متى ؟! .. إلى متى!! .. ولماذا كل ذلك وقد صار إليك كل ما أردت !
{{ سحتم }} : [ بسخرية ] ليس بعد يا إيزيس .. أم أناديك راكوتيس الطيبة كما كان يفعل حورس !
{{ إيزيس }} : أستحلفك بالآلهة أن ترفعي يدك عن حورس المسكين وأقتليني إن شئت !
{{ سحتم }} : لن يفيدني قتلك بشيء .. كل ما يعنيني هو كراهية حورس لك .. أريده أن يسمع منك بأذنيه أنك خائنة ، وأن تعترفي أمامه بأسماء من كانوا يساعدونك .
{{ إيزيس }} : لم يساعدني أحد .. كل من مد يده إليَّ لأعيش في الوادي ما مضى من سنوات ، ما كان يعلم سوى أنني أمرأة لا زوج لها ولا ولد ، وتستحق الشفقة والعون .
{{ تاكلوت }} : وحتحور الفلاح يا سيدتي ألم يكن يعرف ؟
{{ إيزيس }} : ألا يكفيك حتحور وزوجه المسكينة ، وتودين لو أنضم إليهما آخرون !
{{ سحتم }} : سوف أريك ابنك مرة أخرى لعلك تعاودين النظر في صلابة رأيك ..
[ تشير إلى تاكلوت فتخرج في طلب حورس ]
{{ سحتم }} : سوف ترين .. سوف ترين يا إيزيس .. لم يعد بيدك أوراقًا تلعبين بها ، ومَن في وضعك لا تملك إلا الطاعة .
{{ إيزيس }} : لقد أطعت إلى حد لا زيادة بعده .. فلم يعد هناك شيء آخر لتعرفيه .
{{ سحتم }} : بل هناك مالا أعرف وسوف أعرفه يا إيزيس .. من تكوني لتحاربي الملك .. من تكوني لتحاربي آلهتي .. من تكوني وقد تخلت عنك آلهتك .. بل عن الدنيا كلها لتفسح الطريق وتخلي الميدان أمام آلهة القوة التي لا تقهر ..
{{ إيزيس }} : [ صامته لا ترد ] ... !!!
[[ تدخل تاكلوت ومعها حورس وقد تغير حاله ، فيمضي حزينًا إلى ركن يقف فيه ناظرًا إلى الأفق البعيد ، شارد اللب من خلال النافذة .. وقد بدا يائسًا من كل شيء ]]
{{ إيزيس }} : [ تقترب من حورس ] حورس .. حورس .. ماذا أصابك يا حورس ؟!
{{ سحتم }} : ابتعدي عنه أيها الخائنة فهو لا يعي الآن ما حوله وقد صدمته الخيانة من حوله .. الخيانة ممن أحسن إليهم .
[[ تتراجع إيزيس وتنظر بعينين دامعتين في صمت وحزن إلى حورس .. وتدخل عليهم بارسيا وهي مسرعة تتجه إلى حورس تلفته إليها لتحدثه ]]
{{ بارسيا }} :حورس .. حورس يا حبيبي .. أهكذا تنساني !! ألست تذكر بارسيا حبيتك ! أنسيت كلامك معي عن حياتنا .. عن مستقبلنا .. عن الخير والحب الذي تود أن تملأ به وادينا الحبيب .. عن الأطفال وحديقة القصر التي تود لو أمتلأت بهم .. أنسيت كل هذا يا حورس .. أنسيت !
[[ يلتفت إليها ببطئ كالتائه ، وينظر إليها بخوف وفزع ثم يرفع يده ويصفعها على وجهها ، ويجري بعيدًا إلى الزاوية الأخرى من الصالة ، يجلس على أحد المقاعد كالذاهل ، بينما تتحسس بارسيا أثر الصفعة على وجهها وتنفجر باكية وهي تجري إلى سحتم ، تلقي بنفسها في صدرها ]]
{{ سحتم }} : لا تنزعجي يا ابنتي .. إنه سحر الأشرار من سكان وادينا ، إنهم السحرة عبدة آلهة الشر ، وسوف نبطل عمل السحر حين نستعين بآلهتنا ونستنجد بها .. لا تراعي يا بارسيا .. أعدك أن يعود كما كان .
{{ بارسيا }} : متى يا سيدتي الملكة ! له أيام على هذا الحال .. لا أدري ماذا أصابه [ تجهش بالبكاء ] .. هناك ما هو أكثر من هذا رواه لي الحرس المكلفين بمرافقته الآن ، وقبل أن آتي إليكم !
{{ سحتم }} : ماذا يا ابنتي ؟
{{ بارسيا }} :حاول حورس أن يلقي بنفسه من شرفة القصر ، لولا أن أسرع إليه الحارس ، وبالكاد منعه من قتل نفسه !
{{ سحتم }} : سينتهي كل هذا يا بارسيا .. وإلى أن يتم شفاء ولي العهد سنضعه في غرفة على نوافذها شِبَاكات حديدية .
[ إيزيس تضع وجهها بين يديها وهى تبكي ]
{{ بارسيا }} : [ لإيزيس ] ألك عين تبكي يا خائنة ، بعد أن تسببت وأوسركون المخادع فيما صرنا إليه !
{{ إيزيس }} : [ صامته ل ترد ] ... !!!
{{ سحتم }} : أنت بحاجة إلى الراحة يا بارسيا ، فبعد أيام يعود أباك من افتقاد معابد الصحراء ، بعد أن كلفه الملك بهذا ، ولا أود أن يراك وقد تبدلت حالتك هكذا !
{{ بارسيا }} : [ تبكي بنشيج ] ليس بيدي يا سيدتي .. ليس بيدي !
{{ سحتم }} :سيعود حورس كما كان يا بارسيا، وأرجو أن يراكي في أحسن حال حينذاك .. فتماسكي ولا تضعفي يا صغيرتي ..
{{ بارسيا }} : ... [ تبدو غير قادرة على الرد ] !!!
{{ سحتم }} : [ متحدثة الى تاكلوت ] خذيها معك يا تاكلوت وحاولي تهدئتها ..
[ تأخذها تاكلوت وتخرج معها ]
{{ سحتم }} : [ للحرس ] خذوا الأمير إلى حديقة القصر وحاولوا الترفيه عنه .
[ تحاول إيزيس التى كانت بالردهة الخارجية أن تجري إليه فمنعها الحرس ، بشئ من العنف ، فتقع على على الأرض وهم يخرجون ومعهم حورس الى حديقة القصر ]
{{ سحتم }} : قومي يا إيزيس .. يا راكوتيس الطيبة وتعالي نتفاهم قبل فوات الأوان .
[ تقوم إليها إيزيس وتصرخ فيها ]
{{ إيزيس }} : قولي لي أيتها الشريرة .. ماذا فعلتم بحورس ؟! ماذا فعلتم به ! أما كفاكم قتل أباه .. أزوريس الطيب الذي أحسن إليك وزوجك فكان جزاءه أن قُتل بأيديكما !
{{ سحتم }} : وقطعه ست بيده اثنتا عشر قطعة بعدد أقاليم الوادي ورمى كل جزء من جسده في إقليم .. وارتاح قلبه وهو يظن أن الموت قد وضع الفواصل التي لا يعود من اجتازها .. فواصل لا تعبر المشاكل من خلالها .. وعدت أنت يا إيزيس بعد كل تلك السنين .. عدت لتذكرينا بما كان نسيناه .. إيزيس .. لقد أخطأت بعودتك .. عودتك التي يتحمل مرارتها ابنك !
{{ إيزيس }} : أليس لديك قلب يشعر يا سحتم !
{{ سحتم }} : كفى مشاعر .. فليس لدي وقت لسماعها !.
{{ إيزيس }} : ألا يرق قلبك لحورس الذي كبر أمام عينيك وناداك بأمه .. هل مات الإحساس في نفسك إلى هذا الحد !
{{ سحتم }} : [ بهدوء وبرود ] ليكن .. وها أنت يا عزيزتي إيزيس الطيبة قد رأيت ما صار إليه ابنك .. اكتئاب دائم .. لا يعي ما حوله إلا بضع ساعات يقضيها ثائرًا غاضبًا لحد الجنون .. أحيانًا يضرب من حوله ، وأحيانًا أخرى يحاول الانتحار .. وصدقيني إن قلت لك أنني أنا نفسي تعتب مما يحدث وأصابني الإرهاق .. ولم يعد أمامي إلا أن أصدر أوامري بقتله لأستريح .. فما قولك ؟
{{ إيزيس }} : [ واجمة لا ترد ] !!!
{{ سحتم }} : وربما تماديت قليلًا على سبيل التسليه وأبقيت على حياته لأعذبه وأعذبك معه . سأنادي لك على سمقار طبيب القصر ليقول لك ما تبقى لديه .
[ تطرق طاس بجوارها فيهرول إليها أحد الحراس ]
{{ الحارس }} : أوامر مولاتي الملكة ..
{{ سحتم }} : نادي على سمقار الطبيب .
{{ الحارس }} : السمع والطاعة يا مولاتي .
[ يهرول خارجًا ]
{{ سحتم }} : سمقار هذا أمهر من تعامل مع الأعشاب يا إيزيس .. يستخلص منها مالا يخطر على قلب بشر .. كما أنه عالم يكتب السحر .. وتؤاذره آلهة الشر وتعتبره رسولها على الأرض .
{{ إيزيس }} : وهل أحلته على ابنك ؟!
{{ سحتم }} : لا تقولي ابني لتستدري عطفي عليه فهو ابنك أنت .
[ يدخل سمقار الطبيب بلحيته الطويلة وعيونه الناضجة بالشر وذيه المتميز .. ينحني أمام الملكة ]
{{ سمقار }} : السمع والطاعة لمولاتي الملكة .
{{ سحتم }} : ماذا بقى في جعبتك أيضًا يا سمقار ؟
{{ سمقار }} : [ يضحك بحشرجة مزعجة ] أنا لم أخرج بعد شيء يا مولاتي .. فما تبقى يفوق الحصر .
{{ سحتم }} : وماذا يمكنك أن ترينا الأيام القادمة ؟
{{ سمقار }} : [ يضحك وهو يلهث ] لدي عشب لم اكتشفه إلا منذ شهران فقط .. من شرب منقوعه في النبيذ والخل تلتهب أعصاب أسنانه ، حتى أنه يمسك برأسه ويصرح من الألم وهو يرجو كل ما يقابله أن يعاونه في خلع أسنانه جميعها ، ولو بحد السيف ليستريح مما هو فيه .
[ يعقب كلماته بضحكة هستيرية يهتز لها جسده كله ]
{{ سحتم }} : عظيم .. وماذا أيضًا يا سمقار؟
{{ سمقار }} : لدي مسحوق لو لمسه إنسان لمشى الجرب في جلده ، ليصير مسخ مشوه لا يستطيع هو نفسه النظر إلى صورته في المرآة .
{{ سحتم }} : ليس هذا وقته يا سمقار ..
{{ سمقار }} : لدي من العقاقير ما يجعل الإنسان يعاف الطعام ليصير عظام وجلد فقط .. هذا غير تلك التعويذة .. [ يخرجها من جيبه ] .
{{ سحتم }} : وماذا في تعويذتك يا سمقار؟
{{ سمقار }} : إنها ... [ تقاطعه إيزيس ]
{{ إيزيس }} : أصمت أيها الرجل الشرير .. [ توجه كلماتها للملكة ] أرجو أن تأمريه بالإنصراف ولك كل ما تريدين !
{{ سحتم }} : [ تبتسم بخبث ] انصرف الآن يا سمقار حتى أبعث في طلبك من برج النجوم .
[ ينصرف سمقار ويخرج الملك ست من وراء ستار قريب يردد بصوت أجش ]
{{ ست }} : هذا هو صوت العقل يا إيزيس .. لطالما قلت أنك عاقلة حكيمة .. فماذا كان يفيدك من موت ابنك وموتك معه ، في حين أنك قادرة على إنهاء تلك المأساة بكلمات بسيطة منك .. فقط كلمات .. بعدها يعود حورس إلى ما كان عليه ، يعامل معاملة ولي عهد البلاد ، بينما تعيشين أنت معززة مكرمة ولكن بعيدًا عند حدود مصر حتى لا تتصلي بأحد .
{{ سحتم }} : وأيضًا تخبرنا عن أعوانها .
{{ إيزيس }} : ليس مثلي من يقال لها هذا الكلام ، فأنا أعرف أنك ستأمر بقتلي بعدما أتحدث بما تريد ، ولست أخشى الموت الذي سينقلني إلى دنيا الخير بجوار أزوريس .. كل ما أرجوه أن يعيش حورس ، وألا تكون حياتي سببًا في شقاء حياته .
{{ سحتم }} : ألن تخبرينا عن أعوانك ؟
{{ ست }} : ليس هذا مهمًا الآن يا سحتم .. ربما تفرقوا من أنفسهم حين أحسوا بإنكشاف أمر إيزيس .. كل ما يهمني هو ما ستقوله لحورس غدًا حين يعود إلى وعيه .
{{ إيزيس }} : وهل سيعود حورس الشاب القوي الضاحك السعيد المتفائل بالدنيا ، ينعم بكل ما حوله ويسعد بأحلام المستقبل مع خطيبته الحسناء بارسيا ؟
{{ ست }} : بالطبع يا إيزيس .. هذا لو اتفقنا ..
{{ إيزيس }} : وماذا تريد يا ست ؟
{{ سحتم }} : المُلك ست يا إيزيس .
{{ ست }} : أريدك أن تقولي ما سأرويه لك الآن لحورس ..
{{ إيزيس }} : وما هو ؟
{{ ست }} : عظيم [ يصحك مغتبطًا ] .. أنت متفاهمة جدًّا يا إيزيس ولكن ليس الآن .. ليس قبل أن نحتفل بك ونشرب نخب المناسبة السعيدة ..
[ يطرق طاس إلى جواره ثم يتجه هو وزوجه إلى الكرسيين المتجاورين والحاجب يسرع إليهما ]
{{ الحاجب }} : سمعًا وطاعة يا مولاي الملك ..
{{ ست }} : مر الراقصات بالقدوم إلينا .
[ ينحني ويخرج وهو يردد .. السمع والطاعة مولاى الملك ]
{{ سحتم }} : إذهبي يا إيزيس واجلسى على الكرسي الصغير [ تشير بيدها ] .. هناك بأخر الصالة .
[[ تذهب إيزيس وتجلس صامتة في حزن ، تقبل الراقصات في ذي الضفادع ترقص رقصة الشياطين ، والملك والملكة يحتسيان كأسين من الخمر .. بينما بالجانب الآخر تظهر فراشات ملائكية لا يراها غيرها تحيط بها ، وترقص حولها لتصعد بروحها إلى دنيا أخرى ، غير عالم الشر التي تحيط بها ]
.................................................................................. [ستار ]
{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}
!!!!!!!!!! { مسرحية .. الأم } !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
:::::::::: ( الفصل الثالث * المشهد الثالث * ) ::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
[[ المشهد داخل قاعة الملك « ست » يجلس على العرش وإلى جواره الملكة «سحتم» وأمامها يقف القاضي أنوبيس ، و« تاكلوت » الوصفية ، وعلى كرسي قريب من الملك يجلس « حورس » ، وخلفه بارسيا واقفة ومن أحد الأركان ، يتقدم « سمقار » إلى حورس بكأس ليشربه ]]
{{ سمقار }} : هل يتكرم مولاي ولي العهد بشرب المزيد من هذا الدواء ..
{{ حورس }} : [ يدفع يده بعيدًا دون أن ينطق ]
{{ بارسيا }} : حورس .. لأجل خاطري خذ هذا الشراب [ تمد يدها وتأخذ الكأس من سمقار وتناوله له ]
{{ حورس }} : [ يأخذ الكأس ويشربه دفعة واحدة ] .. لقد شربت كثيرًا يا بارسيا حتى سئمت !
{{ سمقار }} : [ يأخذ الكأس من يد حورس وهو ينحني ] .. الآن يا سيدي استطيع أن أطمئن عليك .
{{ حورس }} : هل كنت مريضًا إلى هذا الحد يا سمقار؟!
{{ سمقار }} : أبدًا يا مولاي .. كانت وعكة خفيفة ولم تتخل عنك الآلهة [ وهو ينظر لأعلى ] شكرًا للآلهة التي أرجعتك إلى موفور صحتك .
[ ينحني وينصرف خارجًا ]
{{ ست }} : يا قاضي المملكة ..
{{ أنوبيس }} : أنوبيس في خدمة مولاه ، راعي البلاد وزينتها .
{{ ست }} : أريد أن أعرف أبعاد المؤامرة يا أنوبيس .
{{ أنوبيس }} : سوف نسمعها ممن دبرتها بنفسها يا مولاي [ ملتفتًا إلى إيزيس ] .. تلكمي يا راكوتيس .
{{ إيزيس }} : ماذا تريدني أن أقول يا حامي العدل من قبل الآلهة ؟
{{ أنوبيس }} : تفاصيل المؤامرة .
{{ إيزيس }} : كنت أبغى عرش البلاد وخططت لهذا [ تتنهد بحزن ] وكُشف أمري وها أنذا أمامكم فافعلوا ما شئتم !
{{ حورس }} : أيخرج منك كل هذا ونحن من ...!! أكاد لا أصدق أن هذا الهراء . هل يمكن لتلك الطيبة أن تفعل الشر؟! لماذا يا راكوتيس ؟! لماذ ! وما كنت فيه لا تطمح في أكثر منه كل نساء الوادي .. كانت لك سلطات الملكة نفسها .. كنت أناقش أمي فيما تقول ، ولكنى يومًا لم أناقش ما كنت أشعر أنك ترينه صوابًا !
{{ تاكلوت }} : إنه الطمع يا مولاي .. الطمع الذي لا يقف عند حد .
{{ حورس }} : [ بأسي ] المُلك والعرش... أهذا كل شيء في الحياة ! أليس هناك مكان لمشاعر الناس ! أليس هناك العواطف النبيلة ! أنخادع ونتآمر على أقرب الناس إلينا هكذا !
{{ ست }} : سوف تعلمك الأيام الكثير يا بني .. الطامعون في العرش لا يتورعون عن شيء ، ولا تلين قلوبهم من أجل العِشرة ، لأنهم لا يعرفون الحب الذي نعرفه نحن .
{{ تاكلوت }} : الحقيقة يا مولاي أن راكوتيس تتمتع بذكاء تحسد عليه .. أفصحت عنه الطريقة التي دخلت بها القصر ، والتي لم تثر أي شبهة حولها ، حتى الآن لا أستطيع أن أتصور كيف تم لها ما كان ؟
{{ أنوبيس }} : أشرحي لنا يا راكوتيس لنعرف التفاصيل ؟
{{ إيزيس }} : [ بحزن ] أبدًا يا حارس العدل ، الأمر في غاية البساطة ولا يستحق إطراء السيدة تاكلوت .
{{ أنوبيس }} : التفاصيل يا راكوتيس .
{{ إيزيس }} : خططت لبعض الأشياء وخدمتني الظروف لأكمل ما خططت له دون شبهة ..
{{ أنوبيس }} : كيف ؟
{{ إيزيس }} : كان أوسركون قريبًا لي ، وخدمته الظروف حين التحق بالخدمة في القصر بعد أن عطف عليه الملك ، وظللت سنوات لا اتصل به حتى تقوى شوكته بالقصر ، وحتى لا يثير اتصالي به القلق في نفسه ، أو يبدو عليه بسببه ما لا أريده أن يظهر للمحيطين به .
{{ أنوبيس }} : ثم ماذا .. أكملي ؟
{{ إيزيس }} : ومنذ ثلاث سنوات بدأت القاه في رحلات الصيد ، التي كان يغري بها ولي العهد .. أعرف منه أخبار القصر .. وأطمئنه على أخباري ..
{{ حورس }} : [ بغضب ] أكان يفضل الصيد بتلك الناحية ويغريني بها لأجل أن يلقاك ، ويتآمر على أبي ، وولى نعمته !
{{ إيزيس }} : [ لا ترد ] !!!
{{ أنوبيس }} : أكملي يا راكوتيس .
{{ إيزيس }} : [ وهي تغالب مشاعرها ] وفي آخر رحلة ذهب بولي العهد إلى الفيوم حيث بحيرة الحياة التى أقيم بالقرب منها .
{{ أنوبيس }} : ثم ماذا لا تتوقفي ؟
{{ إيزيس }} : وهناك لم يكن مقررًا أن ألقى ولي العهد ، ولكن الصدفة خدمتنا حين أتى الأمير الشاب يلقي نظرة الوداع على البحيرة وأنقذنا من الضبع !
{{ تاكلوت }} : وطبعًا شعر الأمير بالعطف عليك بل وبالمسؤولية تجاهك ، وأنت تخدعيه بقولك أنه لا زوج لك ولا ولد ، لتتسللي من خلال رقي مشاعره إلى القصر لتعبثي بأمنه وسلامته .
{{ إيزيس }} : [ لا ترد ] !!!
{{ حورس }} : أكان في مخططك أن تدخلي القصر يا راكوتيس ؟
{{ إيزيس }} : لقاؤك غير المنتظر في ذلك الوقت قرب موعد دخولي القصر يا سيدي .
{{ ست }} : كيف يا راكوتيس ؟
{{ إيزيس }} : كنت أعرف أن ولي العهد سيحب المكان حول بحيرة الحياة ، لأنه بالفعل مكان لا يراه إنسان إلا ويحبه ، وكان في تصوري أن الأمير سيطلب زيارة المكان مرة أخرى ، وكنت أعد لألقاه حينما يعود بعد أن نرتب لحدوث موقف ، أنقذ فيه حياته ليشعر حيالي بالجميل .
{{ سحتم }} : وكنت تتوقعين أيضًا أن يحاول حورس رد الجميل ؟
{{ إيزيس }} : كنت متفقة مع أوسركون أن يستغل الموقف حين حدوثه ، ليعرض على ولي العهد دخولي القصر ، لأصير ضمن حاشية الملك .. وتغير الموقف كما ذكرت بالصدفة ، التي جعلتني في موقف مكوس ، أنقذ فيه ولي العهد حياتي وربطة هذا بي أيضًا .
{{ تاكلوت }} : أما كان هذا كافيًا لتعدلي عما في قلبك وعقلك من شرور وآثام .
{ إيزيس } : [ لا ترد ] !!!
{{ حورس }} : كفى هذا يا أنوبيس لا أريد سماعها.. [ يقف منفعلًا ] هل يأذن لي الملك بالإنصراف ؟
{{ ست }} : لك ما تحب يا بني .. أصحبيه يا بارسيا لحديقة القصر الآن ، فقد أرهقه ما سمعه من حيل الشر .
[ يهم حورس بالإنصراف تتبعه بارسيا .. ثم يعدو نحو الباب إلى أن يتسوقفه الملك ]
{{ ست }} :حورس يا بني ..
{{ حورس }} : نعم يا أبي .
{{ ست }} : كنت أرجو قبل إنصرافك أن أعلن لك بشرى توليتك قيادة الجيش ومن الآن .
{{ حورس }} : شكرًا لك يا أبي .. وأرجو أن أكون عند حسن ظنك !
{{ ست }} : وغدا أيها القائد سوف أتدبر معك ومع قادة الفرق أمر المعركة القادمة.
{{ حورس }} : أي معركة يا أبي ؟
{{ ست }} : سيكون عليك أنت يا حورس تأديب المنشقين على بلادهم ، والمهددين لأمن وسلامة عرشك يا بني ، فما يجب أن تنتظر كثيرًا ترقب الأمور من بعيد .
{{ حورس }} : الأمر لك يا أبي .
{{ إيزيس }} : سيدي الملك !
{{ ست }} : لقد وعدتك من أجل خاطر ولدي ، ألا نقسو على أعوانك يا راكوتيس فلا تجزعي .
{{ حورس }} : [ منفعلًا ] لا تشفق عليها يا أبي .. فليس من أجل من هي مثل راكوتيس تراعي خاطري في شيء .
[[ ينصرف غاضبًا وخلفه بارسيا بينما إيزيس ساهمة تشيعه بيصرها ودموع حزن وألم تنحدر فوق وجنتيها ]
{{ سحتم }} : لا تبكي يا إيزيس الطيبة ، فما أراد الملك إلا تصفية أوكار المهددين لسلامة ابنك الذي سيصير ملكًا للبلاد .. أم تراك نسيت ماذا يكون حورس اليوم وإلى أي شيء يصير غدًا .
{{ إيزيس }} : [ تتحدث الى ست ] ولكنك وعدتني ألا يُمس أحد بسوء ، ألم يكفك ما أصاب أوسكرون المسكين !
{{ ست }} يا إيزيس .. لا تتدخلى فيما لا يعنيك من أمور الحكم، ولا تنسي أنني قادر على قتلكما إن شئت .. والمفروض أن أشاء .
{{ إيزيس }} : المفروض أن يشاء الإنسان الخير !
{{ ست }} : المفروض ألا يظل بالدنيا شيء أسمه حتحور ، لا هو ولا زوجته ولا أنت يا إيزيس
، ليختفي السر للأبد فلا يعرفه حورس .. حورس الذي سيمتد سلطاني في حياته وحياة أولاده . وسوف يبقى السر في طي الكتمان يا إيزيس .. الأسرار تبقى أسرار وإلا ما كان هذا أسمها ، وما يخفيه الملك أسفل عرشه لا يعرفه إنسان !
{{ إيزيس }} : أإلى هذا الحد تتصور أنه بإمكانك إخفاء كل شيء .
{{ ست }} : إسألي أنوبيس القاضي .. أليس هذا ممكن يا أنوبيس [ يضحك ضحكة هستيرية ] .
{{ أنوبيس }} : [ وهو ينحني ] ممكن يا مولاي .. فالسيف أقوى من كل لسان .. والتاريخ تحفر أحداثه أسنة الرماح.
[[ تنظر إيزيس لأعلى كمن يرى شيئًا في السماء وتتجه بخطواتها إلى جانب تقف فيه رافعة يدها تصلي للسماء .. الملك والملكة وأنوبيس وتاكلوت يضحكون ضحكات هيستيرية .. وفجأة تبرق السماء وتظلم الدنيا وتضئ في لحظات . صمت فيها الضاحكون وهم مذعورون .. وصوت يأتيهم لا يعرفون مصدره وكأنه من كل مكان ]]
{{ الصوت }} : مهلًا أيها الملك الظالم .. فهناك من هو أقى من الأقوياء .
{{ ست }} : [ فزعًا ] من أنت ! .. إنسان أم جان أنت ؟!
{{ الصوت }} : لا تسأل ولا تستفسر عن شيئ يا ست .. فسيكون عليك بعد قليل أن تجيب بقدر ما سألت فلا تُحمل نفسك الساعة ما لن تطيقه غدًا ، وكفى ما لديك من آثام وذنوب ، فهى فوق طاقتك .
{{ ست }} : لا تخيفني ! أنا لا أخاف !
{{ الصوت }} : لا ترتعد هكذا يا ست .. وتماسك في مواجهة الساعة التي ظننتها لن تأتي أبدًا .. ساعة الحساب على الكثير من الشر ..
{{ ست }} : حساب ! أي حساب ؟! حساب ماذا ؟!
{{ الصوت }} : يا من حملت الشر بين ضلوعك .. يا من نَهشت أنيابك في جسد الخير الذي يُبقي الحياة .. ما كان ليطول بك العبث أكثر من هذا .. والسيف الذي أعددته ليكون في يدك سيرتد إلى نحرك ، وستكون نهايتك بما أردت به أمتدادًا لحياتك ، ووصلًا لشرورك على الأرض ، التي صرخت من تماديك في الظلم ..
[ ست يمسك سيفه ويلوح به في الهواء وهو يصرخ خائفًا ]
{{ ست}} : أين أنت ! أخرج إليَّ لأقتلك .. أخرج من الهواء .. لتنشق عنك الأرض .. دعني أراك لأضع حدًا لكلماتك ، لأخرس صوتك .. أخرج إليَّ .. أخرج !!!
[ يضحك في هستريا ويرتمي على الأرض ]
{{ الصوت }} :إيزيس .. يا رمز الحب والوفاء والأمومة .. لا تحزني ولا يكون قلبك في ضيق .
{{ إيزيس }} : وماذا يكون في الحياة غير الضيق !
{{ الصوت }} : روح أزوريس الجالس عن يمين آلهة الخير لم تهملك لحظة واحدة ، فهل أنستك آلام الدنيا المجد الذي ينتظرك في السماء ، والخير الذي ستحمله يديك إلى أهل الوادي الأخضر .. أنسيت الخير الذي حملته أحشاؤك من قبل .. الخير الذي سيضيء الوادي وينهي ظلمات ، كانت تظن أن الفجر لن يأتي عليها أبدًا ..
{{ إيزيس }} :أزوريس .. أهذا أنت يا أزوريس !
{{ الصوت }} : لقد فعلت ما لم تفعله زوجه من قبل وها أنت تفعلين ما لم تفعله أ م .
{{ إيزيس }} : أنا لم أفعل شيئًا يا أزوريس !
{{ الصوت }} : حتى الآن لم يسمع أحد أن الشمس قالت لإنسان أنها مصدر الدفء والضوء .. ورغم هذا فكلنا يعرف أن هناك أشياء تعرفها الدنيا ، دون أن تحدثنا هى عن نفسها ، وقبل أن يحدثنا عنها أحد .. سوف يبقى عطرك في الوادي الأخضر يا إيزيس حتى نهاية الزمان ، والشر الذي ملك سنوات طويلة تبدء نهايته غدًا ، وعليه أن يحصد الأشواك .. والآن تصعدين معي إلى السماء لتكوني إلى جوار زوجك ولتشهدي معي كيف ينتقم لك ابنك وكيف تكون نهاية دولة الملك الظالم .. ها هي السماء تنير لحورس بصريته وما من خفي إلا وسيظهر .. أرباب الخير قوة لا قبل للظلال بها ، وها هي الدنيا تستعد لاستقبال النور القادم من السماء .
[[ يعود المكان لما كان عليه وإيزيس تصعد للسماء فوق كرسي العرش ، ويراه الملك فيصرخ وهو يتجه إليها يحاول استيقافها ]]
[[ ست ]] : إنتظري .. إنتظري يا إيزيس [ يضحك في هستيريا ] .. لن ترحلي قبل أن أقتلك .. لن يأخذ أحد عرشي .. أنا ملك البلاد ولن تصح النبوءة .. سآتي بعشرات العرافين ليتنبؤا لي بالسعد والمجد .. أنا الملك .. أنا من نسل الآلهة .. أنا الأقوى .. والقوة لا تموت .. لا تموت .. لا تموت .. الخلود في القوة .. الخلود .. الخلود .. الخلود ..
[ يضحك في هستيريا ويقع على الأرض ]
{{ الصوت }} :لست من نسل الآلهة ، فالآلهة لا تنسل الأشرار !
أنت ابن للشيطان ..
أنت صور لمن ملك على قلبك ..
أنت على درب من أتى بك عبر الصحراء لتدنس الوادي الأخضر ..
أتى أجدادك بالشر والطمع يومًا وأخضرت فيهم قلوب الكثيرين بطول العشرة مع أهل الوادي ..
إنهم جزء من الوادي وأهله الآن ..
بالفرح لو لم تكن تعلم .. استقبل الوادي الغزاة ..
لأنه يعلم أنهم صائرون إليه ..
شربوا من النيل .. فصاروا مثل أهله ..
أما أنت ومن تحجرت فيهم القلوب .. فقد آن لهم أن يتركوا وادي النقاء إلى غير رجعة .. لتلحقوا بمن طردهم أحمس من قبل ..
الوادي لأصحابه ..
ولمن ساروا على درب الحب معهم فصاروا مثلهم ..
وداعًا ..
وداعًا أيها الشر ..
فهذا آخر عهدك ..
ومن اليوم لن تعود الأرض تتألم بالشر والأشرار .. سيخضر وجهها ..
وسترى الدنيا كيف يصير المصريون بدون الشر وأهله ..
فمكتوب أن تعود مصر لما كانت عليه ..
جوهرة في تاج الدنيا ..
وداعًا أيها الشر ..
وداعًا ..
وداعًا ..
وداعًا ..
................................................................................................... [ ستار ]
* رقم الإيداع [ 7478 / 98 ]
* الترقيم الدولى (I.S.B.N) [ 6 - 0748 - 08 - 977 ]
{ القليوبية .. طوخ .. تمت فى 6 / 6 / 1984 م }
........................................................................................................................
(( تمت الطباعة .. بمطبعة منجد الحديثة .. بنها الجديدة الطريق السريع القديم ))
* {{ تصميم الغلاف .. للمؤلف . }}
(( فصل ألوان الغلاف ورؤية فنية .. معمل ابن خلدون .. القاهرة .. الزيتون ))